المؤتمر الثامن لحركة فتح.. نظرة في التاريخ وقراءة في أسباب التأجيل
تقارير
المؤتمر الثامن لحركة فتح
نظرة في التاريخ وقراءة في أسباب التأجيل
فضل عرابي
حسب النظام الداخلي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".. ينعقد مؤتمرها العام في دورة انعقاد عادية مرة كل خمس سنوات، بدعوة من اللجنة المركزية للحركة، ويدعى المؤتمر إلى دورة انعقاد غير عادية خلال شهر على الأكثر من تاريخ طلب الدعوة؛ إذا طلب ذلك أكثر من ثلث أعضائه، أو أكثر من نصف أعضاء المجلس الثوري، أو بطلب من اللجنة المركزية، ويجب أن يحتوي طلب عقد الدورة الاستثنائية على المواضيع التي من أجلها جرى طلب الاجتماع. [1]
تكون جلسات المؤتمر قانونية بحضور ثلثي الأعضاء، على أن يكون كافة الأعضاء قد بُلّغوا خطيًا للحضور قبل أسبوعين من تاريخ الاجتماع، وإذا لم يحضر الثلثان يؤجل المؤتمر لمدة 24 ساعة، ويعقد بعدها إذا حضره أكثر من نصف الأعضاء.[2]
صلاحيات المؤتمر
يعد المؤتمر أعلى سلطة في الحركة في حال انعقاده، ويملك الصلاحيات التالية: مناقشة تقارير اللجنة المركزية وقراراتها وأعمالها، ومحاسبتها، ومناقشة أعمال الأجهزة والمؤسسات الحركية، وإقرار النظام الداخلي، وإجراء أي تعديل عليه بأغلبية ثلثي الحاضرين، بالإضافة لإقرار الأنظمة واللوائح الحركية والبرامج السياسية وغيرها، وحجب الثقة عن كل أو بعض أعضاء اللجنة المركزية، ويكون ذلك بأغلبية ثلثي الحاضرين، وانتخاب العدد المطلوب للجنة المركزية للحركة بالاقتراع السري، وانتخاب العدد المطلوب للمجلس الثوري بالاقتراع السري. [3]
أعضاء المؤتمر
يتشكل المؤتمر العام للحركة من: أعضاء اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، والمجلس الاستشاري للحركة، ومن ممثلي الأقاليم المنتخبين في مؤتمرات الأقاليم، حسب اللائحة الخاصة بعضوية المؤتمر، أو الذي تقرر اللجنة المركزية أن ظروفها لا تسمح بعقد مؤتمراتها داخل الوطن وخارجه[4]، وذلك بعدد أعضاء الحركة في الأقاليم والمؤطرين في المناطق التنظيمية حسب اللائحة الخاصة بمؤتمر الحركة، وأعضاء الحركة العسكريين حسب اللائحة الخاصة بمؤتمر الحركة، بما لا يزيد عن 20% من العدد الكلي في المؤتمر، وعدد من كوادر الحركة: (من العاملين في المنظمات الشعبية والمهنية، والهيئات القيادية للأجهزة الحركية (المفوضيات)، والعاملين في دوائر دولة فلسطين، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومؤسسات ووزارات السلطة الوطنية الفلسطينية، (المؤسسات شبه الرسمية) وذلك حسب اللائحة الخاصة بالمؤتمر)، وعدد من معتمدي الحركة لدى الدول والمعينين بقرار من اللجنة المركزية وموجودين على رأس عملهم، حسب اللائحة الخاصة بالمؤتمر، وعدد من الكفاءات الحركة بما لا يزيد عن 10% من أعضاء المؤتمر، ويتم اختيارهم حسب اللائحة الخاصة بالمؤتمر. [5]
وفي ما يلي سرد لأهم لقاءات الحركة ومؤتمراتها من 1962 حتى 2016:
- لقاء 1962: "عقد في العاصمة الكويت، وحدد المجتمعون فيه برنامج العمل العام للحركة وأهدافها، كما أقروا هياكلها التنظيمية، ووزعوا المهام على القيادات". [6]
- لقاء 1963: "نظم في العاصمة السورية دمشق، وعمل على ترسيخ قاعدة العضوية، حيث اتفق المؤتمرون على العمل من أجل حشد الدعم العربي والدولي للحركة، ماليًا وسياسيًا". [7]
- المؤتمر العام الأول 1964: "عقد في دمشق، وقرر إطلاق العمل العسكري للحركة، وأنشأ قوات العاصفة، وكان تاريخ الأول من يناير/ كانون الثاني 1965 موعدًا للانطلاقة العلنية الرسمية". [8]
- لقاء 12 حزيران/ يونيو 1967: "عقد في دمشق وحضره 35 من قياديي فتح، وأقر الجميع تشكيل إدارة عسكرية ولجنة للتعبئة والتنظيم، وانطلاق عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي من داخل الأراضي المحتلة. وأثناء الاجتماع، انتخبت لجنة مركزية، وكلف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بمهمة الناطق الرسمي باسم حركة فتح". [9]
- المؤتمر الثالث عام 1971: "عقد بالعاصمة دمشق في أيلول/ سبتمبر 1971، وفيه أقر النظام الداخلي للحركة، وحددت مهام المجلس الثوري، إلى جانب تجديد الثقة في اللجنة المركزية". [10]
- المؤتمر الرابع عام 1980: "جرت أشغاله بدمشق في أيار\ مايو 1980 بحضور 500 شخص، واعتبر الولايات المتحدة العدو الرئيسي لفلسطين، وقرر التحالف توثيق العلاقات مع الاتحاد السوفياتي. وفي هذا المؤتمر توسعت عضوية المجلس الثوري، وخصص للعسكريين 50% من مقاعد المؤتمر العام للحركة". [11]
- المؤتمر الخامس عام 1988: "نظم في تونس العاصمة في آب/ أغسطس 1988، وحضره نحو 1000 عضو، وتقرر فيه توسيع عضوية اللجنة المركزية، وتزكية عرفات قائدًا عامًّا للحركة، وإنشاء مكتب سياسي. وقرر المؤتمرون تصعيد الكفاح المسلح داخل الأراضي الفلسطينية ومن كل الجبهات المتاحة، إلى جانب مواصلة العمل السياسي". [12]
- المؤتمر السادس 2009: "عقد لأول مرة على أرض فلسطين في مدينة بيت لحم، واستمر 12 يومًا، من 4 إلى 15 آب\ أغسطس 2009. وفي اللقاء انتخب أعضاء اللجنة المركزية وكان محمد دحلان من بينهم". [13] كما انتخب الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيسًا للحركة بالتصويت العلني وبالإجماع. [14]
- المؤتمر السابع 2016: "عقد يوم 29 تشرين الثاني\ نوفمبر 2016، واستمر خمسة أيام، بحضور فصائل فلسطينية من بينها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي. وانتخب خلال المؤتمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائدًا عامًّا لحركة فتح بالتزكية، وأعلن عن تعيين ثلاثة من قادة الحركة التاريخيين، وهم فاروق القدومي وأبو ماهر غنيم وسليم الزعنون، أعضاء شرف دائمين في اللجنة المركزية. كما تم انتخاب أعضاء اللجنة المركزية للحركة ومجلسها الثوري، وأقر المؤتمر عند اختتامه مقترحًا قدمه الرئيس عباس، يرتكز على التمسك بالسلام، لمناقشته كبرنامج سياسي للحركة". [15]
المؤتمر الثامن.. والتأجيل
في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 أعلن أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، الفريق جبريل الرجوب أنه تقرر عقد المؤتمر الثامن لحركة فتح في 21 آذار/ مارس 2022.
وقال الرجوب لإذاعة صوت فلسطين: إن عقد المؤتمر استحقاق نظامي وفق لوائح وأنظمة الحركة، وعلى هذا الأساس في اجتماع اللجنة المركزية الأخير تقرر عقد المؤتمر، وجرى اختيار 21 آذار/ مارس 2022 موعدًا لعقده، ففي هذا الشهر ذكرى معركة الكرامة ويوم المرأة العالمي ولذلك دلالات. [16]
وفي 8 آذار/ مارس أعلن عضو المجلس الثوري لحركة فتح والناطق باسمها، إياد نصار، أنه بناءً على قرار صادر من القائد العام لحركة فتح الرئيس محمود عباس سيتم تأجيل المؤتمر الثامن لحركة فتح الى النصف الثاني من شهر أيار/ مايو المقبل. [17]
في الأثناء أشارت تقارير صحفية إلى أن قرار تأجيل المؤتمر الثامن جاء نتيجة خلافات حادة نشبت داخل الحركة بعدما رفضت اللجنة التحضيرية، التي يرأسها محمود العالول وتضم في عضويتها حسين الشيخ، تمثيل الأسرى داخل سجون الاحتلال، وهو ما يعني استبعاد القيادي البارز الأسير مروان البرغوثي من اللجنة المركزية لـ"فتح"، بالإضافة إلى حرمان أنصاره داخل السجون وخارجها من الحصول على مناصب مهمّة في هيكلية الحركة.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادر فتحاوية قولها إن "الشيخ، مسؤول ملف اللجنة اللوجستية التي ستؤمن حضور الأعضاء والمكان الذي سيعقد فيه المؤتمر، قدم ورقة إلى أعضاء "التحضيرية" يقول فيها إنه يتعذر إشراك الأسرى بفعل الأوضاع المعقدة في سجون الاحتلال، إلى جانب رفضه أي تنسيق بخصوص أسرى "فتح". ليتهمه أتباع البرغوثي بمحاولة استبعاد رموز الأسرى من قيادة الحركة، وإحلال شخصيات أخرى مكانهم في المجلسَين الثوري والمركزي".
"وعلى خلفية ذلك، طالب جبريل الرجوب، عضو "المركزية" المكلفّ بملف الأسرى، بأن يتمّ التشاور مع هؤلاء، وأن يُكلَف الأسير كريم يونس بإجراء المشاورات، في تجاوز واضح لمكانة البرغوثي بالنسبة إلى أسرى "فتح"، وهو ما فجّر انتقادات حادّة في أوساط الأخيرين، لتفشل المشاورات قبل استكمالها".
ووفق الصحيفة فإن الردود التي وصلت من السجون دفعت نحو تأجيل المؤتمر، لإفساح المجال أمام يونس لإقناع عناصر الحركة في المعتقَلات بقبول ما تطرحه اللجنة التحضيرية من تقليص لتمثيل الأسرى. [18]
كما نقلت شبكة قدس الإخبارية عن مصادر مطلعة أن "الرئيس محمود عباس أكد للجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن على ضرورة ألا يتجاوز عدد أعضاء المؤتمر 1200 عضو، ضمن معايير ونسب محددة، على أن تكون نسبة للأجهزة الأمنية، والمتقاعدين، ووزراء فتح الحاليين والسابقين، وأعضاء المجلس الثوري الحاليين والسابقين. وأن هناك خلافًا قائمًا على العدد، والمعايير، ونسبة تمثيل كل شريحة، إذ يبدو لأطراف في الحركة أن المعايير والنسب وضعت لكي يتم اختيار أعضاء محسوبين على قيادة الحركة المتنفذة". [19]
أسباب التأجيل كما ترويها فتح
في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، منير الجاغوب: إن القرار يأتي لمجموعة من الأسباب وهي: "الأول يتعلق بالتحضيرات اللوجستية للمؤتمر، مثل إحضار الأعضاء المشاركين من قطاع غزة والشتات إلى مقر انعقاد المؤتمر، والثاني يتعلق بعدم الانتهاء من تحضير البرامج مثل: النظام الداخلي للحركة، والبرنامج السياسي للحركة على مستوى العلاقات الوطنية الداخلية، وعلى المستوى العربي والدولي، وعلى مستوى العلاقة مع الاحتلال، والثالث يتعلق ببنية الحركة، والاستعداد للمؤتمر، لذلك تم تأجيل المؤتمر لمدة شهرين، حتى يتم الانتهاء من كل هذه الملفات".
ونفى الجاغوب أن "يكون تأجيل المؤتمر الثامن يأتي في إطار الخلافات الداخلية للحركة، وأن كل ما يروج حول ذلك عار من الصحة، ويستهدف النيل من وحدة الحركة".
ومؤكدًا على أن "مشاركة مروان البرغوثي في المؤتمر شيء مؤكد، فهو عضو لجنة مركزية للحركة، وسيعاود المؤتمر انتخابه مرة جديدة". [20]
من جانبه، رأى عضو المجلس الثوري لحركة فتح، فخري البرغوثي: "أن تأجيل المؤتمر يدل على عدم قدرتهم (قيادة الحركة) على جمع أعضاء المؤتمر على استراتيجية محددة، لأنهم بعيدون كل البعد عن واقع الحركة، والواقع الفلسطيني، لأن الحركة تنظر دائمًا إلى الوطن، وإلى شهدائها وأسراها، لكنهم فقدوا هذه البوصلة، وأصبحوا بدون استراتيجية أو أهداف محددة ليطرحوها على المؤتمر، الذي ينتخب أعضاء المجلس الثوري واللجنة المركزية، ويقر سياسات الحركة".
وعن التسريبات التي تحدثت أن أحد أسباب تأجيل المؤتمر هو: الرغبة في عدم مشاركة أسرى الحركة في المؤتمر، وبالتالي استبعاد مروان البرغوثي من اللجنة المركزية، قال البرغوثي: "أنا لا أستبعد أن يتم استبعاد كل واحد لديه حس وطني حقيقي، فهم يريدون إفراغ الحركة من كادرها الحقيقي الذي دفع الفاتورة، ودفع كل ما يملك من عمره وحياته من أجل الوطن، فهم أصبحوا بعيدين كل البعد عن استراتيجية الحركة".
وتابع في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات": "درجت العادة أنه وفي كل مؤتمر يتم اختيار أشخاص مؤيدة لأصحاب النفوذ في الحركة، وكل واحد يحضر أشخاصًا من المؤسسات التابعة له، من أجل البقاء في مناصبهم، والاستمرار في إدارة الحركة كما يريدون، فلم يعد للمجلس الثوري واللجنة المركزية أي ثقل أو دور، ولم يعد للمركزية أي نشاط يذكر، وباتت مجرد اسم لا أكثر ولا أقل".
وواصل: "نحن نريد أن ينظروا للوطن بمسؤولية، لا أن ينظروا له نظرة شركات، فالوطن لا يتحرر بهده الطريقة، فليخرجوا ويقولوا للناس ما هي الطريقة التي يؤمنون بها لتحرير فلسطين، ووقتها ستقول الناس رأيها، وتقدم إمكانياتها، وبالتالي تكون الحركة قد أعلنت مواقفها الحقيقية".
وختم: "إذا أرادوا جلب كوادر الحركة من الخارج للوطن من أجل المشاركة في المؤتمر، لا يمكن أن يأخذوا قرارًا يمس الإسرائيليين، فكيف يمكن لهم أن يأخذوا قرارات ضد إسرائيل، وهي التي سمحت لهم بالدخول للوطن، وتساءل هل ستسمح إسرائيل بدخول كوادر ستأخذ قرار بمحاربة الاحتلال؟". [21]
آراء الخبراء
في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الباحث والأكاديمي، الدكتور عمر رحال: إن هناك مجموعة من الأسباب الشكلية والموضوعية التي أدت إلى تأجيل انعقاد مؤتمر فتح الثامن وهي:
1- عدم إنهاء اللجنة التحضيرية الاستعدادات اللازمة لعقد المؤتمر، فلم يتم الانتهاء من إعداد الوثائق والأدبيات الخاصة بالمؤتمر.
2- تزامن انعقاد المؤتمر مع الانتخابات المحلية، "فمن اقترح هذا الموعد لم يكن موفقًا، كيف لنا أن نذهب لانتخابات للحركة، في الوقت الذي تنافس فيه الحركة في الانتخابات المحلية، لاسيما في مجالس المدن والبلدات الكبرى، إذن التوقيت من البداية لم يكن موفقًا، وبالتالي فهناك سبب وجيه لتأجيل المؤتمر حتى يتم الانتهاء من الانتخابات البلدية في مرحلتها الثانية، ومن ثم تتفرغ الحركة لعقد المؤتمر، وإجراء انتخاباتها الداخلية".
3- هندسة الأسماء الحاضرة في المؤتمر، "بدون أدنى شك سيكون هناك هندسة للأسماء، كما حصل في المؤتمر السابع، وهذا ليس سرًا، وهذا معروف داخل أروقة الأطر التنظيمية للحركة، بغض النظر عن من سيكون في الواجهة، ولكن من المعلوم أن مكتب الرئيس، وبعض الأجهزة الأمنية، وبعض قادة الحركة المتنفذين سيكون لهم دور كبير في هندسة الأسماء، سواء إقليم غزة أو الضفة الغربية أو الخارج".
4- قضية مشاركة الأسرى، "من المعروف أن هناك خلافات فتحاوية داخلية سابقة، قد تستبعد بعض الأسرى من المشاركة في المؤتمر، وقد يكون هناك موقف مسبق من بعض الأسرى بأن لا يرشحوا أنفسهم للانتخابات، لكن لا أحد يستطيع أن يستثني كبار أسرى حركة فتح، لأن فتح داخل الحركة الأسيرة هي التنظيم الأكبر، وفيها أسماء كبيرة ووازنة، ولكن يمكن الالتفاف على هذه الأسماء، وقد لا يتم انتخابها. هذا أمر وارد، ولكن لا يمكن لأحد أن يستبعد قادة الحركة الأسيرة من حركة فتح، لما لهم من حضور وازن داخل حركة فتح، وداخل الحركة الأسيرة، بالإضافة لوجود كوتة للحركة الأسيرة في أي انتخابات".
ويضيف رحال: "علينا أن نكون واقعيين بأنه سيكون هناك هندسة للأسماء، وسيتم اختيار الأسماء بعناية فائقة، وكما نقول بالفلاحي ستكون الأسماء على قد الإيد، لأن المجلس الثوري القادم واللجنة المركزية سيشكلان من أشخاص قريبين من الرئيس، وذلك بناءً على الولاءات الشخصية، فقد تم تحييد عدد من القيادات الوازنة والتاريخية في الحركة سابقًا، والآن سنشهد صعودًا لبعض الأسماء الجديدة، في مقابل خروج بعض الأسماء الكبيرة واللامعة".
ويتابع: سيكون المؤتمر الثامن لحركة فتح مهندسًا بطريقة مستجيبة لهندسة الأسماء في منظمة التحرير، وسيكون هناك توافق بين مخرجات المؤتمر الثامن لفتح، مع مخرجات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، حتى تكون في قادم الأيام انسيابية وسلاسة في أي عملية انتقال للمرحلة القادمة، فلا يمكن أن يكون هناك انتقال أو بروز لأسماء جديدة على مستوى منظمة التحرير، ما لم تكن فتح موافقة على هذه الأسماء، وبالتالي تريد فتح ترتيب بيتها الداخلي بحيث يكون هناك انسجام وتطابق مع مخرجات وقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير.
وعن التسريبات التي تتحدث عن وجود نية لاستبعاد مروان البرغوثي من المشاركة في المؤتمر، وبالتالي استبعاده من عضوية اللجنة المركزية، قال رحال: من الخطأ العمل على استبعاد الأسير مروان البرغوثي، لما يملك من تأييد في الشارع الفلسطيني، وجماهرية داخل الحركة، وقاعدة قوية داخل الحركة الأسيرة، وأي قرار من هذا القبيل سيؤدي إلى مزيد من التشظي والانشقاقات داخل فتح. [22]
من جانبه، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، الدكتور سعد نمر: "هناك إشكاليات داخل حركة فتح، منعت أن يعقد المؤتمر في وقته، والسبب الأساسي في ذلك، هو السياسات التي يتبعها بعض المتنفذين في حركة فتح".
ويضيف: "يجب على فتح في مؤتمرها الثامن أن تطرح بعض القضايا، وتجيب على أسئلة حساسة جدًا أمام الشعب الفلسطيني، باعتبارها حزب السلطة، وباعتبارها أكبر حزب فلسطيني موجود على الساحة، لكن هذه الإجابات غير موجودة، وإذا تركت للمجموعة القليلة القريبة من السيد الرئيس أبو مازن، فهذا يعني أن هذه الإجابات لن تكون مقنعة بالمطلق للجمهور الفلسطيني".
ويتابع: "الرد على ممارسات الاحتلال، في ظل تعطل العملية السلمية منذ سنوات طويلة جدًا، تستدعي وجود بدائل". ينتقد الدكتور نمر الخطة البديلة التي طرحها الرئيس محمود عباس، وعرضها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي منحت المنظومة الدولية سنة، ليتصرف بعدها الفلسطينيون. يتسائل الدكتور نمر: "ماذا سيكون التصرف؟ الانسحاب من اتفاقية أوسلو؟ هذه الاتفاقية قتلتها إسرائيل من الأساس. الانسحاب من عملية السلام؟ لا يوجد عملية سلام من الأساس، وقف التنسيق الأمني؟ هذا ليس بالشيء المهم، في ظل عدم وجود استراتيجية واضحة لمقاومة الاحتلال."
ويعود الدكتور نمر للتساؤل: "ما هي الورقة القوية بيد الرئيس والتي يمكن أن يطرحها أمام حركة فتح والجمهور الفلسطيني حتى يكون هناك نوع من الموافقة؟" انعدام هذه الورقة بحسب الدكتور نمر "أحد أهم أساب تأجيل المؤتمر، لأن الأفق السياسي مسدود، ولا يوجد أي حلول جذرية، ولا يوجد أساسًا أي تفكير بحلول جذرية ترضي الجمهور الفلسطيني".
وفي حين يرى الدكتور نمر ضرورة العودة للمقاومة، بما فيها المسلحة، إذ إن حركة فتح من فصائل الثورة، وفصائل الثورة، بحسب الدكتور نمر، مطالبة بأكثر من التشكي للمجتمع الدولي، فهي مطالبة بالدفاع عن الشعب بالمقاومة، لابمجرد التوجه بالشكوى لمجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية، فالمقاومة وحدها هي التي تستدعي الاهتمام الدولي، بيد أن الرئيس محمود عباس، والكلام للدكتور نمر، غير قادر على طرح خيار المقاومة، كما لا توجد رغبة لدى المحيطين به في طرح هذا الخيار ومناقشته.
وعن الأنباء التي تحدثت عن مساع لإقصاء الأسير مروان البرغوثي، يرى الدكتور نمر أن نهج البرغوثي المقاوم، لا يتفق مع نهج المتنفذين في فتح، مما يدعوهم لمحاولة استبعاده، وهي محاولات، بحسب الدكتور نمر، كانت منذ المؤتمر السابق.
ويذهب الدكتور نمر إلى أنّ فكرة استبعاد مروان غير متقبلة، وغير سهلة في الوقت نفسه، لانعدام المبررات القانونية لاستبعاده، وصعوبة إساقطه في الانتخابات، وفي حين أن نجاح مروان سيحسب لصالح نهج المقاومة، فإنه سيحرج النهج الآخر في فتح، مما يجعل قضية مروان إحدى أسباب التأجيل. [23]
أما الكاتب والمحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" فقد رأى أن السبب الرئيس لتأجيل مؤتمر فتح الثامن هو "عدم وجود توافق بما يكفي بين التيارات الرئيسية داخل الحركة، وربما عدم وجود خطة يمكن من خلالها إعادة اللحمة إلى حركة فتح، بالإضافة لعدم وجود خطة لإصلاح وضع منظمة التحرير، وإصلاح النظام السياسي في فلسطين".
ويضيف: "المبررات التي تم تقديمها بأن اللجنة التحضيرية لم تنه أعمالها، بالإضافة لوجود عوائق لوجستية حالت دون وصول أعضاء المؤتمر من غزة والخارج، غير دقيقة على الإطلاق، وإنما القدرة غير كافية لدى المكونات الرئيسة ومراكز القوة الرئيسة داخل الحركة للاتفاق على المخرجات الرئيسة للمؤتمر، وبالتالي التأجيل أفضل، لأنه ربما يتم من هنا وحتى الموعد الجديد التوافق بين الأطراف، من خلال المساومات والتنازلات والتراجعات، وتلبية مصالح معينة، والاتفاق على قضايا تبدو الآن صعبة، ولكن يمكن الاتفاق عليها لاحقًا. هناك عشرات القضايا التي سيتم البحث عن سبل للتفاهم حولها، إلى أن تأتي اللحظة المناسبة لعقد المؤتمر، والتي لو كانت موجودة الآن لما تم تأجيل المؤتمر".
ويرى سويلم أنه من الممكن في حال انعقاد المؤتمر الثامن لحركة فتح انتخاب وجوه جديدة لعضوية المجلس الثوري، واللجنة المركزية، مؤكدًا أن المشكلة ليست في انتخاب وجوه جديدة، وإنما في قدرة حركة فتح على مراجعة الحالة الوطنية التي وصل إليها الفلسطينيون، ومسؤولية الحركة عن هذه الحالة، ومن ثمّ هل حركة فتح بصدد استنهاض الحالة الوطنية، والاضطلاع بدور مميز وخاص على هذا الصعيد كما كانت في عقود ماضية؟ يجيب سويلم على الأسئلة التي طرحها: "إذا كانت الإجابة نعم، فكل شيء سيتغير في الساحة الفلسطينية، وإذا كانت الإجابة لا، فليس هناك أي أهمية لانتخاب وجوه جديدة، لأن ذلك لن يغير في الواقع أي شيء". [24]
بدوره، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش: " إنّ كل ما يشاع من أحاديث عن خلافات داخل حركة فتح أدت إلى تأجيل المؤتمر غير صحيحة، وليس له أي علاقة بالواقع".
كما يرى هواش أن تبرير تأجيل المؤتمر بسبب عدم انتهاء اللجنة التحضيرية من الملفات التي بين يديها، وعدم استكمال التحضيرات اللوجستية، من أجل إحضار أعضاء المؤتمر من غرة والخارج، غير صحيحة كذلك، فبحسب ما يرى "في كل المؤتمرات التي تعقد في رام الله ويحضرها أشخاص من خارج فلسطين، تجري الموافقة على دخول أشخاص، ورفض دخول أشخاص آخرين، فهناك شخصيات وطنية فلسطينية في الخارج غير مسموح لها بدخول فلسطين، ولا تمنح تراخيص للدخول، وبالتالي هذا لا يؤثر كثيرًا على انعقاد المؤتمر، أو عدم انعقادة".
ويضيف: "كان من المقرر عقد المؤتمر في 21 آذار/ مارس الماضي، ولكن هذا الموعد تزامن مع حرب أوكرانيا، والانقسام الدولي حولها من تأييد أوكرانيا أو تأييد روسيا، وبالتالي فهناك ضغوط دولية على الفلسطينيين، وعلى غيرهم، لتأييد هذا الطرف أو ذاك. ووجود مؤتمر سياسي بهذا الوزن لحركة فتح، قد يفرض على المؤتمر تأييد أحد الطرفين بما قد يؤذي الفلسطينيين، وبالتالي ارتأت قيادة حركة فتح، بصرف النظر عن من يقرر، بأن الوقت غير مناسب لعقد المؤتمر، ويمكن تأجيله إلى ما بعد انتهاء الأزمة، وإلى ما بعد شهر رمضان، فلا يمكن تأجيله 10 أيام أو شهر ويأتي في رمضان والأعياد".
وتساءل: "لماذا مع كل مؤتمر فلسطيني لفتح أو لحماس أو غيرهما، نفترض سيناريوهات خيالية وسيناريوهات صراعات؟" ويوضح هواش أن التوافق والصراع طبيعيان في إطار الوحدة وفي إطار العمل الوطني الفلسطيني بكل مصاعبه ومشاغله وامتدادته. ويؤكد: "هناك تحديات كبيرة جدًا، والتركيز على سيناريوهات خيالية غير مفيد وغير مناسب، والتركيز علي ما هو واقعي هو الأهم. لا يوجد في الواقع سوى حاجة لترتيب البيت الفلسطيني، بما يؤدي إلى تسهيل إقامة حوار ووحدة، أو إدارة الانقسام بشكل أفضل على الأقل، ودعم فكرة تحسين الأداء الإداري للفلسطينيين، وتمكين الفلسطينيين من الصمود في مواجهة التحديات السياسية التي تفرضها إسرائيل ومشروعها الاستعماري في المنطقة، ومشروعها للسيطرة على الشعب الفلسطيني، وسد الآفاق أمام الشعب الفلسطيني، فهذا يحتاج إلى تضامن كل الفلسطينيين من أجل إنجاح أي فعالية فلسطينية لأي فصيل فلسطيني كبير، ولا يحتاج الأمر لافتعال مشكلات وسيناريوهات غير واقعية". [25]
الخاتمة
كان من المقرر أن يعقد المؤتمر العام الثامن لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في 21 آذار/ مارس، لكن وقبل الموعد المحدد بأسبوعين أُعلِن عن تأجيل المؤتمر إلى النصف الثاني من شهر أيار/ مايو المقبل، وسط الحديث عن وجود خلافات كبيرة داخل الحركة بسبب مجموعة من القضايا، منها: استبعاد الأسرى من المشاركة في المؤتمر، وبالتالي استبعاد الأسير مروان البرغوثي من عضوية اللجنة المركزية، والخلاف على العدد، والمعايير، ونسبة تمثيل كل شريحة في المؤتمر، إذ يبدو لأطراف في الحركة أن المعايير والنسب وضعت لكي يتم اختيار أعضاء محسوبين على قيادة الحركة المتنفذة.
فيما بررت حركة فتح تأجيل المؤتمر بعدم استكمال اللجنة التحضيرية لأعمالها على مستوى صياغة البرامج السياسية التي ستناقش في المؤتمر، والنظام الداخلي للحركة، بالإضافة لأمور لوجستية تتعلق بإحضار أعضاء المؤتمر من غزة والخارج.
ويرى أغلب المراقبين أن السبب الأساس في تأجيل انعقاد المؤتمر، هو عدم وجود توافق داخل حركة فتح حول الملفات والقضايا التي يجب طرحها ومناقشتها في المؤتمر، ومنهم من تبنى ما أشيع حول الخلافات بسبب محاولة استبعاد الأسرى، وبالتالي استبعاد مروان البرغوثي من اللجنة المركزية، وكذلك الانتقائية في اختيار أعضاء المؤتمر، ومنهم من اكتفى بالحديث عن عدم التوافق داخل الحركة دون الخوض في التفاصيل، ومنهم من رأى أن التأجيل جاء بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا وعدم الرغبة في تأييد طرف على حساب الآخر.
[1] - https://cutt.us/TRUvP
[2] - https://cutt.us/TRUvP
[3] - https://cutt.us/TRUvP
[5] - https://cutt.us/TRUvP
[6] - https://cutt.us/R1WZC
[7] - https://cutt.us/R1WZC
[8] - https://cutt.us/q4kuI
[9] - https://cutt.us/q4kuI
[10] - https://cutt.us/q4kuI
[11] - https://cutt.us/q4kuI
[12] - https://cutt.us/q4kuI
[13] - https://cutt.us/q4kuI
[14] - https://cutt.us/dz5CQ
[15] - https://cutt.us/q4kuI
[16] - https://cutt.us/qZjit
[17] - https://cutt.us/Z4L05
[18] - https://cutt.us/VEK4B
[19] - https://cutt.us/vn4kS
[20] - أجرى الباحث المقابلة في 22-3-2022
[21] - أجرى الباحث المقابلة في 22-3-2022
[22] - أجرى الباحث المقابلة في 22 - 2022
[23] أجرى الباحث المقابلة في 23 - 3 - 202