التطرف سيد الموقف في مؤتمر "جوريزاليم بوست" الإسرائيلي

ياسر مناع
22-11-2018
إعداد: ياسر مناع- مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

عقدت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية مؤتمرها السنوي يوم الاربعاء 21/11/2018، حيث يشارك في المؤتمر قرابة 500 شخصية سياية جلها من اليمين الإسرائيلي، وقد تخلل المؤتمر عدة مداخلات لشخصيات رسمية وغير رسمية اسرائيلية كان تتبوأ سابقاً مواقع في دائرة صنع القرار في المؤسسة السياسية الإسرائيلية وغير اسرائيلية.

في هذه الورقة التي أعدها مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي والفلسطيني نعرض فيها أبرز وأهم المداخلات والتصريحات، التي تتعلق بالوضع السياسي والميداني الراهن، أو يمكن من خلالها استنتاج بعض التحليلات للسياسية الإسرائيلية الحالية في ظل الازمة الداخلية التي تعيشها " اسرائيل "، ولا سيما في ظل جيش الاحتلال الأخير في قطاع غزة وما رافقه من ازمة لا زالت اثارها على الائتلاف الحكومي الحالي الآيل للسقوط في اي لحظة، ذلك كله مع صعوبة تحليل الوجهة الاسرائيلية القادمة سواء السياسية والميدانية.

أبرز المواقف والتصريحات الواردة في مؤتمر صحيفة " جروزاليم بوست "

افيغدور ليبرمان " وزير الجيش السابق ":  استغل الوزير السابق هذا المؤتمر عندما وجه هجوماً مباشراً قاصداً به رئيس الوزراء الحالي لحكومة الاحتلال " بنيامين نتنياهو "، حيث قال ليبرمان أمه يعتقد بأن نتنياهو تصرف بشكل غير المسؤول عندما مناقشة المعلومات الاستخبارية مع الجمهور، وان هذه الطريقة غير مسؤولة لمناقشة القضايا الأمنية الحساسة مع الصحفيين وأعضاء الكنيست.

نيكولاي ملادينوف " منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ": تطرق ملادينوف خلال مداخلته الى الملف اليراني ودور ايران في المنطقة، محملاً اياها المسؤولية في المواجهة الأخير التي اندلعت في قطاع غزة، حيث قال بأن هناك قوى تريد أن تدفعنا جميعًا إلى هاوية المواجهة – قاصداً بذلك ايران -، واضافة ملادينوف بان هناك اجماع مشترك بعدم الذهاب إلى الحرب في غزة الانه ليس فقط ضد مصالح إسرائيل ، وضد مصالح الشعب الفلسطيني ، بل ضد الاتجاه الذي تسير فيه المنطقة، أما فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى بين الفلسطينيين و" اسرائيل " قال ملادينوف بأنها بعيدة كل البعد في الفترة الحالية.

جدعون ساعر " وزير التعليم والداخلية السابق ": تحدث  ساعر خلال كلمته عن الجبهتين الشمالية والجنوبية، حيث حذر من امتلاك حزب الله لصواريخ قادرة على استهداف البنية التحتية المدنية الإسرائيلية بدقة، ودعا الى استهداف مخازن ومستودعات الصواريخ كضربة استباقية ضد ما اسماه التهديدات الاستراتيجية، وفي السياق السوري أيضاً ، حذر ساعر بأنه إذا لم تقم إسرائيل بتصعيد نشاطها ، فإنها ستدفع ثمناً باهظاً في وقت لاحق ، ودعا إلى تكثيف الضربات ضد أي تراكم للبنى التحتية الإيرانية.

أما فيما يتعلق بمبادرة السلام الأمريكية، والتي أطلق عليها "صفقة القرن" قال إن التنسيق بين الحكومة الإسرائيلية والحكومة الأمريكية اليوم بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق، ويأمل أن تتجنب الإدارة الحالية الأخطاء التي قامت بها الإدارة السابقة، وأنه من الخطأ إقامة دولة عربية جديدة، وبأن الحكم الذاتي المستقبلي في الضفة الغربية يجب أن يكون مرتبطاً بالأردن.

وفيما يتعلق بالجبهة الجنوبية قال ساعر بأنه يجب تنفيذ ضربة استباقية ضد حماس في غزة، الفائد سوف تكون اقل، والثمن سيكون اكثر من ذي قبل، وأضاف أنه وبالطبع فإن مثل هذا الهجوم قد يؤدي إلى رد فعل ، لكننا سندفع ثمناً أكبر بكثير في الجولة القادمة إذا لم تتصرف " اسرائيل " بهذه الطريقة.

ايلات شاكيد " وزير القضاء الاسرائيلية ": وجهت شاكيد في مداخلتها رسالة الى الادراة الأمريكية، حيث قالت بان انتظارقيام إدارة ترامب بتنفيذ خطة السلام ستكون مضيعة للوقت لأن الفجوات بين إسرائيل والفلسطينيين أكبر من أن تتعثر، كما تطرقت الى المواجهة مع حماس قائلة إن أي قوة الردع التي أقامتها " إسرائيل " منذ حرب غزة عام 2014 قد فقدت خلال العامين الماضيين، وأن وقف إطلاق النار الحالي لن يستمر لأكثر من بضعة أشهر، وأنه عندما ينهار ستستخدم إسرائيل قوة أكبر مما استخدمته في جولات المواجهة الأخيرة.

أما في يتعلق بالشأن الداخلي الاسرائيلي قالت شاكيد أعتقد بأن القرار الصحيح كان في ترشيح نفتالي بينيت ليكون وزيرًا للجيش،لأن " اسرائيل " تحتاج إلى وزير جيش متفرغ يواجه التحديات الأمنية الضخمة، وأن قرار حزب البيت اليهودي البقاء في الحكومة هو قرارٌ صائب.

تسيبي ليفني " زعيمة المعارضة الإسرائيلية " : وجهت ليفني انتقاداً للحكومة الأسرائيلة وأكدت بأن الحكومة الحالية بحاجة إلى استراتيجية متماسكة لإضعاف حماس وتعزيز وجود الفصائل المعتدلة، ورأت ليفني في وقف إطلاق النار أمراً إيجابياً لكنها تساءلت عن الخطوة التالية، هل ستكون هناك حزمة جديدة من الدولارات القادمة من قطر إلى غزة الشهر المقبل؟ هل هذه هي الطريقة التي سنتصرف بها؟ هل هذه الطريقة التي نعامل بها الإسرائيليين الذين يعيشون تحت الصواريخ وقذائف الهاون؟، وقالت بان هذا ليس حلاً  حقيقياً على المدى الطويل.

جلعاد أردان " وزير الأمن الداخلي " : تطرق اردان الى الوضع في قطاع غزة حيث قال بإن "إسرائيل" تقترب أكثر من أي وقت مضى من احتلال غزة والتحول من الدفاع إلى الهجوم ضد حماس يعني عودة الاغتيالات التي تستهدف قادتها، ودعا الى  الاستعداد لاحتلال القطاع.

وفي ذات السياق دعا كل من يدعمون إسرائيل التوقف عن استخدام تطبيق شركة Airbnb لتأجير أماكن قضاء العطلات عبر الإنترنت وروج لإحدى الشركات المنافسة، في تصعيد لرد الحكومة على قرار الشركة إلغاء الإعلان عن الأماكن المتاحة للحجز في مستوطنات الضفة الغربية، والتحول إلى خدمات أخرى.

يؤاف غالانت " وزير البناء والإسكان " : وجه غالانت رسالة تهديد لرئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، حيث قال دعوني أكون واضحاً حياة يحيى السنوار محدودة، ولن ينهي حياته في دار للعجزة، وأضاف غالانت إن حماس في مفترق طرق دراماتيكي، عليها فيه أن تعيد حساباتها وما إذا كانت تريد محاربة إسرائيل أو الحفاظ على الهدوء الذي ساد في الأسبوع الماضي، اي إذا ما أرادت حماس الحرب فنحن جاهزون وإذا ما أرادوا الحوار فنحن جاهزون أيضاً.

مضيفاً: على اسرائيل أن لا تنسحب من سنتميتر واحد من غور الأردن، وأن تبقى كامل المنطقة من النهر الى البحر تحت سيطرتها الأمنية.

ردود الأفعال على أبرز التصريحات الواردة في مؤتمر صحيفة " جروزاليم بوست "

بنيامين نتنياهو " رئيس الحكومة الإسرائيلية " : طالب نتنياهو من وزرائه التوقف عن التصريحات التي يدلون بها لوسائل الإعلام المختلفة حول غزة والسنوار، مؤكداً على ضرورة الالتزام بالخط الذي تم تحديده في جلسة "الكابنيت".

عوديد رفيفي " رئيس المجلس  المحلي لمستوطنة ايفرات و ضابط في الاحتياط ": جاء كلام رفيفي رداً على كلام ملادينوف بانه من حق " اسرائيل " الدفاع عن نفسها في ظل ما تتعرف له من قبل الفلسطينيين  - على حد زعمه -، وأضاف أنه ومن الخطأ أن يتواصل مبعوث الأمم المتحدة بالفلسطينيين في قطاع غزة ، وان ينتقد جيش الاحتلال في تعامله مع الفلسطينيين.

موشيه كاحلون " وزير المالية ": رفض كاحلون التعليق على تصريحات زميله في كتلة " كلنا " البرلمانية يوآف غالانت، قائلاً بأن غالانت هو جنرال سابق وعضو في المجلس الوزاري المصغر و يستطيع التصريح كما يشاء.

تعقيب المركز

يرى ياسر مناع من مركز القدس لدرسات الشأن الاسرائيلي والفلسطيني بأنه ومن الممكن أن تقرأ هذه التصريحات من أوجه مختلفة :

أولاً : تأتي هذه التصريحات والتي تحمل في طياتها التهديد الصريح في ظل إقتراب الانتخابات الاسرائيلية، والأزمة الحالية التي تعصف بالمؤسسة السياسية بأسرها، بمعنى أنها دعاية انتخابية مبكرة بهدف كسب أكبر عددٍ من اصوات الناخبيين على حساب الدم الفلسطيني.

ثانياً: يُرى في هذه التصريحات بأنّها ليست أكثر من مجرد استعراض للقوة في محاولة للملمة قوة الردع المفقودة في غزة، ولاسيما بعد الفشل الذريع الذي لحق بجيش الاحتلال في المواجهة الاخيرة وهذا باعتراف الساسة الاسرائيليين، وبالتالي فإن من يهدد لا يفعل.

ثالثاً: في ظل الرغبة الواضحة من جانب " اسرائيل " بعدم نيتها خوض حرب في غزة في هذه الفترة بالتحديد، وبالتالي لا يمكن لنا تجاهل تلك التصريحات بشكل مطلق، بل يمكن قراءتها على أعتبارها مقدمات من الممكن أن تكون بعيدة نوعاً ما لحرب قادمة، بالاضافة الى كونها عاملاً هاماً في رفع الروح المعنوية لسكان غلاف غزة بشكلٍ خاص الجبهة الداخلية بشكل عام.

رابعاً: من غير المستبعد أن تكون هذه التصريحات تضليلية، والهدف هو الاستمرار في استهداف المواقع الايرانية و حزب الله في سوريا.