4.2% نمو الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأول.. هل يُبشر بتجاوز القلق الإسرائيلي ؟

عماد أبو عواد
19-05-2018
عماد أبو عوّاد  - مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

نجاح آخر يُحسب لوزير المالية الإسرائيلي، وزعيم حزب كلّنا موشيه كحلون، حيث في ظل المخاوف من الركود الاقتصادي العالمي، لا زالت "إسرائيل" تُحقق ما يُعرف بالمعجزة الاقتصادية، فمنذ العام 2008، وبداية الركود الاقتصادي العالمي، لا زالت "إسرائيل" تقفز نحو الامام اقتصادياً، وهو الأمر الذي ينعكس بطبيعة الحال، على المشروع الصهيوني، وتحديداً في جانب استقطاب المزيد من اليهود للاستقرار في الأراضي الفلسطينية.

ووفق المعطيات التي تم نشرها، فإنّ نسبة النمو في الاقتصاد الإسرائيلي، للربع الأول من العام 2018[1]، وصلت إلى 4.2%، ويُعتبر ذلك حفاظ على هذه الموجة من الازدهار، والتي وصلت في الربع الرابع للعام 2017، 4.4%، وسجلت 4.1% في الربع الثالث من نفس العام.

وأظهرت معطيات اللجنة المركزية للإحصاء، أنّ نسبة الاستهلاك الفردي ارتفعت 10%، فيما سجل الاستثمار في الثروات الثابتة 12.8%، صادرات البضائع والخدمات الإسرائيلية ارتفعت عي الأخرى، بنسبة 11.4%، وكذلك استيراد نفس تلك السلع ازداد بنسبة 23.4%.

ولا زال وفق المعطيات قطار الهايتك "الصناعات المتقدمة" يُسجل ازدهاراً مستمراً، بنسبة 27.7% زيادة على صادرات الاتصالات والبرمجيات، فيما سجلت بقية قطاعات الهايتك ارتفاعاً، لكن بنسب أقل، حيث سجل قطاع الصناعة ارتفاعاً بنسبة 6.1%، فيما القطاع الطبي، ارتفع بنسبة 1.9% فقط.

هذه المعطيات تأتي في ظل المخاوف الإسرائيلية المعلنة عن الوضع الاقتصادي في البلاد، ورغم هذا الارتفاع في نسبة النمو، إلّا أنّ الكثير من الخبراء الاقتصاديين، يُشيرون إلى استمرار الفجوة، ما بين القطاعات المختلفة، واستمرار اغلاق الأعمال الصغيرة التي تُعتبر لبّ الاقتصاد، إلى جانب ارتفاع نسبة الفقراء، وتآكل الطبقة الوسطى.

حيث يُشير عمر كوهين، أنّ تفاخر الحكومة الإسرائيلية بنزول نسبة البطالة إلى 3.7%[2]، وهي النسبة الأقل منذ سبعينات القرن الماضي، لا يعني أنّ عدد العاملين قد ارتفع، بل على العكس من ذلك، فإنّ نسبة 79.8% فقط من المؤهلين للعمل وفق الفئات العمرية يعملون، بعد أن كانت النسبة قبل عام، تصل إلى 80.5%، لذلك فإنّ نسبة البطالة المتدنية، نابعة من أنّ كثيرين من المهيئين للعمل، أخرجوا أنفسهم من دائرة الباحثين عن العمل.

ووفق معطيات، تقدمها منظومة الدول المتقدمة، فإنّ "إسرائيل" تتميز باقتصاد يُسجل نمواً بنسبة 4% خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة[3]، إلّا أنّ نسب الفقر لا زالت في ارتفاع مستمر، إلى جانب أنّ غلاء المعيشة يُسجل هو الآخر، نسباً من الأعلى بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي.

إلى جانب ذلك، فإنّ النسبة الأعلى من العاملين في "إسرائيل"، يُعتبرون من الفقراء، وتُعتبر "إسرائيل"، من بين الثلاث دول التي تحتل أسفل سلّم الترتيب من ناحية فقر العمال فيها[4]، كما تحتل كذلك نسبة متدنية من حيث، المساواة وحقوق العمّال، كما تحتل المرتبة الأولى من حيث غلاء السكن.

كما أنّ المعطيات لا زالت تُشير إلى استمرار تراجع افتتاح المصانع الجديدة، حيث كان معدل افتتاحها يصل الى 60 سنوياً، تراجع مؤخراً ليصل إلى 10 في العام الواحد، إلى جانب اغلاق ما يقارب 700 مصنع خلال الأعوام العشر الأخيرة، وتسريح شركات كُبرى لآلاف العمّال لديها، كما فعلت شركة الأدوية "تيبع".

ورغم الحفاظ على نسبة نمّو جيدة، فإنّ الخبراء يُشيرون إلى أنّ الاقتصاد الإسرائيلي يُعاني من ثلاث مشاكل لا زالت مستمرة[5]، تؤثر بشكل سلبي على الإنتاجية العامّة:

  1. استثمار حكومي منخفض في البنى التحتية.

  2. الاستثمار الشخصي المنخفض لغالبية السكان، بسبب الإجراءات البيروقراطية الخانقة للحكومة.

  3. ارتفاع نسبة عدم المهنية، لدى الكثير من العاملين.


وقد يتساءل القارئ، اذاً ما سبب هذا الارتفاع في النمّو في الاقتصاد الإسرائيلي، الكثير من الخبراء يعيدون ذلك، إلى نسبة الصادرات المرتفعة في الصناعات المتقدمة، والتي تُشغّل نسبة بسيطة من مجموع العاملين، الأمر الذي ترك فجوّة كبيرة بين القطاعات المختلفة، وزاد من نسبة الفقر، وغلاء المعيشة، واثقال كاهل الحكومة.

ختاماً، لا زال الاقتصاد الإسرائيلي يسجل نمّوا سنوياً، وبنسب مرضية، إلّا أن المقلق اسرائيلياً، أنّ هذا النمو غير موزع بالطريقة العادلة، والتي تُبشر باستمرار هذا النمو لفترات طويلة، الأمر الذي أدى إلى استمرار الفجوات المجتمعية[6]، وزيادة نسبة الفقراء وتحديداً قرب المتدنين الحريديم، واللذين لا ينخرط غالبيتهم في سوق العمل، الأمر الذي يستدعي الحكومة لسدّ العجز لديهم، ومع ازدياد نسبهم في المجتمع الإسرائيلي، إلى 10% حالياً، و20% بعد أعوام، سيبقى التساؤل، هل بوسع الحكومة والاقتصاد الإسرائيلي تحمّل هذا العبء.

























[1]  https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001236473

[2]  http://www.davar1.co.il/113234/

[3]  https://www.themarker.com/news/1.2834978

[4]  https://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-5155925,00.html

[5]  https://www.themarker.com/news/macro/1.4041025

[6]  https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001229100