الدولة كلها بحثت معنا عن المستوطنين الثلاثة
ياسر مناع
01-07-2018
"بحثنا عن كل شئ، عن النظارات، الدماء، علامات سحب، شعرت بأن الدولة كلها تبحث معي، شعور لايمكن أن ينسى، حفرنا بأيدينا حتى وجدنا كف اليد"، بهذه الكلمات أفتتحت صحيفة "إسرائيل هيوم" مقابلة مراسلها "حنان غرينود" في ملحقها الإسبوعي "إسرائيل هذا الاٍسبوع" مع الضابط في الجيش الإسرائيلي قصاص الأثر "هاني قرعان" الذي إستلم منصبه قبل ساعات قليلة من حادثة الأسر بعد سنوات من الخدمة في قطاع غزة، والذي بدوره كان المسؤول الأول في عملية البحث عن جثث المستوطنين الثلاثة الذين تم أسرهم على يد الشهيدين مروان القواسمي وعامر أبو عيشة في الخليل عام 2014، والذين تم العثور عليهم بعد أكثر من إسبوعين.
أقل من كيلو متر واحد يفصل بين موقع الأسر وقاعدة الجيش في المنطقة، مسافة تحتاج الى دقيقتين فقط، من هناك بدأ الكابوس الذي إستمر 18 يوماً، أما اليوم فلم يبقى من محطة الحافلات إلا ذكريات، يذكر أن المحطة أزيلت خلال إعادة تأهيل الشارع، ولم يتبقى من المكان إلا ثلاثة صور تذكرنا بالسفر الأخير للمستوطنين الثلاثة.
يقول قرعان أنه وفي 12/6/2014 تسلمت منصبي كضابط قصاص أثر في المنطقة، حيث رغبت في قضاء يوم السبت داخل القاعدة العسكرية حتى أتعرف على المنطقة بشكل أفضل، في الساعة 10 ليلاً ركب المستوطنون الثلاثة سيارة المنفذين، ولكن في اليوم التالي – كما يقول – تبين أن هنالك قد حدثت عملية أسر، في الصباح تلقيت إتصالاً من قائد في الجيش يبلغني أنها توجد بعض الأخبار التي تتحدث عن عملية أسر، وطلب مني تمشيط منطقة محطة الإنتظار والطرق المجاورة، ويضف قرعان لم أدرِ عما كان يتحدث لقد توجهت الى أحد قصاصي الأثر، وسألته عن المكان، بعد دقيقتين كنا في محطة الإنتظار.
ويضف قائلاً "بحثنا عن كل شيء، نظارات، دماء، علامات سحب، أشخاص أحياء وأموات، لم ادرِ ما أقول، سألت نفسي الى أين وصلت؟ حينها اعلن على جهاز الإتصال عن "الإمتحان الحقيقي"، في الحقيقة كان إمتحان بالنسبة لي، كنت في غزة أبحث عن الإنفاق، ولم أكن أبحث عن الجنود الأسرى، الكل كان ينظر إلي وينتظرون مني إجابات.
خلال الساعات الأولى بحث قرعان برفقة قصاصين آخرين متراً وراء متر في المنطقة، مكثت ساعات داخل خط ناقل للمياه بهدف التفتيش، في هذه الأثناء أستيقظ مواطنو "إسرائيل" على واقع جديد، كانت الشائعات تعم الواتس اب، حيث كان الجميع يعلمون بأن شيئًا ما يحدث، لكن لا أحد يعرف بالضبط ماذا. في ذات الوقت بدأت قوات كبيرة من الجيش، وجهاز الشاباك، والشرطة، ووحدة تحديد مكان المفقودين، ووحدات أخرى بالتدفق إلى المنطقة، ويتابع قرعان بحثنا في كل طريق، وفي كل مسار، وكل مخرج، وقمنا بالبحث في كل متر، وكانت وظيفتي البحث عن المستوطنين لمعرفة ما إذا كانوا قد قتلوا في مكان ما، في طريق مسدود قال قرعان "هنا تم قتلهم، هنا أطلق المنفذون النار، قبل أن يتحولوا إلى الجنوب".
في الشارع الموجود في الأسفل تم عرض مباريات المونديال في الليلة الماضية، بالتالي لا يمكن أن يكونوا هناك لأنهم قد يرونهم، وبدأنا نبحث عن الرصاصات التي سمعت في المحادثة، عاد الى المكالمة الأخيرة التي كانت مع الرقم 100، والتي قال فيها أحد المستوطون إنهم أُسروا، سرنا على الرُكب، بحثنا تحت كل حجر، لا توجد أرض لم أمشِ بها، لكن لم نجد أي شيء، كل شيء كان داخل السيارة الرصاصات والأغلفة.
خلال عدة أيام قامت قوات كبيرة من الجيش بمساعدة الضابط قرعان بالبحث عن المستوطنين، في ساعات النهار كان يبحث مع القوات، وفي ساعات الليل كان يشارك في اجتماعات استخبارية، وصف قرعان الوضع فيقول "شعرت أن الدولة بكاملها على أكتافي، وأن كل الدولة تبحث معنا، وأن الجميع ينظر إليّ، مهمتي كانت رؤية الأشياء التي لا يراها الآخرون، لم نجد شيء بعد يوم كامل من البحث، كلهم يجلسون وأنت ترسم خطة البحث، ولا إجابات لديك".
خلال فترة طويلة بحثت القوات بصورة عمياء، وكان الخوف من تمكن الخاطفين من نقلهم إلى قطاع غزة، وحينها تم اكتشاف طرف الخيط، حيث ترك الخاطفون المستوطنين قتلى في حلحول، وواصلوا السير نحو دورا، وهناك قد أحرقوا المركبة.
وعن كيفية العثور على جثث القتلى قال قرعان، هنالك فارق في الوقت مدته 22 دقيقة بين اختفاء المركبة عن الكاميرات وعودتها، وهذا عزز فكرة وجود المستوطنين في تلك المنطقة بالتحديد، بعد البحث وجدت نظارات أحد المستوطنين مما أوجد لدي الأمل، وقررنا أن نبحث بشكل دقيق، حيث تم إستدعاء قوات كبيرة وبحثنا في كل مكان في المنطقة المحددة، بعد أسبوعين من البحث وصلنا لخطوة متقدمة، واستمرت عمليات البحث، واقتربنا من المكان الذي دفن فيه المستوطنين، ولكن لا أحد منا يعرف المنطقة.
ويكمل قرعان أن وحدة البحث أرادت إجراء تغيير في طريقة طريقتها، حينا طرحت عدة أسئلة، من هم الخاطفون؟ بماذا يعملون؟ وعن ماذا هم مسؤولين؟ فإن كان الخاطف راعي أغنام مثلاً يعرف طبيعة المنطقة، قرابة الأسبوعان والنصف بعد الإختطاف بدأت قوات البحث تعمل من منطلق أن المستوطنين أحياء، وعندما وصلنا الى كهف دخلنا فيه وافترضنا أن صدام مع المخطوفين كان هناك، مع وجود رصاصة في البرميل.
في 30/6، أي بعد أسبوعان ونصف من عملية الخطف وصلت القوات لخربة أرنبة بالقرب من بلدة حلحول، فجأة شاهدنا أكوام من القش لا علاقة لها بمعالم المنطقة، وبدأنا برفع القش والحفر، وشاهدنا "صندل وكف يد"، قرعان الذي كان من أوائل الذين وصلوا للمكان، وأدرك فوراً إنهم هم يصف الدفن بأنه كان بسيطًا جدًا، حيث وضعوا الحجارة والجثث والحصى ثم الأشواك، بعد ذلك نقلت الجثث في مروحية رئيس الأركان بني جنتس.
وخلال المقابلة قرر قرعان الكشف عن قصة لم يخبرها بها أحداً من قبل، حيث قال "قبل ليلة من العثور على جثث المستوطنين استدعيت إلى خربة أرنبة، حيث وجد الجنود قميصاً عليه شيء أحمر، أدركت أنه ليس له علاقة، لأن الدم يتحول الى اللون الأسود بعد ساعتين، ولكن قررت أن أجري عملية تفتيش، كان هناك شيء يشبه الحفرة (مغارة)، قررت الدخول ووجدت بداخلها سكين، قائد اللواء قال علينا المغادرة، حيث كانت المغارة تبعد مسافة 500 متر عن مكان الدفن".
ويختم قرعان المقابلة بقوله "في الحقيقة بالنسبة لي يوجد هنا ــ الضفة الغربية ــــ تحدياً أكثر من غزة، حيث هناك الأشياء واضحة، هناك سياج، أما هنا فنحن نتلقي بشكل يومي بلاغات حول أشخاص في عداد المفقودين، وفي النهاية يتضح بأنه عندما ذهب إلى صديقه لم يكلف نفسه بإبلاغ أولياء الأمور، ولكن لا أحد ينسى ما حدث للمستوطنين الثلاثة، وأضاف بأنه لا تستبعد وقع عمليات أسر أو تسلل الى داخل المستوطنات، ويجب أن يؤخذ كل تقرير على محمل الجد، فنحن اليوم أكثر مهنية، وهناك عمل منظم، وبالتعاون مع المستوطنين أيضاً".
أقل من كيلو متر واحد يفصل بين موقع الأسر وقاعدة الجيش في المنطقة، مسافة تحتاج الى دقيقتين فقط، من هناك بدأ الكابوس الذي إستمر 18 يوماً، أما اليوم فلم يبقى من محطة الحافلات إلا ذكريات، يذكر أن المحطة أزيلت خلال إعادة تأهيل الشارع، ولم يتبقى من المكان إلا ثلاثة صور تذكرنا بالسفر الأخير للمستوطنين الثلاثة.
يقول قرعان أنه وفي 12/6/2014 تسلمت منصبي كضابط قصاص أثر في المنطقة، حيث رغبت في قضاء يوم السبت داخل القاعدة العسكرية حتى أتعرف على المنطقة بشكل أفضل، في الساعة 10 ليلاً ركب المستوطنون الثلاثة سيارة المنفذين، ولكن في اليوم التالي – كما يقول – تبين أن هنالك قد حدثت عملية أسر، في الصباح تلقيت إتصالاً من قائد في الجيش يبلغني أنها توجد بعض الأخبار التي تتحدث عن عملية أسر، وطلب مني تمشيط منطقة محطة الإنتظار والطرق المجاورة، ويضف قرعان لم أدرِ عما كان يتحدث لقد توجهت الى أحد قصاصي الأثر، وسألته عن المكان، بعد دقيقتين كنا في محطة الإنتظار.
ويضف قائلاً "بحثنا عن كل شيء، نظارات، دماء، علامات سحب، أشخاص أحياء وأموات، لم ادرِ ما أقول، سألت نفسي الى أين وصلت؟ حينها اعلن على جهاز الإتصال عن "الإمتحان الحقيقي"، في الحقيقة كان إمتحان بالنسبة لي، كنت في غزة أبحث عن الإنفاق، ولم أكن أبحث عن الجنود الأسرى، الكل كان ينظر إلي وينتظرون مني إجابات.
خلال الساعات الأولى بحث قرعان برفقة قصاصين آخرين متراً وراء متر في المنطقة، مكثت ساعات داخل خط ناقل للمياه بهدف التفتيش، في هذه الأثناء أستيقظ مواطنو "إسرائيل" على واقع جديد، كانت الشائعات تعم الواتس اب، حيث كان الجميع يعلمون بأن شيئًا ما يحدث، لكن لا أحد يعرف بالضبط ماذا. في ذات الوقت بدأت قوات كبيرة من الجيش، وجهاز الشاباك، والشرطة، ووحدة تحديد مكان المفقودين، ووحدات أخرى بالتدفق إلى المنطقة، ويتابع قرعان بحثنا في كل طريق، وفي كل مسار، وكل مخرج، وقمنا بالبحث في كل متر، وكانت وظيفتي البحث عن المستوطنين لمعرفة ما إذا كانوا قد قتلوا في مكان ما، في طريق مسدود قال قرعان "هنا تم قتلهم، هنا أطلق المنفذون النار، قبل أن يتحولوا إلى الجنوب".
في الشارع الموجود في الأسفل تم عرض مباريات المونديال في الليلة الماضية، بالتالي لا يمكن أن يكونوا هناك لأنهم قد يرونهم، وبدأنا نبحث عن الرصاصات التي سمعت في المحادثة، عاد الى المكالمة الأخيرة التي كانت مع الرقم 100، والتي قال فيها أحد المستوطون إنهم أُسروا، سرنا على الرُكب، بحثنا تحت كل حجر، لا توجد أرض لم أمشِ بها، لكن لم نجد أي شيء، كل شيء كان داخل السيارة الرصاصات والأغلفة.
خلال عدة أيام قامت قوات كبيرة من الجيش بمساعدة الضابط قرعان بالبحث عن المستوطنين، في ساعات النهار كان يبحث مع القوات، وفي ساعات الليل كان يشارك في اجتماعات استخبارية، وصف قرعان الوضع فيقول "شعرت أن الدولة بكاملها على أكتافي، وأن كل الدولة تبحث معنا، وأن الجميع ينظر إليّ، مهمتي كانت رؤية الأشياء التي لا يراها الآخرون، لم نجد شيء بعد يوم كامل من البحث، كلهم يجلسون وأنت ترسم خطة البحث، ولا إجابات لديك".
خلال فترة طويلة بحثت القوات بصورة عمياء، وكان الخوف من تمكن الخاطفين من نقلهم إلى قطاع غزة، وحينها تم اكتشاف طرف الخيط، حيث ترك الخاطفون المستوطنين قتلى في حلحول، وواصلوا السير نحو دورا، وهناك قد أحرقوا المركبة.
وعن كيفية العثور على جثث القتلى قال قرعان، هنالك فارق في الوقت مدته 22 دقيقة بين اختفاء المركبة عن الكاميرات وعودتها، وهذا عزز فكرة وجود المستوطنين في تلك المنطقة بالتحديد، بعد البحث وجدت نظارات أحد المستوطنين مما أوجد لدي الأمل، وقررنا أن نبحث بشكل دقيق، حيث تم إستدعاء قوات كبيرة وبحثنا في كل مكان في المنطقة المحددة، بعد أسبوعين من البحث وصلنا لخطوة متقدمة، واستمرت عمليات البحث، واقتربنا من المكان الذي دفن فيه المستوطنين، ولكن لا أحد منا يعرف المنطقة.
ويكمل قرعان أن وحدة البحث أرادت إجراء تغيير في طريقة طريقتها، حينا طرحت عدة أسئلة، من هم الخاطفون؟ بماذا يعملون؟ وعن ماذا هم مسؤولين؟ فإن كان الخاطف راعي أغنام مثلاً يعرف طبيعة المنطقة، قرابة الأسبوعان والنصف بعد الإختطاف بدأت قوات البحث تعمل من منطلق أن المستوطنين أحياء، وعندما وصلنا الى كهف دخلنا فيه وافترضنا أن صدام مع المخطوفين كان هناك، مع وجود رصاصة في البرميل.
في 30/6، أي بعد أسبوعان ونصف من عملية الخطف وصلت القوات لخربة أرنبة بالقرب من بلدة حلحول، فجأة شاهدنا أكوام من القش لا علاقة لها بمعالم المنطقة، وبدأنا برفع القش والحفر، وشاهدنا "صندل وكف يد"، قرعان الذي كان من أوائل الذين وصلوا للمكان، وأدرك فوراً إنهم هم يصف الدفن بأنه كان بسيطًا جدًا، حيث وضعوا الحجارة والجثث والحصى ثم الأشواك، بعد ذلك نقلت الجثث في مروحية رئيس الأركان بني جنتس.
وخلال المقابلة قرر قرعان الكشف عن قصة لم يخبرها بها أحداً من قبل، حيث قال "قبل ليلة من العثور على جثث المستوطنين استدعيت إلى خربة أرنبة، حيث وجد الجنود قميصاً عليه شيء أحمر، أدركت أنه ليس له علاقة، لأن الدم يتحول الى اللون الأسود بعد ساعتين، ولكن قررت أن أجري عملية تفتيش، كان هناك شيء يشبه الحفرة (مغارة)، قررت الدخول ووجدت بداخلها سكين، قائد اللواء قال علينا المغادرة، حيث كانت المغارة تبعد مسافة 500 متر عن مكان الدفن".
ويختم قرعان المقابلة بقوله "في الحقيقة بالنسبة لي يوجد هنا ــ الضفة الغربية ــــ تحدياً أكثر من غزة، حيث هناك الأشياء واضحة، هناك سياج، أما هنا فنحن نتلقي بشكل يومي بلاغات حول أشخاص في عداد المفقودين، وفي النهاية يتضح بأنه عندما ذهب إلى صديقه لم يكلف نفسه بإبلاغ أولياء الأمور، ولكن لا أحد ينسى ما حدث للمستوطنين الثلاثة، وأضاف بأنه لا تستبعد وقع عمليات أسر أو تسلل الى داخل المستوطنات، ويجب أن يؤخذ كل تقرير على محمل الجد، فنحن اليوم أكثر مهنية، وهناك عمل منظم، وبالتعاون مع المستوطنين أيضاً".