انقسامات فتح في الانتخابات التشريعية.. الأسباب والنتائج

فضل عرابي
10-04-2021
تقارير

انقسامات فتح في الانتخابات التشريعية.. الأسباب والنتائج

فضل عرابي

صحفي وباحث فلسطيني

حمّل الملف BDF

ملخص

مع إغلاق باب الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة في 22 أيار\ مايو 2021، تقدمت 36 قائمة متنوعة، حزبية وموصوفة بالمستقلة بطلبات الترشح للجنة الانتخابات المركزية.




وفي ظل الانقسامات والانشقاقات التي عصفت بحركة فتح خلال فترة الترشح، تقدمت إلى جانب القائمة الرسمية للحركة قوائم أخرى بطلبات ترشح للانتخابات، يترأس بعضها قادة في الحركة أو محسوبون عليها.

وبعد تسجيل الحركة لقائمتها في الساعات الأخيرة قبل إغلاق باب تسجيل القوائم، أعلنت بعض الأقاليم مقاطعة الانتخابات لعدم وجود ممثلين لها في القائمة، مما يعني تشتت أصوات أنصار الحركة.

تعرض هذه الورقة أسباب الانقسامات والانشقاقات داخل حركة فتح، ووجود ثلاثة قوائم محسوبة عليها، وتأثير ذلك على نتائج الانتخابات، وما هو الموقف داخل الحركة إزاء هذه الحالة، كما تعرض آراء مجموعة من الخبراء والكتاب الفلسطينيين.

قوائم فتح الثلاث.. سجالات وتوقعات

من أبرز القوائم المنبثقة عن حركة فتح: قائمة "الحرية" التي يترأسها القيادي المفصول الدكتور ناصر القدوة، ويدعمها الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية، وقائمة "المستقبل" المدعومة من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.

قائمة الحرية

سلم ناصر القدوة وفدوى البرغوثي (زوجة الأسير القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي) قائمتهما الانتخابية "الحرية" إلى اللجنة المركزية في الساعات الأخيرة قبيل إغلاق باب الترشح، بعد وقت قصير من وصول وفد الحركة الرسمي لتسليم قائمتها الانتخابية للجنة.

وأعلنت قائمة القدوة والبرغوثي عن نفسها، باعتلاء القدوة الرقم واحد، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح المحامية فدوى البرغوثي زوجة الأسير مروان البرغوثي الرقم الثاني، وضمت أسماء بارزة في حركة فتح، بينهم: عبد الفتاح حمايل، والأسير المحرر فخري البرغوثي واللواء سرحان دويكات، وكوادر بارزة في الحركة، مثل جمال حويل وأحمد غنيم وآخرين، ولم يدرج اسم مروان البرغوثي لأنه يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية، وأعلن القدوة دعمه لهذا الترشح.

وقال القدوة عقب تسجيل القائمة: "نحن سعداء لأننا شاركنا بتقديم القائمة التي تمثل الأخ القائد مروان البرغوثي والملتقى الوطني الديمقراطي تحت اسم الحرية، وهي نتاج عمل جدّي شارك به بشكل جدي القائد مروان البرغوثي والعديد من الأخوة والأخوات".

وأكد القدوة على ضرورة التمسك بالانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني في موعدها المحدد المتفق عليه، لأنّ الحفاظ على تلك المواعيد هو جزء من العملية الديمقراطية. [1]

فيما أكد هاني المصري وهو أحد المرشحين ضمن قائمة الحرية، في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" أن الأسباب التي دفعت بالأسير مروان البرغوثي والدكتور ناصر القدوة لتشكيل القائمة هي: "الحاجة للتغيير العميق والشامل، وليس إصلاحات لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن الوضع الفلسطيني سيء جدًا، وبدون حدوث تغيير ستتدهور الأمور أكثر، نحو مزيد من تراجع القضية الفلسطينية، وتعميق الانقسام الفلسطيني، ومزيد من تعمق الاحتلال وتوسع الاستعمار الاستيطاني، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والتعليمية والصحية، بشكل يهدد الوطن والمواطن".




كما نفى المصري أن تكون قائمة الحرية قائمة ظل لحركة فتح، تهدف لاستقطاب الأصوات الفتحاوية التي لن تصوت للقائمة الرسمية للحركة، مؤكدًا أن القائمة جاءت استجابة لنبض شعبي من أجل التغيير، في ظل عدم تقديم الفصائل المهيمنة ما يريده الشعب لا على الصعيد الحياتي ولا على الأصعدة الأخرى الوطنية والديمقراطية والمؤسسية.




وعن إمكانية التحالف مع حركة فتح داخل المجلس التشريعي بعد الانتخابات قال المصري: "في أي مجلس تشريعي يمكن أن تتقاطع مع الكتل البرلمانية في قضايا معينة وتختلف معها في قضايا أخرى، ولكن أذا لم يستجيبوا لمتطلبات التغيير لن يكون من الممكن التحالف معهم، لكن إذا استجابوا هم أو غيرهم من الكتل مثل كتلة حماس لمطالب التغيير سنتحالف معهم، فنحن من دعاة تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأننا نريد أن نكون كلنا في مواجهة الاحتلال".




وعن استمرار الحديث مع الأسير مروان البرغوثي وناصر القدوة من أجل الانسحاب من الانتخابات قال المصري: "إذا زالت الأسباب التي أدت إلى وجود قائمة الحرية فإن القائمة ستنسحب"، لكنه استبعد أن تزول تلك الأسباب التي قال عنها إنها ليست أسبابًا بسيطة أو سطحية أو شكلية، مؤكدًا أنه ليست لديهم مشكلة مع أشخاص أو فصائل، وإنما مع سياسات وطرق عمل وأدوات عمل ونتائج وخيمة ومأزق عام تعيشه المؤسسة الوطنية، على حدّ وصفه.




وعن تصريحات ناصر القدوة فيما يخص الإسلام السياسي، قال المصري إن تلك التصريحات شُوٍّهت، وأخرجت من سياقها بشكل كامل، مؤكدًا أن القدوة يدعم المقاومة الإسلامية ويعتبرها شريكًا لهم، وأنه يريد إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، ولكن تلك التصريحات حرفت لأسباب انتخابية، بحسب ما يرى المصري. [2]




وكان ناصر القدوة، وخلال لقاء تلفزيوني، أدلى بتصريحات أثارت جدلًا واسعًا بشأن الإسلام السياسي قال فيها: "أعتقد أن كل الأطراف (الفتحاوية) الموجودة لديها مشاكل مع الإسلام السياسي بشكل عام، أو الإسلاموية السياسية".




وأضاف: "إذا تعاونت قوائم حركة فتح فقد تصب كل الأصوات في مصلحة الحركة، وكل هذه الأطراف لها مشكلة مع الإسلاموية السياسية". [3]

لتثار التساؤلات حول تأثير هذه التصريحات على التحالف بين القدوة ومروان البرغوثي في قائمة الحرية واذا كانت تمثل البرغوثي.




لتأتي تصريحات عضو المجلس الثوري لحركة فتح، حاتم عبد القادر، المحسوب على تيار مروان البرغوثي، وتؤكد على أنّ تصريحات القدوة حول (الإسلام السياسي) "تعبر عن وجهة نظره فقط، ولا تعبر عن وجهة نظر مروان البرغوثي".




وأضاف: "إننا وإن كنا نختلف مع الإسلام السياسي في الأفكار والتوجهات إلا أننا نحترمه، ونعتبره جزءًا أساسيًا من الحالة الوطنية الفلسطينية، وشريكًا في معركة التحرر الوطني".[4]

كما اتسعت دائرة الانتقادات للقدوة إلى شركائه في قائمة الحرية، إذ عبر الأسير المحرر فخري البرغوثي، عن رفضه الشديد لتلك التصريحات، معتبرًا أنها تعد إساءة لن يسمح بها، محذرًا من تشتيت قضايا الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال.




وشدد البرغوثي على ضرورة أن يكون هناك مراجعات داخلية لتصريحات القدوة المسيئة، ودعا إلى احترام القوى الوطنية التي تحمل هدفًا واحدًا، وهو إنهاء الاحتلال عن أرض فلسطين، مؤكدًا أن كل الوسائل مشروعة لمواجهة العدو. [5]

أما عزت الراميني وهو أحد المرشحين على قائمة الحرية فقد عدّ تصريحات القدوة موقفًا ثابتًا من "خلط الدين بالسياسة الذي ألحق اضرارًا بالغة بالسياسة والدين معًا، وتسبب في كوارث دمرت بلدانًا عربية وساهم في إشعال حروب أهلية".




وشدد الراميني في الوقت نفسه، على رفض الإقصاء والتخوين في حق حركتي حماس والجهاد الإسلاميتين، والمشاركة في الحياة السياسية بكل الهياكل الوطنية، على أسس وقواسم مشتركة في إطار المشروع الوطني الفلسطيني تؤسس لإنهاء الانقسام والتنافس الشريف والنزيه لكسب ثقة الجمهور عبر صندوق الاقتراع ، مؤكّدًا على رفض إدراج حركتي حماس والجهاد الإسلامي على قوائم الإرهاب.

وأكد الراميني تطلعهم للتعاون والتنسيق مع كل القوى الإسلامية والوطنية واليسارية لبناء نظام سياسي تعددي وديمقراطي سواء في موقعنا في الحكومة او المعارضة البناءة، على حدّ قوله. [6]

لكن القدوة عاد ليتراجع عن تصريحاته المثيرة للجدل من خلال بيان رسمي جاء فيه: "نحن شركاء في الوطن مع المقاومة الإسلامية، ونريد استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، ونرید شراكة حقيقية بعيدة عن المحاصصة والصفقات السياسية، التي تسعى لتجديد الوضع القائم ووجوهه، وإشكالياته وقصوره".




وأضاف: "نتنافس على خدمة المواطن والقضية الوطنية، من خلال التنافس على الرؤى والأفكار". وتابع: "وفي هذا السياق، تأتي المخاوف من الإسلاموية السياسية، وارتباط الأمر ببعض الصفقات التي تم عقدها مؤخرًا، ونعتقد أنها تتعارض مع حق المواطن الفلسطيني في اختيار ممثليه، ومحاسبتهم بطريقة ديمقراطية وشفافية ودورية". [7]

قائمة المستقبل

قبل يومين من إغلاق باب التقدم بطلبات الترشح للانتخابات التشريعية، سلم مجموعة من أعضاء قائمة المستقبل التابعة للتيار الإصلاحي الديمقراطي الذي يتزعمه القيادي محمد دحلان المفصول من حركة فتح أوراق ترشح القائمة للجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة.

وأعلنت القائمة عن نفسها باعتلاء سمير المشهراوي (أحد القادة السابقين في جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة) الرقم واحد، والدكتور سيري نسيبة (رئيس جامعة القدس السابق) الرقم الثاني، ومن أبرز الأسماء في القائمة: نيروز قرموط، وأسامة الفرا، وماجد أبو شمالة وجهاد طميلة، ونجاة أبو بكر.

وكان محمد دحلان قد أكد أن الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة ستعيد تشكيل السلطة، وأن تيار "الإصلاح الديمقراطي" الذي يتزعمه سيكون فرس الرهان، وأن قائمة "التيار" سيكون لها شأن عظيم في الانتخابات.




كما شنّ دحلان هجومًا على الرئيس محمود عباس، متهمًا إياه بأنه فشل في تحقيق كل ما وعد به، وفي عهده تم تكريس الانقسام والتفكك في الداخل الفلسطيني، ووصلت الأوضاع المعيشية للمواطنين إلى حالة مزرية، وأن كل ما يهمه هو البقاء في السلطة والتنكيل بمعارضيه وإقصاء أيّ صوت يختلف معه، كما فعل مؤخرًا مع ناصر القدوة الذي قام بفصله من حركة فتح، مؤكدًا أن عباس يصدر قوانين غير شرعية للتحكم في الانتخابات ومنع المنافسين له من الترشح. [8]




من جانبها قالت نيروز قرموط المرشحة ضمن القائمة، والمتحدثة باسمها: "إن القائمة تعكس تنوع المجتمع الفلسطيني، مؤكدة أنها تسعى إلى إصلاح سياسي وقانوني واقتصادي في البلاد".




وأضافت: "أن الانتخابات التشريعية الفلسطينية فرصة حقيقية ليعلن الشعب إرادته وكلمته"، مشيرة إلى أنه "حان الوقت لتجاوز حالة اليأس والانطلاق نحو تحقيق الوحدة وبناء مجتمع ديمقراطي ينعم بحياة كريمة".

وتابعت: "ننطلق من رؤية طموحة تهدف لمعالجة جرح اضطهاد الفلسطيني الذي عانى الحصار والجدار والاستيطان، ونتجه نحو بناء واقع فلسطيني مختلف بمسارين متلازمين لا يفترقان، إنهما مسار البناء الديمقراطي والتحرير". [9]

الموقف داخل حركة فتح

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي: "إنه لا يوجد أسباب تستدعي وجود قائمة موازية لقائمة الحركة، حتى لو كان هناك اختلاف في الاجتهادات، ولقد حسم الموقف بأن تكون الحركة موحدة وبقائمة موحدة".

ونوه إلى وجود آراء بالفعل في حركة فتح دعت إلى وجود قائمة إلى جوار القائمة الرسمية، تجمع "الحردانين"، على حد وصفه في قائمة موازية، والمنضبطين في القائمة الرسمية، ثم تُجمع القائمتان لاحقًا تحت قبة التشريعي، لكنّ الحركة رفضت هذا التكتيك، لأنّ العالم يرصد وزن فتح من خلال قائمتها الرسمية، مقابل قائمة حركة حماس الموحدة، على حدّ قوله.

وقال إنحركة فتح فتحت كل الأبواب للحوار لكي تخوض الحركة الانتخابات بقائمة موحدة، مذكرًا بقول الرئيس محمود عباس الذي وافقت عليه اللجنة المركزية بالإجماع، كما يقول زكي، "لا قداسة لأي قرارات اتخذت بشأن الانتخابات"، فأصبح الباب مفتوحًا، بذلك، أما مروان البرغوثي وناصر القدوة لسحب قائمتهما، وأن يتشارك الجميع في الإعداد للمؤتمر الثامن للحركة.

وعن التحالفات الممكنة لفتح بعد الانتخابات من أجل تشكيل الحكومة أكد زكي  أنه لا يمكن لفتح أن تغلق بابها أمام أي كتلة برلمانية جاءت بهدف الارتقاء بالحالة الفلسطينية، لكنها ستغلق أبوابها أمام الكتل التي صنعتها دول متآمرة، أو تريد تركيع الحالة الفلسطينية، على حدّ قوله، الذي قد يشير به إلى إمكانية التحالف مع قائمة القدوة/ مروان، دون قائمة محمد دحلان.

وعن توجهات حركته بعد الانتخابات، قال زكي، إنّ فتح تريد حكومة وحدة وطنية تحقق الوحدة الوطنية بعد سنوات الانقسام، وكدلك الوحدة الجغرافية بين شطري الوطن، على أن تكون حكومة بقرار واحد، في ظل برلمان يقوم بالمساءلة والإشراف على كل مناحي الحياة. [10]

أما نائب مفوض العلاقات الدولية لحركة فتح الدكتور عبد الله عبد الله وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" فقد اتفق مع ما قاله عباس زكي بأن فتح مستهدفة من أطراف كثيرة، وأنها تعرضت للكثير من المؤامرات عبر تاريخها لكنها نجحت دائمًا في تجاوزها.

وعن إمكانية تحالف فتح بعد الانتخابات مع القوائم المحسوبة عليها أو مع حركة حماس من أجل تشكيل الحكومة، فقد أكد على أن الانتخابات تأتي لتحقيق ثلاثة أهداف وهي: تجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية، وإنهاء الانقسام المدمر المستمر منذ 14 عامًا، والشراكة الوطنية في حكومة وحدة وطنية ممن تفرزهم صناديق الانتخابات.

كما أكد عبد الله أن فتح تخوض الانتخابات موحدة من خلال قائمتها الرسمية لكنها لا تمنع أحدًا من أن يشكل قائمة لخوض الانتخابات، على أنها لا تعتبر تلك القوائم ممثلة لها، مؤكدًا على استمرار المشاورات مع عضوي اللجنة المركزية للحركة مروان البرغوثي وعبد الكريم يونس.[11]

كما اتفق  رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة فتح منير الجاغوب مع الرأيين السابقين بأن حركة فتح تتعرض لمؤامرة، وأنه منذ العام 1965 والحركة تتعرض لمؤامرات بأشكال مختلفة.

وكشف في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" : أنه لا يستبعد أن يكون هنالك تدخل من جهة ما في الانتخابات القادمة، وأنه لا يستطيع تحديد هذه الجهة، لكن وفقًا لمجريات الأحداث هنالك تدخل واضح في الانتخابات.

لكنه شدد على أن: "حركة فتح تخوض الانتخابات موحدة ولها قائمة واحدة، لكن تشكيل قوائم خارج إطار الحركة قد يؤثر على أصوات الناخبين، لكنه أوضح أن الحركة ذاهبة لإنهاء هذا الملف وبالتحديد مع مروان البرغوثي". [12]

أما القيادي في حركة فتح نبيل عمرو، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" فقد أكد أن خوض فتح للانتخابات القادمة من خلال ثلاث قوائم سيؤدي إلى تشتت أصوات أبناء الحركة والقاعدة الجماهيرية لها في الشارع الفلسطيني، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على قائمة فتح الرسمية، بحيث لا تكون القائمة الأولى داخل المجلس التشريعي، معتبرًا أنه في حال حدوث ذلك يمكن إيجاد تفاهم بين القوائم الثلاث، ولكنه يستبعد حدوث ذلك خاصة وأن القوائم الثلاث متصارعة وليست متفاهمة.

وأوضح أن أسباب خوض فتح للانتخابات بأكثر من قائمة يعود إلى عدم وجود انتخابات دورية داخل الحركة، وعدم استعداد الحركة الكافي لخوض الانتخابات بقائمة موحدة تضم كل أطياف الحركة، وتضم كل القوى والمعسكرات والاجتهادات داخل الحركة، معتبرًا أنه كان يجب أن يجري الاستعداد الداخلي لتشكيل قائمة موحدة منذ زمن، مضيفًا أن الصراع داخل الحركة أدى إلى ما يحدث الآن، مشيرًا إلى أن حركة فتح لا يوجد داخلها انضباط كاف طوال تاريخها، مبينًا أن قلة الانضباط داخلها كانت السبب الرئيس في خسارتها الانتخابات السابقة.

كما استبعد عمرو تعرض حركة فتح لمؤامرات خارجية، مشددًا على أن فتح معروفة بأنها حركة قليلة الانضباط، وأن الحديث عن مؤامرة خارجية هو مجرد كلام لا معنى له. [13]

قراءات الخبراء

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الباحث في مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات إنّ العوامل الدافعة إلى حالة التشظي داخل حركة فتح وخوضها الانتخابات بثلاث قوائم نابعة من محددات تتمثل في:

- الصراع الفتحاوي الداخلي ضمن الأجنحة والأطر للسيطرة على مركز صناعة القرار داخل فتح.

- المنافسة الداخلية على حالة الاستقطاب للقاعدة الفتحاوية.

- صراع المصالح والنفوذ.

- صراع الرؤى والمواقف السياسية وبمن ثمّ القدرة على حجز مقعد متقدم في قيادة الحركة للمراحل المقبلة.

- الاستجابة لتدخلات أو تأثيرات إما عربية أو إقليمية أو دولية.

وعليه، وبحسب بشارات قد يؤدي هذا الواقع لتشتيت أصوات القاعدة الجماهيرية للحركة، وهو ما سيؤثر على قدرتها في الحصول على عدد المقاعد التي تؤهلها لتكون صاحبة الحسم بالمجلس التشريعي.




ومرد ذلك أن قوائم الحركة تستهدف نفس القاعدة الجماهيرية من حيث المنطلقات الفكرية، وإمكانية حصولها على أصوات من خارجها قليل في ظل مشاركة حماس، ومشاركة العديد من القوائم المستقلة، وبالتالي ستكون حركة فتح الخاسر الأكبر لعدم خوضها الانتخابات موحدة.




واستبعد بشارات أن يتراجع البرغوثي والقدوة عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، لأنهما يبحثان عن أوراق قوة لهما مستقبلًا، ولأن التراجع في هذا التوقيت من شأنه أن يكبدهما خسارة قاعدتهما، كما أن القائمة ضمت شخصيات ستكون بمثابة مانع للتراجع.

وتوقع بشارات أن تتحالف قائمة فتح الرسمية وقائمة القدوة بعد الانتخابات، خصوصًا إن كان الأمر يتعلق بتوافقات في إطار التوحد أمام الكتلة المعارضة، لكنه استبعد أن تكون هناك فرصة لقائمة دحلان للدخول في ائتلافات مع القائمة الرسمية لفتح وإن كان هناك توافق قد يكون ما بين قائمتي القدوة ودحلان.

وعن إمكانية تأجيل الانتخابات قال بشارات: حتى اللحظة جميع المؤشرات تدفع باتجاه انعقادها. [14]

من جانبه لا يرى الباحث والأكاديمي عمر رحال ما حدث من انشقاقات وانقسامات في حركة فتح أمرًا غريبًا أو جديدًا، وسبق أن حدث في انتخابات 1996 و2006.




ففي حيث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال رحال: إنه عادة ما ترافق المواقف المفصلية أو الأحداث الكبيرة انقسامات وحالات تشظي داخل حركة فتح، وسبب ذلك آلية اختيار الأشخاص والمرشحين التي تستند إلى النفوذ والعلاقات الشخصية والمناطقية.




ويرى أن "تلك الآلية تحفز كوادر فتحاوية على خلق مظلات جديدة ومختلفة، لتثبت قدرتها على لعب أدوار حاسمة، بعيدًا عن سطوة الحركة"، حسب وصفه.

ولا يستبعد رحال أن تؤدي هذه الحالة إلى فقدان حركة فتح قدرتها على الحسم في الانتخابات التشريعية المقبلة، واستنزاف طاقاتها وتشتيت قوتها.

وعن إمكانية أن تنجح مساعي فتح في إثناء البرغوثي والقدوة عن خوض الانتخابات قال رحال: إن كل شيء وارد، ولكن لا يوجد أي مؤشرات على إمكانية حدوث ذلك.

ويحذر رحال من إمكانية توجه الرئيس محمود عباس إلى تأجيل الانتخابات، للحفاظ على تماسك حركة فتح، وضمان عدم خسارتها.

لكنه يضيف أن مثل هذا القرار سيترك أصداء ثقيلة في الشارع ولدى القوائم الانتخابية الأخرى، وربما ينعكس على واقع السلم الأهلي الفلسطيني. [15]

ويتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت الدكتور باسم الزبيدي مع رحال في الكثير مما قاله، ويضيف في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" إن وجود تيارات متصارعة داخل حركة فتح وعدم وجود توافق سياسي واختلاف الرؤى وتبعثر علاقات القوة، أدى لوجود ثلاث قوائم تمثل الحركة، لأسباب شخصية أو سياسية أو ارتباطات خارجية، وهو ما سيؤثر على نتائج الانتخابات بالنسبة للحركة، خاصة أنها تخوض الانتخابات مبعثرة، مقابل حركة حماس المتماسكة.




وأضاف، تعاني فتح من الإشكاليات والانقسامات نتيجة تناقضات كثيرة بين التحرر والسلطة، وبين الوطن والمكاسب، فأصبح صعبًا عليها التوفيق بين أجنحة وتيارات متعددة داخلها.




ويتابع: "جزء من التناحر يدور حول المناصب والامتيازات، وجزء آخر يتعلق بروح وكينونة حركة فتح، وما الذي ينبغي أن تكون عليه الحركة، كحركة ثورية تحررية".

واستبعد الزبيدي أن تنجح مساعي قيادة حركة فتح في إقناع مروان البرغوثي وناصر القدوة بالتراجع عن خوض الانتخابات.

وعن تحالف قوائم فتح بعد الانتخابات قال الزبيدي: إنه لا يستبعد حدوث ذلك في حال تحققت شروط معينة، خاصة أن القواسم المشتركة بينهم كثيرة، في مقابل اختلاف كبير مع حماس.

ويرى الزبيدي أن نسبة لجوء الرئيس محمود عباس لتأجيل الانتخابات تصل لـ50٪، لكن التأجيل لن يؤدي إلى خلق واقع أفضل لفتح. [16]

من جانبه يرى رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس الدكتور أحمد رفيق عوض، في حديث خاص لـ "مركز القدس للدراسات" إن الأسباب التي أدت لتعدد قوائم حركة فتح في الانتخابات هي الخلافات حول الأداء السياسي، والصراع على كيفية إدارة الحركة ، وبالتالي فإن هذه القوائم تعبر عن الخلافات والنزاعات واختلاف وجاهات النظر داخل الحركة.

وعن إمكانية استجابة مروان البرغوثي وناصر القدوة لمطالبات قيادة فتح بالانسحاب من الانتخابات يقول عوض: "استنادًا لتصريح عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح بأنه لا توجد قرارات مقدسة وأن الباب مفتوح أمام الجميع، وهو ما يعكس مرونة فتح وقدرتها على التسويات، حتى المؤلمة منها، خاصة أن فتح تشعر أنها مقبلة على امتحان صعب جدًا، ومن ثمّ ممكن جدًا أن تصل لتسوية مع البرغوثي والقدوة، من أجل أن تخوض الانتخابات موحدة". [17]

فيما اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، الدكتور عدنان أبو عامر وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" أن خوض فتح الانتخابات ب ثلاث قوائم سينعكس سلبًا على وضعها التنظيمي الداخلي، ويعطي مؤشرات سلبية عن نتائجها المتوقعة في الانتخابات، حيث سيؤدي ذلك إلى تشتيت أصوات فتح الانتخابية.

وأكد عامر: على "وجود معسكرات وتحالفات داخل حركة فتح، تتجاوز مسألة الخلافات السياسية والبرامجية، وإنما هي صراعات حقيقة على مواقع النفوذ، وتحضير حقيقي لمرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، وهو ما تسبب في شق عصى الطاعة داخل الحركة، وأحدث انشقاقًا عموديًّا فيها، قد يقضي على ما تبقى من وحدتها بفعل السياسات التنظيمية الداخلية".

ويشير عامر إلى أن: تشكيل مروان البرغوثي وناصر القدوة لقائمة منفصلة عن قائمة الحركة الرسمية لخوض الانتخابات يشكل تحديًا حقيقيًا للرئيس محمود عباس، وتهديدًا لمدى سيطرته على الحركة.

وعن نجاح مساعي قيادة حركة فتح لإقناع مروان البرغوثي وناصر القدوة بسحب قائمتهما من الانتخابات قال عامر: إنه من الصعب أن يتراجع مروان وناصر دون أن تقدم قيادة حركة فتح تنازلات كبيرة، لكن من الممكن أن تتحالف القائمتان معًا بعد الانتخابات داخل المجلس التشريعي.

ويؤكد عدنان أن خيار لجوء الرئيس محمود عباس لتأجيل الانتخابات يظل خيارًا قائمًا، لكن لن يكون من السهل اتخاذ مثل هذا القرار، خاصة أن ذلك سيؤدي لتراجع شعبية فتح والرئيس محمود عباس على الساحة الفلسطينية. [18]

بدوره أكد مدير البرامج في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" خليل شاهين في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات": أن فتح تخوض الانتخابات بأكثر من ثلاث قوائم عمليًا، حيث توجد قائمة الحركة الرسمية، وقائمة التيار الإصلاحي بزعامة محمد دحلان، وقائمة الحرية التي شكلها مروان البرغوثي وناصر القدوة، والتي تضم في عضويتها شخصيات من خارج فتح، بالإضافة لوجود عدد من كوادر فتح الذين رشحوا أنفسهم للانتخابات من خلال القوائم المستقلة، وهو ما سيؤدي لتشتيت أصوات الناخبين الفتحاويين.

فإذا ما بقي الوضع عليه، بحسب شاهين، ستكون قائمة حركة فتح الرسمية هي الخاسر الأكبر في الانتخابات، دون أن يعني ذلك خسارة حركة فتح نفسها، لأن عددًا ممن سينجحون من القوائم الأخرى في الانتخابات هم من أبناء حركة فتح، وبالتالي قد يكون تمثيل حركة فتح داخل المجلس التشريعي تمثيلاً كبيرًا، لكنه سيكون تمثيلاً مشتتًا ومفتتًا.

وردّ شاهين الانقسامات داخل فتح إلى حالة الغضب المتأصلة في الحركة منذ سنوات على أثر ما جرى في المؤتمر السابع للحركة، وفرض عقوبات على من سموا بالمتجنحين من تيار دحلان، وما حدث حينما عُقِد المجلس الوطني لمنظمة التحرير، فهناك شعور واسع، تعمق خلال الفترة الأخيرة، بالإقصاء والتهميش لعدد كبير من كوادر الحركة.

واستبعد شاهين أن تنجح مساعي قيادة حركة فتح في إقناع مروان البرغوثي وناصر القدوة بسحب قائمة الحرية من سباق الانتخابات.

وعن إمكانية لجوء الرئيس محمود عباس لتأجيل الانتخابات قال شاهين: "إن فرص إلغاء أو تأجيل الانتخابات تعادل فرص إقامتها". [19]

الخاتمة

من المقرر أن تجرى الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 22 أيار\ مايو المقبل، حيث ستتنافس فيها 36 قائمة متنوعة، من اتجاهات سياسية واجتماعية، من ضمنها ثلاث قوائم محسوبة على حركة فتح وهي: قائمة الحركة الرسمية، وقائمة المستقبل التابعة لمحمد دحلان، وقائمة الحرية التابعة لتحالف القدوة/ البرغوثي، وهو ما يعكس حالة الانقسام والتشظي داخل الحركة، وسط مخاوف كبيرة في أن يؤدي ذلك لأن تكون القائمة الرسمية للحركة هي الخاسر الأكبر في الانتخابات، ولعل أبرز ما يؤكد تلك المخاوف داخل الحركة هو استمرار المشاورات مع مروان البرغوثي وناصر القدوة من أجل سحب قائمة الحرية من سباق الانتخابات.

ورغم إصرار قيادة حركة فتح على أنها تخوض الانتخابات موحدة وبقائمة واحدة، إلا أنهم لا يخفون في الوقت نفسه تخوفهم من أن تعدد القوائم المحسوبة على الحركة سيؤدي لإضعاف قائمة الحركة الرسمية، معتبرين أن العالم يرصد وزن وحجم حركة فتح  في قائمتها الرسمية مقابل قائمة حركة حماس الموحدة، وليس في القوائم المحسوبة عليها.

ويرى المراقبين أن حالة الانقسام والتشظي داخل حركة فتح ليس بالأمر الجديد، وأن الحركة عرفت الكثير من حالت الانقسام طوال تاريخها وخاصة في المواقف المفصلية والأحداث الكبيرة، عازين ذلك إلى وجود تيارات متصارعة داخل الحركة وعدم وجود توافق سياسي واختلاف الرؤى وتبعثر علاقات القوة.

ويجمع المراقبين على أن خوض فتح للانتخابات منقسمة على نفسها، من خلال أكثر من قائمة، سيؤدي بشكل مؤكد لتشتت أصات قاعدة الحركة الانتخابية، وهو ما سيؤدي لتكون قائمة الحركة الرسمية هي الخاسر الأكبر.

وعلى الرغم من أن المراقبين لا يتوقعون أن تنجح مساعي قيادة حركة فتح في إقناع البرغوثي والقدوة بسحب قائمة الحرية، إلا أنهم يعتقدون أن إمكانية التحالف بين قائمة الحرية وقائمة حركة فتح بعد الانتخابات يظل أمرًا واردًا، خاصة وأن القواسم المشتركة بينهما كبيرة.

[1] - https://2u.pw/wsTDx

[2] - أجرى الباحث المقابلة في 5-4-2021

[3] - https://2u.pw/RRFve

[4] - https://2u.pw/QJ1Oh

[5] - https://2u.pw/nYjA7

[6] - https://2u.pw/7YEdR

[7] - https://2u.pw/DIEDB

[8] - https://2u.pw/a16F8

[9] - https://2u.pw/YGiqu

[10] - أجرى الباحث المقابلة في 5-4-2021

[11] - أجرى الباحث المقابلة في 4-4-2021

[12] - أجرى الباحث المقابلة في 4-4-2021

[13] - أجرى الباحث المقابلة في 4-4-2021

[14] - أجرى الباحث المقابلة في 5-4-2021.

[15] - أجرى الباحث المقابلة في 5-4-2021

[16] - أجرى الباحث المقابلة في 6-4-2021

[17] - أجرى الباحث المقابلة في 5-4-2021

[18] - أجرى الباحث المقابلة في 5-4-2021

[19] - أجرى الباحث المقابلة في 6-4-2021