الاعلام العبري وقضية الوزير العميل لإيران

ياسر مناع
19-06-2018
ياسر مناع- مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

ربما قدم معلومات ذات اهمية عن مواقع ومنشأت حساسة او ربما لم يقدم أي معلومات هامة، إلا أنها تعتبر ضربة قوية هزت المجتمع الإسرائيلي السياسي والمدني من عدوها اللدود " إيران" التي على ما يبدو أنها تعمل بصمت مطبق.

يوم أمس الاثنين سمحت الرقابة العسكرية للإعلام الإسرائيلي بنشر قصة وزير الطاقة والبنية التحتية 1992- 1995 السابق وعضو كينيست سابق من حزب تسوميت اليميني المتطرف "جونين سيغيف" الذي يتهم بالتجسس لصالح إيران ، حيث قام جهاز الأمن العام " الشاباك " بإعتقال الوزير السابق سيغيف لدى عودته الى "إسرائيل" الشهر الماضي بناءاً على شبهات حول صلته بالمخابرات الايرانية ونقله معلومات الى العدو حسب زعمهم، حيث وصفت صحيفة " إسرائيل هيوم " بأن سيغيف كان شريك كبيرأ في عملية صنع القرار الإسرائيلي.

الصحفي نعوم أمير من موقع وللا نيوز قال في مقالٍ له " بأن سيغيف الذي عاش في نيجيريا في السنوات الأخيرة  كان قد وصل إلى غينيا الاستوائية في شهر 5/ 2018 وعقب ذلك تم نقله إلى "  إسرائيل  " بطلب من الشرطة الإسرائيلية ، بعد أن رفضت السلطات الغينة الاستوائية السماح له بدخول أراضيها بسبب ماضيه الإجرامي " والجدير بالذكر وحسب اذاعة الجيش فإن سيغيف كان قد سجن لمدة 5 أعوام بتهمة تهريب أقراص مخدرات من هولندا ووفقاً لصحيفة هآرتس بأنه قد أطلق سراحه في العام 2007.

وخلال التحقيق أعترف سيغيف بأنه قد تم تجنيده من قبل المخابرات الإيرانية، ففي عام 2012 بدأت العلاقة بين سيغيف ومسؤولين في السفارة الإيرانية في دولة نيجيريا، عقب ذلك التقى سيغيف مع شخصيات إيرانية في مختلف أنحاء العالم حيث كانت تدور تلك اللقاءات في الفنادق والشقق التي يعتقد أنها تستخدم في أنشطة سرية لإيران ، كما أستخدم سيغيف نظام اتصالات سري لتشفير الرسائل.

وكشفت التحقيقات أيضا أن سيغيف أعطى مشغليه معلومات متعلقة بسوق الطاقة والمواقع الأمنية والمباني والمسؤولين في الهيئات السياسية والأمنية في " إسرائيل " ، وبهدف ذلك قام سيغيف بنسج علاقات مع شخصيات إسرائيلية لها علاقة بالأمن والدفاع والعلاقات الخارجية وعمل ايضاً في تجنيد بعض العناصر لصالح المخابرات الإيرانية من بينها خبراء في الأمن سابقين.

وبحسب القناة 11 فإن الشاباك وقبل 15 عاماً كان قد حذر الوزير سيغيف من محاولات حزب الله اللبناني تجنيده، حيث إعتبرت القناة بأن عملية التجنيد هذه هي الإنجاز الأكبر للمخابرات الإيرانية، ونقل راديو إسرائيل عن مصادر أمنية بأن سيغيف لم يعترف بأنه خائن بل قال انه حاول خداع الايرانيين للحصول على معلومات لكي ينقلها لاسرائيل، وبالتالي نفى تلقيه اية اموال من إيران، وقال المحلل العسكري يوسي ملمان بأن قضية سيغيف هي الأسوأ على الاطلاق، وأنها تحتل المرتبة 10 من حيث أعلى الجواسيس والخونة الذين اعتقلوا في  " إسرائيل " .

أما صحيفة يديعوت أحرنوت فقالت بأن قيس عبيد عربي ــــ إسرائيلي مقيم في الطيرة وعمل مع حزب الله رأى في وزير البنية التحتية السابق فريسة محتملة ، كان ذلك قبل أن يقوم سيغيف بتزوير جواز السفر الدبلوماسي وقبل أن يقع في مشاكل مع المخدرات وتزوير بطاقات الائتمان وأضافت الصحيفة بأن عبيد رتب للوزير السابق عدداً من الصفقات التجارية المربحة مع شخصيات في الخليج الفارسي تعمل لصالح لحزب الله وإيران والتي كان الهدف في النهاية هو اختطاف سيغيف واستبداله بأعضاء من حزب الله، حيث لم يتم تنفيذ الخطة لأن حزب الله وجد شخصية اخرى أقل حذرا  وهو العقيد  "الحنان تننباوم" ، الذي تم اختطافه ونقله من الخليج الفارسي إلى بيروت خلال صفقة المخدرات،أضافت بأن الشخصية الغرورية التي يتمتع بها سيغيف وطمعه هما من جعلته فريسة سهلة لإيران ، أراد ان يربح الكثير من المال بضربة واحدة دون بذل أي جهد.

أما الغموض فهو ما ميز الموقف الحكومي الرسمي على هذه القضية الحساسة ولاسيما في هذا الوقت بالتحديد الذي يشهد حالة من الجهد الإسرائيلي المتواصل في تحشيد العالم ضد إيران، والتحريض ضد برنامجها النووي، وكان ذلك واضحاً وصريحاً في زيارة رئيس الوزراء نتنياهو الأخيرة الى أوروبا.

ويرى مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني بأن هذه القضية لها أبعاد أخرى لا تقتصر على إنزال عقوبة رادعة بحق الوزير المتهم بل تمثلت في إظهار النشاط والسعي الإيراني الرامي لتجنيد شخصيات وازنة ذات تاريخ سياسي في " إسرائيل " وإن لم تحصل من خلالها على ملعومات إلا أنها تحدث هزات داخل المجتمع الإسرائيلي تعمل على تفكيكه وإضعاف الثقة فيه، بالإضافة الى تبديد الرواية الإسرائيلية القائلة بأن " إسرائيل " هي الوحيدة القادرة على إختراق الدول ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط ، وبالتالي من الممكن أن نشهد قرارات من المؤسسة العسكرية تقضي بتشديد الرقابة على الدبلوماسيين الإسرائيليين في أرجاء العالم.