الضفة الغربية والقدس.. الربع الأول من العام 2022: تصاعد المقاومة وتصاعد التحديات.. السياق والتحليل

فضل عرابي
29-04-2022
تحميل المادة بصيغة PDF

تقارير

 

 

الضفة الغربية والقدس.. الربع الأول من العام 2022

تصاعد المقاومة وتصاعد التحديات.. السياق والتحليل

 

 

يشتمل التقرير على عرض شامل للأحداث.. وتحليلها من خلال آراء الخبراء في الشأن الفلسطيني

 التقرير يشمل الربع الأول بالإضافة إلى شهر نيسان/ إبريل

 

 

فضل عرابي

 

 

مركز القدس للدراسات

30 نيسان/ إبريل 2022

 

 

 

 

 

المحتويات

المقدمة

مسارالانتهاكات

انتهاكات الاحتلال

مشاهد من سلوك قوات الاحتلال الأمني في الضفة الغربية في شهر نيسان/ إبريل

  • 25 نيسان\ إبريل: حملة اعتقالات تركزت في الخليل
  • اشتباكات في جنين
  • 27 نيسان أبريل: شهيد في جنين خلال اشتباك مع الاحتلال
  • اعتقال 18 فلسطينيًا في يوم واحد

في تحليل السلوك الأمني للاحتلال

  • اعتداءات الاحتلال ليست منوطة بمدى زمني
  • محاولة لاستعادة ثقة الشارع الإسرائيلي
  • سياسة أمنية مركبة

مسار اقتحامات المسجد الأقصى المبارك

الاقتحامات

تحليل الاقتحامات

  • حالة من التوغل والتوحش
  • إحباط قربان الفصح.. أما التقسيم الزماني فمستمر
  • الأقصى والقيامة رموز تتحدى السيادة الإسرائيليّة
  • سياسات اقتحام المسجد الأقصى

مسار المقاومة

  • عمليات نوعية للمقاومة
  • أعمال المقاومة النوعية خلال الربع الأول من عام 2022
  • أبرز عمليات المقاومة

تحليل مسار المقاومة

  • سسقوط فرضية الحل الأمني
  • هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية
  • اهتزاز نظرية الردع الإسرائيلية
  • نسق اعتيادي للشعوب الواقعة تحت الاحتلال
  • حلقة في سلسلة أطول

نظرة استشراف  للمستقبل

  • احتمالات قائمة لمواجهة أوسع
  • من هبة إلى هبة من دون تحوّلها إلى انتفاضة
  • حالة كفاحية جارية
  • جيل جريء.. ومشكلة التنظيم
  • من هبة إلى هبة من دون تحوّلها إلى انتفاضة

الخاتمة

 

 

أسماء الخبراء الذين استضافهم التقرير، مرتبة حسب الحروف الهجائية:

 

خليل شاهين

راسم عبيدات

ساري عرابي

سليمان بشارات

عصمت منصور

نشأت الأقطش

هاني المصري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقدمة

منذ بداية العام استشهد 47 فلسطينيًا، منهم 18 خلال أسبوعين من 1-14 نيسان\ إبريل، غالبيتهم استشهدوا بعد تصريحات رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت في الثامن من الشهر ذاته بمنح تفويض للجيش لشن حرب بلا هوادة على ما وصفه بالإرهاب. [1]

ووفقًا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد كان من بين الـ47 شهيدًا الذين قضوا برصاص جيش الاحتلال 8 أطفال وامرأتان، لافتًا إلى أن هذا العدد يمثل قرابة 5 أضعاف الفلسطينيين الذين استشهدوا برصاص جيش الاحتلال في الفترة نفسها من العام الماضي، والذي بلغ 10 شهداء. [2]

وفي سياق سياساتها الاستعمارية، بهدف فرض وقائع جديدة على الأرض، من خلال تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي لمدينة القدس، كثفت سلطات الاحتلال ومنذ مطلع هذا العام تنفيذ مخططاتها الاستيطانية والتهويدية في المدينة المقدسة، وعملت جاهدة على تحقيق التقاسم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك.

وخلال شهر رمضان المبارك وفي سعيها لتحقيق التقاسم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، كثفت قوات الاحتلال من اقتحاماتها للمسجد، والاعتداء على المصلين والمعتكفين في داخله، وكانت ذروة هذه الاعتداءات في الجمعة الثانية من شهر رمضان الموافق 15 نيسان\ إبريل الجاري، حيث "أصيب أكثر من 150 فلسطينيًا، واعتقل 400 آخرون". [3] ومنذ مطلع العام الجاري اعتقلت قوات الاحتلال نحو 2140 فلسطينيًا. [4]

في المقابل، شهد هذا العام ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات المقاومة النوعية، وخسائر الاحتلال في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل عام 1948، "فبالنظر إلى معدل العمليات فإن أول ثلاثة أشهر من هذا العام تعادل معدل العمليات السنوي في الأعوام السابقة، عدا عام 2021". [5]

وشكلت الفترة ما بين 22 آذار\ مارس و7 نيسان\ إبريل ذروة عمليات المقاومة، إذ جرى تنفيذ 4 عمليات، أسفرت عن مقتل 13 إسرائيليًا. [6]

مسار انتهاكات الاحتلال

انتهاكات الاحتلال

رصد مركز القدس للدراسات، انتهاكات الاحتلال المتعددة ضد الفلسطينيين خلال الربع الأول لعام 2022، (الفترة من بداية كانون ثاني\ يناير، وحتى نهاية آذار\ مارس) والتي بلغت 1147 انتهاكًا نفذه الاحتلال ومستوطنوه ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، والتي اشتملت على الحواجز الدائمة وما يتبعها من تقطيع أوصال مدن الضفة، والحواجز العسكرية الطيارة، وإغلاق طرق رئيسة وحيوية وقرى، ومصادرة أراضٍ، وسرقة أموال خاصة، وغير ذلك من الانتهاكات.

كما واصلت سلطات الاحتلال سياساتها في هدم المنشآت، فقد هدمت 139 منشأة قائمة، من بينها منازل أسرى وشهداء، في إطار سياسات العقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال، في مختلف محافظات الوطن، إذ هدمت 44 منشأة في كانون الثاني\ يناير، [7]و57 منشأة في شباط\ فبراير، [8] و38 منشأة في آذار\ مارس. [9]

فيما استشهد 47 فلسطينيًا برصاص جيش الاحتلال منهم 8 أطفال وامرأتان، منذ بداية العام وحتى 14 نيسان\ إبريل الجاري.

ووفقًا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد تم تسجيل ما لا يقل عن 8 عمليات إعدام ميداني، بذريعة الاشتباه أو محاولة تنفيذ عملية طعن، إذ ترك جيش الاحتلال جميع الضحايا ينزفون حتى الموت بعد إطلاق النار عليهم، ولم يقدم لهم أي إسعاف، في مخالفة فاضحة لقواعد القانون الدولي الإنساني.

واستشهد 6 أشخاص في عمليتي اغتيال (إعدام خارج نطاق القانون) في نابلس وجنين، و6 آخرون خلال اشتباكات مسلحة رافقت اقتحام قوات الاحتلال لمدن الضفة الغربية. [10]

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن تفويض المستوى السياسي الرسمي الإسرائيلي للجيش والأمن للعمل بـ"حرية كاملة لدحر الإرهاب" مهد الطريق لإطلاق يد قوات الاحتلال دون أي مبرر لقتل المدنيين الفلسطينيين والتنكيل بهم على الحواجز العسكرية، وفي مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية، والقدس.

محملًا المستوى السياسي الإسرائيلي المسؤولية عن حوادث قتل الفلسطينيين، وخصوصًا تلك التي راح ضحيتها نساء وأطفال عزل قتلوا بدم بارد دون أن يشكلوا أي تهديد لحياة جنود الاحتلال.

وربط المرصد زيادة أعمال قتل الفلسطينيين في العام الجاري، بالتعليمات الجديدة لسياسة إطلاق النار التي أقرها الجيش الإسرائيلي في 20 كانون أول\ ديسمبر 2021، والتي منحت الضوء الأخضر للجنود في الضفة الغربية لفتح النار على الشبان الفلسطينيين من ملقي الحجارة والزجاجات الحارقة. وهو ما لقي ترحيبًا من رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بنيت الذي قال إنّ هذه التعديلات "ستسمح للجنود بالدفاع عن أنفسهم".

وبحسب المرصد، فإن سياسة إطلاق النار التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي كانت دائمًا بالفعل مرنة، وكثيرًا ما أفضت لقتل فلسطينيين دون أي مبرر، ودون توفر مبدأ الضرورة والتناسب؛ إلا أن التعليمات الجديدة جعلت من الضغط على الزناد مسألة هيّنة على الجنود، في ظل وجود قرار رسمي داعم وإجراءات تحميهم من أي مساءلة.

ونتيجة لذلك، شهدت عمليات القتل زيادة لافتة خلال العام، إذ استشهد في كانون ثاني\ يناير 5 فلسطينيين، وفي شباط\ فبراير 6 فلسطينيين، وفي آذار\ مارس ارتفع العدد إلى 18 فلسطينيًا، في حين استشهد 18 فلسطينيًا في 14 يومًا فقط من شهر نيسان\ إبريل[11].

وقد شدد المرصد، على أن "التمادي الإسرائيلي في استخدام القوة المميتة ضد المدنيين، يأتي كنتيجة حتمية لغياب المساءلة الداخلية في إسرائيل من جهة، ونتيجة لسياسة المجتمع الدولي من جهة أخرى، والذي يسمح لإسرائيل في كل مرة بالإفلات من العقاب".

ودعا آليات وهيئات الأمم المتحدة المعنية بالتحرك العاجل لحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية، واتخاذ خطوات جادة لضمان المساءلة عن جرائم القتل المروعة التي تقترف ضدهم.[12]

ومنذ مطلع العام وحتى 15 نيسان\ إبريل، اعتقلت قوات الاحتلال نحو 2140 فلسطينيًا، ومن بين المعتقلين أكثر من 200 طفل، وأكثر من 35 إمرأة "وتركزت عمليات الاعتقال في القدس، وجنين، رافقها انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين وعائلاتهم، حيث سجلت العديد من الشهادات التي عكست جملة من الجرائم والسياسات التنكيلية الثابتة التي تنفذها سلطات الاحتلال، كما عملت سلطات الاحتلال وبأجهزتها المختلفة، على تطوير المزيد من أدوات التنكيل، وتعمق انتهاكاتها عبر بنية العنف الهادفة إلى سلب الأسير الفلسطيني فاعليته وحقوقه الإنسانية، وفرض مزيد من السيطرة والرقابة".

ومنذ مطلع العام الجاري، أصدرت سلطات الاحتلال نحو 400 أمر اعتقال إداري بحق معتقلين، غالبيتهم أسرى سابقون تعرضوا للاعتقال مرات عديدة، وكانت أعلى نسبة خلال شهر آذار\ مارس الماضي، حيث بلغت 195 أمرًا.[13]

مشاهد من سلوك قوات الاحتلال الأمني في الضفة الغربية في شهر نيسان/ إبريل

  • 25 نيسان\ أبريل: حملة اعتقالات تركزت في الخليل

اعتقلت قوات الاحتلال فجر الاثنين 25 نيسان\ أبريل 12 مواطنًا من مدن الضفة الغربية بينهم قياديان ومحررون.

ووفقًا لمكتب إعلام الأسرى فإن قوات الاحتلال اعتقلت القيادي في حركة حمـاس المحرر الشيخ خضر الحروب من منزله في دورا جنوب الخليل، والمحرر الشيخ إسماعيل حسين الحروب والمحرر توفيق الحروب من دير سامت، وتم الإفراج عنهم جميعًا بعد احتجازهم لساعات والتحقيق الميداني معهم.

وفي إذنا غرب الخليل اعتقلت قوات الاحتلال القيادي في حركة الجهـاد الإسلامي المحرر خليل محمد الخاروف، فيما احتجزت الشاب إياد العواودة شقيق الأسير المضرب عن الطعام خليل العواودة.

وفي بلدة بيت أمر شمال الخليل اعتقلت قوات الاحتلال مرشد زعاقيق وأبناءه المحررين محمد ومهند ومجدي بعد مداهمة منزلهم.

وفي مدينة جنين، تم اعتقال الأسير المحرر سليم أبو الرب من قرية مسلية، والمطارد أمجد الداموني من بلدة قباطية، والشابين وائل سبتة وإسماعيل محيسن من بلدة العيساوية شرق القدس. [14]

  • اشتباكات في جنين

وتزامنت الاعتقالات مع مواجهات عنيفة اندلعت في بلدة قباطية جنوب جنين رشق خلالها الشبان قوات الاحتلال بوابل من الحجارة، وتمكن مقاومون من إطلاق النار صوب آليات الاحتلال التي اقتحمت البلدة وخاصة في المنطقة الشرقية.

"وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال نصبت القناصة على أسطح المنازل في بلدة قباطية وجبل الداموني. وأضافوا أن قوات خاصة داهمت عدة منازل في البلدة، وأجرت فيها عمليات تفتيش وتخريب في ممتلكات المواطنين". [15]

  • 27 نيسان أبريل: شهيد في جنين خلال اشتباك مع الاحتلال

استشهد الشاب أحمد مساد (18 عامًا) وأصيب ثلاثة آخرون، برصاص قوات الاحتلال، فجر يوم الأربعاء 27 نيسان\ أبريل بعد اقتحام قوات الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها.

وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مخيم جنين من 5 محاور بأكثر من 70 جيبًا عسكريًا، ونفذت عمليات مداهمة واعتقال، واندلعت اشتباكات عنيفة بين جيش الاحتلال والمقاومين.

ليرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين برصاص الاحتلال لـ50 شهيدًا، منذ بداية العام الجاري، منهم 4 من الداخل الفلسطيني المحتل، كما وصل عدد الشهداء منذ بداية شهر نيسان\ أبريل ولغاية 27 منه لـ21 شهيدًا قضوا برصاص قوات الاحتلال.[16]

  • اعتقال 18 فلسطينيًا في يوم واحد

اعتقلت قوات الاحتلال 18 فلسطينيًا فجر يوم الأربعاء 27 نيسان\ أبريل، خلال حملة اعتقالات واسعة شنتها في مدن مختلفة من الضفة الغربية.

وأفاد مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال داهمت مخيم جنين واعتقلت الأسير المحرر عاصم أبو الهيجا، نجل القيادي الأسير الشيخ جمال أبو الهيجا المحكوم بالسجن المؤبد تسع مرات، حيث اعتدت على عاصم بوحشية وتفجير أبواب المنزل، كما اعتقلت المحرر يزن مرعي من المخيم، والمحررين ياسر أبو الرب والشيخ علاء أبو الرب وعلاء حنايشة من بلدة قباطية جنوب جنين.

كما  اعتقلت المحرر عصام ريان من بلدة بيت دقو شمال غرب القدس، والمحرر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي رياض أبو صفية من بلدة بيت سيرا غرب رام الله، والمحرر محمد غيظان ونجله عبد العزيز من قرية قبيا غرب رام الله، والشابين عمار وبراء حمايل من بلدة بيتا جنوب نابلس.

وطالت حملة الاعتقالات، المحرر محمد زهير أبو حفيظة من علار قرب طولكرم، ووليد أبو تركي ونجله محمد من خربة قلقس قرب الخليل، ومصطفى غنيمات من صوريف، والشابين إسماعيل سنقرط ويزن حمدان محمود، ومحمد الشيخ علي من القدس. [17]

في تحليل السلوك الأمني للاحتلال

  • اعتداءات الاحتلال ليست منوطة بمدى زمني

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الباحث في مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، سليمان بشارات:ان اعتداءات الاحتلال المتواصلة على الفلسطينيين منذ بداية العام، ليست منوطة بمدى زمني، فما يجري هو إفراز لحالة وجود احتلال، وأينما وجد الاحتلال وجدت الاعتداءات، وبالتالي هذا الأمر ليس بالأمر الجديد وإنما هو قائم منذ قيام الاحتلال.

ويضيف: قد تتنوع أصناف الاعتداءات أو اشكالها وأنماطها وحجمها، وهذا قد يرتبط ببعض العوامل أو المحددات سواء بعض المناسبات الدينية، أو المعتقدات، أو ارتباطها بسياسات التأثير على الأرض بهدف خلق واقع جديد، إضافة لارتباطه أيضًا بالمنحنى اليميني المتطرف الذي بات يتعزز أكثر فأكثر داخل المجتمع الإسرائيلي ومؤسسته وفي مقدمتها الحكومة، حيث أصبحت القوى اليمينة المتطرفة هي صاحبة دفة الحكم، وهذا لا يعني أن الأطراف الأخرى أقل تنفيذًا للاعتداءات، ولكن ربما شكل الاعتداءات يختلف باختلاف المعتقدات والمنطلقات الفكرية للجماعات اليهودية المختلفة. [18]

بدوره ذهب أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، الدكتور نشأت الأقطش، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" إلى أنه لا يوجد جديد في اعتداءات قوات الاحتلال على الفلسطينيين، فمنذ العام 1967 و"إسرائيل" تقتحم المدن الفلسطينية وتقتل الفلسطينيين، ولكن ما حدث هو ارتفاع وتيرة الاعتداءات خلال الفترة الماضية، لكن جرائم "إسرائيل" بدأت منذ العام 1936 ولم ولن تتوقف إلا بالقضاء على الاحتلال وعملائه بشكل كامل، على حدّ قوله.

وأضاف: منذ العام 2015 تقوم سلطات الاحتلال بعملية جس نبض، من خلال القيام باعتداء ما بين فترة وأخرى، ليعرفوا هل تعب الفلسطينيين، أم لا زال لديهم نفس للمقاومة، لكننا وصلنا الآن إلى مرحلة لم يعد فيها لدى الفلسطيني ما يخسره، في ظل تغول الاستيطان، ومصادرة الأراضي بشكل يومي، وتهويد القدس. [19]

  • محاولة لاستعادة ثقة الشارع الإسرائيلي

من جانبه، قال مدير البرامج في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" خليل شاهين، في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" إن هناك منحى متصاعدًا في سياسة الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، تحاول، من خلاله، حكومة بينت -المدركة لضعفها الشديد، وأنها في مهب الريح، في ظل الانشقاقات في صفوفها، والمرشحة للتزايد خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد يعني سقوطها- استعادة ثقة الشارع الإسرائيلي بها. تحاول ذلك من خلال التصعيد مع الفلسطينيين، ومراكمة بعض الإنجازات في الملف الأمني، في ظل تصاعد الإخفاقات التي منيت بها المنظومة الأمنية الإسرائيلية، على خلفية عمليات المقاومة الأخيرة في الداخل المحتل، واتهامها من قبل المعارضة اليمينية بزعامة بنيمين نيتنياهو بالفشل في الحصول علي معلومات مسبقة عن إمكانية تنفيذ هذه العمليات.

وأضاف: في ظل هذه الإخفاقات حاولت حكومة بينت التعويض من خلال الذهاب إلى التصعيد مع الفلسطينيين، كما شاهدنا في مدينة جنين، والتهديد بعملية سور واقي على مقاس محافظة جنين، وتمتد إلى مدن شمال الضفة الغربية، أو عمليات سور واقي، وتقسيم الضفة الغربية إلى أجزاء منعزلة، فيما يشبه عملية السور الواقي الشاملة التي نفذها الاحتلال عام 2002، لكن دون عمليات اجتياح كاملة لكافة مدن الضفة، وإنما من خلال اقتحام كل مدينة على حدة وبالتتالي، لكن ذلك جوبه بمقاومة فلسطينية عنيفة، ولذلك لا يرجح أن تقدم حكومة الاحتلال على هذه الخطة حاليًا، خوفًا من تسجيل المزيد من الإخفاقات.

وتابع: حاولت حكومة الاحتلال خلال الفترة الماضية أن تظهر بأن المشكلة هي جنين، بسبب انتشار المقاومين المسلحين الفلسطينيين فيها، وأطلق عليها اسم "عش الدبابير" في إشارة إلى أن المشكلة تكمن فيها، في محاولة خبيثة، كان الهدف منها هو التغطية على ما تحضر له دولة الاحتلال في القدس، بالسماح للمتطرفين اليهود بتنفيذ مخططهم القائم على المزيد من الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك، وصولًا إلى تقديم القرابين، لكنها تراجعت عن هذا المخطط بعدما أدركت أن الشعب الفلسطيني لن يسمح بحدوث هذا الأمر، لاسيما وأن فصائل المقاومة الفلسطينية حددت خطوطًا حمرًا لا يمكن تجاوزها، وإلا ستدخل في مواجهة عسكرية مع الاحتلال. [20]

  • سياسة أمنية مركبة

وذلك في حين يرى الكاتب والباحث ساري عرابي، مدير "مركز القدس للدراسات"، أنّ سياسات الاحتلال الأمنية مركبة، تسعى لفرض أهدافها الاستعمارية، كتكريس الاقتحامات للمسجد الأقصى، وتفكيك مظاهر المقاومة، ولكن بأقلّ قدر من التصعيد، ولذلك فهي تلجأ إلى العمل الأمني الموضعي، دون أن تتوسع على النحو الشامل الذي من شأنه أن يزيد من الز خم، أو أن يساهم في دمج شرائح وفاعلين آخرين فيما يسميه الحالة الكفاحية، ودون أن تتطور إجراءاته الأمنية إلى ما يمكن أن يستدعي مواجهة أوسع تضرب المشاريع الجارية في المنطقة، ولاسيما المشاريع التطبيعية، ويربط عرابي في رأيه، هذه السياسة الأمنية، بمفهوم "تقليص الصراع" الذي تتبناه حكومة نفتالي بنت، مع إبقائه العوامل الداخلية الإسرائيلية حاضرة في صياغة السياسات الأمنية لهذه الحكومة، كضعف الطبيعة الائتلافية للحكومة، وتربص تيار بنيامين نتنياهو بها، والنفوذ المتصاعد لجماعات المعبد خصوصًا، والصهيونية الدينية عمومًا[21].

مسار اقتحامات المسجد الأقصى المبارك

الاقتحامات

بلغ عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى المبارك خلال الربع الأول من العام الجاري 10161 مستوطنًا،[22] فيما بلغ عدد المقتحمين في الفترة ما بين 14 -21 نيسان\ أبريل الجاري 3670، بحجة الاحتفال بعيد الفصح اليهودي. [23]

وفي سعيها لتحقيق التقاسم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، كثفت قوات الاحتلال من اقتحاماتها للمسجد، والاعتداء على المصلين والمعتكفين في داخله، ففي الجمعة الثانية من شهر رمضان الموافق 15 نيسان/ أبريل اقتحمت قوات الاحتلال، بعد صلاة الفجر المصلى القبلي واعتدت على المصلين والمعتكفين بالضرب المبرح بالهراوات والقنابل الصوتية والسامة، في محاولة لتفريغ المصلى من المعتكفين، كما واعتدت على الطواقم الطبية والصحفية العاملة في المكان.

وقد نفذت قوات الاحتلال عمليات اعتقال واسعة ووصلت حالات الاعتقال لأكثر من 450 حالة اعتقال، [24] بينهم أطفال، جرى الإفراج عن أكثرهم لاحقًا، وكانت طواقم الهلال الأحمر قد أعلنت عن تعاملها مع أكثر من 200 إصابة، من بينها إصابات بالرصاص المطاط وقنابل الصوت والاختناق بقنابل الغاز. [25]

وفي الجمعة الثالثة من شهر رمضان الموافق 22 نيسان\ أبريل الجاري أصيب 40 فلسطينيًا برصاص قوات الاحتلال التي اقتحمت باحات المسجد الأقصى. [26]

وتصدى المرابطون في المسجد الأقصى للاقتحامات عن طريق الإرباك الصوتي، بالضرب على الأبواب وإشعال صوت صافرات الإنذار، وأناشيد وطنية تدعو إلى شد الرحال للأقصى، وخطابات للناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، بالإضافة إلى ردم طريق المستوطنين المقتحمين بالحجارة والعوائق المختلفة.

ومنعت شرطة الاحتلال مسيرة الأعلام التي نظمها المستوطنون يوم الأربعاء 20 نيسان/ إبريل، من الوصول إلى باب العامود، بالإضافة لمنعها ذبح القرابين في المسجد الأقصى، بعد تحذيرات فصائل المقاومة الفلسطينية من وصول مسيرة الأعلام لباب العمود، أو ذبح القرابين في المسجد الأقصى.

كما  أغلقت قوات الاحتلال باب الحديد في وجه الطائفة المسيحية، خلال مرورها منه نحو كنيسة القيامة للاحتفال بـ"سبت النور" يوم السبت 23 نيسان/ إبريل، وطالبت المحتفلين بالتوجه من أبواب أخرى، دون إبداء الأسباب.

الأمر الذي عدته الفصائل الفلسطينية، تعديًا واضحًا وصريحًا من الاحتلال على حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين في القدس على حد سواء.

تحليل الاقتحامات

  • حالة من التوغل والتوحش

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الكاتب والمحلل السياسي، راسم عبيدات: "منذ بداية العام الجاري تشهد مدينة القدس حالة من التغول والتوحش من قبل الاحتلال تجاه المقدسيين، إذ نفذت قوات الاحتلال أكثر من 1100 عملية اعتقال في مدينة القدس، منها 329 عملية اعتقال خلال شهر آذار\ مارس الماضي، وهو رقم غير مسبوق، ومؤخرًا اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 250 مقدسي وحولتهم للاعتقال الإداري، لاسيما بعد عمليات المقاومة الأربعة التي نفذت في الداخل المحتل أواخر آذار\ مارس، وبداية نيسان\ إبريل".

وتابع: قبل شهر رمضان عملت حكومة الاحتلال على نشر بروباغندا إعلامية من خلال حملة من الخداع والتضليل بأنه لن يكون هناك تصعيد واقتحامات للأقصى خلال شهر رمضان المبارك، وأنها أجرت اتصالات مع دول التطبيع العربي والإدارة الأمريكية من أجل العمل بشكل مشترك على تخفيف "مستوى العنف"، لنجد هذه الحكومة تعمل على التصعيد من خلال السماح للجماعات التلمودية والتوراتية باقتحام المسجد الأقصى، وترافقها في هذه الاقتحامات قوات الاحتلال، حيث بغ التصعيد ذروته في الجمعة الثانية لشهر رمضان من خلال إصابة أكثر من 150 معتكفًا جراء اعتداء قوات الاحتلال عليهم، واعتقال ما يزيد عن 400 آخرين  بطريقة وحشية، بالإضافة لتدنيس المسجد القبلي، وتكسير وتحطيم الأبواب، والثريات التاريخية والأثرية داخل المسجد الأقصى.

ويرى عبيدات أن هذه الاقتحامات كانت بمثابة جس نبض بناءً عليها تحدد سلطات الاحتلال ما ستفعله لاحقًا، هل ستسمح بإدخال القرابين إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك، أو تؤجل ذلك مؤقتًا إلى أن تصبح الظروف مهيئة أكثر للقيام بذلك، خاصة أنه اصطدمت بالحلقة المقدسية الصلبة، بالإضافة للتهديدات التي أطلقها قادة الفصائل الفلسطينية وأجنحتها العسكرية من  قطاع غزة بأنها ستتدخل عسكريًا في حال حدوث ذلك، وهو ما كان ينذر بتفجر الأوضاع على شكل انتفاضة شعبية قد تطال كل مساحة فلسطين التاريخية، وربما "معركة سيف القدس 2" على نحو أوسع وأشمل من معركة القدس الماضية، ما أجبر حكومة الاحتلال على منع إدخال القرابين، ووقف اقتحامات المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة من شهر رمضان.

وختم: لكن الجمعيات التلمودية والتوراتية لن تهدأ وستواصل سعيها من أجل فرض سيطرتها على المسجد الأقصى المبارك، وحكومة بينت المترنحة، والتي تعيش أزمة سياسية عميقة، تدرك بأن هذه الجماعات في المجتمع الإسرائيلي، أصبحت قوة كبيرة لا يستهان بها، بل أصبحت مقررة في سياسة حكومة الاحتلال، بعدما غادرت الأحزاب التاريخية المسرح وتلاشى بعضها، كنتاج لموت السياسة في دولة الاحتلال. [27]

  • إحباط قربان الفصح .. أما التقسيم الزماني فمستمر

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" هاني المصري: يبدو هناك تفاهم ضمني على التعايش مع التصعيد الحالي، والمسؤول عنه أساسًا هي سلطات الاحتلال التي تريد الاستمرار في فرض التقسيم الزماني الذي فرضته منذ سنوات، مع إصرار هذه المرة على إبعاد المعتكفين عند اقتحام اليهود للأقصى، وصولًا إلى التقسيم المكاني، على غرار ما حدث في الحرم الإبراهيمي، إلى أن يتم في المستقبل بناء "هيكل سليمان" المزعوم، إلى جانب الأقصى، أو على أنقاضه.

وأضاف: يجب عدم إسقاط احتمال أن نستيقظ في أحد الأيام ونرى أن التقسيم الزماني والمكاني قد تم تكريسه، فإشاعة الأجواء عن العزم على تقديم القرابين حينًا، ونفيها أو منعها حينًا آخر يحرف الأنظار عما يجري على الأرض منذ سنوات من تقسيم زماني، حيث يقتحم المئات وأحيانًا الآلاف من المستوطنين المسجد الأقصى في الفترة من ما بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر بشكل يومي، وقد أصبح اقتحام الأقصى مكتسبًا لا يجري النقاش حوله، في حين أن منعه هو معيار فرض الإرادة الفلسطينية على إرادة الاحتلال.

ويتابع: نعم، لقد استطاع المرابطون وعشرات الآلاف من المصلين أن يمنعوا ترسيم التقسيم الزماني والمكاني وتقديم القرابين، ولذلك هناك إصرار على منع الاعتكاف طوال اليوم، أو حتى من صلاة الفجر حتى صلاة الظهر، وهو الوقت الذي تتم فيه الاقتحامات اليهودية، ولكن المرابطون، وحدهم، لا يستطيعون منع اقتحام المستوطنين للأقصى. لذا، من المبكر إعلان الانتصار الذي لن يتحقق إلا بوضع هدف إفشال التقسيم الزماني والمكاني على رأس الأهداف، وتجنيد كل الجهود والنضالات في مختلف الأماكن لتحقيقه. [28]

  • الأقصى والقيامة رموز تتحدى السيادة الإسرائيليّة

أما الكاتب والمحلل السياسي، سليمان أبو ارشيد، فيرى أن القرار الإسرائيلي بفرض قيود وعوائق على وصول الفلسطينيين إلى كنيسة القيامة للمشاركة في احتفالات سبت النور، بالإضافة للاقتحامات والانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المصلين من قِبل قوات الاحتلال في المسجد الأقصى، ترسم صورة واضحة عن العدوان الإسرائيلي المتأصل على حرية العبادة والمعتقد، ومحاولات النيل من الرموز الدينية والتاريخية والحضارية للقدس، بوصفها العاصمة الروحية والسياسية للفلسطينيين، وقِبلة العرب والمسلمين الأولى.

ويضيف: إذا كان لـ"إسرائيل" في الأقصى أطماع دينية تبدأ في التقسيم المكاني والزماني، وتنتهي بإحلال الهيكل المزعوم مكانه، تأكيدًا للرواية التوراتية التي جرى توظيفها في خدمة الأهداف الاستعمارية الصهيونية في فلسطين؛ فإن تهميش المعالم الدينية المسيحية وتقزيمها، يندرج أيضًا ضمن هذا المخطط الذي يسعى إلى إعادة كتابة التاريخ، ورسم الجغرافيا بواسطة تغيير الواقع، وتكريس الهيمنة السياسية الشاملة عليها.

ويتابع: تسعى "إسرائيل" إلى تغيير المعالم الدينية للمدينة المقدسة، بما يتلاءم مع مخطط تهميش طابعها الإسلامي - المسيحي، واختلاق معالم دينية يهودية، عبر عملية الاقتلاع والإحلال التي تمت ممارستها ضد الإنسان الفلسطيني، وجرى سحبها على الكثير من الأمكنة التاريخية والدينية، وفي مقدمتها المسجد الإبراهيمي في الخليل، ويُصار إلى تنفيذها بخطى حثيثة في المسجد الأقصى.

ويواصل: يخطئ من يظن أن الموضوع يقتصر على بضع عشرات أو مئات من المتطرفين المتدينين اليهود، الذين يبتزون "الدولة" و"الحكومة" و"الشرطة" و"الجيش"، لأن الحقيقة هي أن كل مؤسسات الدولة اليهودية تلك، تستعمل هذه المجموعات كرأس حربة لتحقيق هذا الهدف الذي يندرج على رأس الأجندة الصهيونية العلمانية التقليدية، قبل صدور "طبعتها" الدينية الحالية. [29]

  • سياسات اقتحام المسجد الأقصى

وفي رأيه، يذهب الكاتب والباحث ساري عرابي، مدير "مركز القدس للدراسات"، إلى أنه وفي حين يفتقد الوسط السياسي والاجتماعي الإسرائيلي إلى الإجماع على بناء معبد يهودي داخل المسجد الأقصى، أو على أنقاضه، فإنه يتوفر على إجماع لفرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى.

وفي السياق نفسه، يرى عرابي، أن الحكومات الإسرائيلية لا تتراجع عن الوقائع الاستعمارية التي تكرسها، وإنما تثبّتها وتسعى إلى استثمارها والبناء عليها، وإن اضطرت للتراجع فإنها تعود للتحايل على إنجازات الفلسطيينين واستئناف مخططاتها الاستعمارية، ولذلك يرى أنها لم تكن لتتراجع عن اقتحامات المسجد الأقصى، بعدما طبّعت الاقتحامات اليومية، ثمّ أخذت تطبّع الاقتحامات أثناء المناسبات الإسلامية، ولذلك استعدّت مبكرًا بحملة دبلوماسية وتجهيزات أمنية وإجراءات إدارية وحملة دعائية.

ولا يستبعد عرابي، أن رفع عنوان ذبح القرابين، كان من أجل تعليق الفلسطينيين بهدف غير هدف الاقتحامات، ولامتصاص التأهب الفلسطيني، ولإظهار الاستجابة للضغوط الدولية والإقليمية، والأمر نفسه بخصوص توقف الاقتحامات في العشر الأواخر من رمضان، فالوقت الذي تعيّن للاقتحامات كان من 14 رمضان وحتى 21 رمضان، بينما مسيرة الإعلام كانت مسيرة طارئة نظمت ردًّا على رشق حافلات المستوطنين بالحجارة، بينما كانت مسيرة الأعلام الصهيونية العام الماضي في سياق الاحتفال بما يسميه الصهاينة "ذكرى توحيد شطري القدس"، وبهذا، بحسب عرابي، يكون الاحتلال قد مرّر الاقتحامات بتصعيد أقلّ مما توقعه كثيرون[30].

مسار المقاومة

  • عمليات نوعية للمقاومة

أظهر تقرير نشره مركز المعلومات الفلسطيني "مُعطى"، تصاعد أعمال المقاومة النوعية، خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من الأعوام السابقة، عدا عام 2021، وازدياد عمليات المقاومة المسلحة مقابل عمليات الطعن والدعس، فقد ارتفعت عمليات إطلاق النار تجاه الاحتلال إلى 132 عملية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، مقابل 51 عملية خلال عام 2018، و38 خلال عام 2019، و29 عام 2020، و191 عام 2021.

وشهد عام 2018 تنفيذ المقاومة لـ 186 عملية مؤثرة، وعام 2019 (166)، وعام 2020 (97) عملية حيث الإغلاق العام بسبب جائحة كورونا، قبل أن تصعد عام 2021 إلى 308 عمليات بالنظر لهبة القدس، ووصلت إلى 165 عملية في الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام.

وبالنظر إلى معدل العمليات المؤثرة خلال الشهور الثلاثة الأولى من كل عام من الأعوام الخمسة محل المقارنة، فقد سجل 47 عملية عام 2018، و42 خلال 2019، و24 خلال 2020، و77 خلال 2021، بينما وصل إلى 165 خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.

وبلغ عدد قتلى الاحتلال من هذه العمليات خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري 12 قتيلًا، مقابل 13 قتيلًا عام 2018 و5 قتلى في عام 2019، و3 قتلى في 2020، و4 قتلى في 2021.

كما أن معدل خسائر الاحتلال، بما يشمل القتلى والجرحى، خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2022 (16)  تزيد بقليل عن خسائره خلال نفس الفترة من العام الماضي (10)، وتقترب من مجموع خسائره خلال نفس الفترة من الأعوام (2018، 2019، 2020) (140). [31]

  • أعمال المقاومة النوعية خلال الربع الأول من عام 2022
  • 132 عملية إطلاق نار
  • 13 عملية طعن ومحاولة طعن
  • 4 عمليات دعس ومحاولة دعس
  • 16 عمليات زرع أو إلقاء عبوات ناسفة

 المجموع 165 عملية.

وأسفرت هذه العمليات عن 12 قتيلاً إسرائيليًا و104 جرحى، ليبلغ مجموع الخسائر في صفوف الاحتلال 116. [32]

  • أبرز عمليات المقاومة

شهدت الفترة من 22 آذار\ مارس وحتى 15 نيسان\ أبريل تنفيذ سلسلة من عمليات الطعن وإطلاق نار أدت إلى مقتل مستوطنين إسرائيليين، سواء في الضفة الغربية المحتلة أو داخل أراضي 48.

  • 2 آذار\ مارس: إصابة إسرائيلي في عملية طعن قرب بلدة حزما في ضواحي القدس المحتلة.
  • 3 آذار\ مارس: إصابة إسرائيلي في عملية طعن قرب بلدة حزما في ضواحي القدس المحتلة.
  • 6 آذار\ مارس: إصابة شرطيين إسرائيليين عند باب الأسباط في القدس المحتلة.
  • 7 آذار\ مارس: إصابة شرطيين إسرائيليين في عملية طعن في المسجد الأقصى.
  • 8 آذار\ مارس: إصابة جنديين إسرائيليين في عملية دعس قرب السيلة الحارثية.
  • 19 آذار\ مارس: إصابة إسرائيلي في عملية طعن في القدس المحتلة.
  • 20 آذار\ مارس: إصابات في صفوف جنود الاحتلال في عملية طعن في بلدة راس العمود بالقدس المحتلة.
  • 22 آذار\ مارس: أسفرت عملية طعن ودعس نفذها محمد غالب أبو القيعان في بئر السبع عن مقتل 4 إسرائيليين،[33] وقد استشهد منفذ العملية عقب إطلاق سائق حافلة النار عليه وسط مدينة بئر السبع المحتلة عام 1948.
  • 27 آذار\ مارس: وقع إطلاق نار في مدينة الخضيرة جنوب حيفا المحتلة عام 1948، نفذه خالد وأيمن اغبارية من أم الفحم المحتلة عام 1948، وقتل فيه جنديان إسرائيليان، وأصيب 12 شخصًا آخرون، كما استشهد منفذي العملية. [34]
  • 29 آذار\ مارس: قتل 5 إسرائيليين وأصيب آخرون بجراح في عملية إطلاق نار نفذها ضياء حمارشة، من بلدة يعبد قرب جنين، في الداخل المحتل عام 1948 في بلدتي "بني باراك" ور"مات غان" القريبتين من "تل أبيب"، كما استشهد منفذ العملية إثر إطلاق شرطة الاحتلال النار عليه. [35]
  • 31 آذار\ مارس: نفذ نضال جمعة جعافرة عملية طعن على متن حافلة قرب مفترق مستوطنة غوش عتصيون، فجرح 4 مستوطنين أحدهم جروحه خطيرة، قبل أن يستشهد برصاص أحد المستوطنين. [36]
  • 7 نيسان\ أبريل: قتل 3 إسرائيليين وأصيب 15 آخرون، في عملية إطلاق نار نفذها رعد حازم، في شارع "ديزنقوف" بتل أبيب."وبعد ساعات طويلة، ورغم انتشار القوات الخاصة والجيش الإسرائيلي في شوارع "تل أبيب" استطاع الاختفاء عن أعينهم، ليخوض اشتباكا مسلحًا قرب أحد المساجد في يافا المحتلة ليرتقي شهيدًا". [37]
  • 15 نيسان\ أبريل: أُصيب إسرائيلي، في عملية طعن، في مدينة حيفا، نفذتها فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا. [38]

تحليل مسار المقاومة

  • هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، كان هناك شعور لدى الإسرائيليين بأن هذه العمليات ستحدث، في ظل وجواد حالة من الغليان والاحتقان، وأرضية خصبة لتنفيذ العمليات، حيث جاءت عملية النقب في وقت تعمل فيه سلطات الاحتلال على اقتلاع سكان النقب، وإعدام شاب فلسطيني بدم بارد من قبل وحدة خاصة لجيش الاحتلال، ونجاح عملية النقب كان حافزًا للآخرين الذين لديهم النية بتنفيذ عمليات لتنفيذها.

وأضاف: صحيح أن الأسباب الكامنة وراء تنفيذ العمليات هي ممارسات سلطات الاحتلال، وقوانينها العنصرية، وإعداماتها الميدانية للفلسطينيين، وجرائمها اليومية المختلفة، ولكن نجاح عملية النقب كان هو الدافع لتنفيذ سلسلة من العمليات، التي تكللت بالنجاح، رغم الاستعدادات الأمنية الإسرائيلية.

 وتابع: وهذه السلسلة من العمليات التي أتت في ذروة الاستنفار الأمني الإسرائيلي، وحالة التأهب، يضاعف الشعور بالفشل لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي فقدت ثقة الجمهور الإسرائيلي، كما بات الإسرائيليون يعيشون حالة من انعدام الأمن الشخصي، خاصة مع فقدانهم الثقة بالمنظومة الأمنية، لكن وعلى الرغم من ظهور هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية، ونجاح العمليات، يجب أن لا نستهين بالقدرات التي تمتلكها أجهزة الأمن الإسرائيلية، لكن ما حدث يؤكد أنه مهما امتلكت قوات الاحتلال من إمكانيات، سيكون هناك ثغرة سيستغلها أحد الفلسطينيين، وينجح في تنفيذ عملية.

  • سقوط فرضية الحل الأمني

وأكد منصور على فشل وانهيار فرضية الحل الأمني بأنه يمكن السيطرة على الشعب الفلسطيني، وقمعه وردعه وإنهاء حركة مقاومته من خلال الأمن والقوة العسكرية، والقتل والعمليات الاستباقية، فهذا الحل الأمني سقط عبر سلسلة العمليات التي ضربت الكيان، وحكومة الاحتلال وأجهزتها الأمنية تعرف ذلك جيدًا، وتدرك أن الحل الأمني لا يمكن أن يؤدي للحل الذي يرجونه، ولكن هذه الحكومة لا تملك مشروعًا سياسيًا، ومنقسمة على نفسها وضعيفة، لا تملك أي خيار سوى الحل الأمني، لأن البديل عن الحل الأمني في ظل عدم وجود مشروع سياسي هو أن تعلن إفلاسها.

وتابع: دولة الاحتلال باتت تتخبط وتتصرف بشكل يجعلها تراوح المكان، كمن يتلقى الكرة التي ضربها وترتد إليه.

وحول دلالات نشر قوات خاصة إسرائيلية من النخبة في الداخل، أشار إلى أن "إسرائيل" اعتقدت أنه من خلال نشر قوات على "الخط الأخضر"، وأيضاً 8 كتائب في الضفة، وانتشار وحدات النخبة في المدن الإسرائيلية يمكنها أن تتجنب هذه العمليات أو تمنعها، لكن اتضح أن ذلك غير ممكن.  [39]

  • اهتزاز نظرية الردع الإسرائيلية

من جانبه، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" اعتبر هاني المصري، أن عمليات المقاومة التي نفذت في الداخل المحتل هزت نظرية الردع الإسرائيلية، وأثبتت عدم فاعلية مخططات وإجراءات الاحتلال الأمنية، وأن هناك ثغرات في جدارهم الأمني، وفي جدار الفصل العنصري، يمكن أن يستغلها الفلسطينيين لتنفيذ عمليات نوعية. [40]

  • نسق اعتيادي للشعوب الواقعة تحت الاحتلال

يرى سليمان بشارات أن تصاعد عمليات المقاومة يأتي ضمن حالة النسق الاعتيادي للشعوب التي تقع تحت الاحتلال، وبالتالي بزوال السبب تزول معه الظواهر، واستمرار الاحتلال بوجوده ومن خلال الاعتداءات اليومية هي الأخرى تشكل حالة محفزة لعمليات المقاومة، ويضيف في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" أن عمليات المقاومة الأخيرة تأتي نتاج مجموعة من المحددات؛ الأول يتمثل في استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والمستوطنين، والثاني حالة الانغلاق التام في الأفق السياسي في شقيه؛ المتعلق بمنح الاحتلال الحقوق للفلسطينيين بالحياة الكريمة والعيش باستقرار، والشق الثاني الانغلاق في الأفق السياسي الداخلي المتعلق بالحالة السياسية الفلسطينية وغياب الحالة الديمقراطية والانتخابات التشريعية.

المحدد الثالث: نموذج المحاكاة، وهنا الأمر مرتبط بكسر حاجز الخوف وزيادة جرعة الإقدام لدى الشباب الفلسطيني محاكاة إما لنموذج عمليات مشابهة حدثت، أو استلهام تجربة أشخاص آخرين.

المحدد الرابع: هناك عملية تراكمية في الوعي والفكر المقاوم لدى الجيل الشاب الجديد، وهذا الأمر قد يكون نتاج إفرازات أحداث الشيخ جراح العام الماضي، حيث انخرط الكل الفلسطيني بحالة وطنية شاملة، وبالتالي تعززت فكرة القدرة على المواجهة ومنع الاحتلال من تنفيذ مخططاته. [41]

بدوره رأى خليل شاهين، أن هذه العمليات تأتي ردّ فعل طبيعي على تزايد اعتداءات الاحتلال الدموية على الفلسطينيين، وهو تطور طبيعي لما شاهدناه خلال السنوات السبع الماضية من تنفيذ عمليات ذاتية التخطيط والتنفيذ من قبل فلسطينيين من  الضفة الغربية.

وأضاف في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات": نحن شهدنا تطورًا مهمًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 منذ أيار\ مايو الماضي، فهناك ازدياد في الوعي الفلسطيني، وإدراك لحقيقة أن الفلسطينيين جميعًا مستهدفون، خاصة بعد الهجمات العنصرية التي نفذها إسرائيليون فيما يسمى بالمدن المختلطة، "وهو ما جعل الفلسطينيين في الداخل يستعيدون وعيهم بأنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وأن القدس عاصمة فلسطين بأكملها وليست عاصمة الضفة الغربية، وهو ما نتج عنه نهوضًا وطنيًا خلال الفترة الماضية، أدى إلى تنفيذ أكثر من عملية من قبل فلسطيني الداخل، فالعلاقة التي يجب أن تكون بين المحتل والشعب الخاضع للاحتلال علاقة مقاومة، لا علاقة مهادنة".

وتابع: الجديد أن هناك جيلاً فلسطينيًا جديدًا يستخلص الدروس والعبر من عمليات سابقة وملهمة له، ويسعون لإيقاع خسائر مؤلمة في صفوف الاحتلال، من خلال تنفيذها في قلب مدن الاحتلال. وكلما زادت الفجوة بين الجمهور الفلسطيني والأحزاب الفلسطينية وقيادة السلطة، كلما شاهدنا مزيدًا من الميل لدى الشباب الفلسطيني لمحاولة أخذ زمام الأمور بأيديهم، سواء من خلال تنفيذ عمليات مقاومة مسلحة، أو من خلال أشكال أخرى تغيظ الاحتلال. [42]

  • حلقة في سلسلة أطول

وذلك في حين يرى الكاتب والباحث، ساري عرابي، مدير "مركز القدس للدراسات"، أنّ هذه العمليات تأتي في سياق من الفعل التراكمي الآخذ في التعمّق منذ حرب العام 2014، والتي انعكست رافعة تعبوية ومعنوية للفلسطينيين، تجلّت في "هبّة القدس" عام 2015، ثم في سلسلة الهبات التي تجددت في 2017 و2019 و2021، حيث يلاحظ عرابي أن العمل المقاوم في ساحة الضفة الغربية قد انتقل فيها من حيث الكم والنوع نقلة ظاهرة من بعد حرب العام 2014 بما يختلف عمّا كان عليه الحال منذ ما يسمى الانقسام الفلسطيني في 2007، ثم تكرّست الحالة الكفاحية، بحسب مصطلح عرابي، بعد العام 2021، فقد كان للمقاومة في غزّة وأدائها الملحمي في الحربين أثرًا حاسمًا على جماهير الفلسطينيين، وذلك بالإضافة لعناصر التثوير المتعددة، كالمسجد الأقصى، واعتداءات المستوطنين، ودوافع تطوير الحالة الكفاحية كتآكل شرعية السلطة الفلسطينية.[43]

نظرة استشراف للمستقبل

  • احتمالات قائمة لمواجهة أوسع

يعتقد الباحث في مؤسسة يبوس سليمان بشارات: أن الحالة الفلسطينية تدخل في حالة تأزيم أكثر، وبالتالي ممكن  أن يتحول الأمر إلى مواجهة أكبر، هذا الأمر قد يكون قريبًا في البعد الزماني أو يحتاج مزيد من الوقت، لكن طبيعة المؤشرات جميعها تشير إلى حتمية الذهاب لمواجهة مباشرة، وهذا الأمر ربما يتقاطع أيضًا مع طبيعة التطورات الإقليمية والدولية وكيف أن العالم أدار الظهر للقضية الفلسطينية، وكذلك ازدواجية المعايير.

ويضيف: غياب القيادة السياسية الفلسطينية من شأنه أن يعزز الذهاب لخيارات أخرى قد تكون على شكل مواجهة واسعة.

ويتابع في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" أن مسألة دخول فصائل المقاومة بغزة على خط المواجهة أمر ممكن، وهذا نابع من أن المقاومة بغزة وضعت خطوطًا يصعب عليها أن تتراجع عنها في أي مرحله مقبلة، لأن ذلك سوف يحسب بشكل سلبي، إضافة إلى ذلك المقاومة بغزة أصبحت بمثابة أمل للشارع الفلسطيني، واي تراجع يمكن أن يفقد المواطن الثقة فيها، هذه العوامل بالإضافة للحسابات الخاصة بالفصائل الفلسطينية سواء من حيث اعتبارها لاعبًا مهمًا في الحالة الفلسطينية، وكذلك امتداداتها الإقليمية والإسلامية يجعلها تتحرك باتجاه يتناغم ويتواءم مع ذلك. [44]

  • من هبة إلى هبة من دون تحوّلها إلى انتفاضة

من جانبه، يرى هاني المصري أن النضال الفلسطيني ينتقل من هبة إلى هبة، ومن موجة انتفاضية إلى أخرى، ولكنه لم يرتقِ إلى انتفاضة شاملة لعدم وجود أمل كبير وبيئة عربية وإقليمية ودولية مناسبة، وعدم إيمان القيادة بالمقاومة والانتفاضة، فالانتفاضات يحركها الأمل، وأداتها الوحدة الوطنية، وهي بحاجة إلى قيادة واحدة، وإمكانيات، والاتفاق على أهداف مشتركة، وإلى استخلاص الدروس والعبر من الانتفاضات والثورات السابقة حتى لا تنتهي الى نفس النتائج، إضافة إلى تشكيل جبهة وطنية عريضة تضم مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي وكل من يوافق على أهدافها، والجبهة من المفترض أن تمثلها منظمة التحرير، ولكن تغييبها وتجميد مؤسساتها يفرض تشكيل الجبهة من خارجها، حيث يكون على رأس أعمالها إحياء منظمة التحرير، وإعادة بناء مؤسساتها، وتغيير السلطة.

ويضيف: هذا الأمر يتطلب وضع هدف إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة في صدارة الأهداف، وتحقيقه ممكن إذا تم إدراجه في سياق النضال لتحقيق الأهداف الأخرى الوطنية والديمقراطية، وليس إبقاؤه مرهونًا بالحوار والاتفاقات، بين الفصائل التي على ما يبدو أن قطاعات واسعة فيها ليست من مصلحتها الوحدة، لذا يمكن أن تتحقق الوحدة على أرض المعركة، ومن خلال الوحدة الميدانية، والعمل من أسفل إلى أعلى، إذ لا يجب تأجيل كل شيء حتى تتحقق الوحدة من فوق، على أساس أن تحقيق أي إنجاز من شأنه أن يُقرّب الفلسطينيين من تحقيق وحدتهم، القيادية والمؤسسية والبرامجية، التي من دونها لا يمكن تحقيق تحررهم الوطني والديمقراطي الشامل. [45]

  • حالة كفاحية جارية

ويتفق، ساري عرابي، مدير "مركز القدس للدراسات"، مع هذا الرأي نسبيًّا، إذ يرى أن الشروط الموضوعية لانتفاضة واسعة ما تزال مفقودة، وأهمها موقف السلطة الفلسطينية التي تبدو مناوئة لفكرة المواجهة، لاسيما بعد أن فقدت المشروع السياسي، وصارت هدفًا قائمًا في حدّ ذاته؛ تتضرّر نخبته الحاكمة من المواجهة، كما أنّ ضعف الفصائل الفلسطينية في الضفّة الغربية والقدس، وعدم جهوزيتها، وعجزها عن استعادة عافيتها، يحول دون القدرة على استثمار الهبّات وتطويرها ودفعها إلى الأمام، فالهبّات الشعبية قصيرة النفس، والعمليات ذاتية الدافع لا يمكن توظيفها سياسيًّا ونضاليًّا على نحو كافٍ يخلق زخمًا مطلوبًا ما دامت لا تقف خلفها جهات منظمة قادرة على تنفيذها في الوقت المطلوب وفق أجندة نضالية مدروسة.

لكن عرابي في المقابل، يرى أنّ ما يجري في الضفّة الغربية والقدس، حالة كفاحية مفتوحة ومستمرة، تتكيف مع الـظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة في الضفة الغربية والقدس، وهذه الحالة قابلة للتطور والاتساع بحسب عوامل التثوير الثابتة، وبحسب بعض المعطيات التي قد تتفاعل فجأة، فالظرف الفلسطيني والإقليمي سائل، والهدوء الذي يعتريه مخادع، على حدّ تعبيره[46].

  • جيل جريء.. ومشكلة التنظيم

يعتقد خليل شاهين أنه يوجد الآن جيل فلسطيني جريء إلى درجة سوف تصعق الاحتلال، وتصيب وعيه في مقتل خلال الفترة القادمة، ولذلك يجب أن نتوقع المزيد من المجابهة، فالمشروع الصهيوني الاستيطاني على الأرض الفلسطينية لا يترك مجالًا للفلسطينيين إلا الانخراط في عمليات المقاومة متعددة الأشكال، والتي يمكن أن تتطور أكثر فأكثر، لكن افتقارها لعنصر التنظيم وعدم وجود قيادة سياسية، وتشكيلات عسكرية حاضنة لها، وقادرة على تمويلها وتطويرها بشكل جيد، سوف يبقيها في طور العمليات الذاتية، التي تنفذ على فترات متباعدة على عكس ما يحدث في جنين، حيث يوجد ما يشبه غرفة عمليات مشتركة لتشكيلات مسلحة من فصائل مختلفة، يتوفر لها التدريب ومصادر تمويل معقولة إلى حد ما. [47]

  • هل يتغير العالم قريبًا؟

يذهب أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، إلى مدى أبعد في رأيه، من بقية الخبراء، إذ يقول إنه "بعد شهور قليلة من الآن.. هذا العالم الظالم سوف يتغير، لا نعرف كيف، ولا نعرف التفاصيل، ولكن هناك مؤشرات خطيرة جدًا على أن هذا العالم سوف يتغير، وهذا التفرد في السياسة العالمية سينتهي، وستتحطم السيطرة على الاقتصاد العالمي".

وبين أن الاجتماعات التي عقدت قبل شهر رمضان بين ممثلين عن دولة الاحتلال ودول التطبيع العربي، لم يكن الهدف منها الحدّ من التصعيد كما أعلن، و"إنما هم يجتمعون لأنهم يدركون أن نهاية هذه الأنظمة وإسرائيل قد اقتربت، وبالتالي يحاولون إطالة عمر هذه الأنظمة وسيدتهم إسرائيل بقدر ما يستطيعون". [48]

الخاتمة

منذ بداية العام كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءاتها على الفلسطينيين، في مختلف أماكنهم، من خلال عمليات الاغتيال والاعتقال والإعدام الميداني، بالإضافة لمصادقة سلطات الاحتلال على عشرات المخططات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس، وسلب المزيد من أراضي الفلسطينيين.

في المقابل شهد هذا العام، ازديادًا مطردًا في عمليات المقاومة النوعية التي ضربت عمق الكيان المحتل، من خلال عمليات الطعن والدعس وإطلاق النار، بالإضافة للاشتباكات المسلحة في مدن مختلفة من الضفة الغربية.

ويرى المراقبون بأن حكومة الاحتلال برئاسة نافتالي بينت اتجهت نحو التصعيد مع الفلسطينيين، لحماية نفسها من الانهيار والتلاشي، في ظلّ تراجع شعبيتها لدى الجمهور الإسرائيلي، وافتقادها لأي مشروع سياسي، بالإضافة لحدوث انشقاقات داخل الائتلاف المشكل لها، وإن كان يذهب بعض المراقبين إلى أنّ تصعيد الاحتلال مدروس بحيث لا يتحوّل إلى مواجهة أوسع.

ويرى المراقبون على أن عمليات المقاومة تأتي رد فعل طبيعي على انتهاكات الاحتلال وجرائمه التي لا تتوقف، معتقدين أن الساحة مهيئة لحدوث مواجهة أكبر مع الاحتلال، في ظل انغلاق أي أفق سياسي، ويلاحظ بعضهم وجود حالة كفاحية أصلاً تتصاعد أو تتراجع، لكنها تحافظ على وتيرة معقولة تناسب الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في الضفّة الغربية.

 

[1] - https://cutt.us/FlJk4

[2] - https://cutt.us/FlJk4

[3] - https://cutt.us/OC9Pf

[4] - https://cutt.us/1bFy6

[5] - https://cutt.us/vxyGr

[6] - https://cutt.us/Ajam9

[7] - https://cutt.us/H0OvR

[8] - https://cutt.us/s0UWw

[9] - https://cutt.us/rAZaQ

[10] - https://cutt.us/FlJk4

[11]. كُتب هذا التقرير أثناء جريان شهرنيسان/ إبريل.

[12] - https://cutt.us/FlJk4

[13] - https://cutt.us/1bFy6

[14] - https://cutt.us/T2syT

[15] - https://cutt.us/7guFk

[16] - https://cutt.us/PTVsg

[17] - https://cutt.us/YECWJ

[18] - أجرى الباحث المقابلة في 18-4-2022

[19] - أجرى الباحث المقابلة في 17-4-2022

[20] - أجرى الباحث المقابلة في 17-4-2022

[21] - أجرى الباحث المقابلة في 29-4-2022

[22] - https://cutt.us/BKrCc

[23] - https://cutt.us/FLJ1t

[24]https://cutt.us/1bFy6

[25] - https://cutt.us/3Ybgu

[26] - https://cutt.us/q6trx

[27] - أجرى الباحث المقابلة في 22-4-2022

[28] - أجرى الباحث المقابلة في 18-4-2022

[29] - https://cutt.us/TjGeu

[30] - أجرى الباحث المقابلة في 29-4-2022

[31] - https://cutt.us/0CntZ

[32] - https://cutt.us/0CntZ

[33] - https://cutt.us/MMOtu

[34] - https://cutt.us/wLfAg

[35] - https://cutt.us/XYbIS

[36] - https://cutt.us/H5Vop

[37] - https://cutt.us/MMOtu

[38] - https://cutt.us/CUY0J

[39] - أجرى الباحث المقابلة في 17-4-2022

[40] - أجرى الباحث المقابلة في 18-4-2022

[41] - أجرى الباحث المقابلة في 18-4-2022

[42] - أجرى الباحث المقابلة في 17-4-2022

[43]- أجرى الباحث المقابلة في 29-4-2022

[44] - أجرى الباحث المقابلة في 18-4-2022

[45] - أجرى الباحث المقابلة في 18-4-2022

[46] - أجرى الباحث المقابلة في 29-4-202

[47] - أجرى الباحث المقابلة في 17-4-2022

[48] - أجرى الباحث المقابلة في 17-4-2022