الغربيون والشرقيون في الكيان.. فجوة تتسع وعُنصرية متجذرة
عماد أبو عواد
28-04-2020
عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس.
غربيين، أو ما يُطلق عليهم في إسرائيل اشكنازيم، وشرقيين المعروفين باسم مزراحيم، هي من المصطلحات الأكثر استخداماً في "إسرائيل"، وتُشير إلى عُمق أزمة الهوية في الدولة العبرية، والمؤشر الأهم على الطبقية والعُنصرية فيها.
مصطلح غربيين يُقصد به اليهود القادمين من أوروبا والقارة الأمريكية، فيما يُطلق مصطلح شرقيين على اليهود القادمين من الدول العربية، بما في ذلك اليهود الاسبان اللذين غادروا اسبانيا بعد طرد المسلمين منها، واستقروا في شمال افريقيا، حيث يُعرف هؤلاء أيضاً باسم "سفرديم" أي اسبان.
مع بداية تأسيس الدولة العبرية، كانت نسبة الغربيين فيها 78%، فيما ما تبقى من اليهود كانوا مزراحيم وسفراديم[1]، الأمر الذي مهد من البداية للسيطرة الغربية على مؤسسات الدولة، وأهم مفاصلها، وخاصةً ما تعلّق منها بالمفاصل القيادة.
نسب التوزيع هذه لم تستمر طويلاً، حيث كانت بداية الهجرات مع تأسيس "إسرائيل" قادمة من الدول العربية، وكذلك الأفريقية، الأمر الذي قلب النسب في الجولة العبرية، حيث بات اليهود من أصول غربية هم الأقل في الدولة[2]، 60% شرقيين وما تبقى من أصولٍ غربية.
لكن إلى اليوم لا زال هناك شعور يزداد تعمقاً بأنّ الفجوة التي تتسع بين كلا الجانبين، باتت تُشير إلى وجود طائفتين أقرب للتصارع منهما للوحدة، حيث وصف الرئيس الإسرائيلي الحالة، بأنّها تستدعي العمل من أجل المصالحة الداخلية[3]، في ظل المؤشرات الخطيرة عمّا يحدث، في ظل السيطرة الواضحةٍ للغربيين على كلّ مفاصل الدولة.
وقد شهدت الدولة العبرية مسارات احتجاج، كان أبرزها ما عُرف باسم الفهود السود في العام 1971، وهي حركة احتجاج إسرائيلية من يهود الشرق، بسبب التهميش المُتعمد من قبل الدولة لهم، لكنّ الحركة التي قمعتها الدولة[4]، ووصلت الحركة لنهايتها في العام 1973.
حالة الاضطهاد أو اللامساواة، تتمثل في الكثير من نطاقات الحياة في الدولة العبرية، فعلى سبيل المثال من بين كلّ رؤساء الوزراء في "إسرائيل" منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، لم يكن أيّا منهم شرقيا، بل كلهم غربيون[5]، بل ولم يكن هناك حتى منافس شرقي على المنصب.
وينسحب ذلك على غالبية رؤساء الموساد والشاباك في الدولة العبرية، فيما استطاع الوصول لرئاسة الدولة، وهو المنصب الرمزي اثنان من أصول شرقية، حيث دخل موشيه كتساب السجن بتهمة الاغتصاب، وبعد قضاءه فترة سجنه كاملة تم الافراج عنه، وحتى أنّ لجنة تخفيف الافراجات رفضت تقليص مدة السجن له[6]، في سلوك غريب من اللجنة.
وعند النظر إلى أوجه العنصرية المتبعة في "إسرائيل" تجاه الشرقيين، فيُمكن رؤيتها في نطاق العمل بشكل موسع وواضح، يُشير إلى حجم الظلم والقمع[7]:
المُعطى | النسبة |
من يقوم بالتعيينات في القطاع العام | 78% غربيين |
المحامين | 84% غربيين |
مدققي الحسابات | 73% غربيين |
من بين أصحاب الرواتب العليا | 69% غربيين |
وعند الحديث عن الأجور في الدولة، وتحديداً في القطاع الخاص، وُجد أنّ دخل الغربي أعلى من الشرقي تقريباً بنسبة 25%، حيث أنّ معدل الدخل عن الغربيين 4.5 ألف دولار، وعند الشرقيين 3.5 ألف دولار[8]، في ظل أنّ غالبية الفقراء في "إسرائيل" هم من الشرقيين.
الشعور بالدونية هو المُميز الأهم في الحالة "الإسرائيلية"، حيث أنّ الشرقي فيها يشعر نفسه من الطبقة الثانية، والتي لا تستحق حتى مجرد المنافسة على قيادة الدولة، الأمر الذي أعطى المكون الغربي فيها المزيد من الأخذ بزمام ممارسة العُنصرية، وامساك مقابض الدولة على أنّها مُلكية خاصة، ليس للشرقي فيها سوى دور تكميلي، غير مؤثرٍ في توجيه دفتها، أو الاستمتاع بخيراتها كما الغربي.
[1] يرون تسور. (2002). التاريخ الديموغرافي الإسرائيلي والمشكلة الطائفية. باعميم، تل ابيب.
[2] ايلي شليزنجر. (21.02.2017). المُعطيات تتضح، الغربيين تحولوا إلى أقلية. بحدري حريديم. https://www.bhol.co.il/news/223238
[3] نوعم دبير. (7.06.2015)، ريبلين: في إسرائيل أربعة اسباط العدائية بينهن كبيرة، يديعوت احرونوت. https://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4665846,00.html
[4] ايال ليفي. (29.12.2018). عندما كان الفهود السود في الشارع. معاريف. https://www.maariv.co.il/news/israel/Article-677573
[5] آبي سوسان. (3.01.2017). من يخاف من رئيس وزراء شرقي. https://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4902564,00.html
[6] حان معنيت. (6.04.2016). موشيه كتساب سيبقى في السجن. جلوباس. https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001115290
[7] ماكو. (27.08.2018). فجوات عميقة بين الشرقيين والغربيين، القناة الثانية. https://www.mako.co.il/finances-finances-economy-newcast/q3_2018/Article-6184af8a52c7561004.htm
[8] دانا يركتسي. (31.03.2019). الغربيون يربحون أكثر، العمل لا ينجي من الفقر. ويلا، https://news.walla.co.il/item/3227679