انقسام داخلي إسرائيلي حيال وضع الدولة العبرية

عماد أبو عواد
24-01-2019
قراءة: عماد أبو عوّاد\ مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

صدر عن مركز الدمقراطية الإسرائيلي استطلاع رأي شامل حول القضايا التي تهم الجمهور الإسرائيلي، والتي أظهرت أنّ هناك انقسام داخلي حول تقييم واقع الدولة، وفق الوجه السياسي للمستطلَعين، وكان من أبرز القضايا التي تناولها الاستطلاع ما يلي:

أولاً: كيف تقيّم الوضع العام للدولة

أجاب 18% من اليهود أنّ الوضع العام لدولتهم جيد جيداً، فيما 37% اعتبروا أنّ الوضع جيد، فيما 29% اعتبروا أنّ الوضع متوسط، مقابل 7% سيء، و7% سيء جدا، و2% لم يستطيعوا تقييم الوضع.

اللافت للنظر أنّ نسبة من يرون الوضع فوق الجيد، تجاوز 55%، وهي نسبة مرتفعة جداً، والأعلى منذ 15 عاماً، حيث كانت النسبة في العام 2003، فقط 18%، عام 2011 وصلت ل23 %، عام 2016 بحدود 40%، واليوم 55%.

بتحليل النتائج وُجد أنّ غالبية اليمين الإسرائيلي، واللذين يُشكلون الغالبية في الدولة، قيمت الوضع على أنّه جيد، فيما المركز واليسار كانت غالبيتهم ترى الوضع العام متوسط.

ويُمكن فهم هذه النتائج في ثلاثة محاور مهمّة، الأول الواقع الأمني، الثاني الاقتصادي، والثالث التغييرات الداخلية في توجه الجمهور الإسرائيلي.

وبتناول هذه المتغيرات الثلاث، نجد أنّ العام الحالي رغم وجود تصعيد أمني ما بين الفينة والأخرى، ووجود عمليات في الضفة، لكنّ غالبية هذه العمليات بقيت على أطراف الدولة، بمعنى لم تمس غالبية الشريحة الإسرائيلية، فيما الوضع الاقتصادي بشكل عام للإسرائيليين جيد، وحقق الاقتصاد الإسرائيلي بالمقارنة مع غيره قفزات كبيرة. وفي ظل حكم اليمين وازدياد حالة التجاذب الكبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي، فإنّ التصويت حيال وضع الدولة، سيكون تصويتاً حزبياً، بمعنى أنّ غالبية اليمين ستقيم الوضع جيداً، من منطلقات فكرية تتعلق بطبيعة الحكم والعكس صحيح في هذا الإطار.

ثانياً: هل "إسرائيل" دمقراطية أم يهودية

أحد أبرز القضايا التي تناولتها مراكز الأبحاث الإسرائيلية في العام 2018، هل "إسرائيل" دولة يهودية أم دمقراطية، أم يهودية دمقراطية، وقد كانت الإجابات على هذا التساؤل على النحو التالي، حيث اعتبر 39% من اليهود أنّ المركب اليهودي بات أقوى من الدمقراطي في الدولة العبرية، مقابل 24% أشاروا إلى عكس ذلك، و30% قالوا أنّ المركبان متساويان في الدولة، ولا يطغى أحدهما على الآخر.

هذه المعطيات جاءت بعد سلسلة من التوترات على خلفية إقرار الكنيست لقانون القومية، والذي منح المركب اليهودي قوّة أكبر من المركب الدمقراطي، وهناك من اعتبر أنّ زيادة قوّة اليهودية على حساب الدمقراطية، سيُدخل الدولة العبرية في أزمات ذات علاقة بهوية الدولة، وانعكاس ذلك على علاقتها بدول العالم الدمقراطية، وزيادة صورتها كدولة فصل عنصري في العالم، في ظل تعاملها على أنّ حق تقرير المصير في الدولة هو فقط لليهود، وتحويل أصحاب الأرض إلى أقلية في أرضهم.

ثالثاً: ما مدى ثقتك بمؤسسات الحكم؟

من الأسئلة الأبرز التي توجه للجمهور الإسرائيلي، هي مدى ثقته في المؤسسات الحاكمة، وقد كانت النتائج للعام 2018 على النحو التالي:















































المؤسسةنسبة الثقة
الجيش89%
رئيس الدولة68%
مؤسسات الحكم المحلي60%
المحكمة العليا55%
الشرطة52%
المستشار القضائي للحكومة47%
الحكومة34%
الاعلام33%
الكنيست30%
الاحزاب16%




نسب ثقة الجمهور الإسرائيلي بمؤسساته تقريبا ثابته خلال الأعوام الأخيرة، وفي الوقت الذي تراجعت فيه الثقة في الجيش قليلاً، كون الجمهور الإسرائيلي رغم النقد الكبير لجيشه، لا زال يتخوف من سقوط قيمة الحصن الأخير الذي اعتاد هذا الجمهور منحه قدسية.

فيما تدني نسب ثقة الجمهور بالحكومة، الكنيست والأحزاب، وهي ثلاث مكونات مرتبطة ببعضها، فإنّه ينبع من حجم الفساد الكبير الذي بات يُسيطر عيلها، فما التحقيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي واقترابه من لائحة اتهام، إلى جانب التحقيق مع الكثير من الوزراء وأعضاء الكنيست، إلّا مؤشر قوي لحجم الفساد وتقديم المصلحة الشخصية، الأمر الذي جعل الثقة فيها هي الأدنى في الدولة.

رابعاً: هل قيادة الدولة فاسدة؟

في ظل انتشار التحقيق مع رئيس وزراء الاحتلال، والتحقيق مع مجموعة من الوزراء والسياسيين، تم طرح التساؤل، إلى أي مدى قيادة الدولة فاسدة، ووفق الاستطلاع 29% أشاروا أنّ قيادتهم فاسدة جداً، و19% فاسدة، و32% ذهبوا باتجاه أنّ الفساد متوسط، فيما 13% أشاروا أنّ قيادة الدولة غير فاسدة، و6% غير فاسدة بالمطلق، و2% لم يُعطوا موقفاً.

النسب أعلاه تُشير إلى أنّ أكثر من نصف الجمهور الإسرائيلي، يعتبر أنّ قيادته فاسدة، وربما هذا ينبع من تورط الكثير من القيادات بقضايا فساد، لكنّ الغريب أنّ هذا الجمهور يعود لينتخب نفس القيادات، في إشارة واضحة إلى عُمق أزمة القيادة في "إسرائيل" وعدم قدرة الدولة على تفريخ قيادات جديدة، ولربما المؤسسة العسكرية، هي أكبر تلك المؤسسات التي عقُمت عن تخريج قيادات ذات ثقل كبير، كما اعتادت سابقاً.

خامساً: إلى أي مدى تعتقد أنّ هناك تضامن داخلي في الدولة

في ظل تزايد الفجوات الداخلية في المجتمع الصهيوني، تم طرح التساؤل، هل تعتقد أنّ هناك تكافل وتضامن داخلي، وقد توزعت الإجابات على النحو التالي، 25% اعتبروا أنّ هذه الظاهرة منخفضة في "إسرائيل"، فيما 31% رأوا أنّها متوسطة، و34% رأوها مرتفعة فيما لم يعبر البقية عن رأيهم في هذه الظاهرة.

ظاهرة تراجع التكافل العام في الدولة، باتت من القضايا المقلقة خلال العقدين الأخيرين، حيث تُشير المعطيات الإسرائيلية، إلى أنّ الفردية وحب الذات وتقديمها على المصلحة العامة، باتت هي السمة الغالبة في الدولة العبرية، الأمر الذي جعل حالة التهميش التي تُعاني منها بعض الشرائح في الدولة، حالة ثابتة توحي إلى حجم تراجع الشعور بالوحدة الداخلية الإسرائيلية.