اصلاح المنظمة، الخطوة الأهم لحفظ النظام السياسي الفلسطيني
ياسر مناع
03-06-2018
كتب: ياسر مناع - مركز القدس
كُشفت عورة وهشاشة النظام السياسي الفلسطيني القائم بمرض الرئيس محمود عباس " أبو مازن "، وابان الصعوبة البالغة في التداول السلس، لمنصب الرئاسة الذي أضحى محط أنظار الكثير، مع قناعتي التامة بأن الأمور سوف تجري بصورة مخالفة للقانون الأساسي في ظل تعطيل المجلس التشريعي، مما يدخل الإنقسام المقيت فصلاً جديداً أكثر تعقيداً من أي وقتٍ مضى، فحسب نص القانون يتولى رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة لمدة ستين يوماً بعدها تعقد انتخابات رئاسية توافقية نزيهة.
سيل من التحليلات والتوقعات اللامتناهية شهدتها الأيام الماضية حول طبيعة ومعالم المرحلة المقبلة، وقد بالغ البعض في تحليلاتهم وصلت حد إنهيار السلطة وإعادة السيطرة الإسرائيلية على مدن الضفة الغربية، ويكأن السلطة وبنية النظام السياسي قائم على شخص الرئيس، ويشير ذلك الى عمق الفوضى والمركزية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، والغريب في الأمر مطالبة بعض الساسة بعقد إنتخابات رئاسية وتشريعة في أقرب وقت، والسؤال هنا هل الإنتخابات السحرية حلاُ لتلك المعضلة السياسية ؟ أم أن هناك ما وراء ذلك ؟
فإذا افترضنا بأنه قد تم إجراء إنتخابات جديدة وكانت النتائج قريبة أو شبيهة بسابقتها فهل من الممكن أن يتغير الوضع القائم ؟ أم أننا سنبقى نراوح مكاننا ؟ ، ومن نافلة القول بإن الإنقسام هو عرضٌ لمرض قديم ألا وهو التفرد السياسي.
لا شك بأن الإنقسام الداخلي الفلسطيني والمتغيرات السياسية المتعاقبة والمتسارعة لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وبالإضافة الى التحالفات الإقليمية المعادة بلورتها بناءاً على تلك المتغيرات، تعتبر من أكثرالتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية في هذه الأيام، لا خلاف على أن الدرع الحصين للمشروع الوطني والمخرج من الأزمة التي نعيشها اليوم يتمثل في إنجاز مصالحةٍ داخليةٍ حقيقية، وهي بمثابة الخطوة الأولى الصحيحة في طريق إنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني بالتزامن مع ترتيب البيت والنظام السياسي.
وقبل الدعوة لإجراء الإنتخابات يجب العمل على إعادة ترتيب منظمة التحرير وإنهاء الإزدواجية بينها وبين السلطة، بالإضافة الى تحديد الطبيعة الوظيفية لمؤسسة الرئاسة من جهة ومؤسسة رئاسة الوزراء من جهة إخرى، ولابد الإشارة الى أن هذه المرحلة صعبة وشاقة ولكن مخرجاتها تتمثل في تحقيق التكامل في العمل السياسي، وإعادة اللحمة الحقيقية بين شطري الوطن وتشكل داعمة هامة في الحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني المهدد بالفناء.
أعلم تماماً بأن السلطة الوطنية الفلسطينية هي وليدة قرار منظمة التحرير الفلسطينية وأن المنظمة تعتبر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني -ولا خلاف على ذلك - وهذا ما أهَلَها للتوقيع على إتفاقية أوسلو التي أدخلت القضية الفلسطينة طريقاً جديداً من خلال إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية.
مع مرور الأيام لم تقتصر مهمة السلطة الأساسية كما خطط لها من خلال إدارة الأمورالحياتية، وإدارة الشؤون الاقتصادية والامنية والصحية للناس في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل بلغ دورها الشيء الأكبر من ذلك وخصوصاً في ممارسة الدور السياسي بكل معنى الكلمة بدلاً من المنظمة، وتجلى ذلك في التمثيل الدولي والمفاوضات، واصبحت العلاقات الدولية والرسمية مع مؤسسة السلطة بصورة مباشرة مما جعل المنظمة مجرد رمزٍ دون أي قوةٍ فاعلة على الأرض، أضف الى ذلك نقطتين هامتين كانتا من أسباب ضعف المنظمة، وهما جمع بعض القيادات لعدة مناصب في السلطة والمنظمة، وفقدانها لبعض الفصائل الوازنة على الساحة الفلسطينية كحركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتان لا زالتا حتى اللحظة خارج إطارها.
في ضوء ما ذُكر سابقاً فإن إصلاح المنظمة أمر ضروري للخروج من الحالة الراهنة و تجاوز أي عقبات قادمة في ظل المتغيرات، والمؤامرات الدولية وأعتقد بأن فكرة الإصلاح من الضروري أن تكون شاملة وأن لا تقتصرعلى المنظمة فقط، بل يجب أن تكون شاملة للنظام السياسي الفلسطيني بمعنى إعادة صياغته وترتيبه من جديد.
طريقتان لذلك الإصلاح - أو ربما أكثر- فقد يراهما البعض أنهما حلول مقبولة وقد يرى البعض الأخر أنه بمجرد طرح مثل هذه الأفكار مساس بالمورث التاريخي للشعب والقضية، وأكد هنا أني لا أدعو الى وجود تمثيل جديد للشعب الفلسطيني، ولكن يجب علينا أن نتحلى بالجرأة للخروج من الحالة الراهنة التي تهدد المشروع الوطني وتتمثل الطريقتين في:
الأولى: تحديد صلاحيات المؤسستين بصورة واضحة غير قابلة لتأويل، في أن تكون للسلطة وظيفتها وتتمثل في إدارة شؤون المواطن صحياً وأمنياُ وإقتصادياً وتعليمياً، فيما تتولى المنظمة الشؤون السياسية والدولية بالإضافة الى المفاوضات بموافقة الكل الفلسطيني وبهذا نخرج من حالة الإزدواجية والتداخل الوظيفي بينهما.
الثانية : هي دمج المؤسستين في مؤسسة واحدة تتولى الإدارة الحياتية والشؤون السياسية والدولية حيث ينتهي التفرد السياسي والمحاصصة الفصائلية وتصبح التعيينات بناءاً على نتائج إنتخابات عامة تشمل رئاسة المؤسسة وحكومتها والمجلس البرلماني أو التنفيذي - أو أطلق عليه ما شئت - في الداخل والشتات وبهذا نكون أقرب الى نظام دولة يجمع أطياف الشعب في بوتقة واحدة تعمل تحت سقف نظام سياسي واحد.
ختاماً، يتطلب من الرئيس الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة - أكثر من غيره - العمل على تحقيق الوحدة الوطنية وإعادة ترتيب الأوراق الداخلية، بالتزامن مع إنهاء حالة الإزدواج السياسي حتى تصبح عملية تداول السلطة سلسة ومن أجل الوصول الى حالة فلسطينية مرضية، تكن بمثابة الخطوة الأولى والاكثر تأثيراً في طريق التحرير واقامة الدولة الفلسطينية.
كُشفت عورة وهشاشة النظام السياسي الفلسطيني القائم بمرض الرئيس محمود عباس " أبو مازن "، وابان الصعوبة البالغة في التداول السلس، لمنصب الرئاسة الذي أضحى محط أنظار الكثير، مع قناعتي التامة بأن الأمور سوف تجري بصورة مخالفة للقانون الأساسي في ظل تعطيل المجلس التشريعي، مما يدخل الإنقسام المقيت فصلاً جديداً أكثر تعقيداً من أي وقتٍ مضى، فحسب نص القانون يتولى رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة لمدة ستين يوماً بعدها تعقد انتخابات رئاسية توافقية نزيهة.
سيل من التحليلات والتوقعات اللامتناهية شهدتها الأيام الماضية حول طبيعة ومعالم المرحلة المقبلة، وقد بالغ البعض في تحليلاتهم وصلت حد إنهيار السلطة وإعادة السيطرة الإسرائيلية على مدن الضفة الغربية، ويكأن السلطة وبنية النظام السياسي قائم على شخص الرئيس، ويشير ذلك الى عمق الفوضى والمركزية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، والغريب في الأمر مطالبة بعض الساسة بعقد إنتخابات رئاسية وتشريعة في أقرب وقت، والسؤال هنا هل الإنتخابات السحرية حلاُ لتلك المعضلة السياسية ؟ أم أن هناك ما وراء ذلك ؟
فإذا افترضنا بأنه قد تم إجراء إنتخابات جديدة وكانت النتائج قريبة أو شبيهة بسابقتها فهل من الممكن أن يتغير الوضع القائم ؟ أم أننا سنبقى نراوح مكاننا ؟ ، ومن نافلة القول بإن الإنقسام هو عرضٌ لمرض قديم ألا وهو التفرد السياسي.
لا شك بأن الإنقسام الداخلي الفلسطيني والمتغيرات السياسية المتعاقبة والمتسارعة لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وبالإضافة الى التحالفات الإقليمية المعادة بلورتها بناءاً على تلك المتغيرات، تعتبر من أكثرالتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية في هذه الأيام، لا خلاف على أن الدرع الحصين للمشروع الوطني والمخرج من الأزمة التي نعيشها اليوم يتمثل في إنجاز مصالحةٍ داخليةٍ حقيقية، وهي بمثابة الخطوة الأولى الصحيحة في طريق إنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني بالتزامن مع ترتيب البيت والنظام السياسي.
وقبل الدعوة لإجراء الإنتخابات يجب العمل على إعادة ترتيب منظمة التحرير وإنهاء الإزدواجية بينها وبين السلطة، بالإضافة الى تحديد الطبيعة الوظيفية لمؤسسة الرئاسة من جهة ومؤسسة رئاسة الوزراء من جهة إخرى، ولابد الإشارة الى أن هذه المرحلة صعبة وشاقة ولكن مخرجاتها تتمثل في تحقيق التكامل في العمل السياسي، وإعادة اللحمة الحقيقية بين شطري الوطن وتشكل داعمة هامة في الحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني المهدد بالفناء.
أعلم تماماً بأن السلطة الوطنية الفلسطينية هي وليدة قرار منظمة التحرير الفلسطينية وأن المنظمة تعتبر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني -ولا خلاف على ذلك - وهذا ما أهَلَها للتوقيع على إتفاقية أوسلو التي أدخلت القضية الفلسطينة طريقاً جديداً من خلال إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية.
مع مرور الأيام لم تقتصر مهمة السلطة الأساسية كما خطط لها من خلال إدارة الأمورالحياتية، وإدارة الشؤون الاقتصادية والامنية والصحية للناس في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل بلغ دورها الشيء الأكبر من ذلك وخصوصاً في ممارسة الدور السياسي بكل معنى الكلمة بدلاً من المنظمة، وتجلى ذلك في التمثيل الدولي والمفاوضات، واصبحت العلاقات الدولية والرسمية مع مؤسسة السلطة بصورة مباشرة مما جعل المنظمة مجرد رمزٍ دون أي قوةٍ فاعلة على الأرض، أضف الى ذلك نقطتين هامتين كانتا من أسباب ضعف المنظمة، وهما جمع بعض القيادات لعدة مناصب في السلطة والمنظمة، وفقدانها لبعض الفصائل الوازنة على الساحة الفلسطينية كحركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتان لا زالتا حتى اللحظة خارج إطارها.
في ضوء ما ذُكر سابقاً فإن إصلاح المنظمة أمر ضروري للخروج من الحالة الراهنة و تجاوز أي عقبات قادمة في ظل المتغيرات، والمؤامرات الدولية وأعتقد بأن فكرة الإصلاح من الضروري أن تكون شاملة وأن لا تقتصرعلى المنظمة فقط، بل يجب أن تكون شاملة للنظام السياسي الفلسطيني بمعنى إعادة صياغته وترتيبه من جديد.
طريقتان لذلك الإصلاح - أو ربما أكثر- فقد يراهما البعض أنهما حلول مقبولة وقد يرى البعض الأخر أنه بمجرد طرح مثل هذه الأفكار مساس بالمورث التاريخي للشعب والقضية، وأكد هنا أني لا أدعو الى وجود تمثيل جديد للشعب الفلسطيني، ولكن يجب علينا أن نتحلى بالجرأة للخروج من الحالة الراهنة التي تهدد المشروع الوطني وتتمثل الطريقتين في:
الأولى: تحديد صلاحيات المؤسستين بصورة واضحة غير قابلة لتأويل، في أن تكون للسلطة وظيفتها وتتمثل في إدارة شؤون المواطن صحياً وأمنياُ وإقتصادياً وتعليمياً، فيما تتولى المنظمة الشؤون السياسية والدولية بالإضافة الى المفاوضات بموافقة الكل الفلسطيني وبهذا نخرج من حالة الإزدواجية والتداخل الوظيفي بينهما.
الثانية : هي دمج المؤسستين في مؤسسة واحدة تتولى الإدارة الحياتية والشؤون السياسية والدولية حيث ينتهي التفرد السياسي والمحاصصة الفصائلية وتصبح التعيينات بناءاً على نتائج إنتخابات عامة تشمل رئاسة المؤسسة وحكومتها والمجلس البرلماني أو التنفيذي - أو أطلق عليه ما شئت - في الداخل والشتات وبهذا نكون أقرب الى نظام دولة يجمع أطياف الشعب في بوتقة واحدة تعمل تحت سقف نظام سياسي واحد.
ختاماً، يتطلب من الرئيس الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة - أكثر من غيره - العمل على تحقيق الوحدة الوطنية وإعادة ترتيب الأوراق الداخلية، بالتزامن مع إنهاء حالة الإزدواج السياسي حتى تصبح عملية تداول السلطة سلسة ومن أجل الوصول الى حالة فلسطينية مرضية، تكن بمثابة الخطوة الأولى والاكثر تأثيراً في طريق التحرير واقامة الدولة الفلسطينية.