الحكومة الصهيونية الجديدة.. رغم الوحدة تؤكد الضعف!

عماد أبو عواد
23-04-2020



عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الفلسطيني والإسرائيلي

أكدّ الاتفاق الائتلافي الجديد كبرَ المأزق الذي يُعانيه الكيان، وسواءً استمرت الاحتفالية ورأت الحكومة النور أم لا، فإنّ بنود الاتفاق الائتلافي، تحمل بين طيّاتها ارهاصات التراجع الكبير في كافة المستويات، وربما يُعيدنا هذا إلى كلام الرئيس الصهيوني رؤوبن ريبلين قبل 4 أعوام من الآن، حينما أشار أنّ "إسرائيل" تُعاني من وجود أربع طوائف، ترتفع بينها العدائية بشكل كبير[1].

أبرز ما ميّز هذا الاتفاق هو فقدان الثقة بين الأطراف، حيث من يتمعّن بنود الاتفاق الائتلافي، يجد أنّ شروط الطرفين على بعضهما، تتجاوز مسألة ضمان الحق، إلى جانب محاولة تجنب السقوط في فخ الأخر، فتم تفصيل كلّ البنود على أن يتم تمريرها تشريعياً من خلال الكنيست.

هذه الثقة المهزوزة حتى انعكست على رأي الشارع الصهيوني، فقد أشار فقط 31% من الجمهور الصهيوني، عن قناعتهم بأنّ اتفاق المناوبة على رئاسة الحكومة سيتم[2]، في إشارة حقيقية أنّ الكذب بات السمة الأساسية لمتصدري المشهد في الكيان، وتحديداً بنيامين نتنياهو.

من الزاوية الثانية، الالتفاف على القضاء، تغيير القوانين بما يضمن استمرار نتنياهو، فقد نال حصانةً لعام ونصف، ونال بعدها تغييرا للقانون من أجل ضمان بقاءه في الحكومة كوزير تحت لائحة اتهام، رغم أنّ القانون يمنع ذلك، واستطاع تثبيت معادلة تعيين القضاة، والمستشار القضائي للحكومة، الأمر الذي سيجعل القضاء تحت سيطرة السلطة التنفيذية، في ظل رئيس للحكومة يخضع للمحاكمة، ويسعى لتعيين من سيحاكمونه.

فيما كان الخرق الثالث، المتمثل بالبحث عن المكتسبات الشخصية، دون الالتفات لواقع الكيان في ظل الكورونا، ففي ظل الحديث عن أزمة اقتصادية، ستتضخم الحكومة من ثلاثين وزيرا وأربعة نواب للوزراء، إلى ستة وثلاثين وزيراً، وستة عشر نائبا للوزراء، مما سيكلف الخزينة مليارات الشواقل الإضافية، هذا إلى جانب عمل مقر آخر لنائب رئيس الوزراء، بني جانتس ليزيد من العبء على الميزانية.

الأمر الرابع، رسخ الاتفاق الائتلافي حجم الكراهية المجتمعية الداخلية، فقد ظهرت الحكومة على أنّها ذاتها حكومة اليمين، التي منحت الحريديم المتدينين كلّ شيء، لن يُشاركوا في الجيش، ولن يتعلموا التعليم الأساسي، وسيبقون كما هُم عبئاً على الدولة.

ورسخت كذلك حجم الهوّة مع تيار المركز واليسار، والذي بات يشعر بالغربة في منظومته التي أسسها، فعليه أن يتهيأ الآن لاستمرار ذات الحكومة، التي ستُهاجم الاعلام والقضاء، وستخون تيارات أساسية في المجتمع، وستعمل على خدمة المتدينين بشقيهم، وتُرسخ الاستيطان وتمنحه مزيداً من الحياة على حساب بقية شرائحه.

كما أنّ الحكومة الجديدة مثلت الانقلاب على القيم والوعودات التي رفعها كلّ تيار، وتحديداً أزرق أبيض، حيث طعن اللذين دعموه في الظهر، وهنا أقصد القائمة المشتركة –والتي أخطأت بذهابها في هذا الاتجاه-، وسرقت أصوات الناخبين اللذين أرادوا الخلاص من حكم نتنياهو، ليجدوا أنّ صوتهم هو الذي منحهم المزيد من الحياة.

شكل الاتفاق الائتلافي للحكومة الجديدة، رقعة لخرق واحد في سفينة الكيان، هذا الخرق المتمثل بغياب حكومة، أمّا ما دون ذلك فقد اتسعت الخروقات الأخرى، لتصل إلى مرحلة اللاعودة، فلا علاقة المتدينين بالعلمانيين ستعود، ولا اليسار باليمين، ولا علاقة الدولة بالأقليات.

ستشهد الشهور القادمة، إن خرجت الحكومة للنور، حرباُ داخلية بين المكونات المتناقضة، فنتنياهو غير متعود على وجود من ينافسه في الداخل، وسيبدأ العمل على تقزيم جانتس وربما دفعه لمغادرة الحكومة طواعية. فالكل مدرك أنّ ما يُخفيه نتنياهو فخٌ كبيرٌ سيسقط فيه خصومه، لكن لا أحد يدري متى وكيف، لتكون خسارة جانتس مضاعفة، فلا أبقى على حزبه القوي، ولا وصل إلى ما أراد من خلال الحكومة الجديدة.







[1]  نوعم دبير. (7.06.2015)، ريبلين: في إسرائيل أربعة اسباط العدائية بينهن كبيرة، يديعوت احرونوت. https://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4665846,00.html

[2]  اودي سيجل. (21.04.2020). استطلاع: 62% مع حكومة نتنياهو جانتس. حدشوت 13. https://13news.co.il/item/news/politics/state-policy/survey-government-1048544/