المحاكم الإسرائيلية غابة يتربّع على عرشها الذئاب

وليد الهودلي
17-08-2020



وليد الهودلي.. مركز القدس

قررت التي تسمّى محكمة العدل العليا الإسرائيلية بعد ست سنوات من المداولات والتي تنظر في أسرى صفقة وفاء الاحرار الذين اعيد اعتقالهم عدم النظر لهم بشكل جماعي والنظر بشكل فردي، وأول النظر الفردي هذا كان القرار بإعادة حكم إبراهيم المصري المؤبد حيث كان محكوما به سابقا. طريق ملتوية طويلة شهدتها جلسات عديدة على مرّ ست سنوات وهم كما كانت مجادلات أسلافهم السحيقة وهم يفصّلون في مواصفات البقرة مع نبيهم والتدقيق في تفاصيل التفاصيل هم اليوم يقلّبون أوراقهم السوداء ويغرقون في كلام لا نهاية له، رغم ان الامر واضح للعيان ولا يختلف عليه اثنان أصحاء نفسيا، هؤلاء مجموعة من المركبات النفسية المعقدة يسمّون أنفسهم قضاة!

فنون المحاكم العسكرية الإسرائيلية معنا من أعجب العجائب، تختلق وتبدع بشكل غير مسبوق في تلوين ظلمها بألوان ومسميات لم ترد في أية محكمة في العالم ولن تصل لها أعتى المحاكم الشريرة في أيّ عصر من العصور، كيف يفكرون ومن أي المشارب الفكرية يشربون ولأية مراجع قانونية يحتكمون؟! يجد المتابع لشان هذه المحاكم أنها غابة قد تربّع على عرشها الذئاب، القضاة مجموعة من الذئاب المتوحشّة لا شيء في حنايا صدورها إلا كيل الإجراءات والتهم والاحكام على ميزان تمسك بطرفيه الانياب والمخالب المتوحشّة.

أسرى صفقة وفاء الاحرار واضح بما لا لبس فيه أنه أعيد اعتقالهم في ليلة غابت فيها عين العدالة والمنطق القانوني الذي تعارف عليه البشر ولأهداف سياسية وعلى مبادئ شريعة الغاب تم الانقضاض على اتفاقية الافراج عنهم والصفقة المبرمة برعاية مصرية  والاقدام على  اختطافهم وزجّهم في السجن من جديد، وبعد أن نفّذ جيشهم بقرار من المستوى السياسي، لحقت بهم محاكمهم لتعطي هذه الغطرسة والعدوان الاثم صفة قانونية ولتبرّر بطرق سخيفة ما فعلته هذه الايدي الاثمة.

مثل هذا يحصل على صعيد المثال لا الحصر في محاكم الاعتقال الإداري، يطرّز (على حدّ تعبيرهم) ضابط مخابرات تقريرا غير معلن، يبقى سرّا في المحكمة لا يطلع عليه إنس ولا جان سوى القاضي الذي يعتمده ويصدر على ضوئه القرار، وتجديد القرار المرّة تلو الأخرى، في هذه الغابة يبتدعون مسمّيات منها محكمة تسمّى محكمة التثبيت يأتي فيها القاضي ليثبت ما قضت به المخابرات، الله وكيلك دور القاضي الاطلاع على الملفّ السرّي وتلاوة ما أوصى به كاتب هذا التقرير ثم ينتهي دوره، ثم بالإمكان الاستئناف والذهاب الى العليا حيث يزداد الحرص على هذا الملفّ السرّي وتزداد القداسة له ويحظى بالحفاوة والتبجيل، هناك يرتفع شان التقرير السرّي لتصل الى القاعدة التي وصل اليها المعتقلون الاداريون: " كلّما علت محاكمهم سفلت وتوحّشت" . يقضي المعتقل عدة سنوات ويمرّر على عشرات المحاكم الذئبية دون أن يدري مضمون هذا التقرير أو لما هو في السجن.

وعن محاكمة الأطفال حدّث ولا حرج، كيف يسمح قاضي لنفسه أن يحكم طفلا بالمؤبد؟ كيف يسمح لنفسه أن يمدّد طفلا ما يزيد عن سبعين يوما قضاها في زنزانة انفرادية للمزيد من التحقيق؟ كيف يسمح لنفسه أن يبارك إجراءات قمعية وتحقيقات عسكرية يرى على جسد المعتقل آثار التعذيب واضحة للعيان؟ محاكمهم شرّعت وأعطت إذنا بالتعذيب الجسدي لآلاف الضحايا كان من آخرهم سامر العربيد ووليد حناتشة، كان بالإمكان ان يبقى التعذيب تبع لقوات الامن عندهم والمخابرات، ولكن أن تأتي وفق قرارات موثّقة من قضاة يلقون قسم المهنة خلف ظهورهم وينظرون للأمر من نظارة سوداء كما هو حال قلوبهم فهذا شيء معيب يسجلّ في سجلاتهم الحافلة بهذا السواد والذي يؤكّد بعدهم كلّ البعد عن أية مهنية قانونية أو أية شفافية يتحدث عنها عالم اليوم.

المجال يضيق لفنون محاكمهم والثابت من كثرة هذه الشواهد يؤكد أن شريعتهم هي شريعة الغاب وأن هذه المحاكم ما هي الا غابة لا صوت يعلو فيها الا عواء الذئاب الجائعة المتعطشة لقهر العباد.