الضفة.. الخيار الإسرائيلي الأوحد للتوسع واستيعاب المهاجرين
عماد أبو عواد
26-05-2018
كتب: عماد أبو عواد
دأب اليمين الإسرائيلي عن الحديث عن الأهمية الدينية والأيدولوجية لجبال الضفة الغربية، فقد اعتبر نفتالي بنت زعيم حزب البيت اليهودي، الممثل القوّي للمستوطنين في الحكومة، أنّ الضفة تُمثل تاريخ الأجداد، وفيها يُمكن مشاهدة الإرث اليهودي العظيم على حد وصفه، ومنها لا يُمكن الخروج، فهي بالنسبة لليمين الديني، أكثر أهمية من يافا وعكا وحيفا.
ولعلّ الناظر إلى طبيعة المستوطنين، واللذين بغالبيتهم من المتدينين، بشقيهم الحريدي والقومي، يعتقد أنّ مسألة الاستيطان مرتبطة بهذه الفئة، وأنّ اليمين الديني هو المفعّل الحقيقي لمشروع الاستيطان، إلّا أنّ أمران ينفيان ذلك وبقوّة، الأول: أنّ من بدأ المشاريع الاستيطانية هي الأحزاب العلمانية الليكود والعمل، والثاني: أنّ المشروع الاستيطاني شهد تمدّداً، حتى في عهد حزب العمل، بعد توقيعه اتفاق أوسلو!.
إلى جانب ذلك، فإنّ أيّاً من الأحزاب الفاعلة في المشهد الإسرائيلي، بما في ذلك اليمين والمركز، إذا ما تم استثناء حزب ميرتس اليساري، فإنّها بالإجماع ترى ضرورة البقاء في الضفة، وإن كان بصور مختلفة، وبطروحات قد تتفوت في طبيعة الأرض المراد السيطرة عليها.
وهناك من اعتبر أنّ البقاء في الضفة، واستمرار السيطرة عليها، يُعتبر كنزاً أمنياً لا يُمكن التفريط فيه، فقد اعتبرت العديد من القيادات الأمنية بمن فيهم عاموس يدلين -لواء سابق ورئيس معهد دراسات الأمن القومي الحالي- أنّ الضفة تُمثل عُمقاً أمنياً مهمّاً للدولة العبرية، والتخلي عن مرتفعاتها تحديداً سيعرض أمن "إسرائيل" للخطر.
ما بين الأيدولوجيا والأمن، تبقى الحقيقة الأهم، أنّ المشروع الإسرائيلي الاستيطاني، ليس في حساباته التخلي عن الضفة، أو الانسحاب من أجزاء واسعة منها، وهذا يعود إلى حقيقة أنّ التوّسع العمراني لم يعد ممكناً إلّا في الضفة الغربية، التي باتت تُمثل الفضاء الأهم، لاستيعاب المهاجرين والتمدد العمراني.
ويُشير اللواء جرشون هكوهين، الباحث في مركز بيجن – سادات للدراسات، أنّ الطريقة التي رسم بها رابين تقسيم الضفة لمناطق "أ، ب، ج"، تنم عن ذكاء كبير، وعن بعد نظر مميّز، في إشارة إلى أنّ رابين كان يعي تماماً أنّ هذه المناطق ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية، فقد حوّل رابين المناطق "أ، ب" والتي تُشكل 40% من مساحة الضفة، وتضم 90% من سكانها لسيطرة السلطة، وأبقى 60% تحت السيطرة الإسرائيلية، وبنسبة سكان لا تصل لـ10%.
ووفق المعطيات الحالية، والتي يُقدمها المركز الإسكاني الأعلى في "إسرائيل"، فإنّ الدولة العبرية وبعد ثلاث عقود، لن تجد فيها سنتمتراً واحداً للبناء، وتحديداً بعد فشل مشروع إسكان النقب، بفعل طبيعته التي لا تلائم الغالبية العظمى من المستوطنين اليهود، الأمر الذي يدفع تلك المراكز، إلى التأكيد على ضرورة الاستمرار في السيطرة على الضفة الغربية، كونها الفضاء الأخير للتوسع العمراني الإسرائيلي.
ووفق المعطيات الإسرائيلية أيضاً، فإنّ مساحة البناء المتبقية في تل ابيب، تعادل فقط 27%، وفي حيفا 45%، وفي القدس 53%، فيما في المناطق " ج "، في الضفة الغربية، وإن تضاربت الأرقام، لكنّها تحوم حول 90% من الأراضي الفارغة، الصالحة للبناء.
وحيال النمو السكاني، فقد أشارت مُعطيات اللجنة المركزية للإحصاء، أنّ النمو السكاني في المستوطنات دون القدس، وصل في العام 2015 الى نحو 4.1%، وهو ضعف النمو العام والذي وصل الى 2% فقط، ووفق اللجنة، فإنّ مصدر هذه الزيادة الكبيرة هو نتيجة الهجرة الإسرائيلية تجاه المستوطنات، وهجرة مستوطنين جدد من العالم اليها.
إلى جانب ذلك، فإنّ المخططات الإسرائيلية تُشير إلى أنّ "إسرائيل" بحاجة إلى بناء 2.6 مليون وحدة سكنية حتى العام 2040، ومن ضمن المُخطط، فإنّ جزء كبير منها سيكون في مناطق غور الأردن، أي في اقصى الشرق الفلسطيني ليُصبح الاستيطان الإسرائيلي "كمّاشة" تُحيط بكامل فلسطين التاريخية.
ويُمكن ملاحظة العمل الإسرائيلي الدؤوب، المخطط وغير العشوائي في الاستيطان ومصادرة الأراضي من خلال:
أولاً: في مناطق الغور الفلسطيني بدأت الحكومة الإسرائيلية، بإفراغ الكثير من المناطق من الفلسطينيين، اللذين يقومون بتربية المواشي في تلك المناطق، وحصرتهم في مناطق محدودة.
ثانياً: المناطق المصادرة في الضفة الغربية، تُشير إلى دقة التخطيط الإسرائيلي، بحيث هذه المناطق مرتبطة بالتجمع الأكبر، إلى جانب ضمان وجود شبكة طرق تربط كل تلك المناطق ببعضها.
ثالثاً: منعت "إسرائيل"، ومنذ اتفاق أوسلو الفلسطينيين من البناء في المناطق " ج "، وضمنت بقاء تلك المناطق فارغة، وهي تفكر الآن بشكل جدّ، بضم تلك المناطق، على أن يتم منح السكان الفلسطينيين واللذين قدرت عددهم فيها بنحو 100 ألف، هوّيات إسرائيلية، وتحويلهم إلى مواطنين، وإن كان بدرجة رابعة.
رابعاً: الناظر إلى طبيعة نشأة المستوطنات، يُدرك أنّها بدأت على شكل بؤر صغيرة ظنناها كفلسطينيين عشوائية، لنكتشف بعد تحوّلها إلى مستوطنات رسمية، أن من يقف وراء التخطيط لها، دولة بمؤسساتها المختلفة.
ختاماً، تُمثل الضفة الخيار الوحيد للتوسع العمراني الإسرائيلي، ووفق المعطيات الحالية، فإنّ التفكير الإسرائيلي بضم المناطق " ج "، قد خرج إلى حيّز التنفيذ، فبعيداً عن الايدولوجيا والأمن، يُعتبر عامل إيجاد مساحات استيطانية هو الأهم من وجهة النظر الإسرائيلية، من أجل استمرار التمسك بالضفة، وقبر اتفاقات السلام، التي كان منذ بدايتها وهمية، ومنذ لحظة توقيعها، كان يُمنكن استشفاف النية الإسرائيلية، بإبقاء السيطرة على الضفة الغربية.
دأب اليمين الإسرائيلي عن الحديث عن الأهمية الدينية والأيدولوجية لجبال الضفة الغربية، فقد اعتبر نفتالي بنت زعيم حزب البيت اليهودي، الممثل القوّي للمستوطنين في الحكومة، أنّ الضفة تُمثل تاريخ الأجداد، وفيها يُمكن مشاهدة الإرث اليهودي العظيم على حد وصفه، ومنها لا يُمكن الخروج، فهي بالنسبة لليمين الديني، أكثر أهمية من يافا وعكا وحيفا.
ولعلّ الناظر إلى طبيعة المستوطنين، واللذين بغالبيتهم من المتدينين، بشقيهم الحريدي والقومي، يعتقد أنّ مسألة الاستيطان مرتبطة بهذه الفئة، وأنّ اليمين الديني هو المفعّل الحقيقي لمشروع الاستيطان، إلّا أنّ أمران ينفيان ذلك وبقوّة، الأول: أنّ من بدأ المشاريع الاستيطانية هي الأحزاب العلمانية الليكود والعمل، والثاني: أنّ المشروع الاستيطاني شهد تمدّداً، حتى في عهد حزب العمل، بعد توقيعه اتفاق أوسلو!.
إلى جانب ذلك، فإنّ أيّاً من الأحزاب الفاعلة في المشهد الإسرائيلي، بما في ذلك اليمين والمركز، إذا ما تم استثناء حزب ميرتس اليساري، فإنّها بالإجماع ترى ضرورة البقاء في الضفة، وإن كان بصور مختلفة، وبطروحات قد تتفوت في طبيعة الأرض المراد السيطرة عليها.
وهناك من اعتبر أنّ البقاء في الضفة، واستمرار السيطرة عليها، يُعتبر كنزاً أمنياً لا يُمكن التفريط فيه، فقد اعتبرت العديد من القيادات الأمنية بمن فيهم عاموس يدلين -لواء سابق ورئيس معهد دراسات الأمن القومي الحالي- أنّ الضفة تُمثل عُمقاً أمنياً مهمّاً للدولة العبرية، والتخلي عن مرتفعاتها تحديداً سيعرض أمن "إسرائيل" للخطر.
ما بين الأيدولوجيا والأمن، تبقى الحقيقة الأهم، أنّ المشروع الإسرائيلي الاستيطاني، ليس في حساباته التخلي عن الضفة، أو الانسحاب من أجزاء واسعة منها، وهذا يعود إلى حقيقة أنّ التوّسع العمراني لم يعد ممكناً إلّا في الضفة الغربية، التي باتت تُمثل الفضاء الأهم، لاستيعاب المهاجرين والتمدد العمراني.
ويُشير اللواء جرشون هكوهين، الباحث في مركز بيجن – سادات للدراسات، أنّ الطريقة التي رسم بها رابين تقسيم الضفة لمناطق "أ، ب، ج"، تنم عن ذكاء كبير، وعن بعد نظر مميّز، في إشارة إلى أنّ رابين كان يعي تماماً أنّ هذه المناطق ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية، فقد حوّل رابين المناطق "أ، ب" والتي تُشكل 40% من مساحة الضفة، وتضم 90% من سكانها لسيطرة السلطة، وأبقى 60% تحت السيطرة الإسرائيلية، وبنسبة سكان لا تصل لـ10%.
ووفق المعطيات الحالية، والتي يُقدمها المركز الإسكاني الأعلى في "إسرائيل"، فإنّ الدولة العبرية وبعد ثلاث عقود، لن تجد فيها سنتمتراً واحداً للبناء، وتحديداً بعد فشل مشروع إسكان النقب، بفعل طبيعته التي لا تلائم الغالبية العظمى من المستوطنين اليهود، الأمر الذي يدفع تلك المراكز، إلى التأكيد على ضرورة الاستمرار في السيطرة على الضفة الغربية، كونها الفضاء الأخير للتوسع العمراني الإسرائيلي.
ووفق المعطيات الإسرائيلية أيضاً، فإنّ مساحة البناء المتبقية في تل ابيب، تعادل فقط 27%، وفي حيفا 45%، وفي القدس 53%، فيما في المناطق " ج "، في الضفة الغربية، وإن تضاربت الأرقام، لكنّها تحوم حول 90% من الأراضي الفارغة، الصالحة للبناء.
وحيال النمو السكاني، فقد أشارت مُعطيات اللجنة المركزية للإحصاء، أنّ النمو السكاني في المستوطنات دون القدس، وصل في العام 2015 الى نحو 4.1%، وهو ضعف النمو العام والذي وصل الى 2% فقط، ووفق اللجنة، فإنّ مصدر هذه الزيادة الكبيرة هو نتيجة الهجرة الإسرائيلية تجاه المستوطنات، وهجرة مستوطنين جدد من العالم اليها.
إلى جانب ذلك، فإنّ المخططات الإسرائيلية تُشير إلى أنّ "إسرائيل" بحاجة إلى بناء 2.6 مليون وحدة سكنية حتى العام 2040، ومن ضمن المُخطط، فإنّ جزء كبير منها سيكون في مناطق غور الأردن، أي في اقصى الشرق الفلسطيني ليُصبح الاستيطان الإسرائيلي "كمّاشة" تُحيط بكامل فلسطين التاريخية.
ويُمكن ملاحظة العمل الإسرائيلي الدؤوب، المخطط وغير العشوائي في الاستيطان ومصادرة الأراضي من خلال:
أولاً: في مناطق الغور الفلسطيني بدأت الحكومة الإسرائيلية، بإفراغ الكثير من المناطق من الفلسطينيين، اللذين يقومون بتربية المواشي في تلك المناطق، وحصرتهم في مناطق محدودة.
ثانياً: المناطق المصادرة في الضفة الغربية، تُشير إلى دقة التخطيط الإسرائيلي، بحيث هذه المناطق مرتبطة بالتجمع الأكبر، إلى جانب ضمان وجود شبكة طرق تربط كل تلك المناطق ببعضها.
ثالثاً: منعت "إسرائيل"، ومنذ اتفاق أوسلو الفلسطينيين من البناء في المناطق " ج "، وضمنت بقاء تلك المناطق فارغة، وهي تفكر الآن بشكل جدّ، بضم تلك المناطق، على أن يتم منح السكان الفلسطينيين واللذين قدرت عددهم فيها بنحو 100 ألف، هوّيات إسرائيلية، وتحويلهم إلى مواطنين، وإن كان بدرجة رابعة.
رابعاً: الناظر إلى طبيعة نشأة المستوطنات، يُدرك أنّها بدأت على شكل بؤر صغيرة ظنناها كفلسطينيين عشوائية، لنكتشف بعد تحوّلها إلى مستوطنات رسمية، أن من يقف وراء التخطيط لها، دولة بمؤسساتها المختلفة.
ختاماً، تُمثل الضفة الخيار الوحيد للتوسع العمراني الإسرائيلي، ووفق المعطيات الحالية، فإنّ التفكير الإسرائيلي بضم المناطق " ج "، قد خرج إلى حيّز التنفيذ، فبعيداً عن الايدولوجيا والأمن، يُعتبر عامل إيجاد مساحات استيطانية هو الأهم من وجهة النظر الإسرائيلية، من أجل استمرار التمسك بالضفة، وقبر اتفاقات السلام، التي كان منذ بدايتها وهمية، ومنذ لحظة توقيعها، كان يُمنكن استشفاف النية الإسرائيلية، بإبقاء السيطرة على الضفة الغربية.