أحداث الاردن، الأمل والتخوّف الإسرائيلي

عماد أبو عواد
04-06-2018
كتب: عماد أبو عوّاد _ مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني.

حظيت أحداث الاردن خلال الأيام القليلة الماضية بتغطية اعلامية اسرائيلية واسعة، حيث لا يُمكن تغطية الاهتمام الإسرائيلي الكبير بالأحداث الجارية، وتحديداً الإقليمية منها، ولعلّ عناوين، "الأردن تهتز"، "زلزال في الأردن"، " حركة مسافرين كبيرة من مطار الملكة علياء للخارج"، يُمكن ملاحظتها بسهولة عند البحث في المواقع الإخبارية الإسرائيلية.

الأردن كما هو معلوم، من الدول التي لها اتفاقية سلام، تُعتبر مستقرة إلى حدّ كبير، وتحظى بحدود مع الدولة العبرية، تُعتبر الأكثر هدوء منذ توقيع اتفاقية السلام، وفي ظل حقيقة أنّ هذه الحدود، تمتد إلى مئات كيلو المترات، إلى جانب أنّ 70% من سكان الأردن، من أصول فلسطينية، تكتسب الأردن أهمية كبيرة من الناحية الإسرائيلية.

وإن كانت الأحداث في الأردن، لم تصل إلى درجة احداث قلق إقليمي واسرائيلي، إلّا أنّ سيناريو حدوث اضطرابات في الأردن ليس بالبعيد عن التوّقع الإسرائيلي، فقد قدّمت قناة "لؤومنوت العبرية"، تقريراً توقعّت فيه حدوث انهيار للملكة الأردنية، معيدةً الأمر إلى حقيقة أنّ غالبية الأردن مناطق صحراوية، وبالتالي سيحدث انهيار للاقتصاد الأردني، إلى جانب توقعها أنّ التركيبة السكانية التي في غالبها ليست اردنية، وتوقعها ظهور تنظيمات جهادية تعمل ضد الملكية في الأردن، قد تقود إلى ذلك.

أمام هذه الحقيقة التي توقعتها "إسرائيل"، فقد تم صياغة العديد من الاقتراحات لمواجهة هذا التحدي، والاقتراح الأعم كان، بضرورة بناء جدار عازل اسمنتي، مزود بتكنولوجيا متطورة، يفصل ما بين الحدود الأردنية-الإسرائيلية، إلى جانب اقتراحات أخرى، كان هذا الجوهري من بينها.

ما بين توّقع امتداد المظاهرات، من عدمه، فإنّ ل"إسرائيل"، مخاوف كبيرة، إلى جانب امتيازات قد تحظى بها في حال تدهور الأوضاع في الأردن.

ترتبط غالبية المخاوف الإسرائيلية، باحتمالية تدهور الأوضاع الأمنية على الحدود، الأمر الذي قد يؤدي إلى احتمالية أن تُصبح تلك الحدود نقاط انطلاق، لجماعات مسلحة، ضد أهداف إسرائيلية، السيناريو الأكثر رعباً من الناحية الإسرائيلية، ويُمكن اجمال تلك المخاوف بما يلي:

أولاً: أن يتجمع مئات آلاف من اللاجئين على طول الحدود الإسرائيلية – الأردنية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث اجتياحات جماعية، باتجاه الأراضي المحتلة.

ثانياً: أن توّجه بعض الجماعات المسلحة، نيرانها تجاه "إسرائيل"، واستغلال تدهور الأوضاع في احداث تحدي أمني جديد، على الحدود الأهم والأطول.

ثالثاً: أن يكون هناك تهريب كميات سلاح كبيرة، من الأردن باتجاه الضفة الغربية، كالقذائف قصيرة المدى، الأمر الذي يعني احتمالية استهداف كل المناطق المحتلة في الداخل، في ظل التلاصق الجغرافي ما بين الضفة الغربية، والداخل الفلسطيني المحتل.

رابعاً: تغيّر النظام في الأردن، وان كان سيناريو قليل الاحتمالات اسرائيلياً، بحيث يكون البديل رافض لاتفاقات السلام الموقعة، الأمر الذي سيهدد الأمن، في ظل وجود دولة متماسكة، وليس دولة تحت الاقتتال والحراب.

من ناحية أخرى، فإنّ اضطراب الأوضاع في الأردن، يُسيل اللعاب الإسرائيلي لتحقيق مكاسب على الأرض، تتمثل فيما يلي:

أولاً: الخلاص من الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس، الأمر الذي يرى فيه اليمين فرصة للتوصل لتفاهمات تغيّر الواقع، الموجود حالياً.

ثانياً: وجود اضطرابات في الأردن، قد يُساهم في تدخل دولي، بتغيير الطبيعة السكانية في الأردن، بحيث تضمن توطين اللاجئين الفلسطينيين.

ثالثاً: استغلال كامل للثروة المائية، بحيث تقطع "إسرائيل" امداد الأردن بالمياه، والتي نصت عليه اتفاقات السلام بين الطرفين.

رابعاً: وجود اضطرابات على شكل حرب أهلية في الأردن، سيعطي "إسرائيل" فرصة العمل على هدم المسجد الأقصى، وبناء جبل الهيكل، حيث الواقع على الأرض، قد يسمح بذلك.

ختاماً، ما بين أمنية حدوث اضطرابات في الأردن، وما بين التخوّف من حدوثها، تعمل "إسرائيل" بشكل فعّال من أجل تفادي مخاطرها، وتحقيق عوائد منها، حيث من الملاحظ أنّ "إسرائيل" بدأت العمل مع بعض الدول العربية الخليجية، لنزع الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة، إلى جانب عملها مع الإدارة الامريكية، من أجل فرض معادلة جديدة على الأردن، تضمن توطين اللاجئين، الأمر الذي يعني أنَ "إسرائيل"، تريد بقاء النظام الأردني الحالي، دون وجود نقاط قوّة بيد النظام، وبالتالي سيصبح أكثر تعلّقاً بمحيطه، وأكثر ضعفاً في قول لا.