العدوان الثلاثي 1956 في العين الصهيونية

عماد أبو عواد
09-04-2020



عماد أبو عوّاد\ مركز القدس

حرب 1956 جاءت بمبادرة كلّ من فرنسا وبريطانيا، اللتان طلبتا من “إسرائيل” القيام بعملية تضليل للقوّات المصرية، هذه الحرب التي كانت الثانية في تصنيف الحروب الإسرائيلية-العربية، خسرت فيها “إسرائيل” كذلك العشرات من الجنود، ولا زالت إلى اليوم تخضع لنقد كبير بسبب مشاركة “إسرائيل” بها[1].

ووفق الرؤية “الاسرائيلية” فإنّ الهدف من الدخول في هذه الحرب كان لتحقيق ثلاثة أهداف[2]:

  1. إيقاف العمليات ضد إسرائيل، حيث منذ انتهاء حرب 1948، استمرت العمليات ضد الأهداف “الاسرائيلية” وازدادت حدّتها في العام 1956.

  2. اغلاق مصر للمضائق التي من خلالها تصل البضائع إلى إسرائيل، وكانت “إسرائيل” تدرس إمكانية قيامها بعملية عسكرية في العام 1955، لفتح مضيق تيران.

  3. خلخلة ميزان القوى العسكري، حيث في تلك الفترة وتحديداً في العام 1955 اشترت مصر من الاتحاد السوفياتي، كمية كبيرة من السلاح ذات نوعية متطورة، الأمر الذي تتطلب معالجة الأمر مبكرا.


والأهم لربما من الناحية الإسرائيلية، ما حققه شمعون بيرس، حيث نجح بيريس في ابتزاز قرار فرنسي داعم لإقامة المفاعل، في إطار الاستعدادات الفرنسية لشن العدوان الثلاثي على مصر في ذلك العام-1956. فقد طالب بيريس زعيمه بن غوريون حينما كانا في باريس يومها، بأن يؤخر التوقيع على اتفاق الشراكة في العدوان، إلى حين ضمان الاتفاق على اقامة المفاعل النووي في ديمونة، الذي بدأ العمل في سنوات الستين الأولى من القرن الماضي[3].

وقبل عدّة أيام من إعلان ناصر تأميم قناة السويس، اجتمع ممثلو الدول الثلاث، بريطانيا، فرنسا وإسرائيل، حيث مثل “إسرائيل” في ذلك الوقت، رئيس وزراءها ديفيد بن جوريون، ووزير الدفاع موشيه ديّان، واللواء مائير عميت، ومدير عام وزارة الدفاع شمعون بيرس[4]، ووفق المؤرخين فقد كان بن جوريون خائفاً جداً من هذه المغامرة، ولولا الضغوط الكبيرة من وزير جيشه موشيه ديّان، لما وافقت “إسرائيل” على استهداف مصر[5].

أصدرت القيادة المشتركة قراراً بأن تبدأ “إسرائيل” عصر يوم 29/10/1956 العدوان لخلق الذريعة، وذلك بإسقاط كتيبة مظلات فوق ممر مثلا في سيناء، على أن يعقب ذلك صدور الإنذار الإنكليزي – الفرنسي يوم 30 تشرين الأول، ثم وقوع الضربة الجوية في اليوم التالي، وأخيراً انطلاق الجيش الإسرائيلي إلى داخل سيناء. فإذا نجح الجيش الإسرائيلي في احتلال المنطقة الأمامية حول رفح والعريش والقسمية وجبل لبنى كمهمة مباشرة على جبهة عرضها 40 كم وعملها 80 – 90 كم طور الجيش الإسرائيلي هجومه، واستغل نجاحه، وواصل تقدمه حتى يصل إلى مشارف الضفة الشرقية لقناة السويس ليحمي الجانب الأيسر للهجوم الإنكليزي – الفرنسي على جبهة عرضها 50 كم وعمقها 150كم.

وخلال ذلك تطلق وسائل الإعلام الإنكليزية والفرنسية حملتها النفسية والإعلامية ضد مصر قبل أن تنقض قوات الغزو البحري على شاطئ بور سعيد يوم 7/11/1956 وتنطلق في تقدمها على امتداد قناة السويس حتى الإسماعيلية. وتتابع قوات الغزو عملياتها حسب وضع الجبهة الداخلية في مصر، فإذا سقط الحكم في القاهرة استمرت القوات في تقدمها حتى تكمل سيطرتها على القناة بكاملها. وأما إذا صمد الحكم فإن على القوات أن تندفع نحو جنوبي القاهرة لتكون المعركة الحاسمة حولها، وتعمل لقطع خط الرجعة على جيش مصر الذي يفترض أنه سينسحب أمام الهجوم الإسرائيلي، هذا إذا لم يقض عليه في صحراء سيناء.[6]

وقعت في هذه المرحلة عدة معارك محدودة بين اللواء الإسرائيلي المطلي 202 الذي عبر الحدود الشرقية عند الكنتيلة في آخر ضوء من يوم 29 تشرين الأول ليدرك ويدعم الكتيبة 890 الهابطة في مثلا واللواء الثاني الآلي المصري الذي اصطدم اللواء الإسرائيلي بمواقعه في الكنتيلة والتمد ونخل. وقد تابع اللواء الإسرائيلي تقدمه فوصل في الساعة 22:30 من يوم 30 تشرين الأول إلى منطقة صور الحيطان وانضم إلى الكتيبة 890.

واستطاعت كذلك القوّات “الاسرائيلية” احتلال قطاع غزة[7]، وتنفيذ غالبية ما تم الاتفاق عليه مع فرنسا وبريطانيا، لكنّ جاءت النتائج في النهاية على خلاف المرغوب اسرائيلياً، حيث لم تنجح فرنسا وبريطانيا باحتلال قناة السويس، وتم الضغط عليها للانسحاب وإعادة كلّ الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل، انتصار كبير في المعركة، ومكاسب ضئيلة على الأرض[8]، خاصةً بعد أن حقق النظام المصري انتصار سياسي، ومركز موقعه في قيادة الأمة العربية.

جاء الانسحاب الإسرائيلي من غزة وسيناء على غير الرغبة الإسرائيلية، ورغم الأداء الكبير في المعركة، كما يقول المؤرخ مردخاي بار اون، فإنّ الانسحاب الإسرائيلي كان نكسة، ولم تُحقق “إسرائيل” سوى ضمان استمرار فتح المضائق تجاهها لعبور السفن اليها[9]، بعد أن أعلن وزير جيشها قبل الاتفاق، بأنّ مضائق ايلات، ستبقى للأبد ضمن الحدود التاريخية ل”إسرائيل ”الثالثة[10].




[1]  يريب بيلج. (2013). حرب 1956، مرحلة بعد مرحلة. ماكو. https://www.mako.co.il/pzm-israel-wars/suez-crisis/Article-d69a63a1cc8f041006.htm

[2]  موقع الجيش الإسرائيلي. (2019). حرب سيناء 1956. موقع الجيش الإسرائيلي. https://www.idf.il/%D7%90%D7%AA%D7%A8%D7%99%D7%9D/%D7%94%D7%94%D7%99%D7%A1%D7%98%D7%95%D7%A8%D7%99%D7%94-%D7%A9%D7%9C-%D7%A6%D7%94%D7%9C/%D7%93%D7%A4%D7%99-%D7%9E%D7%9C%D7%97%D7%9E%D7%95%D7%AA/%D7%9E%D7%9C%D7%97%D7%9E%D7%AA-%D7%A1%D7%99%D7%A0%D7%99/

[3]  مدار. (2016). شمعون بيريس: من "أوسلو" إلى حكومات رفضت الحل. مركز مدار. رام الله.

[4]  يريب بيلج. (2013). حرب 1956، مرحلة بعد مرحلة. ماكو. https://www.mako.co.il/pzm-israel-wars/suez-crisis/Article-d69a63a1cc8f041006.htm

[5]  يعكوب بار اون. (24.10.2016). مدير مكتب موشيه ديان، يكشف ماذا دار خلف الكواليس في حرب 1956. معاريف. https://www.maariv.co.il/news/military/Article-561001

[6]  الموسوعة الفلسطينية. (2919). حرب 1956. الموسوعة الفلسطينية.

[7]  موقع الجيش الإسرائيلي. مرجع سابق.

[8]  يريب بيلج. (2013). حرب 1956، مرحلة بعد مرحلة. ماكو. https://www.mako.co.il/pzm-israel-wars/suez-crisis/Article-d69a63a1cc8f041006.htm

[9]  يعكوب بار اون. (24.10.2016). مدير مكتب موشيه ديان، يكشف ماذا دار خلف الكواليس في حرب 1956. معاريف. https://www.maariv.co.il/news/military/Article-561001

[10]  نفس المرجع السابق.