إذا ما حُسم فوز بايدن، نتنياهو الأكثر تأثراً؟!
عماد أبو عواد
06-11-2020
تقدير موقف\ عماد أبو عوّاد
ربما ليس من المبالغ القول أنّ بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء في دولة الاحتلال، كان ولا يزال الأكثر ترقباً لنتائج الانتخابات الأمريكية، حيث أنّ نتنياهو تأمّل كثيراً بأن يستمر ترامب في البيت الأبيض، لما في ذلك من انعكاسات إيجابية على شخص نتنياهو، وليس مسار العمل الصهيوني على الأرض، في ظل حقيقة أنّ الولايات المتحدة تدعم "إسرائيل" من منطلقات ثابتة، ليست مرتبطة بطبيعة الحاكم في البيت الأبيض.
فوز بادين في الانتخابات، واستلامه زمام الحكم في البيت الأبيض بسهولة ودون تشويش، ستنعكس بشكل كبير على شخص نتنياهو في الكثير من الملفات، أبرزها المرتبطة بالوضع الداخلي، في ظل القناعة الكبيرة لدى الجمهور "الإسرائيلي" أنّ ترامب عمل شخصياً لخدمة نتنياهو في الجولات الانتخابية الثلاث التي حدثت في العامين الأخيرين، حيث إنّ اعلان صفقة القرن، وما سبقه من نقل السفارة، وإعلان مسيرة التطبيع مع الدول العربية، كان بالمجمل يترافق مع كلّ جولة من تلك الجولات الانتخابية.
وفي ظل حقيقة أنّ الجمهور الصهيوني بالمجمل كان يأمل استمرار حكم ترامب، على خلاف شريحة واسعة من الطبقة السياسية، والتي وإن لم تظهر ذلك، فقد تمنت وصول بايدن للحكم، لما في ذلك من تأثير مباشر على نتنياهو، الذي يُعاني من ملفات فساد، غير أنّها لم تكن كفيلة بإزاحته عن المشهد السياسي، لا بل حقق نتائج كبيرة في الانتخابات الأخيرة. ومن هنا يُمكن حصر تأثير فوز بايدن على نتنياهو ضمن السياقات التالية:
- فقدان نتنياهو للهدايا المجانية من البيت الأبيض، لا بل ويُمكن أن تعمل الإدارة الجديدة بعكس ما تشتهيه رياح نتنياهو، كنوعٍ من التوبيخ غير المباشر على سياسته السابقة والتي فضلت الحزب الجمهوري على الدمقراطي، وكسرت قاعدة تاريخية لم يكن الساكن في بلفور "مقر رئاسة الوزراء في إسرائيل"، يتجاوزه.
- مساحة المناورة عند نتنياهو فيما يتعلق بالشؤون الداخلية ستقل، حيث أنّ نتنياهو الذي كان من المرجح بأنّه سيُسارع إلى انتخابات جديدة، مجرد فوز مريح لترامب في الانتخابات، سيكون الآن أكثر تريثاً، وأكثر حرصاً على دراسة معمّقة للارتدادات.
- تسلّم بادين لمقاليد الحكم في أمريكا دون فوضى أو معيقات، سيعطي انطباع لدى المتخوفين في "إسرائيل" بأنّه بالإمكان الآن البدء فعلياً بمحاكمة نتنياهو والتخلص منه، حيث أنّ مؤشرات الخراب التي يُصدرها نتنياهو ضد من يحاول المساس به، ستكون مجرد فقاعات فارغة، ستشجع الكثيرين للعمل ضده، وربما ارتفاع وتيرة مظاهرات المحتجين للخلاص منه.
- خسارة ترامب، ستُعطي التيار المناهض لنتنياهو نفساً قوياً، حيث أنّ فكرة اليمين الشعبوي التي ارتكز عليها ترامب وكذلك نتنياهو، ربما مرتبطة من حيث اقتباس النمط والقوّة، في ظل حقيقة أنّ داعمي نتنياهو يعتبرون أنّ ترامب في البيت الأبيض، يحتاج شخصاً كنتنياهو ليُحقق من خلاله تطلعاتهم والتطلعات العامة للدولة العبرية.
- وصول بايدن، قد يدفع الحلبة السياسية الداخلية في "إسرائيل" إلى إعادة صياغة التحالفات، بمعنى أنّ حزب يمينا بزعامة نفتالي بنت، والذي قد يحصل على نسبة جيدة من المقاعد، قد يجد دعماً أمريكياً لتأسيس تحالف يمين وسط، بعيداً عن الليكود ونتنياهو، هذا في حال لم يحصل الليكود مع الحريديم على كتلة مانعة، تمنع احتمالية وجود حكومة بعيداً عم أحدهم.
- من الناحية النفسية، ستكون خسارة نتنياهو كبيرة، حيث سيخسر الانطباع الذي رسمه في ذهنية الكثير من الصهاينة، بأنّه المُتحكم في زمام ما يُدار في البيت الأبيض بفضل صداقته مع ترامب، وربما ظهر ذلك من خلال سلوك ترامب تجاه رئيس وزراء الاحتلال، الأمر الذي سيؤثر على نسبة المصوتين لنتنياهو من قبل شريحة المستوطنين تحديداً.
عملياً، خروج ترامب من البيت الأبيض، هو إضفاء علامة ضعفٍ على أداء نتنياهو داخلياً، الأمر الذي يعني بالضرورة ظهور الساحر كما يحلو لاتباعه وصفه، بمظهر اليائس أمام تكدّس الكثير من التحديات، والتي على رأسها المحاكمة والفساد، وديربي اليمين الداخلي، الذي قد يؤسس لمرحلة طعنة داخلية في ظهر بنيامين نتنياهو.