الاحتلال يشن حرباً ممنهجة على غزة من غير اعلان

علاء الريماوي
14-01-2018



حافظت المقاومة على خاصية الردع طيلة عشر سنوات مضت بين الحروب، أو في مساحة سبقت نية الاحتلال اغتيال شخصية وازنة كما حصل في العام 2012 حين قرر الاحتلال اغتيال القيادي في حماس الجعبري. منهجية الردع صمدت بعد الحرب الأخيرة بشكل لافت، لكن منذ عام غير الاحتلال قواعد حربه على غزة بمنهجية أطلقت عليها القناة الثانية العبرية" الحرب الهادئة" والتي يمكن تلخيصها "افقاد المقاومة عناصر قوتها، من خلال هجمات مركزة، تأتي بعد عمليات اطلاق للصواريخ من قطاع غزة". قائد أركان الجيش الصهوني أكد على هذا المعطى بعد اتهام الاعلام الصهوني الجيش بعبثية العمل ضد حماس في غزة قائلا" كل رصاصة وغارة على قطاع غزة تتم في الشهور الماضية، كانت تستهدف موقعا مهما للعدو".




هذا الحديث أيضا ما أكده وزير حرب الاحتلال لبيرمان في تصريح نقلته القناة العاشرة قال فيه" لن نسمح للمخربين المس بأمن السكان، وما نقوم به يأتي في سياق دفاعي ممنهج ضد هذه القوى". مركز القدس ومن خلال المتابعة رصد خلال الثمان أشهر الماضية 37 اعتداء مركز على قطاع غزة كان أهمها: أولا: اغتيال الشهيد مازن الفقهاء في العام 2017، هذه العملية وبرغم استخدام التمويه فيها عبر أداة الاستخدام، إلا أنها شكلت تحولا مهما في منطق المواجهة مع كتائب القسام، وخلقت إمكانية لتصعيدها في ساحات أخرى.




ثانيا: استهداف نفق الجهاد الإسلامي نهاية العام 2017، مثل هذا الهجوم العلامة الأبرز في الاستهداف الواضح للمقاومة، الأمر الذي فتح شهية الاحتلال لمواصلة سياسة تقليم الأظافر مع مقاومة غزة، لادراكه أن الانضباطية العالية بسبب الظروف المحيطة تتيح له تسريع عمليات الاستهداف لمواقع حيوية.






ثالثا: غارة على مواقع منتقاه للقسام في شهري 11 و12 بعض هذه الغارات ارتقى فيها شهداء، حيث شكلت هذه النمطية تأكيد سلوك الاحتلال في ضرب مواطن المقاومة، ومصانع تسليحها، وانفاقها بهدوء. لكن التحول الجديد هو بيان الجيش الصهيوني الصادر فجر اليوم، والذي أعلن حربه على مواقع المقاومة وتغيير قواعد المواجهة الى العلن خاصة في جانب توسيع مدار الاستهداف عبر قصف الليلة الماضية لنفق وصفه الاحتلال بالهجومي والاستراتيجي. هذا الاعلان له ما بعده، كونه باتت يرسي منهجية الحرب الهادئة، إذ لم يربط الهجوم بحوادث اطلاق الصواريخ، بل توعد بمواصلة مكافحة الأخطار كما أشارت الى ذلك صحيفة معاريف صباح اليوم.






هذا التسلسل أردناه للصول الى تحليل شكل الحرب القائمة على غزة والتي يمكن اجمال صورها عبر الآتي:
أولا: استمرار الحصار على غزة، عبر اضعاف بيئة المقاومة وتصديعها واتاحة اختلالات فيها مما يتعذر معها الصمود أو اتخاذ خطوات مهمة للمواجهة.

ثانيا: التعاون مع الاقليم وجماعات منحرفة، لضرب خطوط امداد المقاومة الفلسطينية للحد من تطوير القدرات الذاتية.

ثالثا: ضرب مواطن القوة الانفاق عبر الاعتماد على سياسة التدمير، وبناء الحائط الأمني القادر على ايقاف امتدادها داخل الأرض الفلسطينية.

رابعا: تدمير مكامن التسليح وبعض مصانع المقاومة ودشمها من خلال عمليات قصف مركز يؤثر على تموضع المقاومة وتصيبها باستنزاف عال.

خامسا: خلق بيئة أمنية غير آمنة عبر منهجية من تجنيد العملاء على الأرض الأمر الذي يمكن الاحتلال من قياس قوة المقاومة وماكمنها، وضعفها وجوانبه.

سادسا: ليس من المستبعد التطور للوصول لبعض عمليات الاغتيال الممنهج لبعض الشخصيات التي لها حضورا مقاوما مهما على الأرض.




هذه النقاط تأتي في سياق أوسع، يتصل بحركة الحصار على المقاومة في الخارج و المتابعة لمصادر تمويلها، وطرق امدادها بشراكة مع أنظمة باتت معروفة ويمكن الإشارة اليها بشكل جلي. المقاومة والسناريوهات المتوقعه لسلوكها في المرحلة القادمه.

أولا: امتصاص الضربات لفهم حركة الاقليم وخطورة الواقع، الأمر الذي يفتح شهية الاحتلال للاستمرار وتوسيع ضرباته العلاجية الماسة.

ثانيا: اعتماد منهجية توسيع رقعة المقاومة: هذه المنهجية من الواضح أنها لم تحصد نجاحا في ظل البيئة الأمنية في الضفة الغربية، الأمر الذي لا يشكل معها متغيرا قادرا على تصحيح التوازنات على الأرض.

ثالثا: اعتماد تحريك البيئة المجتمعية باتجاهات مختلفه منها الحدود العربية لفكفكة الحصار وارسال رسائل هادئة للاقليم، الأمر الذي يتوقعه الاحتلال ومصر، برغم حساباته المتشعبة في ظل الواقع الحالي.

رابعا: تسييل واسع لجبهة غزة الأمر الذي يتوقعه الاحتلال ويراه مقدمة لحرب على غزة، في ظل ظروف اقليمية معقدة، لكنها في ذات الوقت فرضية مرجحة في حال استمر الواقع الأمني القائم.

خامسا: تصعيد مؤقت مفتوح: هذه الفرضية يبدو أن الحالة تدفع بها، برغم الانضباطية العالية، لكن من الواضح أن جرأة الاحتلال باتت تأخذ القطاع الى هذه المساحة الخطرة.




سادسا: رسائل الحلفاء ومتانة الجبهات المحيطة سيناريو يظل ضعيفا على خطوط الشمال لكن ظروف الواقع في المنطقة يبدو أنها تدفع نحو تطور هذه الفرضية. خلاصة الأمر ما بين الحرب غير المعلنة وما بين صبر المقاومة مساحة تضيق، لكن في ذات الوقت التقدير بأن المقاومة على الأرض لن تستطيع احتمال مستوى التصعيد القائم، هذا الواقع سيفرض أشكالا من الردود المحسوبة في منطقة رمية سائلة.




الاحتلال يرى بأن هناك زحف بفي لحالة لشكل من أشكال المواجهة ولو بعد حين، حتى في ظل ادراك أن الحالة العامة والاقليمية ليست في صالح المقاومة في هذه المرحلة. المعادلات المنضبطة في هذه القضايا تفتقد الى العلمية الدقيقة، فرب ساعة جنون تغنيك عن الف تقدير من عاقل، هذه هي واقعية الشرق المحترق اليوم.