إيقاف دعم الأونروا.. فرصة أم تهديد لـ"إسرائيل"
عماد أبو عواد
22-09-2018
قراءة عماد أبو عوّاد- مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
قبل نحو أسبوعين من الآن، أكمل دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، خطوته المتعلقة بإيقاف التمويل الأمريكي للأونروا، وفي ظل عدم تفكير الفلسطيني لربما، إلى احتمالية وصول قرارات البيت الأبيض، إلى المساس بحقوق اللاجئين التاريخية، والتي جاءت من منطلقات إنسانية، فإنّ ما حدث يُعبر عن وجود سلوك جديد، ليس في المنطقة فحسب، بل على مستوى النظام العالمي، الذي بات يمتاز بالروح اليمينية.
ولعلّ الناظر من بعيد إلى طبيعة الردود الإسرائيلية على الجريمة الأخيرة بحق اللاجئين، يعتقد جازماُ أنّ "تل ابيب"، تقف بجانب الداعمين للخطوة، من منطلق أنّ ذلك يُمهد الطريق للقضاء على حقّ يذكرها بأنّها دولة احتلال.
هذا الموضوع تناوله الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي، ميخال ختوال، وكوبي ميخال، حيث أشارا إلى أنّ المستوى السياسي المتمثل برئاسة الوزراء كان قد أعلن دعمه للخطوة الأمريكية، بل والأبعد من ذلك، مناداته بها منذ زمن بعيد، أمّا على المستوى الأمني فقد أشار ميخال ورفيقه، إلى أنّ الصورة أقل حماسية من ذلك حيث ربط الأمن بين الخطوة، واحتمالية تدهور الأوضاع الأمنية بما لا تشتهيه الدولة العبرية.
ويحتج الكاتبان على طبيعة عمل الاونروا، حيث يريان أنّها تُفرّخ كل شهر قرابة عشرة آلاف لاجئ فلسطيني جديد، بإضافة كل المواليد ربما لأبناء الجيل الخامس أو السادس، لقائمة اللاجئين التي بدأن بحوالي 700 ألف لاجئ، ووصلت اليوم إلى حدود ستة ملايين، بمعنى أنّ عمل الاونروا وفق الباحثين كان من المُفترض أن يقتصر على العناية بمن هُجروا من ديارهم، فيما ذرياتهم كان من الأولى توطينهم في مكان ميلادهم!!.
الأبعد من ذلك، هو ما رآه الباحثان من التبذير الذي تسلُكه الاونروا، حيث وفق معطيات قدمانها، فإنّ المنظمة تُنفق على الفلسطيني اللاجئ 40% زيادة، بالمقارنة مع اللاجئين اللذين يخضعون لمسؤولية المنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن اللاجئين في العالم، الأمر الذي ترى فيه "إسرائيل"، مبالغة في الانفاق، لمن هُجروا عن أرضهم قسراً، وحُرموا من أموالهم وأرضهم، فيما تناسى الباحثان، حجم ما تُنفقه بعض الدول عليهم كدولة احتلال اقتلعت شعبا كاملا من أرضه.
من جانب آخر، فإن الخطر الذي تقوم به الاونروا، وفق باحثي المعهد، ينبع من كون المنظمة، قد أسست لمفهوم، أنّ حال اللاجئ الفلسطيني لن يتحسن إلّا بعد عودته لوطنه، بمعنى أنّها من وجهة النظر الإسرائيلية، عامل آخر إضافي في تثبيت الحق الفلسطيني، وباتت بيتاً، قد يكون الأهم في رفع لواء العودة للفلسطينيين، إلى بيوتهم واراضيهم المُغتصبة.
وبتحليل سياسة ترامب، وذهابه باتجاه إيقاف المخصصات، أشار ميخال ورفيقه، إلى أنّ ذلك قد يكون مرتبط بأمرين، الأول: سياسة أمريكا أولاً، التي ينتهجها النظام الجديد في البيت الأبيض، وبسعيه لتحميل أنظمة أخرى في العالم، عبئ موازي للذي تتحمله واشنطن، وأنّ العجز ربما ستسده دول أخرى، فيما الأمر الثاني مرتبط بشكل وثيق برغبة الولايات المتحدة، رؤية الاونروا مُفككة نهائياً، أو أن تتجه نحو إصلاحات حقيقة، تُناسب المقاس الأمريكي.
ويرى الكاتبان، أنّ الدعم السياسي الذي وجهته "إسرائيل" لخطوة الولايات المتحدة، محق، وفي نفس الوقت، لم يُقلل ميخال ورفيقه، من المخاوف الأمنية، لكنّهما اعتبرا أنّ المخاوف هي على المستوى الزمني القصير، بمعنى أنّ الخطر قد يكون مرحلياً، أمّا على المستوى الاستراتيجي، فإنّ دفن المعقل الأهم، الذي يرفع الحق الفلسطيني، بالعودة إلى أرضه هو خطوة مهمّة من وجهة النظر الإسرائيلية، حتى في حال الرغبة بالولوج في تسوية جديدة.
ولسد المخاوف الأمنية، فقد رأى الباحثان أنّ انهيار الاونروا، يجب أن يكون بالتوازي مع إقامة بدائل لسد الحاجات الإنسانية للاجئين، تحديداً في قطاع غزة، لما في ذلك من انعكاسات أمنية، وقد اقترحا ثلاث مبادئ لتحقيق الهدف، دون الوصول إلى مخاطر حقيقة.
أولاً: أن يتم تحديد اللاجئين الفلسطينيين ضمن النطاق الجغرافي الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث في هذه المناطق يُمكن أن يكون للفلسطينيين دولة، فيما بقية اللاجئين في العالم، فإنّه يجب اخراجهم من دائرة تعريفهم اللاجئين، وقد اقترح الباحثان، أن تكون المساعدات ضمن الحاجات الحقيقة وليس فقط كون متلقيها لاجئ.
ثانياً: الأموال التي من المفروض أن توجه للاجئين، يجب أن تمر عن طريق السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية، فيما لاجئو لبنان وسوريا يتم نقلهم إلى مفوضية اللاجئين العالمية التابعة للأمم المتحدة، لينطبق عليهم ما ينطبق على بقية لاجئي العالم، بمعنى انهاء هويتهم كلاجئين فلسطينيين، وتحسين ظروفهم المعيشية تمهيدا لتوطينهم.
ثالثاً: يجب تطبيق البند الأول والثاني بالتدرج، على أن يرافقه مبادرات سياسية، واقتصادية تُعطي الأمل باحتمالية حدوث تغييرات سياسية حقيقية، تُمهد لوجود كيان فلسطيني، ولعلّ هذا الاقتراح، مرتبط بحقيقة الرغبة الإسرائيلية بتخدير الفلسطيني، لتقبل الإجراءات التي ستُمهد بالقضاء على حقوقه التاريخية، والقفز حتى عن الاتفاقات التاريخية، التي لا تُعبر عن جزء من الطموح الفلسطيني.
ختاماً، "إسرائيل" ترى أنّ خطوة الولايات المتحدة، ضد الاونروا أمر قد يحمل بين طيّاته مخاطر كبيرة على المستوى التكتيكي القصير، لكنّها ترى فيه خطوة مهمّة لدفن الحق الفلسطيني، وإيجاد بدائل قد تدفع المنطقة لحلول على مقاسات إسرائيلية، تحفظ ل"إسرائيل" كل الأراضي التي تُسيطر عليها، ويُرفع عنها عبء تحمل رعاية السكان في الضفة وغزة، بمعنى أن يحفظ الاحتلال لنفسه، وجوداً دون كلفه.
قبل نحو أسبوعين من الآن، أكمل دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، خطوته المتعلقة بإيقاف التمويل الأمريكي للأونروا، وفي ظل عدم تفكير الفلسطيني لربما، إلى احتمالية وصول قرارات البيت الأبيض، إلى المساس بحقوق اللاجئين التاريخية، والتي جاءت من منطلقات إنسانية، فإنّ ما حدث يُعبر عن وجود سلوك جديد، ليس في المنطقة فحسب، بل على مستوى النظام العالمي، الذي بات يمتاز بالروح اليمينية.
ولعلّ الناظر من بعيد إلى طبيعة الردود الإسرائيلية على الجريمة الأخيرة بحق اللاجئين، يعتقد جازماُ أنّ "تل ابيب"، تقف بجانب الداعمين للخطوة، من منطلق أنّ ذلك يُمهد الطريق للقضاء على حقّ يذكرها بأنّها دولة احتلال.
هذا الموضوع تناوله الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي، ميخال ختوال، وكوبي ميخال، حيث أشارا إلى أنّ المستوى السياسي المتمثل برئاسة الوزراء كان قد أعلن دعمه للخطوة الأمريكية، بل والأبعد من ذلك، مناداته بها منذ زمن بعيد، أمّا على المستوى الأمني فقد أشار ميخال ورفيقه، إلى أنّ الصورة أقل حماسية من ذلك حيث ربط الأمن بين الخطوة، واحتمالية تدهور الأوضاع الأمنية بما لا تشتهيه الدولة العبرية.
ويحتج الكاتبان على طبيعة عمل الاونروا، حيث يريان أنّها تُفرّخ كل شهر قرابة عشرة آلاف لاجئ فلسطيني جديد، بإضافة كل المواليد ربما لأبناء الجيل الخامس أو السادس، لقائمة اللاجئين التي بدأن بحوالي 700 ألف لاجئ، ووصلت اليوم إلى حدود ستة ملايين، بمعنى أنّ عمل الاونروا وفق الباحثين كان من المُفترض أن يقتصر على العناية بمن هُجروا من ديارهم، فيما ذرياتهم كان من الأولى توطينهم في مكان ميلادهم!!.
الأبعد من ذلك، هو ما رآه الباحثان من التبذير الذي تسلُكه الاونروا، حيث وفق معطيات قدمانها، فإنّ المنظمة تُنفق على الفلسطيني اللاجئ 40% زيادة، بالمقارنة مع اللاجئين اللذين يخضعون لمسؤولية المنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن اللاجئين في العالم، الأمر الذي ترى فيه "إسرائيل"، مبالغة في الانفاق، لمن هُجروا عن أرضهم قسراً، وحُرموا من أموالهم وأرضهم، فيما تناسى الباحثان، حجم ما تُنفقه بعض الدول عليهم كدولة احتلال اقتلعت شعبا كاملا من أرضه.
من جانب آخر، فإن الخطر الذي تقوم به الاونروا، وفق باحثي المعهد، ينبع من كون المنظمة، قد أسست لمفهوم، أنّ حال اللاجئ الفلسطيني لن يتحسن إلّا بعد عودته لوطنه، بمعنى أنّها من وجهة النظر الإسرائيلية، عامل آخر إضافي في تثبيت الحق الفلسطيني، وباتت بيتاً، قد يكون الأهم في رفع لواء العودة للفلسطينيين، إلى بيوتهم واراضيهم المُغتصبة.
وبتحليل سياسة ترامب، وذهابه باتجاه إيقاف المخصصات، أشار ميخال ورفيقه، إلى أنّ ذلك قد يكون مرتبط بأمرين، الأول: سياسة أمريكا أولاً، التي ينتهجها النظام الجديد في البيت الأبيض، وبسعيه لتحميل أنظمة أخرى في العالم، عبئ موازي للذي تتحمله واشنطن، وأنّ العجز ربما ستسده دول أخرى، فيما الأمر الثاني مرتبط بشكل وثيق برغبة الولايات المتحدة، رؤية الاونروا مُفككة نهائياً، أو أن تتجه نحو إصلاحات حقيقة، تُناسب المقاس الأمريكي.
ويرى الكاتبان، أنّ الدعم السياسي الذي وجهته "إسرائيل" لخطوة الولايات المتحدة، محق، وفي نفس الوقت، لم يُقلل ميخال ورفيقه، من المخاوف الأمنية، لكنّهما اعتبرا أنّ المخاوف هي على المستوى الزمني القصير، بمعنى أنّ الخطر قد يكون مرحلياً، أمّا على المستوى الاستراتيجي، فإنّ دفن المعقل الأهم، الذي يرفع الحق الفلسطيني، بالعودة إلى أرضه هو خطوة مهمّة من وجهة النظر الإسرائيلية، حتى في حال الرغبة بالولوج في تسوية جديدة.
ولسد المخاوف الأمنية، فقد رأى الباحثان أنّ انهيار الاونروا، يجب أن يكون بالتوازي مع إقامة بدائل لسد الحاجات الإنسانية للاجئين، تحديداً في قطاع غزة، لما في ذلك من انعكاسات أمنية، وقد اقترحا ثلاث مبادئ لتحقيق الهدف، دون الوصول إلى مخاطر حقيقة.
أولاً: أن يتم تحديد اللاجئين الفلسطينيين ضمن النطاق الجغرافي الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث في هذه المناطق يُمكن أن يكون للفلسطينيين دولة، فيما بقية اللاجئين في العالم، فإنّه يجب اخراجهم من دائرة تعريفهم اللاجئين، وقد اقترح الباحثان، أن تكون المساعدات ضمن الحاجات الحقيقة وليس فقط كون متلقيها لاجئ.
ثانياً: الأموال التي من المفروض أن توجه للاجئين، يجب أن تمر عن طريق السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية، فيما لاجئو لبنان وسوريا يتم نقلهم إلى مفوضية اللاجئين العالمية التابعة للأمم المتحدة، لينطبق عليهم ما ينطبق على بقية لاجئي العالم، بمعنى انهاء هويتهم كلاجئين فلسطينيين، وتحسين ظروفهم المعيشية تمهيدا لتوطينهم.
ثالثاً: يجب تطبيق البند الأول والثاني بالتدرج، على أن يرافقه مبادرات سياسية، واقتصادية تُعطي الأمل باحتمالية حدوث تغييرات سياسية حقيقية، تُمهد لوجود كيان فلسطيني، ولعلّ هذا الاقتراح، مرتبط بحقيقة الرغبة الإسرائيلية بتخدير الفلسطيني، لتقبل الإجراءات التي ستُمهد بالقضاء على حقوقه التاريخية، والقفز حتى عن الاتفاقات التاريخية، التي لا تُعبر عن جزء من الطموح الفلسطيني.
ختاماً، "إسرائيل" ترى أنّ خطوة الولايات المتحدة، ضد الاونروا أمر قد يحمل بين طيّاته مخاطر كبيرة على المستوى التكتيكي القصير، لكنّها ترى فيه خطوة مهمّة لدفن الحق الفلسطيني، وإيجاد بدائل قد تدفع المنطقة لحلول على مقاسات إسرائيلية، تحفظ ل"إسرائيل" كل الأراضي التي تُسيطر عليها، ويُرفع عنها عبء تحمل رعاية السكان في الضفة وغزة، بمعنى أن يحفظ الاحتلال لنفسه، وجوداً دون كلفه.