التهدئة وبازار المزاودات الإسرائيلية
عماد أبو عواد
26-08-2018
عماد أبو عوّاد - مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
منذ أن انطلقت محادثات التهدئة الأخيرة، بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، وإن كانت بشكل غير مباشر، طفت على سطح النقاش في "إسرائيل"، تصريحات القيادات الإسرائيلية والتي حاولت جاهدة إظهار أمرين، الأول عدم رضاها عن إجراء محادثات غير مباشرة مع حماس، والثاني رفضها إبرام أي صفقة، وإنّما ضرورة أن يكون الهدوء مقابل الهدوء هو قاعدة التعامل مع القطاع.
هذه الصقورية التي تبديها القيادات العبرية، وتحديداً زعامات حزبي "إسرائيل بيتنا"، والبيت اليهودي"، أي وزير الجيش افيجدور ليبرمان، ووزير المعارف نفتالي بنت، لا تنفصل بالتأكيد عن حرصهما على تحسين صورتهما اليمينية المتطرفة، والتي ترتبط بطبيعة الحال، بالاستعراض والدعاية الانتخابية، لانتخابات من المحتمل أن تكون قريبة، في ظل الخلافات داخل الائتلاف الحكومي، على العديد من القوانين، والتي أهمها قانون التجنيد.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء، يُتهم نفتالي بنت، بالشخصية الخاملة في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر، حيث كشفت التقارير الصادرة المختلفة، والتي على رأسها تقرير مراقب الدولة، أنّ الرجل لم يكن فاعلاً في اتخاذا القرارات الأمنية، ولم يكن لديه قُدرة على تقديم أو إضافة جديد لاجتماعات المجلس، علّ هذا الأمر، يؤكده بنت من خلال إصراره على تعيين مستشار أمني لكل عضو مجلس وزاري مصغر، وما تقديم بنت لخطة وُصفت بالمجنونة، قبل نحو أسبوعين للحرب مع غزة، إلّا تأكيد على سعي الرجل للاستعراض، استعراض رفضه المجلس الوزاري بالمطلق.
على الطرف الآخر، فإنّ الصقوري ليبرمان، والذي جاء إلى وزارة الجيش، تحت عنوان "إسماعيل هنية تحت التراب خلال 48 ساعة"، بدى عقلانياً مع بداية تسلمه للحقيبة، وحينما عايره الجمهور الإسرائيلي، قبل نحو شهرين من الآن، بأنّ هنية على الحدود يُشارك في مسيرات العودة، أجاب مضطرباً، حاسبوني على ذلك مع نهاية ولايتي.
وفي الوقت نفسه، أشارت التقارير إلى أنّ ليبرمان يُعاني في قيادة الجيش الإسرائيلي، وتربطه علاقات سيئة مع رئيس هيئة الأركان، وهذا مرده، إلى فقدان وزير الحرب أي رؤية، لا حربية ولا حتى استراتيجية، وهناك من أشار إلى أنّ وصول ليبرمان لتسلم حقيبة، أكبر من حجمه، كان فخّ نتنياهو للإيقاع به، فبات الجيش أكثر تعلّقاً برئيس الوزراء، بدلاً من أن يقف على رأسه.
محاولة التملّص الإسرائيلي، وتحديداً من ليبرمان وبنت، مرتبطة بشكل كبير في تحسين الصورة الانتخابية لهما تحديداً، ويُمكن إعادة ذلك للأسباب التالية:
أولاً: حزبي البيت اليهودي، و"إسرائيل بيتنا"، من الأحزاب غير المستقرة من الناحية الانتخابية، حيث نواتهما الانتخابية الصلبة ليست كبيرة، ففي الوقت الذي قفز فيه "إسرائيل بيتنا" ل15 مقعداً قبل سنوات، تراجع الآن لأربعة، وهذا الأمر منسحب على البيت اليهودي، الذي قفز إلى اثني عشر مقعدا، بعد أن امتلك فقط لثلاثة مقاعد في العام 2009، وتراجع لثمانية في الانتخابات الأخيرة.
ثانياً: في ظل الجنوح الإسرائيلي نحو اليمين، فإنّ حزب البيت اليهودي، سيحاول الاستمرار على الظهور بأنّه يمين اليمين، للحفاظ على كتلته اليمينية، والتي يخشى الحزب انتقالها لليكود، الذي يُعتبر شعبياً، في الأوساط اليمينية كافة.
ثالثاً: حزب "إسرائيل بيتنا"، متخوف بعد انشقاق النائبة ابكسيس عن الحزب، حيث باتت تُشير الاستطلاعات أن الكتلة الصلبة للحزب، والمتمثلة بشريحة القادمين من الاتحاد السوفيتي سابقاً، باتت منقسمة بين ليبرمان وابكسيس، الأمر الذي قد يجعل ليبرمان خارج أسوار الكنيست في الانتخابات القادمة، الأمر الذي جعل ليبرمان يتهرب من تحمّل أي مسؤولية، سواءً بالحرب أو السلم، متخبطاً ما بين رافض للحرب، ورافض للحل، ومنكراً أنّه جزء منه.
رابعاً: حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو، يُدرك تلك المعادلات جيداً، ورغم معاناة زعيمه من التحقيقات وربما لائحة اتهامات قريبة، فإنّ الحزب يتمتع بشعبية عالية، وبات نتنياهو الفاسد أقوى الموجودين، وأكثرهم ترشيحا للاستمرار في الزعامة، من وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي، الأمر الذي سيضعه في أي انتخابات قادمة على رأس الحكومة، ولكن بقوّة أكبر، في ظل احتمالية ذهابه بتشكيل حكومة ليس من الشرط أن تضم كافة أطياف اليمين.
خامساً: أحزاب الحريديم، والتي لا تُبدي اهتماماً فيما يحدث على الجبهة الجنوبية، تمتلك كتلة تصويتية شبه ثابتة، وتُحاول تحسين وضعها، من خلال تقديم خدمات لفئة الحريديم، وإدارة معركة سن قانون جديد يُعفيهم من التجنيد.
ختاماً، بات الجانب السياسي والحربي في الدولة العبرية، مرتبط بشكل كبير، بالثلاثي، الليكود، البيت اليهودي و"إسرائيل بيتنا"، وفي الوقت الذي يحافظ الأول بزعامة رئيسه القوي داخلياً على قوّته الانتخابية، فإنّ الحزبين الآخرين، ينظران لتحسين وضعهما الانتخابي، على أمل الجلوس في الحكومة القادمة بامتلاك وزارات فاعلة كالتي يمتلكانها اليوم، وعدم فسح المجال لليكود، بالاستغناء عنهما في أي توليفة قادمة، وما قبول تلك الأحزاب ببقاء الفاسد نتنياهو في سدة الحكم، إلّا على قاعدة "خذ وهات، معك ضد القانون، شريطة بقاءنا معك في الحُكم".
منذ أن انطلقت محادثات التهدئة الأخيرة، بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، وإن كانت بشكل غير مباشر، طفت على سطح النقاش في "إسرائيل"، تصريحات القيادات الإسرائيلية والتي حاولت جاهدة إظهار أمرين، الأول عدم رضاها عن إجراء محادثات غير مباشرة مع حماس، والثاني رفضها إبرام أي صفقة، وإنّما ضرورة أن يكون الهدوء مقابل الهدوء هو قاعدة التعامل مع القطاع.
هذه الصقورية التي تبديها القيادات العبرية، وتحديداً زعامات حزبي "إسرائيل بيتنا"، والبيت اليهودي"، أي وزير الجيش افيجدور ليبرمان، ووزير المعارف نفتالي بنت، لا تنفصل بالتأكيد عن حرصهما على تحسين صورتهما اليمينية المتطرفة، والتي ترتبط بطبيعة الحال، بالاستعراض والدعاية الانتخابية، لانتخابات من المحتمل أن تكون قريبة، في ظل الخلافات داخل الائتلاف الحكومي، على العديد من القوانين، والتي أهمها قانون التجنيد.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء، يُتهم نفتالي بنت، بالشخصية الخاملة في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر، حيث كشفت التقارير الصادرة المختلفة، والتي على رأسها تقرير مراقب الدولة، أنّ الرجل لم يكن فاعلاً في اتخاذا القرارات الأمنية، ولم يكن لديه قُدرة على تقديم أو إضافة جديد لاجتماعات المجلس، علّ هذا الأمر، يؤكده بنت من خلال إصراره على تعيين مستشار أمني لكل عضو مجلس وزاري مصغر، وما تقديم بنت لخطة وُصفت بالمجنونة، قبل نحو أسبوعين للحرب مع غزة، إلّا تأكيد على سعي الرجل للاستعراض، استعراض رفضه المجلس الوزاري بالمطلق.
على الطرف الآخر، فإنّ الصقوري ليبرمان، والذي جاء إلى وزارة الجيش، تحت عنوان "إسماعيل هنية تحت التراب خلال 48 ساعة"، بدى عقلانياً مع بداية تسلمه للحقيبة، وحينما عايره الجمهور الإسرائيلي، قبل نحو شهرين من الآن، بأنّ هنية على الحدود يُشارك في مسيرات العودة، أجاب مضطرباً، حاسبوني على ذلك مع نهاية ولايتي.
وفي الوقت نفسه، أشارت التقارير إلى أنّ ليبرمان يُعاني في قيادة الجيش الإسرائيلي، وتربطه علاقات سيئة مع رئيس هيئة الأركان، وهذا مرده، إلى فقدان وزير الحرب أي رؤية، لا حربية ولا حتى استراتيجية، وهناك من أشار إلى أنّ وصول ليبرمان لتسلم حقيبة، أكبر من حجمه، كان فخّ نتنياهو للإيقاع به، فبات الجيش أكثر تعلّقاً برئيس الوزراء، بدلاً من أن يقف على رأسه.
محاولة التملّص الإسرائيلي، وتحديداً من ليبرمان وبنت، مرتبطة بشكل كبير في تحسين الصورة الانتخابية لهما تحديداً، ويُمكن إعادة ذلك للأسباب التالية:
أولاً: حزبي البيت اليهودي، و"إسرائيل بيتنا"، من الأحزاب غير المستقرة من الناحية الانتخابية، حيث نواتهما الانتخابية الصلبة ليست كبيرة، ففي الوقت الذي قفز فيه "إسرائيل بيتنا" ل15 مقعداً قبل سنوات، تراجع الآن لأربعة، وهذا الأمر منسحب على البيت اليهودي، الذي قفز إلى اثني عشر مقعدا، بعد أن امتلك فقط لثلاثة مقاعد في العام 2009، وتراجع لثمانية في الانتخابات الأخيرة.
ثانياً: في ظل الجنوح الإسرائيلي نحو اليمين، فإنّ حزب البيت اليهودي، سيحاول الاستمرار على الظهور بأنّه يمين اليمين، للحفاظ على كتلته اليمينية، والتي يخشى الحزب انتقالها لليكود، الذي يُعتبر شعبياً، في الأوساط اليمينية كافة.
ثالثاً: حزب "إسرائيل بيتنا"، متخوف بعد انشقاق النائبة ابكسيس عن الحزب، حيث باتت تُشير الاستطلاعات أن الكتلة الصلبة للحزب، والمتمثلة بشريحة القادمين من الاتحاد السوفيتي سابقاً، باتت منقسمة بين ليبرمان وابكسيس، الأمر الذي قد يجعل ليبرمان خارج أسوار الكنيست في الانتخابات القادمة، الأمر الذي جعل ليبرمان يتهرب من تحمّل أي مسؤولية، سواءً بالحرب أو السلم، متخبطاً ما بين رافض للحرب، ورافض للحل، ومنكراً أنّه جزء منه.
رابعاً: حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو، يُدرك تلك المعادلات جيداً، ورغم معاناة زعيمه من التحقيقات وربما لائحة اتهامات قريبة، فإنّ الحزب يتمتع بشعبية عالية، وبات نتنياهو الفاسد أقوى الموجودين، وأكثرهم ترشيحا للاستمرار في الزعامة، من وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي، الأمر الذي سيضعه في أي انتخابات قادمة على رأس الحكومة، ولكن بقوّة أكبر، في ظل احتمالية ذهابه بتشكيل حكومة ليس من الشرط أن تضم كافة أطياف اليمين.
خامساً: أحزاب الحريديم، والتي لا تُبدي اهتماماً فيما يحدث على الجبهة الجنوبية، تمتلك كتلة تصويتية شبه ثابتة، وتُحاول تحسين وضعها، من خلال تقديم خدمات لفئة الحريديم، وإدارة معركة سن قانون جديد يُعفيهم من التجنيد.
ختاماً، بات الجانب السياسي والحربي في الدولة العبرية، مرتبط بشكل كبير، بالثلاثي، الليكود، البيت اليهودي و"إسرائيل بيتنا"، وفي الوقت الذي يحافظ الأول بزعامة رئيسه القوي داخلياً على قوّته الانتخابية، فإنّ الحزبين الآخرين، ينظران لتحسين وضعهما الانتخابي، على أمل الجلوس في الحكومة القادمة بامتلاك وزارات فاعلة كالتي يمتلكانها اليوم، وعدم فسح المجال لليكود، بالاستغناء عنهما في أي توليفة قادمة، وما قبول تلك الأحزاب ببقاء الفاسد نتنياهو في سدة الحكم، إلّا على قاعدة "خذ وهات، معك ضد القانون، شريطة بقاءنا معك في الحُكم".