بؤرة حوميش الاستيطانية .....القصة الكاملة

نجيب مفارجة
16-08-2023

بؤرة حوميش الاستيطانية – القصة الكاملة 
إعداد نجيب مفارجة 
الباحث المختص في شؤون الاستيطان \ مركز القدس للدراسات 
فتحت مصادقة محكمة الاحتلال العليا ، في الثاني من أغسطس 2023 على شرعنة بؤرة "حوميش" الاستيطانية البابَ على مصراعيه أمام تغوّل المستوطنين، الأمر الذي قد يشكّل دافعا لهم لشنّ المزيد من الهجمات على الأرض الفلسطينية : مصادرةً واعتداءا ، في هذا التقرير نرصد كل المعطيات المتعلّقة ببؤرة حومش الاستيطانية.
البدايات..
أقيمت مستوطنة "حومش" عام 1982 على مساحة مئات الدونمات في منطقة جبل القبيبات بأراضي بلدتي برقة شمال غرب نابلس وسيلة الظهر جنوب جنين – أراضي بملكية فلسطينية خاصة ، وتعتبر بلدة برقة الخاسر الأكبر من إقامة المستوطنة حيث تبلغ مساحة الأراضي المصادرة فعليا من أراضيها 900 دونم، بالإضافة إلى 50 دونما من أراضي سيلة الظهر.
أخلتها إسرائيل في إطار خطة فك الارتباط عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية في العام 2005 ، مع مستوطنات "سانور" و"جنيم" و"كاديم"، فيما أجلت التجمع الاستيطاني "غوش قطيف" في قطاع غزة، ورغم مرور 19 سنة على إخلائها، لم يتمكن أصحاب الأراضي من العودة إليها أو الاستفادة منها حتى الآن.
بؤرة إرهابية لشنّ اعتداءات
على النقيض من إخلائها، تحولت حوميش على مدار الفترة الماضية إلى بؤرة لإرهاب المستوطنين الذين عادوا إليها، واتخذوا منها نقطة انطلاق لمهاجمة المزارعين ولممارسة أعمال العربدة على شارع نابلس- جنين ؛ فبعد إخلائها، عمد المستوطنون لاقتحامها في أعيادهم ومناسباتهم، وشيئًا فشيئًا اعتادوا على التواجد بشكل دائم فيها وإقامة مدرسة دينية، وكل ذلك جرى على مرأى الاحتلال الذي أمر بإخلاء المستوطنة وهدم مبانيها، لكنّه منع المواطنين من دخولها بحجة أنها منطقة عسكرية.
التوجّه للقضاء
ربّما يضطرّ الفلسطيني في بعض الأحيان للتوجّه لقضاء الاحتلال ؛ آملا في استصدار قرار يحفظ له أرضه أو يمنع – وربّما يؤخّر – هدم منزله، وذلك من باب المثل الشعبي القائل "الغريق يتعلّق بقشّة" ، ومن هذا المنطلق، وبعد سنوات من الانتظار، لجأ أصحاب الأراضي التي أقيمت حوميش عليها لمنظمة "يش دين" الحقوقية الإسرائيلية لانتزاع قرار يمكنهم من الوصول إلى أراضيهم واستصلاحها وزراعتها، وكان ذلك عام 2011.
حومش على أجندة المقاومة
لم تكن "حومش" حاضرة على أجندة المستوطنين فقط، فقد كانت أيضا على أجندة المقاومة الفلسطينية التي نفذت عملية اطلاق نار فيها ، بتاريخ 16 كانون الأول 2021 ، أي في الفترة التي تصاعدت فيها هجمات المستوطنين على أرضنا وشعبنا.
في العملية، قتل مستوطن وأصيب آخرَين خلال إطلاق نار استهدفت سيارة للمستوطنين عند مدخل مستوطنة "حومش" في شمالي غربي نابلس في الضفة الغربية، حيث أوضح مراسل "القناة الـ 12" الإسرائيلية أن "المنفذ لم يكن منفرداً، بل كانت مجموعة مسلّحة، نفذّت كميناً بسلاح ليس مصنوعاً محلياً، وفي عملية مخطَّط لها بدقة".
وقد قام الجيش الإسرائيلي وقوات حرس الحدود التابعة لشرطة الاحتلال بهدم منزلين يعودان لمنفذيْ عملية حومش : محمود جرادات وعمر جرادات وذلك في 14 شباط 2022 والثامن من آذار 2022 على التوالي.
جرى الهدم بأوامر قائد القيادة المركزية في جيش الاحتلال، بعد رفض التماسات لإلغاء الأوامر التي قدمها الأهالي لمحكمة الاحتلال، في حين رفعت نيابة الاحتلال العسكرية لوائح اتهام ضد منفذي العملية أمام المحكمة العسكرية.
الكنيست يلغي فكّ الارتباط 
صوت الكنيست صباح الثلاثاء 21 مارس 2023 على إلغاء القانون الذي أمر بإخلاء أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية بالتزامن مع انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في عام 2005، وصادق على الإلغاء في القراءة الثانية والثالثة (النهائية) للكنيست بتصويت 31-18.
نال القانون بعض الدعم من أعضاء المعارضة، بما في ذلك جدعون ساعر وزئيف إلكين من “الوحدة الوطنية”، فهو يلغي بنود قانون فك الارتباط التي حظرت الإسرائيليين من العيش في المنطقة التي شملت في السابق مستوطنات “حومش” و”غانيم” و”كاديم” و”سا نور”، مما يمهد الطريق لعودة المستوطنين.
تطبيق فوري للقانون : الحكومة والجيش والمستوطنون
كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن وزير جيش الاحتلال، يؤآف غالانت، أصدر تعليمات إلى قائد المنطقة الوسطى يهودا فوكس، بالتوقيع على مرسوم ينفذ قانون إلغاء فك الارتباط في شمال الضفة الغربية، والذي أقره الكنيست قبل شهرين من تاريخه ؛ لشرعنة وجود المستوطنين في مستوطنة "حومش" شمال الضفة الغربية، وكان ذلك في 18 مايو الماضي.
رغم أنّ الجيش الإسرائيلي أخلى من المكان، قبل سنتين، فقد عاد وسمح للمستوطنين بالتواجد في معهد تدريس التوراة، في أعقاب مصادقة الكنيست على إلغاء فك الارتباط من مستوطنات المخلاة في شمال الضفة، في حين أنّ وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أن هذه الخطوة جاءت بموافقة من وزيري "الدفاع" والمالية الإسرائيليين رغم انتقاد من قادة في الأجهزة الأمنية.
وفي نهاية مايو الماضي أحيا المستوطنون الصهاينة البؤرة الاستيطانية المتوترة، وقاموا بتشييد مبنى في الموقع ممّا جذب الانتباه الدولي؛ بينما قام الجنود الإسرائيليون بحراسة حوالي 20 شخصًا قاموا بأعمال بناء في موقع حوميش ، الذي أخلته إسرائيل منذ ما يقرب من عقدين.
أمريكا تدين 
من جهتها ، أدانت وزارة الخارجية الأميركية إقامة ونقل بؤرة "حومش" الاستيطانية إلى أراض تدعي السلطات الإسرائيلية أنها بملكية الدولة، وهي أراض بملكية فلسطينية خاصة، معتبرةً أنّ "إقامة البؤرة تخرق التزامات الحكومة الإسرائيلية أمام إدارة بوش سابقا وإدارة بايدن حاليا" ، فيما رأى مسؤولون أميركيون بذلك "خرقا للوعودات من جانب إسرائيل"، مضيفين "لقد أعربنا عن استيائنا لإسرائيل من هذه الخطوة"؛ حسبما نقل موقع "واينت" الإلكتروني.
عليا الكيان تحسم الجدل..
بمصادقة المحكمة العليا في كيان الاحتلال ، الأربعاء الموافق الثاني من أغسطس الجاري على شرعنة بؤرة "حوميش" فإنها تكون قد حسمت الجدل بشأنها في كل الساحات : ميدانيا على الأرض مع الفلسطينيين، وسياسيا في أروقة الحكومة والكنيست، ودوليا في إشارة لموقف الإدارة الأمريكية الرافض لذلك.
ووفقًا لمصادر إعلامية عبرية : " ردّت المحكمة العليا بذلك التماسات قدمها أصحاب الأراضي ضد قرار العودة للاستيطان في البؤرة المذكورة وتحويلها لمستوطنة رسمية، حيث برّرت المحكمة رفض الالتماسات بأن المدرسة الدينية التي أقامها المستوطنون في مايو الماضي أقيمت على أراضي "دولة" وفق التصنيف الإسرائيلي".
ويأتي قرار العليا بعد أشهر من مصادقة الكنيست بالقراءة النهائية على شرعنة العودة لمستوطنات شمال الضفة الأربع التي أخليت في العام 2005.
 قرار العليا جاء بطلب من الحكومة
كانت الحكومة الإسرائيلية قد رفضت سابقا في ردها على التماس لمحكمة الاحتلال العليا، بإخلاء معهد لتدريس التوراة في بؤرة "حوميش" الاستيطاينة شمال نابلس، مشدّدة على أنّ نقل البؤرة الاستيطانية "حومش" تم بمصادقة وزير الأمن يوآف غالانت، وموافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
ردود أفعال
عقّبت منظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية، التي تمثل الملتمسين الفلسطينيين، على قرار المحكمة العليا بالقول إنه "قرار مخزٍ، ودليل إضافي على حكم الفصل العنصري، والذي أصبح هو القاعدة بموافقة المحكمة العليا".
من جهته، رحّب وزير المالية الإسرائيلي والوزير في الإدارة المدنية داخل وزارة الجيش، بتسلئيل سموتريتش، بقرار المحكمة قائلًا: "هذا يوم مهم بالنسبة لحومش، وللاستيطان، الحكومة الإسرائيلية ألغت قانون الانفصال في شمال الضفة الغربية وتنظم الاستيطان والسيطرة اليهودية في حومش".
بدوره، رحّب مسئول مستوطنات شمال الضفة "يوسي داغان" بقرار المحكمة واصفاً إياه "بالتاريخي"، فيما اعتبره تصريحاً رسمياً بالعودة للمستوطنات المخلاة.
تواريخ
في هذه الفقرة نوثّق بعض الأحداث حسب التاريخ ، نرصد خلالها بعض الأحداث المتعلّقة ببؤرة حومش : ميدانيا وسياسيا وقضائيا وحتى على المستوى الدولي، وذلك بعيدا عن الأحداث الكبرى التي تمّ مناقشتها بالتفاصيل أعلاه:
     2021 ديسمبر 26
اشتباكات بين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية بالقرب من بؤرة استيطانية بعد أسبوع من عملية إطلاق نار


    2021 ديسمبر 29
وزير "عدل" الاحتلال يدعم شرعنة بؤرة استيطانية درس فيها إسرائيلي قتل في هجوم اطلاق نار في الضفة الغربية


      2022 يناير 6
نائب وزير الإقتصاد يثير ضجة بعد وصفه المستوطنين في بؤرة حومش الإستيطانية بأنهم “دون البشر”


    2022 فبراير 11
القوات الإسرائيلية تهدم مبان في بؤرتين استيطانيتين في النقب والضفة الغربية \ حومش.


2022 أبريل 19
اشتباكات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية خلال مسيرة للمستوطنين بإتجاه مستوطنة سابقة\ حومش


2022 مايو 30
حكومة الاحتلال تبلغ المحكمة بأنها تنوي إخلاء بؤرة حومش الاستيطانية لكن دون تحديد جدول زمني


2022 ديسمبر 1
توجيه لائحة اتهام ضد حاخام من “حومش” لسكنه في بؤرة استيطانية غير قانونية


2023 يناير 2
وزراء يبلغون المحكمة العليا بأنهم يعتزمون شرعنة بؤرة حومش الاستيطانية


2023 فبراير 6
أكثر من 1500 شخص يحتشدون في بؤرة حومش الإستيطانية غير القانونية للاحتفال بعيد “طو بيشفاط”
واشنطن تحث إسرائيل على عدم إضفاء الشرعية على بؤرة استيطانية غير قانونية.


14 فبراير 2023
انتقد كلٌّ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قرار إسرائيل تشريع 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، واعتبرا أنه يسهم في تفاقم التوتر وتقويض آفاق التوصل إلى حل الدولتين عبر المفاوضات، حيث أعرب وزراء خارجية 5 دول غربية، عن "قلقهم البالغ" حيال قرار الحكومة الإسرائيلية بناء 10 آلاف وحدة استيطانية جديدة.


17 فبراير 2023
أعلن البيت الأبيض، الخميس، أن الولايات المتحدة "تشعر بانزعاج شديد" إزاء قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي توسيع النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.


22 فبراير 2023
وزارة الخارجية الأمريكية تستدعي السفير الإسرائيلي احتجاجا على إلغاء قانون “فك الارتباط”


23 فبراير 2023
بعد التوبيخ الأمريكي، نتنياهو يقول أنه لا توجد خطط لمستوطنات “جديدة” في شمال الضفة الغربية