الاستيطان الصهيوني يتسارع خلال شهر أغسطس

نجيب مفارجة
06-09-2023

تقرير الاستيطان لشهر أغسطس 2023 \ الجزء الثالث

 

الباحث في شؤون الاستيطان بمركز القدس للدراسات \ نجيب مفارجة

المخططات الاستيطانية:

ضغطت سلطات الاحتلال ومنظمات الاستيطان بما فيها جمعية "العاد" وبلدية موشيه ليئون ومن خلفهم وزير الأمن القومي الاسرائيلي ايتمار بن غفير، الذي يعتبر تغيير الوضع في القدس بمختلف أحيائها وخاصة الشيخ جراح وفي محيطها شغله الشاغل؛ لحسم الاوضاع في المدينة، التي تتعرض لهجوم استيطاني واسع بهدف تغيير معالم هويتها.

خطة "تل بيوت"

في هذا السياق من المتوقع أن تبحث لجنة التخطيط اللوائية في وزارة داخلية الاحتلال 24\8 ما يسمى بخطة” تلبيوت الجديدة “، بالتوازي مع مصادقة بلدية موشيه ليئون على العديد من تصاريح البناء في مستوطنة “جفعات هماتوس” وبما يشمل  بناء 3500 وحدة استيطانية و1300 غرفة فندقية على المنحدرات الشرقية لتلك المستوطنة الى الجنوب من مدينة القدس .

 يأتي ذلك بالتزامن مع التقدم في بحث عدد من المخططات الاستيطانية الأخرى لإقامة مستوطنات جديدة أو توسيع مستوطنات قائمة داخل مدينة القدس الشرقية وفي محيطها مثل “ كيدمات تسيون ” و” نوف زهاف ” و” بسغات زئيف ” و”راموت ألون ( أ ) و( ب)” ومؤخرا ” أم ليسون “.

وتأتي خطة “تلبيوت الجديدة” ضمن الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال لتعزيز الاستيطان شرقي القدس، وتغيير تكوينها الديمغرافي لصالح المستوطنين، وتمتد هذه الخطة على أكثر من 140 دونمًا في المنطقة الجنوبية للقدس حتى المنطقة الجنوبية الشرقية قرب بلدات بيت صفافا وأم طوبا وصور باهر، أي في المنطقة الفاصلة بين القدس وبيت لحم .

من شأن الخطة أن تقطع كل تواصل جغرافي بين مدينة القدس الشرقية ومدينة بيت لحم، وعليه فقد أصبح واضحا ان حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير قد وضعت على جدول أعمالها إطلاق موجة من البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس، غير عابئة بالمعارضة الدولية لمخططاتها، ما يستدعي تسليط الضوء من جديد على الأخطار المحدقة بالقدس الشرقية

احتجاج دولي

وإذا ما عدنا قليلا الى الوراء لتوضيح الصورة بشأن ما يتم التخطيط له هذه الأيام في القدس، نشير إلى أن رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي وسفراء وقناصل دول أوروبية قاموا في منتصف تشرين ثاني 2020 بتنظيم زيارة احتجاجية الى مستوطنة " جفعات هماتوس " رفضا لقرار توسيعها آنذاك بـ 1257 وحدة استيطانية جديدة، حيث أكدوا أن من شأن توسيع المستوطنة المذكورة وبناء حي جديد فيها، أن يقطع التواصل الجغرافي بين مدينتي القدس وبيت لحم.

صورة الوضع والحالة هذه تصبح واضحة، فعندما يعود كيان الاحتلال الى المنطقة الممتدة جنوب المدينة، فذلك يعني أنه يحتفظ في أدراج حكوماته بمخططات استيطانية يجري تنفيذها على مراحل كلما سمحت الظروف المحلية والدولية بذلك ، فهي تلتف على المعارضة الدولية ومنها معارضة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي ، تناور وتؤجل الى حين ولكنها لا تلغي مخططاتها ، وهي مخططات هدامة ، لا تقف عند حدود حسم المسألة الديمغرافية في القدس ، بل تتجاوزها لوأد ما يسمى بحل الدولتين من خلال المضي قدما بهذه المخططات .

ففي القدس، تقوم خطط دولة الاحتلال على التوسع في البؤر الاستيطانية داخل المدينة وبناء أحياء استيطانية في أطرافها لتعزل البلدة القديمة عن محيطها كما هو الحال مع حي الشيخ جراح والحي الاستيطاني في وادي الجوز ، والحي الاستيطاني في رأس العامود ، الذي موله من البداية الميلياردير اليهودي الأميركي اوروين مسكوفيتش والحي الاستيطاني في سلوان والحي الاستيطاني في جبل المبكر "منظر من ذهب " وغيرها من الأحياء ، هذا الى جانب مصادقة بلدية الاحتلال مؤخرا على مشروع مترو الأنفاق وعلى إعادة ترميم وتأهيل الجسورعلى التلة الفرنسية لربطها  بمستوطنتي "بسغات زئيف" و"النبي يعقوب" على أراضي قريتي شعفاط والعيسوية لتسهيل وتنشيط  حركة مرور السيارات وبما يخفف بشكل كبير من الازدحام المروري عند تقاطع التلة ، بالتزامن مع مشروع مترو الأنفاق الذي يجري  تنفيذه حالياً  .

استيطان هوائي

وفي فضاء القدس يحتفظ الاحتلال بمخططات لمحاصرة المدينة بأحزمة استيطانية تمتد على مساحات واسعة من الاراضي الفلسطينية في الشمال كما في الشرق وفي الجنوب، ففي الشمال لم تطو دولة الاحتلال مشروعها للبناء الاستيطاني في منطقة مطار القدس الدولي، فالمشروع ما زال قائما في انتظار الظروف المناسبة، وكذا هو الحال في الشرق. فقد كان نتنياهو قد أعلن في شباط 2020 أنه أصدر تعليمات ببناء 3500 وحدة سكنية استيطانية في المنطقة E1، الواقعة شرق القدس المحتلة.

وكانت مصادر اسرائيلية قد نقلت عن نتنياهو في أحد المؤتمرات أنه أوعز بالتنفيذ الفوري، توقف الشروع في التنفيذ بفعل الضغوط الدولية ولكنه لم يرفع عن جدول أعمال الدولة. هنا تسعى دولة الاحتلال للسيطرة على التلال الشرقية لمحافظة القدس لفصل التواصل الجغرافي بين الضفة الغربية والقدس المحتلة من جهة، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين بحزام استيطاني يمتد من شرق القدس حتى الأغوار بما في ذلك مشروع ما يسمى (E1) وفي الجنوب يجري العمل كذلك على توسيع مستوطنات جيلو وجفعات همتوس وجبل أبو غنيم، وما هو مخطط له على الأراضي القريبة من دير مار الياس كامتداد لمستوطنة تل بيوت ، وكجزء من الخطة الرئيسية لخلق تكتلين استيطانيين في الشمال والجنوب يحولان دون ارتباط القدس الشرقية بالضفة الغربية كعاصمة للفلسطينيين في اية تسوية سياسية محتملة في إطار ما يسمى حل الدولتين .

في الوقت نفسه، أعلنت بلدية الاحتلال في القدس عن افتتاح الجسر الهوائي المعلق في حي وادي الربابة، ببلدة سلوان، برعاية جمعية "عتيرت كوهانيم" وسلطة الآثار الاسرائيلية، وهو واحد من أضخم المشاريع الاستيطانية، جنوب المسجد الأقصى المبارك، لتسهيل حركة المستوطنين وتغيير معالم المدينة المحتلة، ويمتد الجسر بطول أكثر من 200 متر بارتفاع 35 مترًا، وعرض 4.5 أمتار. 

تسعى سلطات الاحتلال من خلال ذلك الجسر إلى فرض واقع تهويدي يخترق فضاء سلوان في القدس المحتلة، بدءا بحي الثوري مرورا بحي وادي الربابة وصولاً إلى منطقة النبي داود، إضافة إلى أعمال أخرى في أراضي الحي لتحويلها إلى “مسارات وحدائق توراتية”، وزرع القبور الوهمية في أجزاء أخرى من الحي، وقد خصصت حكومة الاحتلال نحو 20 مليون شيكل؛ لتنفيذ المشروع بمشاركة بلدية الاحتلال في القدس، ووزارة القدس والإرث اليهودي وشركة “موريا”، وجمعية “إلعاد” الاستيطانية.

الشيخ جراح.. إحكام السيطرة

وفي مدينة القدس كذلك تواصل بلدية الاحتلال سياسة إحكام السيطرة على حي الشيخ جراح في المدينة؛ فقد شرعت بتحويل ما تسمّيه "نصباً تذكارياً" في قلب هذا الحي إلى مشروع استيطاني جديد بمبادرة مشتركة بين بلدية القدس وجمعية المظليين وقدامى الجنود وبتمويل من الصندوق القومي اليهودي، وهو جزء من مبادرة أكثر اتساعا تشارك فيه جمعيات استيطانية تحت ستار تنمية السياحة الإسرائيلية داخل الأحياء الفلسطينية شمال البلدة القديمة، (الطريق الشمالي).

 ويشمل الطريق الشمالي مواقع مختلفة من باب العامود شمالًا إلى حي الشيخ جرّاح، ويمر عبر العديد من المواقع التاريخية والدينية، حيث تخطط بلدية الاحتلال للاستيلاء على ما تبقى من الأرض البالغ مساحتها نحو 15 دونمًا، ويقع الموقع على تلة صغيرة تتوسط الحي الغربي وكرم الجاعوني ، الذي تواجه فيه عشرات العائلات الفلسطينية خطر الإخلاء من منازلها لصالح مستوطنين إسرائيليين . تجدر الإشارة هنا كذلك إلى أن بلدية القدس أعلنت مؤخراً عن نيتها القيام بأعمال تطويرية حول ضريح "الصدّيق شمعون" الواقع أيضا في الشيخ جرّاح، وهو مكان للصلاة اليهودية يجتذب العديد من اليهود الأرثوذكس المتطرفين. وعند إقامة أحداث دينية كبيرة في الضريح يتم اجتياح الحي من قبل حشود من اليهود المتدينين بينما تغلق الشرطة الإسرائيلية أجزاء كبيرة من المنطقة أمام حركة المرور، ما ينتهك بشدة حقوق الفلسطينيين وحريتهم في التنقل ويعطل اعمالهم

ولا تستثني سلطات الاحتلال من مخططاتها الاستيطانية الهدامة بقية محافظات ومناطق الضفة الغربية المحتلة بأشكال متعددة، مجلس المستوطنات (يشع) باعتباره ذراعا تنفيذيا للإدارة المدنية يلعب هنا دورا محوريا في السطو على اراضي الفلسطينيين وتحويلها إلى مجال حيوي للمخططات والمشاريع الاستيطانية، التي تتخذ أحيانا شكل المناطق الصناعية، التي تخدم المستثمرين الاستعماريين.

القدس.. مشاريع استيطانية ضخمة قادمة

وافقت "اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء" في بلدية الاحتلال بالقدس على مخططين استيطانيين: الأول في مستوطنة " راموت " والثاني في مستوطنة " بسغات زئيف "  بواقع  2430  وحدة استيطانية فضلا عن فندقين بنحو 500 غرفة في منطقة جبل المكبر ، حيث سيتم بناء 20 برجا من 24 طابقا في مستوطنة " راموت " . أما في مستوطنة " بسغات زئيف " فإن المخطط يقوم على بناء 8 بنايات من 11 طابقا وبرجين من 22 طابقا وذلك على اراضي تابعة لبيت حنينا وحزما ، هذا الى جانب مجمع يضم وحدات استيطانية ووظائف ومساحات تجارية ومبان عامه ، على مساحة اجمالية تقدر بحوالي 130  دونما بالقرب من الشارع الرئيس قبل معبر حاجز حزما العسكري .

كما وافقت بلدية الاحتلال في القدس على ابداع مخطط يجمع بين المساكن والفنادق في حي قصر المندوب السامي في جبل المكبر على مساحة اجمالية تبلغ حوالي 20 دونما ، ويتضمن المخطط نحو 100 وحدة استيطانية ستقام في اربعة مبان سكنية من 9 طوابق فضلا عن فندقين من 8 طوابق يتسعان لنحو 550 غرفة .

وفي القدس كذلك أعلن وزير البناء والإسكان الإسرائيلي يتسحاق غولدينغنوف عن تخصيص 115 مليون شيكل إسرائيلي (30 مليون دولار أميركي) لحماية وحفظ الأمن في منطقة جبل الزيتون ومستوطنات القدس الشرقية ، على حد زعمه  وذلك بتوظيف 400 حارس أمن على طول الجبل بأكمله.من جانبه ، وفي الوقت نفسه يدفع كل من وزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش وزيرة المهمات القومية والاستيطان أوريت ستورك نحو إصدار قرار حكومي لتحويل نحو 700 مليون شيكل إلى المستوطنات في الضفة المحتلة بهدف " تعزيز الاستيطان "، وتخويل  وزارة الداخلية الإسرائيلية بتحويل الأموال إلى "أماكن غير منظمة في يهودا والسامرة" في إشارة إلى البؤر الاستيطانية.

الخليل.. مشاريع استيطانية قادمة

كما تعتزم الادارة المدنية ، التي يتولى وزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش توجيه عملها ، شرعنة وزيادة مساحة البؤرتين الاستيطانيتين عشهئيل أو المسماة "أساهيل"، وبؤرة "أبيغيل" المقامتان على أراضٍ فلسطينية في جنوب الخليل .

تأتي هذه الخطوة في إطار شرعنة تلك البؤر، كما يظهر من خرائط نشرتها الإدارة المدنية ، وذلك في سياق تنفيذ الاتفاقيات الائتلافية بين الليكود وكل من الصهيونية الدينية وقوة يهودية وما ترتب عليها من قرارات كانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرتها في شباط الماضي بشرعنة 10 بؤر استيطانية وتحويلها لمستوطنات مستقلة.

من شأن هذه الخطوة أن تزيد مساحة بؤرة عشهيئيل أو "أساهيل" 18 مرة ، فيما تزيد مساحة أبيغيل 25 مرة. علما أنّ مساحة البناء الحالية في بؤرة "أساهيل"، تبلغ 55 دونمًا لتصبح 880 دونمًا، بينما تبلغ مساحة "أبيغيل" 75 دونمًا، وسيزيد نطاقها لتصبح 201 دونمًا. وقد جرى مؤخرا شرعنة البؤرتين الاستيطانيتين "بيلغي يام" و"هيوفيل" كأحياء تابعة لمستوطنة "عيلي". وقبل ذلك البؤر الاستيطانية العشوائية "نوفي نحميا" و"زايت رعنان" و"ديرخ هأفوت" و"باني كيدم" بالإعلان عنها أنها أحياء لمستوطنات قائمة.

استيطان سياحي

لم تسلم المواقع الأثرية الفلسطينية من محاولات تزوير هويتها وتحويلها الى أهداف للنشاطات الاستيطانية والتهويدية.

في بلدة سبسطية بمحافظة نابلس بدأت سلطات الاحتلال أول خطواتها العملية لتنفيذ مشروع استيطاني تهويدي في البلدة ، حيث اقتحمت دوريات تابعة لقوات الاحتلال والإدارة المدنية ودائرة الآثار الإسرائيلية المنطقة الأثرية وسلمت إخطارا بإخلاء خيمة تستخدم لأغراض سياحية بحجة وجودها في المنطقة (ج) .

كما سلمت سلطات الاحتلال الموقع الأثري لمقاول إسرائيلي كان يرافقها، حيث باشر أعمال المسح الهندسي للموقع تمهيدا للبدء بمشروع تهويدي أقرته حكومة الاحتلال قبل عدة شهور، وكانت حكومة الاحتلال قد صادقت في أيار/مايو الماضي على تخصيص مبلغ 32 مليون شيكل لترميم موقع حديقة سبسطية الأثري وإقامة مركز سياحي يهودي في المكان

منطقة صناعية جديدة..

هذه الأيام يجري الحديث عن بناء منطقة صناعية جديدة أعدها مجلس مستوطنات الشمال ، الذي يرأسه حليف سموتريتش وبن غفير ، يوسي داغان  ، وذلك على مساحة 2700 دونم في شمال الضفة الغربية ، ويُفترض بالمنطقة الصناعية الجديدة أن تضم مصانع ملوثة للبيئة بالقرب من مناطق سكنية ليس فقط في الضفة الغربية، بل أيضًا بالقرب من بلدة كفر قاسم داخل الخط الأخضر .

من شأن هذه الخطة، التي يقف خلفها كذلك مجلس مستوطنة "الكانا" ومجلس مستوطنة "أورنيت" في محافظة قلقيلية ، أن تلحق أضرارا فادحة بالبيئة في منطقة واسعة على طرفي ما كان يسمى بالخط الأخضر .

جدير بالذكر هنا أن سلطات الاحتلال أقامت ثلاث مناطق صناعية رئيسية ، أولها "عطروت" في شرق القدس وهي الأكثر تلويثا للبيئة ،  والثانية "بركان" على اراضي محافظة سلفيت ، والثالثة "ميشور أدوميم" في صحراء القدس ، والى جانب هذه المناطق الصناعية الرئيسة أقامت سلطات الاحتلال نحو 25 منطقة صناعية استيطانية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية تضم أكثر من 300 منشأة ، منها  29 منشأة منها خاصة بإنتاج المواد الكيماوية السامة أكثرها خطورة مصانع جيشوري ، التي تبث سمومها على المواطنين ومزروعاتهم في مدينة طولكرم ومحيطها المجاور .

سرطان الاستيطان يتخذ من الأغوار الفلسطينية هدفا محوريا له كذلك ، هذه المرة من أراضي قرية فروش بيت دجن ، التي تعتبر بوابة الأغوار الوسطى .

جديد التطورات هذه المرة اخطارات هدم  بالجملة ، فالقرية  تتعرض منذ تشكيل حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير لحملة مسعورة تشمل منع البناء او التخطيط لإقامة مشاريع بما فيها مشاريع البنية التحتية ، حيث يتم مصادرة الجرارات الزراعية ومعدات الحفر ( البواجر ) وتدمير خزانات المياه للاستخدام الزراعي ، حتى وصل الأمر الى تدمير خزان المياه ، الذي يزود السكان بمياه الشرب والاستخدامات المنزلية .

تفاجأ سكان فروش بيت دجن من حجم الحملة المسعورة ، حيث شرع الاحتلال بمسلسل اخطارات هدم ووقف البناء شملت 13 منزلا ومنشأه بالرغم ان بعض المنازل والمنشآت المستهدفة قائمة منذ سنوات ولم يجرِ عليها أي تغيير بل أن بعضها موجود قبل الاحتلال وهناك منازل يحمل أصحابها تراخيص بناء .

تأتي هذه الإجراءات في ظل هجمة استيطانيه شملت إقامة عدد من البؤر الاستيطانية ، التي تخطط الإدارة المدنية لربطها مع وسط اسرائيل بدءا بهذه البؤر في المنطقة مرورا بالبؤر الاستيطانية القائمة على اراضي بيت دجن وبيت فوريك وفي محيط مستوطنة ايتمار وصولا الى بؤرة أفيتار ومفرق زعترة وشارع عابر السامرة ، حيث تعمل جرافات الاحتلال ليل نهار على انجاز التفافي حواره المخصص لهذا الغرض .

أنجزت سلطات الاحتلال البنى التحتية الضرورية لذلك لعزل القرية والمنطقة وتفريغها من سكانها في إطار سياسة التطهير العرقي ، التي تمارسها هذه السلطات في مناطق الأغوار الفلسطينية .

العليا.. أداة استيطانية

على صعيد آخر تقدم المحكمة العليا الإسرائيلية نفسها كأداة من أدوات الاحتلال في شرعنة الاستيطان ،  تغطي على انتهاكاته للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ، كان ذلك واضحا  من رفضها التماسا يطالب بإخلاء معهد لتدريس التوراة في البؤرة الاستيطانية العشوائية "حوميش" شمالي الضفة الغربية ، وذلك في قرار يتلاءم مع موقف الحكومة الإسرائيلية في أعقاب نقل المعهد الديني في تلك البؤرة الاستيطانية إلى موقع جديد وقريب من الموقع الأول في خرق حتى لقوانين الاحتلال .

اعتمدت المحكمة في قرارها على مزاعم قدمتها الحكومة بأنها ستعمل على شرعنة وتسوية الأوضاع القانونية لذلك المعهد في "حوميش" وذلك في أعقاب نقله بدون تصريح من أرض فلسطينية خاصة ، إلى ما تزعم سلطات الاحتلال أنه " أراضي دولة " تابعة لما يسمى لمجلس الاستيطاني " شومرون " .

تعطيش الفلسطينيين..

تواصل سلطات الاحتلال حرب المياه ضد الشعب الفلسطيني لتحرمه من أبسط حقوقه في مصادر المياه ، فبعد أن خفضت مؤخرا كميات المياه لمحافظتي الخليل وبيت لحم بنحو 6 آلاف كوب يوميا ، قامت الإدارة المدنية الأسبوع الماضي بغلق ثلاثة من آبار المياه بالباطون في الخليل بالقرب من مخيم الفوار للاجئين الفلسطينيين ، في إجراء عنصري يرقى إلى مستوى الجريمة ؛ في تلك الآبار الثلاثة تتجمع مياه جوفية في أطراف صحراء جنوب جبل الخليل ، وهي آبار تزعم الادارة المدنية أنها ممنوعة وغير قانونية وتشكل تهديدا للأمن المائي . 

الهدف من ذلك العمل، حرمان المزارعين في المنطقة من الاستفادة من مياه تلك الآبار لري مزروعاتهم والتضييق عليهم ودفعهم الى تحمل تكاليف نفقات جلب المياه بصهاريج من أماكن بعيدة ، إذا اسعفتهم أوضاعهم على ذلك أو ترك حقولهم الى مصيرها في الجفافة ، فيما تغدق المياه على المستوطنات والمستوطنين في مناطق جنوب الخليل ومزارعها الرعوية دون حساب.

هؤلاء المستوطنون يكملون الدور الذي تضطلع به الإدارة المدنية بجرائم أبشع من خلال رمي جثث حيوانات ميته في آبار مياه لتحويلها الى مياه ملوثة لا يمكن للمزارعين استخدامها سواء كمياه شرب أو كمياه لري المزروعات، وهذا يقودنا للتنويه بما تلحقه المياه العادمة التي تتدفق بشكل عام من المستوطنات عبر الأودية من أضرار بالبيئة حيث  تتخلص مستوطنات الاحتلال من مياه الصرف الصحي من دون إخضاعها لأي نوع من المعالجة في معظم الأحيان .

 وفقا لمعطيات متطابقة، هناك حوالي 50 مستوطنة على الأقل تُفرغ ما يقارب 35 مليون متر مكعب من المجاري ، ما يساوي 14 ألف بركة أولمبية ، بكل ما يترتب على ذلك من تأثيرات صحية كارثية على السكان المحليين فضلا عن المزروعات والأراضي الزراعية .

طرق التفافية جديدة

على صعيد آخر ، وفي مجال البنى التحتية ، التي تخدم حركة المستوطنين تضغط وزيرة المواصلات والنقل ، الليكودية اليمينية المتطرفة في اتجاه تسريع إنجاز وتشغيل عدد من الطرق الالتفافية وتعتبرها في صدر اولويات كل من الوزارة والحكومة.

وفي هذا الصدد،  أنجزت سبعة مشاريع خاصة بالشوارع الاستيطانية باستثمارات إجمالية قدرها 64.2 مليون شيكل ، وتعمل هذه الوزارة على تنفيذ 12 مشروعاً باستثمارات إجمالية قدرها 164.2 مليون شيكل  ، هذا إلى جانب 11 مشروعاً استيطانياً قيد التخطيط ، بتكلفة 570 مليون شيكل .

 وترى ريغيف ان وزارتها معنية بانجاز المزيد من الشوارع الالتفافية الاستيطانية ، التي تعبر الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها ، بميزانية تتجاوز مليار ونصف المليار دولار. ومن بين الطرق التي يجري عمل حثيث لإنجازها التفافي حوّارة ، الذي يعتبر الأكثر أهمية لحماية المستوطنين وتأمين تنقلهم  الى جانب تقاطع " الشرطة البريطانية " و" شاعر بنيامين "، ضمن الطريق 60 ، الذي تخطط الوزارة لتشغيله في أوائل العام 2024 ، إلى جانب التفافي العروب بمسارَين من القدس إلى الخليل وصولاً لمستوطنة " كريات أربع "، والتفافي آخر حول بلدة اللبن الغربية بتكلفة 120  مليون شيكل ، وفق ما اتفقت عليه ميري ريغب مع يوسي دغان رئيس المجلس الاستيطاني في شمال الضفة الغربية ،

وتؤكد ريغيف أنها ووزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش قد اتفقا على تخصيص ميزانية تتجاوز حدودها ستة مليارد شيكل لتطوير شبكة الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية وخاصة تلك ، التي توفر للمستوطنين حركة سريعة دون حاجة للمرور في مناطق سكنية مأهولة بالفلسطينيين

الأغوار.. تعمّد بالاستهداف الاستيطاني

تبقى الأغوار الفلسطينية ، كما القدس في عداد أولويات السياسة الاستيطانية الاستعمارية لحكومة اليمين المتطرف ، التي يقودها بنيامين نتنياهو .

الحركات النسائية في صفوف المستوطنين لها أيضا دور وهي تلقى الدعم والتشجيع من الحكومة ومن مجالس المستوطنات . نساء ما تطلق على نفسها " حركة السيادة " تعمل جنبا الى جنب مع الحكومة ومجلس المستوطنات لاقامة مشاريع استيطانية في الأغوار الفلسطينية.

 وتدعو هي الاخرى لفرض السيادة الاسرائيلية على الأغوار والتسريع في إقامة مشاريع استيطانية تشمل مجمع فنادق في الجزء الشمالي من البحر الميت ومطار دولي تحت سيادة اسرائيلية مع السماح للفلسطينيين في الضفة الغربية باستخدامه للسفر الى الخارج بدلاً من التوجه للأردن ، مع إبقاء الطرق المؤدية إلى معبر الكرامة مفتوحة ونقل إدارة " قصر اليهود " من الإدارة المدنية إلى جهة تجارية تطور في الخدمة المقدمة نحو الافضل ، إضافة إلى إنشاء مدينة سياحية أخرى بالقرب من الحدود الأردنية تكون نقطة التقاء لرجال الأعمال من إسرائيل والأردن ودول الخليج وتكون معفاة من الضرائب كما هو الحال في إيلات .

تحظى هذه الخطة بدعم العشرات من أعضاء الكنيست الذين ينتمون للائتلاف الحكومي وحتى من المعارضة وقد شارك في إعدادها كوبي إليزار ، الذي كان مستشارًا لشؤون المستوطنات لأربعة وزراء لجيش الاحتلال ، والمحامي عيران بن آري، الخبير في الأراضي والقانون في الضفة الغربية. ويعتقد معدو الخطة أن تنفيذها يتطلب أولاً فرض السيادة الإسرائيلية على الأغوار الفلسطينية ، باستثناء مدينة أريحا والعوجا وطوباس ، ومنح "الإقامة في إسرائيل" لسكان البلدات والقرى التي تدخل في إطار المشروع ، على غرار مكانة الفلسطينيين في مدينة القدس.

العليا.. أداة احتلالية وذراع استيطانية:

بالتزامن مع موجة الارهاب اليهودي ، التي يمارسها زعران " شبيبة التلال " و" تدفيع الثمن " ، ردت المحكمة العليا الإسرائيلية مطلع الشهر المنصرم التماسا يطالب بإخلاء معهد لتدريس التوراة في البؤرة الاستيطانية العشوائية “ حوميش ” على اراضي برقه وسيلة الظهر شمالي الضفة الغربية ، وذلك في خطوة تنسجم مع موقف الحكومة الإسرائيلية وتغطيها في أعقاب قرار نقل المعهد الديني إلى موقع جديد وقريب من الموقع الأول للبؤرة الاستيطانية المذكورة ، بشكل غير قانوني حتى بالنسبة لقوانين الاحتلال .

أكد قضاة تلك المحكمة في قرارهم أن الطرق المؤدية إلى الموقع الجديد تمر أيضًا عبر أرض فلسطينية خاصة ، إلا أن هذه المسألة " لم تكن في صميم الالتماس الذي تقدم به الأهالي ولم تشكل أساسا لقرار بإصدار أمر مشروط في هذه القضية " . واعتمدت المحكمة في قرارها كذلك على المزاعم التي قدمتها الحكومة بأنها ستعمل على شرعنة وتسوية الأوضاع القانونية لمعهد تدريس التوراة في “حوميش” وذلك في أعقاب نقلها بدون تصريح من أرض فلسطينية خاصة ، إلى ما تزعم سلطات الاحتلال أنه " أراضي دولة ” تابعة لما يسمى المجلس الاستيطاني "شومرون".

هذه طبعا ليست المرة الاولى ، التي تقدم فيها المحكمة العليا الاسرائيلية نفسها بصفتها " القبة الحديدية " ، التي توفر الحماية لحكومة الاحتلال وجيشه وللمستوطنين ومنظمات الارهاب اليهودي العاملة في المستوطنات أمام المساءلة في المحاكم الدولية وخاصة المحكمة الجنائية الدولية ؛ فقد سبق أن مارست هذه المحكمة أدوارا كهذه مرات عدة وفي أكثر من مكان.

وكان وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير قد اعتبر تدشين المدرسة الدينية في حوميش “لحظة تاريخية مثيرة ترمز إلى الانتقال من حكومة التدمير إلى حكومة بناء وتطوير إسرائيل بأكملها ، بينما اعتبرت منظمة "ييش دين – يوجد قانون" الحقوقية الإسرائيلية ، التي قدمت الالتماس باسم أصحاب الأراضي الفلسطينيين القرار بمثابة " مكافأة وتشجيع للمجرمين وتجاوز للقانون الدولي ".

وفي سابقة قضائية أخرى ، قضت المحكمة العليا في آذار من العام الماضي في التماس قدمته بلدية الخليل ، على أرض فلسطينية خاصة ، وأكدت بشأنها بأن " الوجود المدني اليهودي هو جزء من مفهوم الدفاع المكاني للجيش الإسرائيلي ، لأن وجود مواطني الدولة في الأراضي المستولى عليها يقدم مساهمة كبيرة للوضع الأمني في تلك المنطقة .

وفي موازاة قرار المحكمة العليا الاسرائيلية جاء قرار ما تسمى "محكمة الصلح الإسرائيلية " في القدس ليكمل الصورة ، فقد قررت تلك المحكمة الإفراج عن المستوطنين اللذين ارتكبا جريمة قتل الشهيد قصي جمال معطان (19 عاما) خلال هجوم إرهابي للمستوطنين على قرية برقة شرق رام الله .

جاء قرار الإفراج عن المستوطنين المجرمين يحيئيل إيندور وإليشاع يارد، في ظل توفير حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينية المتطرفة، ومحاكم الاحتلال ومنظومته القضائية، الغطاء الكامل للمستوطنين للاستمرار في جرائمهم واعتداءاتهم بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم دون رادع، وفي ظل صمت دولي وعدم مساءلة على هذه الجرائم الذي يسمح لمرتكبيها من جنود الاحتلال والمستوطنين "الإفلات من العقاب"، فيما طالبت الشرطة الإسرائيلية بتمديد اعتقال المستوطنين ، يحيئيل إيندور وإليشاع يار، بـ 12 يوما، "للاشتباه" بقتلهما الشهيد معطان، لكن "قاضي المحكمة" تسيون سهاراي، قرر الإفراج عن المستوطنين وتحويلهما إلى الحبس المنزلي.

وعلى صلة بكل هذا تأتي التعديلات القضائية ، التي يضغط وزير القضاء ياريف ليفين ووزير المالية ، وزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير لتمريرها في الكنيست الاسرائيلي لتطرح مكانة جهاز القضاء وبخاصة المحكمة العليا الاسرائيلية على جدول البحث بما في ذلك علاقة تلك التعديلات بالفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس .

البعض يعتقد أن ما يسمى بمعركة استقلال القضاء في كيان الاحتلال شأن داخلي اسرائيلي ، غير أنّ ذلك لا يعكس الصورة بكاملها ، خاصة وأننا أمام حكومة يمينية فاشية متطرفة وعنصرية تضغط لحسم الصراع على الضفة الغربية قانونيا بعد أن قطع الاحتلال شوطا طويلا في حسمه ميدانيا على الأرض بزرع الضفة الغربية بمئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية ؛ فقرات التغلب والمعقولية وغيرها من الفقرات في التعديلات القضائية ، إذا نجح الائتلاف الحاكم في اسرائيل في تمريرها في الكنيست؛ فمن ِشأنها أن تجعل من المحكمة العليا الاسرائيلية غير ذي صلة في كل ما يتصل بالبناء والنشاطات الاستيطانية والسطو على الأراضي بما فيها الأراضي الخاصة وبالبؤر الاستيطانية وبانتهاكات وجرائم جيش الاحتلال ومنظمات الارهاب اليهودي العاملة في المستوطنات ؛  الأمر الذي يهمش من دور هذه المحكمة في لعب دور " الدرع الواقي " أو " القبة الحديدية القضائية " ويفتح نافذة أمام المحافل القضائية الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية لتضطلع بدور ما في مساءلة ومحاسبة الاحتلال على جرائم الحرب التي يرتكبها في الضفة الغربية ، بما في ذلك جرائم الاستيطان وجرائم جيش الاحتلال ومنظمات الإرهاب اليهودي ، التي بدأت مع تحالف نتنياهو – سموتريتش – بن غفير تأخذ أشكالا علنية ومنظمة ، وهذا هو ما تخشاه أوساط سياسية وأمنية في اسرائيل وتحذر من عواقبه .

 

البؤر الاستيطانية.. إرهاب دامي وسرقة أراضي

 

جاءت الأحداث الأخيرة ، التي جرت في قرية برقة في محافظة رام الله والبيرة لتفتح ملف الارهاب اليهودي على نطاق واسع ، والذي يتخذ من المستوطنات بشكل عام ومن البؤر الاستيطانية المحيطة بها بشكل خاص ، ملاذات آمنة تحت سمع وبصر كل من القيادة السياسية في كيان الاحتلال وقيادة الجيش.

 ففي الرابع من آب المنصرم اقتحم مستوطنون مسلحون القرية من الناحية الغربية والشمالية الغربية وقد جلبوا معهم عددا من المواشي ، في مؤشر على نيتهم الاستيلاء على أراضي في القرية في تلك المنطقة لإقامة ما بات يعرف في لغة حكومة الاحتلال ولغة المستوطنين " مستوطنة رعوية ".

جاء المستوطنون من البؤرتين الاستيطانيتين " عوز تسيون " و " رمات ميغرون " القريبتين فتصدى لهم الأهالي دفاعا عن أراضيهم وقريتهم وارتقى في المواجهة الشاب قصي جمال معطان ( 19 ) عاما برصاص أحد الإرهابيين ، من ذوي السوابق الاجرامية يدعى اليشا بارد .

انقسام الرأي الإسرائيلي من إرهاب الاستيطان..

في كيان الاحتلال انقسم الرأي في الموقف من الممارسات الارهابية لزعران "شبية التلال" و "تدفيع الثمن" ؛ في الحكومة لاذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالصمت ، فيما غرق سموتريتش ، وزير المالية ، ووزير الاستيطان في وزارة الجيش في وحل عنصريته بتجميد مخصصات السلطات المحلية العربية داخل الخط الأخضر ومخصصات التعليم العالي في مؤسسات القدس الشرقية التعليمية ، أما ايتمار بن غفير فقد تبنى ذلك العمل الارهابي . الفلسطينيون ، مثيرو الشغب رجموا المستوطنين الأبرياء بالحجارة فردوا عليهم بالضغط على الزناد ،هو لم يكتف بمطالبة الافراج عن الذين تم اعتقالهم من الارهابيين بل دعا الى منح القاتل " وسام تقدير " .

في أوساط المعارضة الصهيونية ، كما في أوساط الجيش وجهاز " الشباك " كانت ردود الفعل مختلفة ، بيني غانتس زعيم ما يسمى " المعسكر الوطني "  وصف الحدث بأنه إرهاب قومي يهودي خطير وأضاف "  أمامنا إرهاب قومي يهودي خطير .. إحراق منازل ومركبات وإطلاق نار والعديد من الحوادث ، وما جرى في برقة ينضم لسلسلة أحداث وقعت مؤخرًا ، وفي الحقيقة هناك أعضاء من الحكومة والائتلاف يدعمون هؤلاء المتطرفين ، وهذه وصمة عار لن تمحى وتشكل خطرًا على صورتنا وعلى أمننا".

 مثله فعل زعيم المعارضة يائير لابيد ، كما في قيادة الجيش وقيادة المنطقة الوسطى في الضفة الغربية وفي جهاز الشاباك  ، غير أنّ ما يلفت النظر في موقف هؤلاء جميعا هو الإطار ، الذي وضعت فيه صورة هذا الارهاب اليهودي في برقة ، كما في غيرها من بلدات وقرى الريف الفلسطيني على أيدي منظمات يرفض كيان الاحتلال بسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية تصنيفها كمنظمات ارهابية ، فهذه الاعمال الارهابية ليست مرفوضة من حيث المبدأ ، بقدر ما هي مرفوضة لأنها تشكل " خطرا على صورتنا وعلى أمتنا " أمام الرأي العام الأميركي بشكل خاص والدولي بشكل عام .

من هو اليشا بارد

هو أحد قادة " زعران التلال " وناشط خطير ، خدم كمسؤول في حزب القوة اليهودية الذي يتزعمه الفاشي إيتامار بن غفير وعمل بضعة أشهر مديرًا لمكتب عضو الكنيست عن حزب بن غفير ، المتطرفة ليمور سون هار ميليخ ، التي تولت هي الأخرى كما بن غفير الدفاع عن جريمته أمام وسائل الاعلام ، ثم غادر وانتقل الى العمل الميداني يقود زعران شبيبة التلال في اعتداءاتهم على الفلسطينيين واراضيهم وممتلكاتهم ، يعيش في بؤرة رمات ميغرون وشارك في العديد من الهجمات ضد الفلسطينيين في الآونة الأخيرة ، وصنفته القناة 14 اليمينية كواحد من بين 75 شابًا واعدًا في إسرائيل.

البؤر الإستيطانية سجل إرهابي حافل

الأمثلة على ذلك كثيرة ، نشير في هذا التقرير لأحدثها :

  • حزيران 2022 : اقتحمت مجموعة من زعران شبيبة التلال أراضي خاصة لسكان من قرية إسكاكا ، في محافظة سلفيت وبدأت في تنظيف الأرض تمهيداً لإقامة بؤرة استيطانية. وعندما حاول سكان القرية طردهم قام أحد المستوطنين بطعن المواطن الفلسطيني علي حرب ابن 27 سنة حتى الموت.
  • أحد أيام السبت في شباط 2023 : وصلت مجموعة إرهابية من مزرعة يئير إلى موقع بناء في قرية قراوة بني حسان ، وقامت بالاعتداء على العمال؛ السكان تصدوا للإرهابيين ورشقوهم  بالحجارة وفي المواجهة أطلقت النار على مثقال ريان ابن 27 عاما وأصيب برأسه من مسافة 30 متراً واستشهد.

انتشار واسع للسلاح في المستوطنات

تصاعد إرهاب المستوطنين بعد دعوة وزير الأمن القومي ، إيتمار بن غفير ، في حزيران الماضي الى زيادة عدد المواطنين الإسرائيليين الذين يسمح لهم باستصدار رخصة لحمل السلاح ، بما في ذلك للنساء في المستوطنات ، فبعد ان كان بأيديهم عام 2021  نحو 150 الف قطعة سلاح ، ارتفع العدد في ظل الحكومة الحالية بضغط وتحريض من وزير المالية والوزير في وزارة الجيش ، بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير الى نحو 165 الفا منتصف العام الحالي.

يأتي الارتفاع في معدلات الحصول على رخصة لحمل السلاح في صفوف الإسرائيليين عامة والنساء اليهوديات خاصة في ظل  الادعاء بانعدام الأمن وتصاعد أعمال المقاومة الفلسطينية خاصة في مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس  ، وفقا لمزاعم إذاعة جيش الاحتلال  ، حيث أفادت تلك الاذاعة بأن عدد النساء اليهوديات اللواتي حصلن على رخصة حمل سلاح ، ارتفع بنسبة 88% منذ بداية الحالي 2023 ، علما أن قرابة نصف النساء اللواتي تم تسليحهن يعشن في المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.

طبقا للمعلومات المتوفرة ، فإنه منذ ولاية الحكومة الفاشية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو ، فإن 510 نساء حصلن على رخص لحمل السلاح ، مقابل 270 امرأة حصلن على ذلك في ذات الفترة من العام 2022 وأن من بين الـ 510 اللواتي حصلن على رخص لحمل السلاح 42% يقطن في المستوطنات في الضفة الغربية.

وقد ظهر هذا العام على نحو صارخ نمط جديد من النشاطات الاستيطانية ، التي ترعاها دولة الاحتلال . فقد سجل عام 2023 زخما غير مسبوق في بناء البؤر الاستيطانية غير القانونية شأنها كشأن المستوطنات بشكل عام  . وكانت ظاهرة انتشار البؤر الاستيطانية قد بدأت إثر دعوة أرئيل شارون وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة نتنياهو الأولى المستوطنين المتطرفين اختلال التلال والمرتفعات الفلسطينية حيث قال في حينه : يجب على كل شخص أن يتحرك وأن ينتزع المزيد من التلال ويوسع المنطقة، كل ما يتم السيطرة عليه سيكون بين أيدينا ، عدا ذلك سيكون في أيديهم ( أي الفلسطينيين ) "، كان ذلك بمثابة الضوء  الأخضر لتأسيس تنظيم ارهابي متطرف أصبح يعرف بشبيبة.

وصولا للعام 2015 كان عدد البؤر وفق تقديرات المكتب الوطني للدفاع عن الارض نحو 116 بؤرة استيطانية منها 40 بؤرة في محافظة نابلس 25 بؤرة في محافظة رام اللة والبيرة  15 في محافظة القدس  20 محافظة بيت لحم 22 في محافظة الخليل ، أما الباقي فقد تناثر على مختلف المحافظات في الضفة الغربية . وفي العام 2022 تجاوز العدد 200 بؤرة استيطانية بتركيز على المحافظات المذكورة .

جديد هذه البؤر أن الادارة المدنية للاحتلال بدأت وبتوجيه من حكومة اليمين الفاشي برئاسة بنيامين نتنياهو تضفي الشرعية على عدد منها ، من جفعات أرنون وجفعات هرئيل وجيفعات هروعيه وحومش وأفيتار في محافظة نابلس الى وأفيجايل وعشهال وبني كيدم ، حيث يقيم ف عضو الكنيست  من حزب “الصهيونية المتدينة” المتطرف سيمحا روتمان، رئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست ، في محافظة الخليل ، وملاخيه هشالوم على أراضي قرية المغير شرق رام الله ، وبيت حجلة في أريحا ومتسبيه يهودا في القدس  وسدي بوعز في محافظة بيت لحم وذلك من أصل 77 بؤرة استيطانية طالب وزير الأمن القومي ، إيتمار بن غفير،إضفاء الشرعية عليها .

منذ بداية العام 2023 جرى شرعنة 22 مستوطنة اعتُبرت في السابق بؤرا استيطانية غير قانونية، فخلال الأشهر السبعة من  العام جرى إضفاء شرعية احتلالية على عدد أكبر من البؤر الاستيطانية مقارنة بالسنوات الماضية بأكملها ، وذلك تحت ضغط شديد من وزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. كما تلقت أربع من أصل 22 مستوطنة أقرتها الحكومة الحالية تصاريح تخطيط بأثر رجعي من الإدارة المدنية في الضفة الغربية ، بعد أن تم بالفعل البناء غير القانوني.

تتوزع هذه البؤر الاستيطانية على مساحات واسعة من الأراضي المصنفة ( ج ) بين امتداد لمستوطنات قائمة وبين ما بات يعرف بالبؤر الاستيطانية الرعوية ، التي باتت توصف باعتبارها التجلي الأكبر للنشاط الاستيطاني الجاري في جبال وتلال الضفة الغربية ، وهذه المزارع الاستيطانية التي اخترعها المستوطنون للاستيلاء على المناطق ( ج  ) يقف خلفها مبدأ بسيط هو : القليل من المستوطنين على الكثير من الأرض ، وتأمين إقامة أسرة أو مجموعة شبان في مكان استراتيجي ورعي الأغنام ووضع حدود لتلك الأراضي .

وتسير سياسة التوسع في إقامة البؤر الاستيطانية جنبا الى جنب مع سياسة تطهير عرقي تجري بتسارع في المناطق المصنفة ( ج ) في الضفة الغربية ، خاصة بعد أن تولى سموتريتش ملف الاستيطان في الادارة المدنية ، فوفقا لمعطيات عرضتها هذه الادارة في الجلسة الأخيرة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست يتبين ان سلطات الاحتلال رفضت 95 بالمئة من طلبات تصاريح البناء في هذه المناطق وبأنه على مدى السنوات العشرين الماضية كان متوسط منح تصاريح بناء فيها أقل من عشرة تصاريح في السنة في منطقة يعيش فيها 300 الف مواطن فلسطيني ، في وقت هدمت فيه سلطات الجيش نحو 800 بيتا ومنشأة فلسطينية مقابل نحو 88 في البؤر الاستيطانية المحيطة بالمستوطنات بين عامي 2022 والنصف الاول من عام 2023 .

وتركز سياسة التطهير العرقي ، التي تمارسها سلطات الاحتلال على مناطق التجمعات البدوية ، مستخدمة منظمات الارهاب اليهودي من شبيبة التلال وتدفيع الثمن أداة رئيسية من أدواتها ، حيث أجبر تجمع القبون البدوي الى الشرق من رام الله على الرحيل عن منازلهم ، كما حصل من قبل مع التجمع البدوي في عين سامية قبل أسابيع وتجمع بدوي في المعرجات وأخر في مسافر يطا ، أي أن هذا هو التجمع الفلسطيني الرابع الذي يتم تهجيره بسبب اعتداءات وتهديدات متكررة من جانب المستوطنين .

يشار إلى أنّ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قد أشار إلى أن الفلسطينيين تعرضوا خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2023 إلى نحو 600  اعتداء على أيدي المستوطنين ، ما أسفر عن سقوط ضحايا بينهم أو إلحاق الأضرار بممتلكاتهم أو كلا الأمرين معاً وكان للتجمعات البدوية نصيب كبير أسفر عن تهجير نحو 400 فلسطيني بينهم 224 طفلا و 175 امرأة على امتداد العام 2022 والنصف الاول من العام 2023.