الشباب الفلسطيني بين علمٍ لا يُسمن وعملٍ لا يُغني من جوع
جودت صيصان
16-09-2020
جودت صيصان
علمٍ لا يُسمن :
كثيراَ ما يتباهى المسؤولون الفلسطينيون بأن معدلات الأمية في فلسطين هي الأقل عالمياً ( 2.6% وذلك حسب ما جاء في تقرير جهاز الإحصاء المركزي في فلسطين بتاريخ 3 سبتمبر عام 2020م) وهذه نسبة متقدمة فعلاً وتبعث على الفخر والاعتزاز ، ولكن ماذا عن المؤشرات النوعية للتعليم سواء في المواد العلمية أو مهارات البحث والتحليل والتطبيق والتقنية ...الخ وغيرها من مهارات القرن الواحد والعشرين الضرورية لسوق العمل والنمو الاقتصادي ؟! أم أننا استبدلناها بنهج الحفظ والإعادة والتكرار .
إن جميع أنظمة التعليم العربية عامة والفلسطينية خاصة تخرّج أشخاصا يحملون شهادات، لكنهم باحثين عن وظيفة، وبالتالي هم عاطلين عن العمل، مما يؤكد بأن مؤسسات التعليم لم تتكيف مع احتياجات السوق المستقبلية، والتي من اهمها الاختراع والإبداع.
عملٍ لا يُغني من جوع :
أظهر تقرير رسمي صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وذلك يوم الخميس الذي يوافق الأول من أيار/مايو لعام 2020 أن :
- نسبة البطالة في أراضي السلطة الفلسطينية، بلغت %33 حتى نهاية عام 2019.
- معدل البطالة بين الشباب الخريجين (19-29) سنة من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى قد بلغت حوالي 55% وهذه طبعاً قبل جائحة كورونا التي زادت الطين بلة .
- 54% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون دون عقد عمل .
-29% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجور في فلسطين والبالغ ( 1450 ) شيقل .
وككل الفلسطينيين، يعاني قطاع الخريجين من هذه التحديات التي تواجههم بعد تخرجهم وأثناء بحثهم عن وظيفة يقتاتون منها لقمة العيش، مما يدفعهم للبحث عن فرص حياة جديدة خارج فلسطين أو أن يخاطروا بحياتهم في كل يوم للهرب من هذا السجن الكبير في رحلة محفوفة بالمخاطر تبدأ باجتياز جدار الفصل العنصري للعمل في المستوطنات الصهيونية مرورا بظروف العمل الشاقة وغير الإنسانية وليس انتهاءً بالتمييز العنصري حتى في أجور العمل .
يأتي كل هذا في الوقت الذي نعي فيه حاجة فلسطين لأبنائها وشبابها أكثر من أي وقت مضى ، في ظل الهرولة من قبل بعض الأنظمة العربية للتطبيع والتحالف مع الاحتلال وغياب البعض الآخر وانشغاله بقضاياه مما يجعل حاجتنا إلى البحث عن حلول ومصارحة حقيقية مع النفس والشعب واجبة رغم مرارة الواقع ووعورة الطريق مما سيفتح أمامنا آفاق لم نكن نتوقعها ، أو بقاء الوضع الراهن كما هو مما يؤدي الى استفحال هذه المشكلة وانتشارها وتضخم آثارها وإفرازاتها.
وهنا لا بد من الإشارة أن هذا الأمر بالرغم من كونه مسؤولية جماعية بشكل عام إلا أنه أيضًا يقع على عاتق المسؤولين الفلسطينيين بشكل خاص، واللذين من شأنهم البحث عن إجراءات عملية ومجالات جديدة للعمل في السوق الفلسطيني تفتح كوّة في نهاية النفق الذي نحن فيه الآن ليدخل منها شعاع أمل يساعد الشباب على الصمود في وجه آلة القمع الصهيونية في ظل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية.