أسئلة على هامش إعلان الانتخابات
رولا حسنين
21-01-2021
كتبت: رولا حسنين
في خضم الحديث عن تصريحات الرئيس محمود عباس حول إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الفترة القليلة القادمة، انقسم الشعب الفلسطيني ما بين متهكم مستعبد إمكانية إجراء انتخابات نزيهة مقارنًا الانتخابات السابقة بالقادمة، والأوضاع التي شهدها الشعب الفلسطيني خلال الفترة التي تلت الانتخابات التشريعية عام 2006، وما بين متأمل بإجراء انتخابات على اعتبارها الدواء الذي سيلتئم به جرح الانقسام المستمر، وإنهاء هذه الفترة العصيّة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية بسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي، لا سيما بعد موجة التطبيع الأخيرة، وما صاحبها من علاقات مباشرة وعلنية،بذرائع، منها، انقسام الفلسطينيين وانشغالهم ببعضهم عن قضيتهم.
إذا أردنا الحديث حول مجموعة نقاط تتعلق بالانتخابات المزمع إنجازها (التشريعية في شهر أيار، والرئاسية في شهر تموز) لهذا العام، سنجد أن أسئلة مُلّحة تطرح نفسها بقوّة.
أولاً: جرى إعلان تعديلات على قانون الانتخابات الفلسطينية في سياق إعلان إجراء الانتخابات، ولكن سيناريو التعديل لم يُكشف عنه، وفي ظلّ غياب المجلس التشريعي، كيف جرى التعديل، ومَن أجراه؟ أي أن التعديل جرى بشكل منفرد من السلطة المتنفذة "متمثلة بالرئيس ومَن يوافقه من السلك القضائي"، فضلاً عن الحديث حول حجم الفساد في المؤسسة القضائية والتي ظهرت في الآونة الأخيرة مع سلسلة إقالات لقضاة، أو متنفذين، في عملية، قد يعدها البعض، تصفية حسابات.
ثانيًا: بعض الفصائل الفلسطينية ذهبت في اتجاه مباركة قرار إجراء الانتخابات والتعديل على قانون الانتخابات، في حين لا يبدو واضحًا إن كانت اطلعت على طبيعة التعديلات أم لا، بينما أشار بعض القانونيين أن إجراء التعديلات القانونية في ظل غياب المجلس التشريعي،لا يستقيم قانونيًّا.
ثالثًا: قبل إتمام الانتخابات التشريعية عام 2006، نفذ الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في صفوف المنتمين لحركة حماس، ومع ظهور نتائج الانتخابات امتدت الاعتقالات لنواب الحركة المنتخبين من الشعب وكذلك المناصرين والمنتمين للحركة، الأمر الذي أشبه ما يكون بعقاب جماعي على قرار الشعب، فهل سيُقبل الجيل الشاب تحديدًا على الانتخابات ترشحًا وانتخابًا في ظل قبضة الاحتلال المستعرة على كل ما يدعم فكرة المقاومة قولاً أو فعلاً أو فكرًا. بالتالي إذا عزف هؤلاء عن المشاركة الانتخابية هل ستكون نتائج الانتخابات –إن أجريت- منطقية وتعبر عن رأي الشارع الفلسطيني؟
رابعًا: منذ عام وأكثر، يواجه الإعلام الفلسطيني غير الفصائلي، حملة إقصاء وحجب شرعنها النائب العام السابق أحمد براك، طالت أكثر من 51 موقعًا إلكترونيًّا، ومن المعروف أن الإعلام باعتباره سلطة رابعة له دوره الواضح والهامّ في عكس الواقع الفلسطيني، وتوعية المواطن حول حقوقه، ما يمكنه من التأثير على قرار الناخب الفلسطيني. فكيف يمكن الوثوق بانتخابات قادمة أو نتائجها؟ وكيف يمكن عكس الواقع الفلسطيني الصحيح دونما مغالطات تُرضي الفئات الحاكمة؟.
خامسًا: في المرة السابقة، جرت الانتخابات الرئاسية ثم التشريعية، ولكن هذه المرة انعكست الحالة، فالتشريعية ستسبق الرئاسية، فإذا كانت نتائج الانتخابات التشريعية على غير رغبة السلطة الحاكمة، هل ستُحترم أم ستُرفض وتُعلن حالة الطوارئ وتُعين الحكومة، كما الحال منذ 12 عامًا؟
سادسًا: مَن تابع الانتخابات التشريعية وصيرورة الأحداث التي مرّ بها الشعب الفلسطيني على مدار سنوات بعدها، يدرك تمامًا أن الجمهور الفلسطيني عاقب موقعي أوسلو في صناديق الاقتراع، وأعتقد أن خيار الشعب الفلسطيني ينحاز دائمًا للمقاومة، ولكن مَن سيمثّل المقاومة خلال الانتخابات؟ وهل سيُحترم قرار الجمهور لو اختار المقاومة؟
سابعًا: تذهب الفئة التي تنظر بأمل إلى إجراء الانتخابات على أنها ستنهي مرحلة الانقسام المرير الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني منذ 13 عامًا، وما شمله من إقصاء واعتقالات سياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، علمًا أن مثل هذا الجرح لا يمكن وقف نزفه من خلال إجراء انتخابات فحسب، ولكن السؤال: ماذا لو رُفضت نتائج الانتخابات، هل سيتجدد الانقسام بشكل آخر وأكبر وأوجع؟ ربما، لذلك لا يمكن ربط إجراء الانتخابات بانهاء حالة عصيبة كالانقسام.