الدخول إلى أيار/ مايو 2022 - مسار المواجهة بين العدوان والمقاومة

فضل عرابي
14-05-2022
تحميل المادة بصيغة PDF

تقارير

الدخول إلى أيار/ مايو 2022

مسار المواجهة بين العدوان والمقاومة

فضل عرابي

خاص- مركز القدس للدراسات

 

المقدمة.. تسلسل الأحداث

ألقى رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، السبت 30 نيسان/ إبريل 2022 خطابًا قال فيه إن معركة القدس لن تنتهي بانتهاء شهر رمضان بل ستبدأ، مؤكدًا أن سيف معركة  القدس الأخيرة مع "إسرائيل" العام الماضي "لن يغمد حتى التحرير والعودة".

وقبل خطاب السنوار بيوم، وتحديدًا في يوم الجمعة 29 نيسان/ إبريل، نفذ شابان فلسطينيان عملية إطلاق نار أدت لمقتل حارس مستوطنة "أرييل" المقامة على أراضي بلدة سلفيت شمالي الضفة الغربية.

وفي 5 أيار/ مايو تجددت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، تحت حراسة قوات الاحتلال، التي اعتدت على المرابطين في المسجد بإطلاق الرصاص والقنابل، واعتقلت عددًا منهم.

وفي نفس اليوم نفذ شابان فلسطينيين عملية فدائية في مستوطنة "إلعاد" المقامة على أراضي قرية المزيرعة الفلسطينية المهجرة عام 1948، أسفرت من مقتل 3 مستوطنين وإصابة 4 آخرين.

وفي يوم الأربعاء 11 أيار/ مايو أعدمت قوات الاحتلال مراسلة قناة الجزيرة الفضائية شيرين أبو عاقلة بعدما أصابتها برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، وتنصلت من المسؤولية قبل أن تعود لاحقًا وتتراجع عن روايتها الأولى التي قالت فيها إن الرصاصة التي أصابتها كانت من رصاص المقاومة الفلسطينية، ثم عادت لتقول إنها لا تستبعد مسؤولية عناصر من وحدة المستعربين في جيش الاحتلال (دوفدوفان) عن اغتيالها.

وفي يوم الجمعة 13 أيار/ مايو اقتحمت قوات الاحتلال مخيم جنين ودمرت خمسة منازل بالقذائف، واعتقلت المطارد محمود الدبعي، وخلال الاقتحام أصيب 13 فلسطينيًا برصاص قوات الاحتلال، كما قتل أحد ضباط وحدة "اليمام" الخاصة خلال الاشتباك المسلح مع المقاومة.

في هذا التقرير نقدم عرضًا شاملاً للأحداث، وتحليلها من خلال آراء مجموعة من الخبراء في الشأن الفلسطيني.

خطاب السنوار

ألقى رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، السبت 30 نيسان/ إبريل خطابًا قال فيه إن معركة القدس لن تنتهي بانتهاء شهر رمضان بل ستبدأ، مؤكدًا أن سيف معركة  القدس الأخيرة مع "إسرائيل" العام الماضي "لن يغمد حتى التحرير والعودة".

وأضاف: "أقول للعالم أجمع وإسرائيل إن استباحة الأقصى وقبة الصخرة ممنوع أن يتكرر. ومن يأخذ القرار بتكرار هذه الصورة فهو قد أخذ بنفسه قرارًا باستباحة آلاف الكُنس والمعابد اليهودية في العالم أجمع".

وتابع: "المساس بالأقصى والقدس يعني حربًا دينية إقليمية" واستطرد "نفضل ألّا تتحول المعركة إلى دينية، لكن إذا أراد قادة الاحتلال فنحن لها وقد قبلنا التحدي، وعند مقدساتنا وديننا لن نبخل بشيء ولن نتردد في اتخاذ القرار، وليكن الثمن ما يكون"

وكشف عن أن المقاومة في غزة أعدت 1111 صاروخا وهي الرشقة الصاروخية الأولى في أوّل مواجهة قادمة لها، رابطًا بين عدد صواريخ هذه الرشقة وتاريخ وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ودعا الشباب الفلسطيني لضرورة مقاومة الاحتلال بما يتوفر لديهم من أدوات قتالية.

وأعلن السنوار أن استعدادات ومشاورات تجري لتشغيل الخط البحري لقطاع غزة بالتنسيق مع "محور القدس" بهدف "كسر الحصار بشكل كامل عن القطاع".

وبشأن ملف الأسرى في سجون الاحتلال، قال: "أخذنا قرارًا قاطعًا بأننا سنبيض السجون من كل الأسرى الفلسطينيين والعرب ولن يطول ذلك".[1]

  • رفع سقف خطاب المقاومة

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي: خطاب السنوار هو تعبير عن أن المقاومة رفعت سقف خطابها تجاه الاحتلال الإسرائيلي بعد أحداث أيار/ مايو 2021، فلقد كانت معركة سيف القدس معركة فاصلة ليس فقط على مستوى تحرك الشارع الفلسطيني، وإنما على مستوى قدرة المقاومة الفلسطينية على فرض أنماط جديدة في العلاقة مع الاحتلال، وشهدنا ذلك في بعض العبارات التي وردت في الخطاب.

وأضاف: "بالمجمل، لا أرى أن الحالة النضالية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية مرتبطة بهذا الخطاب، هي سابقة له، وقد تستمر بعده، ولا أظن أن هناك تأثيرًا جوهريًا لهذا الخطاب على مجريات الأمور، بل أرى أن الكثير مما ورد في هذا الخطاب دعائي، وكان بحاجة لدراسة أكبر، فقد وردت فيه بعض العبارات التي لا أظن أن فيها منفعة للفلسطينيين، وخصوصًا التهديد باستهداف أماكن مقدسة لليهود في فلسطين وخارجها، فهذا ليس خطاب المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها بما فيها حماس على مدار عقود من عملها، وبالتالي فإن الارتجال غير مطلوب في مثل هذه الخطابات، ويحتاج للمراجعة".[2]

  • ردع متبادل

من جانبه، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال المختص في الشأن الإسرائيلي، معتصم سمارة: إن خطاب السنوار يعكس صورة الردع المتبادل، "والتي باتت تميل لجهة المقاومة أكثر منها لجهة الاحتلال".

وأضاف: توقيت الخطاب مع حدوث عمليات المقاومة في الضفة، كانت ميزته أنه لأول مرة ربط الساحات الفلسطينية ببعضها البعض، وأوجد شعورًا بأن جبهة المقاومة متناغمة، خاصة مع حدوث نوع من الإجماع حول شخصية السنوار من قبل الشباب الفلسطيني، الذين باتوا ينظرون إليه على أنه رمز.[3]

  • التعامل بالمثل

يرى الباحث في جمعية الدراسات العربية في القدس، مازن الجعبري، أن تهديد السنوار باستباحة الكُنس والمعابد اليهودية في العالم أجمع يأتي في سياق التعامل بالمثل، فالاحتلال يعتدي على أقدس مكان ديني في فلسطين، وهو من أقدس الأماكن الدينة للمسلمين، وبالتالي فإن تهديد السنوار جاء ليحذر من مغبة استمرار الاعتداءات على الأقصى، وهو ما قد يؤدي لحرب دينية، واستهداف الأماكن المقدسة لليهود مقابل استهدافهم الأقصى.

ويضيف في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات": أهم ما ورد في خطاب السنوار هو كشفه سر الرقم 1111 بأنه عدد صواريخ الرشقة الأولى التي أعدتها المقاومة لإطلاقها في حال حدوث مواجهة جديدة مع الاحتلال، وهو ما يدلل على الجاهزية العالية للمقاومة، والتي سبق أن أثبتتها في معركة سيف القدس الماضية، كما أوجد حالة من الخوف والرعب في الأوساط الإسرائيلية، وجعل الشارع الإسرائيلي يتهم اليمين المتطرف والمستوطنين أنهم السبب في حدوث عمليات المقاومة الأخيرة خاصة عملية "إلعاد" وأنهم قد يتسببون في حرب جديدة مع المقاومة في غزة، وهو أكبر تخوف لدى الاحتلال.[4]

  • خطاب وطني شامل

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" يقول الباحث في مؤسسة "يبوس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية: أن فصائل المقاومة في قطاع غزة بدأت تفرض دورًا سياديًا له تأثيره خارج حدود قطاع غزة منذ معركة سيف القدس، وخطاب السنوار كان خطابًا وطنيًا شاملًا، وأخذ منحنيات متعددة في الطرح، في مقابل ضعف القيادة السياسية الفلسطينية في الضفة، وتحديدًا قيادة فتح والسلطة، وبالتالي فإن خطاب السنوار بهذا المستوى يغطي هذا الفراغ، ويعزز من شخصية وحضور فصائل المقاومة وتحديدًا حركة حماس في مفهوم العمل السياسي ككل، وتصدر المشهد الفلسطيني.

وأكد بشارات على أهمية المضامين التي وردت في خطاب السنوار، حيث أصبح نوع التحدي مع الاحتلال أكبر وأعمق، وأن المقاومة الفلسطينية، وتحديدًا حركة حماس، بدأت تضع خطوط مختلفة للمواجهة المقبلة.[5]

تجدد اقتحامات المسجد الأقصى

تجددت يوم الخميس 5 أيار/ مايو الجاري، اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، تحت حراسة قوات الاحتلال، بالتزامن مع ما تسميه "إسرائيل يوم الاستقلال الـ74".

واعتدت قوات الاحتلال على المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى، بإطلاق قنابل الصوت والغاز والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وحاصرت الشبان داخل المصلى القبلي، ما أدى لإصابة 12 شخصًا، كما اعتقلت قوات الاحتلال 50 شابًا من ساحات المسجد الأقصى.[6]

"وأظهرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي جنود الاحتلال وهم يعتدون على نساء ومسنين في المسجد الأقصى ومحيطه، كما اعتدوا على فرنسية من أصل جزائري وأبعدوها عن الحرم القدسي".[7]

"كما حطمت قوات الاحتلال زجاج منبر صلاح الدين التاريخي داخل المصلى القبلي في المسجد الاقصى، وأغلقت أبوابه بالسلاسل الحديدية".[8]

وتصدى الشبان في المسجد الأقصى للاقتحام من خلال طريقة الإرباك الصوتي التي ابتكرها المتعكفون وهي بالضرب على الأبواب، وإشعال صوت صافرات الإنذار، وأناشيد وطنية تدعو إلى شدّالرحال للمسجد الأقصى، وخطابات للناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، وكذلك خطاب السنوار الأخير والذي هدد فيه من استمرار اقتحام المسجد الأقصى.

كما اقتحم مئات المستوطنين المسجد الأقصى المبارك أيام الاثنين والثلاثاء والخميس 9 و10 و12 أيار\ مايو الجاري.

  • طابع مختلف للاقتحامات

يعتقد بلال الشوبكي أنه ومنذ أيار/ مايو 2021 أخذت اقتحامات المسجد الأقصى طابعًا مختلفًا، "فكانت الاقتحامات الأخيرة حذرة ومتوجسة ولها ضوابط معينة، فلقد رأينا كيف سحبت الشرطة الإسرائيلية الأعلام من أيدي المستوطنين، وتم تغيير المسار داخل باحات المسجد الأقصى،  فحكومة إسرائيل وجدت نفسها في مأزق، فهي لا تريد أن تستفز الفلسطينيين بشكل كبير قد يؤدى إلى إعادة إنتاج ما حصل في أيار 2021 وفتح جبهة واسعة مع الفلسطينيين في كافة أماكنهم، وفي المقابل لا تريد خسارة إسناد الشارع الإسرائيلي، وتحديدًا اليمين المتطرف، وبالتالي فهي تحاول أن تجد مخرجًا لها تسمح من خلاله بالاقتحامات، وتمنع تصاعد الأحداث بشكل يؤدي لحدوث مواجهة جديدة مع الفلسطينيين، خصوصًا بعد تهديد المقاومة من قطاع غزة".[9]

  • الخروج من عنق الزجاجة

من جانبه، قال معتصم سمارة إن حكومة الاحتلال نجحت في الخروج من عنق الزجاجة في موضوع اقتحامات الأقصى سواء في شهر رمضان المبارك أو بعده واستطاعت إلى حد ما تجنب تفجير الأوضاع والتصادم مع الفلسطينيين بشكل يؤدي لمواجهة واسعة، وفي ذات الوقت أن ترضي اليمين المتطرف.

وأضاف: "أعتقد أن حكومة الاحتلال ستستمر في سياسة الاقتحام الحذرة للمسجد الأقصى، من خلال توقيت الاقتحام في ساعات الصباح الباكرة فترة الضحى وقبل صلاة الظهر بوقت، وهي الفترة التي لا يكون فيها عدد كبير من الفلسطينيين في المسجد، ليكون الاقتحام بمثابة تأكيد أن الأقصى تحت سيطرتهم ويمكنهم الدخول متى شاؤوا، وفي نفس الوقت لا يحدث مواجهات مع الفلسطينيين، خاصة أن رئيس الحكومة هو شخص يميني متطرف كان يدعوا لاقتحام الأقصى، ويعتقد أن الأقصى لهم".[10]

  • فرض التقسيم الزماني والمكاني بالقوة

أما مازن الجعبري، فقد رأى أن اقتحامات المسجد الأقصى المبارك المستمرة، تأتي بهدف فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى بالقوة، مشبهًا الاقتحام الذي حصل يوم الخميس 5 أيار/ مايو بما حدث في الجمعة الثانية من شهر رمضان، لكن عدد الإصابات والاعتقالات كانت أقل لأن عدد الفلسطينيين في المسجد كان أقل، وأوضح أنه تم منع المصلين من دخول المسجد وأداء صلاتي الفجر والظهر في يومي الأحد والاثنين 8 و9 أيار/ مايو الجاري، فهناك قرار متخذ من قبل حكومة الاحتلال باستمرار الاقتحامات مهما حدث، فقد سبق لرئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت أن صرح بأن دولة الاحتلال هي صاحبة السيادة على المسجد الأقصى المبارك.[11]

عمليات المقاومة

  • عملية "أرئيل"

في يوم الجمعة 29 نيسان/ إبريل الماضي أطلق شابان فلسطينيان النار، صوب حارس مستوطنة "أرئيل" المقامة على أراضي بلدة سلفيت شمالي الضفة الغربية، ما أسفر عن مقتله.

وتمكن مقاومان فلسطينان مسلحان ببندقية آلية رشاشة من إطلاق النار صوب حارس أمن المستوطنة من النقطة صفر، قبل انسحابهما من المكان بسلام.[12]

لكن وفي اليوم التالي 30 نيسان/ إبريل الماضي أعلنت قوات الاحتلال اعتقال منفذي العملية، وقالت وسائل إعلام  عبرية إن قوات الاحتلال تمكنت من اعتقال منفذي عملية "أرئيل" من منازلهم في قرية قراوة بني حسان، وأشارت إلى أنه جرى العثور بحوزتهم على السلاح الذي نفذت به العملية.

وأشارت إلى أنه تبين أن أحدهما يدعى يحيى مرعي (19عامًا) والآخر يوسف عاصي (20 عامًا).[13]

لاحقًا أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، يوم الاثنين 2 أيار/ مايو الجاري، مسؤوليتها عن العملية.

وجاء في بيان "القسام": "نعلن مسؤوليتنا الكاملة عن عملية محافظة سلفيت البطولية التي نفذها مجاهدونا ليل الجمعة الماضية فيما يسمى مستوطنة أرئيل المغتصبة من أرض فلسطين".

وتابع البيان:  "العملية جاءت ردًا على عدوان الاحتلال الهمجي الغاشم على المسجد الأقصى المبارك وعلى المصلين في ساحاته في عنجهية وصلف لم يحسب العدو عواقبه بعد".[14]

  • عملية "إلعاد"

نفّد فلسطينيان يوم الخميس 5 أيار/ مايو عملية فدائية في مستوطنة "إلعاد" المقاومة على أراضي قرية المزيرعة الفلسطينية المهجرة عام 1948، أسفرت من مقتل 3 مستوطنين وإصابة 4 آخرين، وكانت مخابرات الاحتلال قد أعلنت عن أسماء المنفذين "أسعد الرفاعي 19 عامًا، وصبحي أبو شقير 20 عامًا" وقالت إنهما من قرية رمانة قضاء جنين، وقد ظل الشابان طليقين حتى صباح الأحد 8 أيار/ مايو، حيث أعلن الاحتلال عن اعتقالهما.

وعقب العملية، تابع الإعلام الإسرائيلي نشر خطاب السنوار الذي حث فيه الشبان في الضفة بضرورة مقاومة الاحتلال ولو بالساطور، وهي الأداة التي استخدمها منفذو عملية "إلعاد"، وقد نظمت حملة تحريض كبيرة ضد السنوار، وتصاعدت المطالبات باغتياله.

اللافت في عملية "إلعاد" أن المنفذين ليس لهما أيّ ملف أمني سابق لدى الاحتلال، وهما في بداية العشرينيات من عمرهما، يعملان في مجال الكهرباء، ووفقًا لشهود عيان من المستوطنين فإن رجل الأمن الذي كان حاضرًا وقت العملية لم يستطع أن يطلق النار على المنفذين نتيجة خوفه ما أدى إلى قتله.

وكان مستوطنو "إلعاد" قد نظموا احتجاجات في المستوطنة، متهمين المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى صبيحة ذلك اليوم بالتسبب بهذه العملية وأن استمرار اقتحامه يعني المزيد من الموت للمستوطنين.

وكانت صحيفة "ديعوت أحرنوت" الإسرائيلية قد ذكرت أن أحد منفذي عملية "إلعاد"، قد ترك وصية يذكر فيها أن أحداث المسجد الأقصى هي سبب خروجه وصديقه لتنفيذ العملية، كما أضافت الصحيفة أن هذا أيضا كان الدافع لمنفذي عملية "أريئيل".[15]

  • ليست حالة جديدة

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي إن هذه العمليات ليست بالحالة الجديدة في السياق الفلسطيني، فقد شهدنا على مدار عقود عمليات فردية، غير مرتبطة بقرار تنظيمي، أو بسلسلة من العمل التنظيمي، لكننا شهدنا في السنوات الأخيرة تناميًا وزيادة عدد هذه العمليات، وهو نوع من التعبير عن بحث الفلسطينيين عن بدائل للعمل التنظيمي الممنهج، والمبني على قرارات فصائلية.

ويضيف: ما يمكن قراءته من حدوث مثل هذه العمليات الفردية واستمرارها هو أن السياسات الأمنية الإسرائيلية التي مورست على مدار عقود في الضفة الغربية، وتحديدًا في أخر عقدين من عمل مكثف لاجتثاث البنى التنظيمية لفصائل المقاومة لم يحبط عزيمة الفلسطينيين، وأن الرسالة الأهم لهذه العمليات هي أن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال مسألة حتمية، لكن شكل هذا النضال قد يختلف من صورة إلى أخرى تبعًا لتطورات الميدان.

ويتابع: النضال ضد الاحتلال وجد ولم ينقطع منذ وجد الاحتلال على هذه الأرض عام 1948 وما قبلها، وبالتالي لا يمكن النظر للعمليات الفردية على أنها انبعاث للنضال الفلسطيني من جديد، لأن النضال الفلسطيني لم ينقطع، وإنما هي تجدد لبعض الصور النضالية التي كانت في السابق، لكنها أخذت طابعًا جديدًا ربما نتيجة لظروف المرحلة، والرسالة الأخرى، هي أن المناضل الفلسطيني لم يعد ينتظر قدوم الاحتلال إلى المناطق التي يتواجد فيها، ولم تعد نقاط التماس والاحتكاك هي البؤرة التي يمكن أن يمارس فيها النضال الفلسطيني، وهي عودة إلى مرحلة التسعينيات، ولكن بصورة مختلفة، ففي التسعينيات كانت الفصائل الفلسطينية قادرة على التأثير مجرى الحياة اليومية للمجتمع الإسرائيلي، والآن المناضل الفلسطيني أصبح قادرًا على نقل المواجهة إلى الساحة الأخطر من وجهة نظر المحتل، وهي الأراضي المحتلة عام 1948.[16]

  • فشل مضاعف للاحتلال

يوضح المختص في الشأن الإسرائيلي، معصم سمارة، أن هذه العمليات تعبر عن فشل مضاعف للاحتلال وأجهزته الأمنية.

أولًا: فشل استخباراتي في توقع حدوث العمليات، ومن الذين يمكن أن ينفذوها، لاسيما أنها عمليات فردية، ينفذها أشخاص لا ينتمون لأي تنظيم، ولا يخضعون لأوامر تنظيمية، ويقومون بهذه العمليات نتيجة الغضب الفلسطيني الشديد من اعتداءات الاحتلال، وبالتالي من الصعب على الاحتلال توقعهم.

ثانيًا: الفشل الأمني، حيث نجح المنفذون في اختراق المنظومة الأمنية، رغم تعزيز جيش الاحتلال تواجده على طول خطوط التماس بست كتائب، بالإضافة لمجموعة من الإجراءات المشددة من المراقبة والمتابعة.

وأضاف: رغم كل ذلك حدثت العمليتان، بل إن منفذي عملية "أرئيل" عادا إلى منازلهم، ومنفذي عملية "إلعاد" استمرت مطاردتهم لفترة قياسية، بالنظر لابتعادهم عن مكان الحدث، مبينًا أن العامل المشترك بين العمليتين هو أن المنفذين شبان صغار السن، تصرفوا بشكل فردي، وذهبوا إلى أماكن يعرفونها جيدًا، حيث إن الشابين اللذين نفذا عملية "إلعاد" عملا فيها لفترة قبل تنفيذ العملية، والشابين اللذين نفذا عملية "أرئيل" كانا يعرفان هذه المنطقة جيدًا لقربها من مكان سكنهم.

ورأى سمارة أنه من المستحيل إيقاف حدوث هذه العمليات، لأنها تحدث بشكل فردي، وستستمر طالما استمرت اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني.[17]

يتفق الباحث في مؤسسة "يبوس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، سليمان بشارات، مع معتصم سمارة فيما يخص فشل المنظومة الأمنية للاحتلال في وقف عمليات المقاومة، ويضيف: الحالة النضالية في الضفة بدأت تستعيد بعضًا من قوتها وحيويتها، فرغم أن العمليات لا تزال فردية، لم تصل لتكون عمليات منظمة، لكنها تستلهم التجارب السابقة، وتحاكي العمليات الناجحة الأخيرة، وهو ما بات يشكل هاجس خوف لدى الاحتلال.

ويتابع: بدأنا نشهد اتساعًا جغرافيًا أكبر لمنفذي العمليات، حيث بات يخرج منفذو العمليات من أكثر من بقعة فلسطينية، وهو ما يزيد قلق الاحتلال، فعملية "أرئيل" نفذها شابان من قروه بني حسان، وعملية "إلعاد" نفذها شابان من رمانة، وهذا تطور في عدد المنفذين، حيث لم يكن منفذ واحد لكل عملية، وإنما منفذان، والعمليتان أوجدتا حالة من الجدل في الشارع الإسرائيلي، وداخل الجماعات الدينية اليهودية المتطرفة، وتحديدًا عملية "إلعاد" التي أحدثت خلخلة في وجهات النظر داخل الشارع الإسرائيلي، حيث بدأت بعض الجماعات مثل الحراديم في اتهام المتطرفين ومن يقتحمون المسجد الأقصى بأنهم هم سبب حدوث هذه العملية.[18]

القسام يحذر

عقب موجة التهديد والتحريض التي شنها الإعلام الإسرائيلي ضد رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار وتحميله مسؤولية عملية "إلعاد"، قال الناطق باسم كتائب القسام مساء السبت 7 أيار/ مايو، أبو عبيدة: إن المساس بالسنوار والتفكير باغتياله، يعني حدوث زلزال. وجاء خطاب القسام كالتالي: "في ضوء تهديدات العدو الجبان.. فإننا نحذّر وننذر العدوّ وقيادته الفاشلة بأن المساس بالأخ المجاهد القائد يحيى السنوار أو أيٍّ من قادة المقاومة هو إيذانٌ بزلزالٍ في المنطقة وبردٍّ غير مسبوق، وستكون معركة سيف القدس حدثًا عاديًّا مقارنةً بما سيشاهده العدو، وسيكون من يأخذ هذا القرار قد كتب فصلاً كارثيًّا في تاريخ الكيان وارتكب حماقةً سيدفع ثمنها غاليًا بالدم والدمار".[19]

  • استبعاد أن تقدم حومة الاحتلال على اغتيال السنوار

يوضح بلال الشوبكي أنه سبق لسلطات الاحتلال اغتيال شخصيات فلسطينية بارزة، مثل: الرئيس الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وأبو علي مصطفى والرئيس ياسر عرفات "الذي تم تسميمه" والكثير من الشخصيات الأخرى، فبالتالي من حيث المبدأ يمكن أن تقدم "إسرائيل" على تنفيذ عملية اغتيال، لكن الحكومة الحالية أضعف من أن تقدم على فعل يمكن أن يجبرها على مواجهة مع قطاع غزة، وهذا لا يعني أن قادة المقاومة الفلسطينية في غزة تعمل في مأمن، ولا يمكن أن تتعرض لأي شكل من أشكال الأذى، لكن المسألة مؤقتة ومرتبطة بأن حكومة الاحتلال الحالية تعاني من عدم الاستقرار، بسبب فقدانها للأغلبية في الكنيست.

قائلاً إن المطالبات التي ظهرت من بعض شخصيات اليمين في "إسرائيل" باغتيال السنوار "نوع من أنواع التعطش لسفك الدم الفلسطيني، لدرجة الوصول إلى استفتاء الجمهور الإسرائيلي عبر الشاشات الإسرائيلية باغتيال شخصية ما، وهذه سابقة لم نشهد لها مثيل في أي دولة، وفي أي كيان، وبالتالي فإن اغتيال أي شخصية فلسطينية أمر مطروح دائمًا، لكنه مرتبط بقدرة حكومة الاحتلال على تحمل تبعات هذا القرار".[20]

  • الاحتلال ناقش مطولًا اغتيال السنوار

يقول معتصم سمارة: إن سلطات الاحتلال ناقشت مطولاً اغتيال السنوار بعد خطابه الأخير، خاصة بعد تنفيذ عملية "إلعاد" حيث عدّوه المحرض الأساسي عليها، لكن المؤسسة الأمنية ممثلة بجيش الاحتلال و"الشاباك" رفضت ذلك، خوفًا من الدخول في حرب حقيقية مع المقاومة في قطاع غزة، والتي قد تمتد إلى الضفة المشتعلة من الأساس.[21]

  • مطالبات من الشارع وخوف من الحكومة

يوضح مازن الجعبري أن الشارع الإسرائيلي بات يشعر بالخوف من المقاومة في قطاع غزة، ويدرك كما تدرك حكومته أن المقاومة صادقة في أقوالها، وبأنها إذا قالت فعلت، لذلك كانت هناك مطالبات كبيرة وتحريض كبير على اغتيال السنوار، لكن الحكومة الحالية لن تقدم على هذا الأمر لأنها لا تريد الدخول في مغامرات عسكرية، بسبب ضعفها الشديد.

مؤكدًا أن كل عمليات الاغتيال التي نفذها الاحتلال لم تنجح في تحقيق أهدافها، ولم تستطع وقف المقاومة، بالإضافة إلى أنهم باتوا يخشون الدخول في مواجهة مسلحة مع المقاومة، في ظل هشاشة الجبهة الداخلية للاحتلال، وضعف الحكومة، وافتقادها للأغلبية في الكنيست.[22]

اغتيال شرين أبو عاقلة

أعدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الأربعاء 11 أيار/ مايو 2022.. مراسلة قناة الجزيرة الفضائية شرين أبو عاقلة، بعدما أصابتها برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين شمالي الضفة الغربية.

وقد أعلنت شبكة الجزيرة الإعلامية عن اغتيال مراسلتها في بيان لها قالت فيه: "في جريمة قتل مفجعة تخرق القوانين والأعراف الدولية أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدم بارد على اغتيال مراسلتنا شيرين أبو عاقلة".

ودانت الشبكة "هذه الجريمة البشعة التي يراد من خلالها منع الإعلام من أداء رسالته" وأضافت: "نحمل الحكومة الإسرائيلية وقوات الاحتلال مسؤولية مقتل الزميلة الراحلة شيرين".

وطالبت الشبكة المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمدها استهداف وقتل الزميلة شيرين أبو عاقلة.[23]

من جهته، قال مدير دائرة الطب العدلي في جامعة النجاح ريان العلي إن المرحلة الأولى من تشريح جثمان الشهيدة شيرين أبو عاقلة انتهت، مشيرًا إلى أن العملية ستستكمل لمحاولة إيجاد أي أدلة يمكن ربطها بالجهة المسؤولة عن استشهادها.

وأكد أن الرصاصة التي أصابت شيرين أبو عاقلة كانت قاتلة وبشكل مباشر في الرأس، وأنه لا يوجد أي دليل على أن إطلاق النار كان من مسافة تقل عن متر، موضحًا أنه تم التحفظ على مقذوف مشوه وتتم الآن دراسته مخبريًا.[24]

وفي تفاصيل ما حدث فقد أصيبت شرين أبو عاقلة  بالرصاص الحي في أسفل الأذن لتفارق الحياة على الفور، ومنعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف من الوصول إليها لعلاجها.

  • الاحتلال يتنصل من المسؤولية

رفض رئيس وزراء حكومة الاحتلال نفتالي بينيت تحميل قواته مسؤولية قتل شيرين أبو عاقلة، وقال إن اتهامات رئيس السلطة الفلسطينية لـ"إسرائيل" بهذا الشأن لا أساس لها.

وأضاف: "وفقًا لمعطياته فإن هناك احتمالًا ليس بقليل بأن مسلحين فلسطينيين أطلقوا النيران بشكل عشوائي وتسببوا في المصرع المؤسف للصحفية. وأشار إلى أن إسرائيل دعت الفلسطينيين إلى تحقيق مشترك بناءً على المعلومات الموثقة من أجل التوصل إلى الحقيقة، غير أن الفلسطينيين يرفضون ذلك حتى اللحظة". حسب قوله.[25]

وقد تراجع الاحتلال عن روايته في وقت لاحق، على لسان  المتحدث باسم جيش الاحتلال، ران كوخاف، الذي قال إنهم يجرون "تحقيقًا في هذا الأمر من الناحيتين العملياتية والمهنية" وإنهم سيعتذرون في حال تبيّن أنّ الاستهداف من جنودهم.[26]

  • منظمة إسرائيلية تكشف زيف رواية الاحتلال

كشفت منظمة بتسيلم غير الحكومية (المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة) أن الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال، وادعى أنه لإطلاق نار من طرف فلسطيني، لا يمكن أن يكون السبب وراء مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة.

"ووثق باحث إسرائيلي بالفيديو المكان الذي تم فيه تصوير المقطع الذي بثه جيش الاحتلال وأعاد نشره رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، مدعيًا أنه قد يكون الرصاص الذي قتل مراسلة الجزيرة. وتبين أن ذلك الموقع يبعد أكثر من 300 متر عن المكان الذي أصيبت فيه أبو عاقلة في مخيم جنين المزدحم بالمباني المتلاصقة، ولا يمكن من ذلك الموقع الوارد في الفيديو رؤية المكان الذي قتلت فيه أبو عاقلة ما لم يتمكن الرصاص الفلسطيني (المزعوم) من الالتفاف حول المنعطفات والمباني وتسلق السلالم".[27]

لاحقًا كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في ساعات متأخرة من مساء الأربعاء عن تفاصيل تحقيق للجيش الإسرائيلي لا يستبعد مسؤولية عناصر من وحدة المستعربين في جيش الاحتلال (دوفدوفان) عن اغتيال مراسلة الجزيرة الزميلة شيرين أبو عاقلة.

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن فحصًا أوليًّا للجيش الإسرائيلي أقر بأن عناصر من وحدة "دوفدوفان" في الجيش الإسرائيلي أطلقوا الرصاص في مخيم جنين باتجاه المنطقة الشمالية، حيث تواجدت شيرين أبو عاقلة والفرق الصحفية.[28]

وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في تغريدة عبر تويتر، قد حاول التعمية على الجريمة بقوله: "خلص التحقيق المرحلي الذي قدم إلى رئيس الأركان الجنرال (أفيف) كوخافي إلى أنه لا يمكن تحديد مصدر إطلاق النار الذي أصاب شيرين أبو عاقلة وأدى إلى مقتلها".[29]

  • دفن جثمان أبو عاقلة وسط تضييقات من قوات الاحتلال

ووري جثمان شيرين أبو عاقلة الثرى في مقبرة جبل صهيون في باب الخليل بمدينة القدس المحتلة، يوم الجمعة 13 أيار/ مايو الجاري وسط حضور حشد كبير من المشيعين مسلمين ومسيحيين.

واعتدت قوات الاحتلال على المشاركين في التشييع بالضرب بالهراوات ما أدى لإصابة 33 مواطنًا، نقل 6 منهم إلى مستشفى المقاصد لتلقي العلاج بحسب الهلال الأحمر.

كما شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات خلال وعقب انتهاء مراسم التشييع، لتعتقل 15 شابًا وفتاة.[30]

"واشترطت قوات الاحتلال نقل جثمان شيرين عبر سيارة وقامت بنزع العلم الفلسطيني عنها ومنعت الفلسطينيين من اللحاق بجثمان الراحلة".[31]

  • اغتيال واضح

يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، أن ما حدث هو عملية اغتيال واضحة لصحفية فلسطينية لها دور وطني على مدار سنوات طويلة، والمسألة لا تقتصر على ردع الصحفيين ومحاولة إخفاء الحقاق، وربما هي جزء من حالة تعطش دائم لدى الاحتلال لإراقة الدم الفلسطيني، ونوع من أنواع الانتقام.[32]

  • احتلال يمتهن الكذب

يقول المختص في الشأن الإسرائيلي، معتصم سمارة، حول تعدد روايات الاحتلال عن اغتيال شرين أبو عاقلة، أن الاحتلال عودنا على الكذب في كل الأحداث، ويحاول جرنا إلى نقاش من المجرم الحقيقي، لكن هناك صحفيًا إسرائيليًا ردّ عليهم بشكل جيد قائلًا: "لماذا لا يُقتل الصحفيون الإسرائيليون إذا كان الفلسطينيون هم من أطلق النار على شيرين؟ فلم يسبق أن قتل أي صحفي إسرائيلي، طوال فترات الصراع، رغم تواجدهم الدائم مع الجيش، وتغطية الأحداث".

ويؤكد سمارة أن من اغتال شرين هو قناص إسرائيلي محترف ومتمرس، في محاولة لاغتيال الحقيقة في جنين، لأنهم يريدوا إخافة الصحفيين، ومنعهم من نقل حقيقة ما يجري للعالم".[33]

  • إعدام متعمد

يعتقد الباحث في جمعية الدراسات العربية في القدس، مازن الجعبري، أن عملية اغتيال شيرين أبو عاقلة كانت متعمدة، الهدف منها دب الرعب في قلوب الصحفيين، ومحاولة لاغتيال الحقيقة، ووقف التغطية الصحفية لجرائم الاحتلال، خاصة أنهم يعدون لهجوم واسع على جنين.

ويضيف: خلال الأيام القادمة، وفي ظل الضغوط الكبيرة سيعترف الاحتلال بأنهم هم من قتلوا شيرين عن طريق الخطأ، وهذا واضح من خلال تراجعهم عن الرواية التي أكدوا فيها أنها قتلت برصاص فلسطيني، وإعلانهم عن فتح تحقيق لمعرفة ما جرى، وإصدار روايات متعددة عن الحادثة.[34]

اقتحام جديد لمخيم جنين

اقتحمت قوات الاحتلال صباح يوم الجمعة 13 أيار/ مايو  مخيم جنين، ودمرت بالقذائف خمسة منازل تعود لعائلة محمد فارس الدبعي، قبل أن تعتقل نجله الأسير السابق محمود المطارد منذ مدة.

وأكد الدبعي أن قوات الاحتلال استخدمتهم دروعًا بشرية، ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى المنطقة وعلاج والدته المريضة.

وخلال اشتباك مسلح مع المقاومة أصيب 13 فلسطينيًا برصاص قوات الاحتلال، إصابة أحدهم خطرة. [35]

كما لقي ضابط إسرائيلي من وحدة "اليمام" الخاصة مصرعه في مستشفى رامبام في مدينة حيفا المحتلة، متأثرًا بجروحه التي أصيب بها خلال اقتحام المخيم.

وفي السياق، قالت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، إنها "نصبت عدة كمائن للاحتلال، أدى إحداها لمقتل ضابط وإصابة آخرين، أثناء توغلها في مخيم جنين".

وجاء في البيان أن: "قوات الاحتلال توغلت في المخيم بهدف اعتقال المجاهد محمود الدبعي، أحد مقاتلي كتيبة جنين في سرايا القدس، الذي حاصر العدو منزله وأطلق تجاهه عدة صواريخ وقذائف".[36]

  • اعتقال خزان المعلومات

يعتقد معتصم سمارة أن الهدف الأساسي من اقتحام مخيم جنين، هو اعتقال محمود الدبعي، والذي كان هناك إصرار لدى الاحتلال على اعتقاله لا تصفيته، لأنه ووفقًا للإعلام العبري يعتبره خزان معلومات كتيبة جنين، مضيفًا: أن استخدام والدته درعًا بشري من أجل اعتقاله ليس بالشيء الجديد، فهذه سياسة قديمة يستعملها الاحتلال، حينما يريد اعتقال شخص ما وهو على قيد الحياة، ولا يريد تصفيته.[37]

  • تفكيك نموذج جنين

يقول اسليمان بشارات الباحث في مؤسسة "يبوس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، إن الاحتلال يريد تفكيك نموذج مخيم جنين، لأنه بات يشكل خطرًا كبيرًا عليه، من خلال عمل المقاومة فيه بشكل مريح، وعدم تمكنه من السيطرة عليه، وهو نفس الأمر الذي فشلت السلطة الفلسطينية في تحقيقه، وخوفًا من أن تسير باقي مناطق الضفة الغربية على خطى جنين.

ويضيف: سيحاول الاحتلال القضاء على نموذج جنين إما عن طريق الاقتحامات المتكررة والاعتقالات، كما حدث في اعتقال محمود الدبعي، أو من خلال الاغتيال والتصفية، والاحتلال لا توجد لديه أي مشكلة في استخدام الطريقتين، فهي تريد القضاء على نموذج جنين بأي طريقة، لذلك فهي على الاستعداد لاستخدام أبشع الوسائل لتثير الرعب لدى الفلسطينيين في كافة المناطق.

ويتابع: لكن الاحتلال لن ينجح في القضاء على نموذج جنين، بل أنه يتعامل معه بطريقة ستزيد حالة الاحتقان وتعزز روح المقاومة، فهناك جيل شاب جديد أكثر قبولًا للعمل المقاوم من الجيل السابق، لا سيما في ظل انغلاق الأفق السياسي، وصعوبة الوضع الاقتصادي، وتواصل انتهاكات الاحتلال على أرض الواقع، وهو ما يزيد مخاوف الاحتلال من الأيام القادمة.[38]

الخاتمة:

تستمر ساحة الضفة الغربية والقدس في الغليان منذ بداية العام، وتتصاعد المواجهة مع قوات الاحتلال، في ظل الممارسات الاستعمارية لسلطات الاحتلال، وتواصل اعتداءاتها على المسجد الأقصى المبارك، فقد تزايدت وتيرة عمليات المقاومة الفردية في الضفة، وبرزت تهديدات المقاومة من غزة بأنه في حال استمرار الوضع الراهن فإن الأوضاع ستنفجر أكثر.

ويجمع المراقبون على أن حكومة الاحتلال تعيش ظروفًا حرجة لا تستطيع من خلالها اتخاذ قرارات حاسمة، فهي تريد التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، لكنها لا تريد الدخول في مواجهة مع الفلسطينيين، بالإضافة لفشل منظومتها الأمنية في وقف عمليات المقاومة، أو السيطرة على  مخيم جنين.

كما أكد المراقبون على أهمية خطاب السنوار، وما حمله من مضامين، وإن انتقد بعضهم تصريحاته بشأن إمكانية استهداف الأماكن المقدسة لليهود في فلسطين وخارجها، واعتبار أن الكثير مما جاء في الخطاب كان دعائيًا لا أكثر، وبحاجة لإعادة دراسة وتقييم.

 

[1] - https://cutt.us/j8th2

[2] - أجرى الباحث المقابلة في 12-5-2022

[3] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[4] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[5] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[6] - https://cutt.us/SEjKr

[7] - https://cutt.us/SEjKr

[8] - https://cutt.us/nUxqc

[9] - أجرى الباحث المقابلة في 12-5-2022

[10] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[11] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[12] - https://cutt.us/5Bgc6

[13] - https://cutt.us/GnX0c

[14] - https://cutt.us/q91Ja

[15] - https://cutt.us/slRBH

[16] - أجرى الباحث المقابلة في 12-5-2022

[17] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[18] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[19] - https://cutt.us/slRBH

[20] - أجرى الباحث المقابلة في 12-5-2022

[21] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[22] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[23] - https://cutt.us/yyxtI

[24] - https://cutt.us/yyxtI

[25]- https://cutt.us/OvMYl

[26] - https://cutt.us/ob3q2

[27] - https://cutt.us/ccTW9

[28] - https://cutt.us/5zLbh

[29] - https://cutt.us/BOUTV

[30] - https://cutt.us/Dsh4D

[31] - https://cutt.us/UC2HH

[32] - أجرى الباحث المقابلة في 12-5-2022

[33] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[34] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[35] - https://cutt.us/csA99

[36] - https://cutt.us/VgxE6

[37] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022

[38] - أجرى الباحث المقابلة في 13-5-2022