السلطة الفلسطينية وبايدن، ومآلات المصالحة!

عماد أبو عواد
14-11-2020



عماد أبو عوّاد

منذ المؤتمر الصحفي في مطلع تموز الماضي، بين القياديين في حماس وفتح، صالح العاروري وجبريل الرجوب، ورغم الأجواء الإيجابية التي تركها المؤتمر، لكنه في حقيقة الأمر لم يُبدد الشكوك لدى الشارع الفلسطيني، بقدرة الطرفين على الوصول إلى مصالحة حقيقية، لا وربما شارعنا المُسيس أصلاً، والذي يعي دهاليز السياسة، لم ينفك من الحديث عن أنّ الخطوة مرهونة بنتائج الانتخابات الأمريكية، وأن قدوم جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، لربما سيدفع السلطة للعودة إلى ذات المربع وعدم الاستعجال في الذهاب بعيداً في المصالح والانتخابات.

هذه القناعة المترسخة مرتبطة بمسيرة طويلة من جولات المصالحة التي لم تصل إلى مربع النجاح، ورغم أنّ الجولة الحالية لا تزال الأكثر صدىً ومعوّل عليها بشكل كبير، لكن تترافق مع قناعات تعي حجم الصعوبات، وطبيعة التركيبة الداخلية تحديداً للسلطة الفلسطينية، وفي ظل الأمل الكبير، من البديهي أن يكون الفشل عامل احباط هو الأكبر ربما من بين كلّ الجولات والمسيرات.

فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية، رافقته أجواء احتفالية وإن كانت في غالبيتها من تحت الطاولة، فالسلطة الفلسطينية تعتبر أنّ الهدف الأهم بالنسبة لها، الخلاص من ترامب، والعودة إلى سياسة اوباما التي لم تُقدم شيئاً للقضية الفلسطينية، سوى المزيد من استنزاف الوقت، والتصريحات الإيجابية التي لم توقف استيطاناً، ولم تمنع تهويداً.

وهنا يكمن التساؤل الأهم، هل ستكتفي السلطة بتصريح إيجابي من بايدن، إلى جانب إعادة العلاقات مع الفلسطينيين، مع الإعلان عن قبر صفقة القرن، من أجل إيجاد مبررات التراجع عن مسيرة المصالحة، أم أنّ القناعات بضرورة المصالحة بعيداً عن الواقع الإقليمي والدولي ترسخت.

العودة على الوراء مع وصول بادين إلى سدة الحكم، ستدفع الكثيرين لتحميل السلطة مسؤولية فشل الجهود الرامية للملمة الواقع الداخلي، فعلى خلاف الجولات السابقة، والتي كانت فيه تحميل المسؤوليات تتوزع على طرفي الانقسام، فإنّ الوعي الجمعي الفلسطيني بالغالب، سيُدرك أنّ التراجع كان من طرفٍ دون الآخر.

بايدن الذي سيستنزف المزيد من الوقت، فهو كما وصف نفسه بالصهيوني المخلص، لن يبتعد كثيراً عن خُطى اسلافه الأمريكيين اللذين مكنوا ل"أسرائيل" كثيراً على حساب الحقوق الفلسطينية، لا بل وربما سيكون أكثر خطراً، في ظل حقيقة أنّ السياسة الناعمة والهادئة، لربما تُجمّل صورة الاحتلال، دون إعاقة عمله على الأرض.

ومن المؤلم القول، أنّ الاحتلال الصهيوني ومنذ بدء مساعي المصالحة مؤخراً، لم تتغير لديه القناعة بصعوبة الوصول إلى ذلك، حيث وصف الباحث في معهد دراسات الأمن القومي كوبي ميخال، المهمة بالمستحيلة، معللاً ذلك إلى الفروقات الكبيرة بين التنظيميين أي فتح وحماس، بسبب التنافس على قيادة السلطة، واختلاف طبيعة الداعمين الخارجيين، وخارطة التحالفات الخارجية[1].

التراجع عن المصالحة، في ظل حقيقة العجز الفلسطيني في مضمار المواجهة تحديداً في الضفة الغربية، سيزيد من مساحة تآكل السلطة، ولن يُعاد للملف السياسي اعتباره المفقود منذ كامب ديفيد، ولا يُمكن التغافل عن الدور الإقليمي السلبي، وهذا يعني بالضرورة أنّ الوحدة الفلسطينية، ستكون الخطوة الأولى لإعادة احياء القضية التي تآكلت، والتراجع عنها، لن يوقف عجلة تحويل السلطة إلى أداة إدارية، وربما تغيير الوجوه في سدة القيادة.







[1]   https://www.inss.org.il/he/publication/hamas-fatah-reconciliation/