اعرف حزب "إسرائيل بيتنا"

كريم قرط
12-03-2020



تقرير: كريم قرط

تأسس حزب "إسرائيل بيتنا" الإسرائيلي عام 1999 قبيل الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي جرت في ذلك العام. وتعود خلفية نشوء هذا الحزب إلى الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفيتي السابق التي استدعت وجود هيئات تمثيلية للتعبير عن مصالح ومطالب اليهود السوفييت.  وأشير إلى أن هجرة اليهود من جمهوريات الاتحاد السوفيتي لم تتجاوز 36 ألف مهاجر خلال العقدين الأولين من تاريخ نشوء إسرائيل، وهو ما تغير خلال عقد السبعينيات الذي شهد موجة هجرة ما يقارب 156 ألف مهاجر يهودي إلى إسرائيل. وأما الهجرة الأضخم فكانت خلال عقد التسعينيات عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، حيث هاجر إلى إسرائيل 900 ألف مهاجر جديد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.

وقد كان هؤلاء المهاجرون بحاجة لوجود أحزاب وهيئات لتمثيلهم والتعبير عن مطالبهم، إذ واجه هؤلاء المهاجرون ممشاكل في الاستيعاب داخل المجتمع ومشاكل تتعلق بكون جزء مهم منهم ليسوا يهودا. ولذلك فقد كان من الضروري إيجاد آلية للتعبير عن مطالبهم والدفاع عن مصالحهم.  ولكن في البداية، خلال فترة السبعينيات، لم يقم الروس أو اليهود السوفييت بإنشاءأحزاب خاصة بهم؛ وإنما توزعوا على الأحزاب الإسرائيلية الموجودة. ولكن مع بداية الهجرة التسعينيات بدأ المهاجرون السوفييت ينشأون عددا من الأحزاب والهيئات، مثل المنتدى الصهيوني وحزب "الحركة القومية للديمقراطية والهجرة – داع" بزعامة يولي كوشوروفسكي وغيره من اليهود السوفييت.

ولكن هذا الحزب لم يستطع تمثيل اليهود السوفييت بشكل فعلي، ولم يحرز أي مقعد في انتخابات 1992، وتلاشى بعد فترة وجيزة. وفي عام 1996 قام ناتان شيرانسكي بتأسيس حزب جديد يدعى "يسرائيل بعلياه"، وقد كانت أهداف الحزب تتمحور حول الاهتمام بأوضاع ومصالح اليهود الروس، واستطاع أن يحرز 6 مقاعد في انتخابات 1996، ولكنه تعرض للانشاق والتفكك، إلى أن أعلن شيرانسكي حله في عقب انتخابات 2003 وانضمام بقية أعضائه لليكود.

في تلك الأثناء كان أفيغدور ليبرمان اليهودي الروسي، الذي قدم إلى إسرائيل عام 1978، قد أسس حزبا جديدا منطلقا من الاعتبارات القطاعية لليهود الروس. وقد كان ليبرمان قبل تأسيسه للحزب عضوا في حزب الليكود والمدير العام لمكتب نتاياهو خلال رئاسته للحكومة عام 1996، ولكنه ترك الليكود ومنصبه في الحكومة نتيجة خلالفات بينه وبين نتاياهو وانصرف إلى قطاع الأعمال والاقتصاد قبل أن يعود للسياسة ويأسس حزبه الجديد "إسرائيل بيتنا". ويحمل اسم هذا الحزب بعدا عاطفيا موجها للروس كونه مستوحى من اسم حزب الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن "روسيا بيتنا"، وكان من أعضاء هذا الحزب يوري شتيرن وميخائيل نولدمان.  إلا أن مما تجدر الإشارة إليه أن ليبرمان واجه عددا من قضايا الفساد خلال مسيرته السياسية، ولكنه أفلت منها. وإلى ذلك فقد استطاع حزب ليبرمان أن يفوز في أول انتخابات خاضها 1999 بأربعة من مقاعد الكنيست، مما أتاح لليبرمان المشاركة في حكومة شارون عام 2001. ولكنه قد استقال منها على أثر خلافات  مع شارون حول سياساته تجاه الفلسطينيين.

وفي الانتخابات اللاحقة التي جرت عام 2003 دخل حزب إسرائيل بيتنا في تحالف مع مجموعة من الأحزاب اليمينية القومية الصغيرة، حيروت وموليدت وتكوما، في تحالف باسم الاتحاد القومي "هإحود هليؤمي"، وكان ليبرمان يسعى من وراء هذا التحالف إلى تعزيز توجهاته الإسرائيلية القومية على حساب التوجهات القطاعية الروسية. ودخل ليبرمان الحكومة التي شكلها أرئيل شارون، ولكنه سرعان ما تركها عان 2004 نتيجة لمعارضته خطة شارون للانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة.

وقد أصبح حزب إسرائيل بيتنا وزعيمه ليبرمان من أهم اللاعبين السياسيين في إسرائيل عقب انتخابات الكنيست التي جرت في 2006 بحصوله 11 مقعدا من مقاعد الكنيست. وقد أصبح في انتخابات 2009 ثالث أكبر كتلة برلمانية بحصوله على 15 مقعدا، مما خوله تولي منصب نائب رئيس الوزراء، إيهود أولمرت حينها عن حزب كاديما.

ولكن في انتخابات 2013 دخل حزبا إسرائيل بيتنا والليكود الانتخابات بقائمة موحدة تحت اسم "الليكود – بيتنا"، ولكن هذا التحالف لم يدم طويلا بسبب الخلافات حول الحرب على غزة 2014، فقد تفكك التحالف في انتخابات عام 2015 التي شهد فيها حزب إسرائيل بتيتنا تراجعا، حيث لم يتمكن من إحراز سوى 6 مقاعد.

ومع أن حزب إسرائيل بيتنا لم يعد يشكل كتلة كبرى في الكنسيت الإسرائيلي، وهو ما أظهرته انتخابات الأعوام الأخيرة وخصوصا الدورات الانتخابية المبكرة التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية، إذ لم يحرز سوى 5 – 7 مقاعد في تلك الجولات، إلا أنه يلعب حاليا دورا محوريا في تشكيل الحكومة الإسرائيلية. فحزب إسرائيل بيتنا أصبح بمثابة بيضة القبان التي ستحدد إذا كان نتاياهو أم غانتس من سيشكل الحكومة الإسرائيلية أم أن هناك انتخابات إسرائيلية رابعة على الأبواب.

أما عن أفكار وبرنامج إسرائيل بيتنا، فبشكل عام يمكن تصنيفه على أنه حزب الرجل الواحد، أي أن ليبرمان هو الشخصية المحورية والمؤثرة على توجهات الحزب وسياساته. وأيضا يصنف الحزب نفسه في خانة اليمين ويدعي أنه يعبر عن روح أفكار "زئيف جابوتنسكي". وتتمحور أفكار ليبرمان اليمينية بثلاثة مبادئ، وهي: وحدة الشعب، وهي أهم من وحدة الأرض حسب الطرح اليميني القديم "ضفتي الأردن"، وعليه فهو يرى أن مشكلة عرب الداخل هي أهم مشكلة تواجه إسرائيل. ودولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي وليست دولة جميع مواطنيها. كما أنه لا مواطنة بدون ولاء، وهذا ما يتطلب الخدمة العسكرية والمدنية من جميع من يريدون حقوق المواطنة، وخصوصا العرب.

وبناء على هذه المبادئ الأساسية يبني الحزب برامجه السياسية، فهو ينادي بحل القضية الفلسطينية من خلال تبادل السكان والأراضي، مما يعني أنه يريد حل القضية الفلسطينية من خلال "الترانسفير" لفلسطينيي الداخل لأراضي السلطة الفلسطينية مع سيطرة إسرائيل على المستوطنات في الضفة الغربية. كما أنه يتخذ مواقف متشددة نحو عرب الداخل والفلسطينيين بشكل عام، ولكنه يرى أن العداء المشترك بين الدول العربية وإسرائيل للمنظمات الإسلامية "المتطرفة" يشكل قاعدة للتعاون بين الدول والعربية وإسرائيل.

وأما داخليا، فيتبنى الحزب توجها ليبراليا تجاه الدين اليهودي، وهذا منسجم مع طبيعة المهاجرين الروس الذين يحملون توجهات علمانية بطبيعتهم. ولكنه في المقابل يحمل توجها قوميا متشددا تجاه الفلسطينيين بشكل عام. كما أنه يتبنى نمط الاقتصاد الليبرالي الحر، وقد حاول ليبرمان خصخصة شركة "أل عال" إبان شغله منصب وزير المواصلات. كما أنه يعمل على تمثيل مصالح اليهود الروس، حيث يعمل على دعم الشرائح الفقيرة وتوفير المساكن للأزواج الشابة ودعم مشاريع التطوير والتمكين في الأحياء الفقيرة ومدن التطوير.

كما أنه ينادي بتغيير النظام السياسي والانتخابي في إسرائيل، بحيث يصبح نظام الحكم نظاما رئاسيا قائما على الفصل بين السلطات، بينما يصبح النظام الانتخابي نظام دوائر، لا دائرة واحدة كما هو متبع حاليا، بينما تقوم الانتخابات على نظام الأكثرية لا على نظام النسبية.