أهم ما ورد في التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي السنوي 2018-2019

ياسر مناع
19-01-2019













ياسر مناع – مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي والفلسطيني


صدر عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة "تل أبيب" INSS التقرير الإستراتيجي السنوي الذي اعتاد المركز على نشره منذ عام 2009 حتى اليوم، والذي قام مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي بتقيدم قراءة وترجمة لملخص التقرير الاستراتيجي السنوي 2018- 2019.

وجاء في التقرير أنه في الفترة الراهنة التي اتسمت بتغيرات في الدول  الطوق - المحيطة بـ " اسرائيل" -بالتزامن مع احداث عالمية أخرى ، التي كان لها التأثير المباشر في التحديات التي تواجهها، وأن التقرير يأتي في دور المساعد لـ " اسرائيل " على اقتناص الفرص لاتخاذ خطوات وسياسات على مواجهة التحديات الأمنية وتحسين وضعها في مواجهة التهديدات التي تواجه وضعها الإقليمي والدولي، وتركز المقالات فيه على الآثار الرئيسية للأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط ، وعلى مراكز التوتر الناشئة في المنطقة نفسها وفي الساحة الدولية ذات الصلة بها.


ايران

وخصصت المادة الأولى في التقرير حول التحديات الناشئة من التوسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص في الآثار المترتبة على سياسة طهران على الحدود الشمالية، كما يتناول تحليل الاتجاهات في الساحة الداخلية في إيران.

وذكر كاتبا المقالة " سيما شاين ، راز زيمت  " بأن ايران استطاعت تحقيق سلسلة من الانجازات في الشرق الأوسط، وبداية الانتعاش الاقتصادي في أعقاب رفع العقوبات ضدها، وشهد العام الماضي زيادة في التحديات الداخلية والخارجية التي قوضت استقرار القيادة الإيرانية.

وتشهد الساحة الداخلية الايرانية صعوبات تتجلى في المظاهرات والإضرابات والاحتجاجات ضد النظام في جميع أنحاء البلاد، وأن ذلك ينبع أساسًا من أزمة اقتصادية ، وأزمة مائية حادة ، وانتقادات شعبية ضد الفساد الحكومي ، وفي ظل غياب حل قريب.

أما على الساحة الإقليمية، ظهرت صعوبات في كل من الساحة العراقية، حيث فشلت القوى السياسية المدعومة من إيران في أن تصبح قوة سياسية واحدة ومتقدمة، والساحة السورية  جراء سياسة "إسرائيل" ضد الوجود العسكري الإيراني وحزب الله، وبأن اختلاف واضح في الرأي بين إيران وروسيا وتركيا فيما يتعلق باستمرار بقاء نظام الأسد، أضف الى ذلك فإن الأزمة بين إيران والسعودية والبحرين والإمارات آخذة التفاقم، وأن الحدث الرئيسي الذي كان له التأثير الأكثر على الساحة الدولية، هو قرار الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب " الانسحاب من الاتفاق النووي والعودة الى سياسة العقوبات، ونتيجة لذلك، أُجبرت القيادة الايرانية على تغيير سياساتها من واقع الاتفاق الى المواجهة.


الجبهة الشمالية

وتناولت المادة الثانية التي حملت عنوان الجبهة الشمالية في مفترق طرق، من كتابة " اودي ديكل وعنات بن حاييم "، الجبهة الشمالية والحرب في سوريا والأنشطة الدولية فيها، التي تسعى إلى تحقيق الاستقرار فيها، فضلاً عن المساعي الرامية الى تسليح حزب الله في سوريا ولبنان، والخطر الناجم عن ذلك، بالاضافة الى دور روسيا في تشكيل الاحداث في سوريا.


الساحة الدولية

أما المادة الثالثة للكاتب " الداد شافيت " فتناولت الاضطراب في الساحة الدولية وتأثيرها على الشرق الأوسط، والتطورات بين القوى العظمى على وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط، وأثرها على المصالح السياسية لـ " إسرائيل ".

وأضاف كاتب المقالة بأن الساحة الدولية  اهتزت منذ بداية رئاسة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ونتيجة للسياسات والإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، اضطر اللاعبون الدوليون الرئيسيون وخاصة روسيا والدول الأوروبية والصين ، إلى تعديل سياساتهم لضمان ألا تضر مصالحهم، وقد أثرت هذه التطورات بشكل مباشر على سلوك الجهات الفاعلة الدولية في الشرق الأوسط ، كما فرضت تحديات جديدة على دولة إسرائيل.

القضية الفلسطينية

وتطرقت المادة الرابعة الى طبيعة الصراع مع الفلسطينيين، مع التركيز على تحليل الأزمة العميقة التي تعصف بالساحة الفلسطينية، والجهود الاسرائيلية التي من شأنها تشكيل واقع سياسي أمني محسّن بالنسبة لها، وذكر " عودي ديكل" كاتب المقالة بأن النظام السياسي الفلسطيني يعاني من أزمة عميقة، بسبب وجود قائمة طويلة من العوامل المتشابكة التي تغذي بعضها البعض، وان التركيز على الأزمة في قطاع غزة، والتي تفاقمت بشكل كبير في العام الماضي،  في الواقع لا حل للمشاكل السياسية والوضع الأمني ​​والإنساني في قطاع غزة، وتطرق ايضاً الى اليوم التالي بعد (الرئيس عباس)، وان هنالك فجوة لا يمكن تجاوزها بين حركتي فتح وحماس، وصعوبة تحقيق المصالحة بينهما، وأن " إسرائيل " تركز في المقام الأول على توفير الحلول الأمنية، الى أن الواقع في الساحة الفلسطينية يشير إلى تزايد احتمالات التصعيد في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

الساحة الداخلية الاسرائيلية

 أما المادة الخامسة فتناولت ملف الساحة الإسرائيلية الداخلية ، وآثر أفعال الحكومة الإسرائيلية مؤخراً على الديمقراطية، كأساس للحوار من شأنها أن تساعد في الحفاظ على طابع "إسرائيل" كدولة يهودية وديمقراطية.

ومن وجهة رأي كاتبة المقالة " بنينا باروخ " بأن اجراءات الحكومة الإسرائيلية الحالية، إلى جانب التصريحات من قبل أعضائها، تم تفسرها من قبل أجزاء من الجمهور على أنها تهدد قوة الديمقراطية في " اسرائيل"، من ناحية أخرى يرى البعض بأن الديمقراطية هي أقوى من أي وقت مضى.

واختتم التقرير بتوصيات من رئيس معهد دراسات الأمن القومي "عاموس يادلين" ، وكانت التوصيات تدور حول قدرة "إسرائيل" على التدخل من أجل الحد من التهديدات، أو استغلالها من أجل صون وحماية الفوائد الاستراتيجية، سواء على المستوى العسكري والسياسي.

ومن بين التوصيات على المستوى العسكري: ضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة ، وذلك في حالة اخلال إيران في بنود الاتفاقية النووية، مع ضرورة الاستمرار في منع نقل أسلحة إلى حزب الله طالما كانت هناك فرصة متاحة للقيام بذلك في سوريا، وضرورة الاستعدادات لتصعيد عسكري في قطاع غزة إلى جانب استعداد لابرام تفاهمات مع حماس، مما يضمن الهدوء في هذه المنطقة.

من بين التوصيات المتعلقة بالسياسة: الاستفادة التحركات على الساحة الفلسطينية، ووقف الانزلاق نحو واقع الدولة الواحدة، والعمل عملية على تعزيز العلاقات مع مختلف شرائح المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، وكذلك الحوار المستمر مع مختلف الانقسامات في المجتمع الأمريكي التي هي في صراع مع الحكومة، حتى لا تضرر علاقة " إسرائيل" معها.


ويرى مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي والفلسطيني بأن هذا التقدير يأتي في ظل المتغيرات واعادة بلورة التحالفات في العالم بشكل عام، والشرق الأوسط بشكل خاص ولاسيما التواجد الروسي ودوره المؤثر في القضية السورية في ظل انسحاب الولايات المتحدة – حليف " اسرائيل " من المشهد بشكل تدريجي.

وعلى الرغم من تحقيق "اسرائيل" لأهدافها المتمثل في الغاء الاتفاق النووي الايراني، الا أن الملف الايراني لا زال يقلقها ويشكل لها هاجس دائم، وبالتالي يمكن لنا القول بأن " اسرائيل" مع استغلالها لتغذية اي اضطربات داخلية في ايران إلا أنها تتعامل معها على صعيدين:

أولاً: الصعيد الدولي من خلال التحشيد والتشويه تقليب المواقف ضد ايران.

ثانياً: الصعيد العسكري عبر استهداف القافلات والاسلحة الايرانية على الاراضي السورية.

وفي ذات السياق تسعى "اسرائيل" لتعزيزالانقسام الفلسطيني الداخلي واستغلال الاحداث الداخلية في تنفذ مخططاتها الرامية الى تهويد الضفة الغربية، وتعزيز الاستيطان التي تعيش على حافة الانفجار، وبالتالي تتخذ طرق مختلفة لتعزيز ذاك الانقسام، منها تكثيف الضغط على السلطة الفلسطينية في منع اي اتفاق داخلي، والسعي البطيء نحو ابرام اتفاق يضمن الهدوء مع قطاع غزة، والتخفيف من الحصار في ظل العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينة على قطاع غزة، ما يعني بأن الأوضاع في هذه الايام قابلة للاشتعال بصورة اسرع من اي وقت مضى.

أما على المستوى الداخلي الاسرائيلي، فإننا نشهد حالة لا سابق لها وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات، أضف الى ذلك مشهد الانشقاقات المتسارعة، وتشكيل الاحزاب السياسية بصورة سريعة، ويأتي ذلك في ظل تهم الفساد التي تطارد نتنياهو، وانحراف المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين، لاسيما بعد اصدار عدة قوانين تعزز ذلك من أشهرها " قانون القومية" ما رأه البعض خطراً على الديمقراطية، مما يعني بان تغيراً جذرياً للمفاهيم في المجتمع الاسرائيلي وأن الناخب الاسرائيلي أصبح يهتم بالشخصيات بدلاً من الايدولوجيا الحزبية.