تحوّلات مرتكزات الشرعية لدى السلطة الفلسطينية من الوعد السياسي إلى العامل الخارجي

ساري عرابي
17-10-2021

نشر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان، "تحوّلات مرتكزات الشرعية لدى السلطة الفلسطينية من الوعد السياسي إلى العامل الخارجي"، كتبها الباحث الفلسطيني، ساري عرابي، ويعيد مركز القدس، نشرها.

دراسات

تحوّلات مرتكزات الشرعية لدى السلطة الفلسطينية من الوعد السياسي إلى العامل الخارجي

ساري عرابي

ملخص:

تعاني السلطة الفلسطينية، في اللحظة الراهنة، من عدد من الأزمات المستحكمة، والتي تمسّ في مسوغات وجودها واستمرارها، فمنذ انتهاء مفاوضات عباس – أولمرت Ehud Olmert التي شهدتها سنة 2008، بلا اتفاق، وجمود عملية التسوية مع وصول بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu لرئاسة حكومة الاحتلال سنة 2009، وإعلان الرئيس الفلسطيني أنه لا مفاوضات مع استمرار الاستيطان، دون انتهاج أي سياسات نضالية تهدف إلى عرقلة الاستيطان، أو مقاومة الاحتلال عموماً، والسلطة الفلسطينية بلا مقولة سياسية تبرر بها استمرارها على النحو القائم، من حيث هي سلطة في ظلّ الاحتلال، كانت في أصل وجودها، وعداً بالتحوّل إلى دولة على حدود حزيران/ يونيو 1967.

من جهة أخرى، لا تبدو السلطة قادرة على القيام بوظيفتها الاجتماعية، بشقيها الاقتصادي والعدلي، الأمر الذي يرهن الدورة الاقتصادية الفلسطينية برمتها للشرط السياسي، دون أن تتمكن من تعزيز صمود الناس في مجال السلطة الجغرافي، بالإضافة إلى عجزها عن تعزيز صمود المقدسيين، ولا ينفك عن ذلك الجانب العدلي، بمستوييه الأمني والقضائي، وهو الذي تعرّض لهزّة كاشفة، بمقتل الناشط الفلسطيني، نزار بنات، على أيدي مجموعة أمنية رسمية في أثناء اعتقاله.

يزداد الأمر حرجاً مع إلغاء السلطة الفلسطينية، للانتخابات التشريعية، وما كان يفترض أن يتلوها من انتخابات رئاسية، وأخرى للمجلس الوطني الفلسطيني، التي وافقت عليها حركة حماس، وأكثر القوى والفعاليات الفلسطينية، فقد كانت التشريعية منها، مقررة في 22 أيار/ مايو 2021، بحسب المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس. بيد أنّ هذه الانتخابات ألغيت في صورة تأجيل، بذريعة عدم القدرة على إجرائها في القدس، ودون أن تبتكر السلطة أيّ ناظم بديل، ينظم العلاقة بين مختلف القوى والأفكار في الساحة الفلسطينية، بل على العكس، تستمرّ في رفض المصالحة والشراكة الوطنية، إلا على قاعدة اعتراف حركة حماس بما تسميه قيادة السلطة “قرارات الشرعية الدولية”. وهو الأمر الذي يعني بالضرورة، لجوء السلطة حصراً لوظيفتها المؤسسة، وفق اتفاقية أوسلو Oslo Accords، وهي الوظيفة التي باتت ضامنة لوجود السلطة واستمرارها، مما يؤول بالسلطة إلى أن تصير هدفاً في ذاته بلا أي وعد سياسي بالتحوّل إلى أفق أرقى.

تعرض هذه الورقة، تحوّلات مرتكزات الشرعية في مسار السلطة الفلسطينية، منذ التأسيس وحتى اللحظة الراهنة، وذلك بالتوقف عند أربعة مرتكزات، وهي: مرتكز الوعد السياسي، ومرتكز الوظيفة الاجتماعية، ومرتكز الشرعية الشعبية، ومرتكز الإسناد الخارجي، والمعاني السياسية لهذه التحولات، وما يمكن أن ينجم عنها من مخاطر وطنية جسيمة.

أولاً: مدخل، في مفهوم الشرعية:

تحرص كلّ سلطة سياسية على التذرع بمسوغات لوجودها واستمرارها، وذلك لأن السلطة في جوهرها، بحسب أكثر تعريفاتها اعتماداً، كما لدى ماكس فيبر Max Weber، هي “القدرة على ممارسة السيطرة على الناس، حتى ضدّ إرادتهم”،[2] وهو ما يستدعي تجسير العلاقة بين السلطة السياسية والمحكومين لها بشرعية عقلانية قابلة للاستمرار، تتجاوز الشرعية التقليدية التي تستند إلى النَسَب، كالملك، أو الإنجاز التاريخي المتقادم، أو إلى كاريزما القيادة، وذلك بالاستناد إلى قوانين أو قواعد،[3] أو وظائف، تحدد الاستخدامات الشرعية للقوة.

و”السلطة الفلسطينية”، التي هي بنية أقل من دولة بكثير، لكونها قاصرة عن جمع الفلسطينيين في شكل إقليمي سياسي يتسم بالسيادة، وتعمل في مجال ملتبس للغاية، إذ تتداخل بالكامل، وعلى نحو عضوي، مع وجود الاحتلال الإسرائيلي وهيمنته، لن تكون بمعزل عن السعي للتغطي بشرعية، تسوغ وجودها واستمرارها، مع خصوصية أكبر، في اللحظة العالمية الراهنة، لكونها متداخلة من جهة أخرى مع حركة تحرر وطني، لم تُنجِز مشروعها التحرري، وهو الأمر الذي يجعل من تناول مرتكزات شرعيتها ذا حساسية مضاعفة.

يمكن القول إن شرعية السلطة، انحدرت من الشرعية التقليدية والشرعية الكارزمية، إلى شرعية قانونية ملتبسة، فمن جهة نجمت السلطة عن حركة تحرر وطني، متمثلة في الأساس بحركة فتح، التي يُعد تاريخ انطلاقها الرسمي تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، وعن منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) التي عُدت في مراحل ما قبل السلطة، الدولة المعنوية للفلسطينيين. وقد تمتع صانع مشروع السلطة، الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بكاريزما خاصة محمولة على دوره الوطني التاريخي. بيد أنّ سلطةً في ظلّ الاحتلال، تنتهج طريقاً مختلفاً بعد مسار نضالي طويل، وتحظى بالكثير من النقد والمعارضة في مسارات السجال الفلسطيني، وفي ظروف نشأتها، لم يكن لها أن تكتفي بالشرعيتين التقليدية والكارزمية، دون شرعيات ذات طابع قانوني، كالمشروع السياسي، والوظيفة الاجتماعية، والرضا الشعبي، فهذه بعض مرتكزات الشرعية، من جهة معتقدات الناس حول السلطة، والتزامات السلطة.

من جهة أخرى، وبما أن السلطة الفلسطينية، تعمل في مجال تتعدَّدُ فيه موازين القوى، وعلى نحو بالغ التعقيد، وهي في أصل نشأتها، نتاج قرار دولي إقليمي، وتسوية محدودة بين منظمة التحرير و”إسرائيل”، فإنّ من أهم مرتكزات شرعية السلطة الفلسطينية، المرتكز الخارجي. فإذا كانت السلطة بحسب تعريف ميشال فوكو Michel Foucault “الاسم الذي يُطلق على وضع استراتيجي معقد في مجتمع معين”،[4] فإن السلطة الفلسطينية، هي وضع استراتيجي معقد في بيئة خارجية متعددة الفاعلين؛ من أهمهم الاحتلال الإسرائيلي، والذي يفترض بالسلطة أن تمثّل على نحو ما، حالة صراعية معه، تَهدِفُ إلى انتزاع ما بات يُسمّى في الأدبيات الفلسطينية، بالحدّ الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني؛ وهو الأمر الذي يمدّ جسراً في مرتكزات السلطة الفلسطينية، وعلى نحو يفيض بالمفارقة، من المقولة السياسية، وحتّى الاستناد إلى العامل الخارجي المتناقض مع تلك المقولة السياسية.

ثانياً: تحوّلات مرتكزات الشرعية لدى السلطة الفلسطينية:

1. المقولة السياسية (أو الوعد السياسي):

“غالباً ما يُنظر إلى المفهوم المعياري للشرعية السياسية على أنه مرتبط بتبرير السلطة”،[5] وفي حالة السلطة الفلسطينية، يبدو التبرير لتأسيسها أكثر إلحاحاً، إذ كان قد استقرّ في التجربة البشرية، ضرورة وجود سلطة ناظمة لاجتماع الناس في جغرافيا محدّدة. بيد أن تأسيس سلطة في ظلّ الاحتلال، وفي مستوى أقلّ من دولة بكثير، وفي أدنى درجات ما يمكن أن يُعدّ حكماً ذاتياً، وبالانقطاع عن المسار الكفاحي، يحتاج تبريراً سياسياً، يتجاوز مجرد المقولة السياسية، إلى الوعد السياسي، بالتحوّل إلى أفق أرقى.

وقد اتخذ مسار السعي، لتأسيس سلطة في ظلّ الاحتلال، زمناً طويلاً، لا يقل عن عشرين عاماً، منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وإذا كانت الفكرة قد بدأت خارج أطر منظمة التحرير، في مقترحات ذات صور مختلفة، مع أمثال عزيز شحادة،[6] وحمدي التاجي الفاروقي، ومحمد أبو شلباية،[7] فإنّ الفكرة أخذت لاحقاً تظهر في أطر منظمة التحرير، وحركة فتح على وجه الخصوص، تحت شعار المرحلية في الثورة، كما في أطروحات نمر صالح وماجد أبو شرار في سنة 1971، بل وقبل ذلك طرح فاروق القدومي المقترح في المؤتمر الثاني لحركة فتح المنعقد في دمشق سنة 1968. وقبيل حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، عادت وطرحته الجبهة الديموقراطية، مدفوعة فيما ظهر لاحقاً من قيادة حركة فتح، ليقرّ البرنامج المرحلي (النقاط العشر)، الذي تضمن تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، على أي أرض ينسحب منها الاحتلال، في الدورة الـ 12 للمجلس الوطني الفلسطيني في حزيران/ يونيو 1974.[8]

كانت قد ظهرت التحوّلات الجدية، لقيادة حركة فتح، وبالضرورة قيادة منظمة التحرير، لتبني مشروع إقامة السلطة الفلسطينية، بعد قراءتها للتحولات الناجمة في الميزان الإقليمي عن حرب تشرين الأول/ أكتوبر، فأخذت تروج لهذا التوجه صراحة، بعد تلك الحرب. وكان هاجس التمثيل، والصراع مع الأردن على الضفة الغربية، واضحاً في مبررات ياسر عرفات حينها، كما تنقل بعض الشهادات على تلك المرحلة.[9]

فالفكرة الدافعة نحو تأسيس السلطة الفلسطينية، والتحول من مشروع التحرير الكامل، إلى حلّ الدولتين، أخذ بالظهور قبل الخروج من بيروت سنة 1982، وقبل الحرب على العراق 1990/1991، وبالضرورة قبل مؤتمر مدريد Madrid Conference؛ مما يعني أنّ في الجذر السياسي لهذا التحوّل، عوامل أخرى، غير العوامل المباشرة التي فُسّر بها هذا التحول. وإذا كان هاجس التمثيل، الذي أخذ شكل الصراعات مع الأردن، وسورية، ثم الخشية من ممثلين جدد داخل الأرض المحتلة مطلع السبعينيات، ثم الخشية من قيادة بديلة بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى، فإنّ التحولات الإقليمية الضخمة كخروج مصر من الصراع، الذي ظهرت مؤشراته بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر، ثم تحطيم العراق في حرب 1991، لا بدّ وأنّها كانت عوامل أخرى بالغة الأهمية.

وأياً كان تفسير هذا التحول، فإنّه لم يكن كافياً لتفسير تأسيس سلطة في ظلّ الاحتلال، ولذلك أخذ يتبلور من الحلّ المرحلي في السياق الثوري، وهو ما جرى التعبير عنه في برنامج النقاط العشر بـ”سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة”، التي تكون وظيفتها بعد قيامها العمل على “اتحاد أقطار المواجهة في سبيل استكمال تحرير كامل التراب الفلسطيني كخطوة على طريق الوحدة الشاملة”؛[10] وصولاً إلى سلطة حكم ذاتي محدود، يُشترط وجودها بالاعتراف بـ”إسرائيل”، وبوظيفة أمنية، على أن تفضي العملية، إلى حلّ دائم للنزاع؛ وُعدت قيادة منظمة التحرير، أن يكون دولة فلسطينية مستقلة على حدود حزيران/ يونيو 1967.

وهذا يعني أن الوعد السياسي تحوّل، من سلطة مقاتلة، تهدف إلى التمكّن من أي جغرافيا فلسطينية بهدف تحرير فلسطين الكاملة، إلى سلطة مشروطة تعترف بـ”إسرائيل”، ولكنها تَعِدُ بالتحوّل إلى دولة على كامل الأراضي المحتلة سنة 1967. وهو الوعد الذي اصطدم بفشل مفاوضات كامب ديفيد Camp David Accords بين ياسر عرفات، ورئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود باراك Ehud Barak برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون Bill Clinton في تموز/ يوليو 2000، وهو ما أفضى لاحقاً إلى انفجار الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي غطّت على انتهاء المبرر السياسي لوجود السلطة الفلسطينية، إلى حين تجديد شرعية السلطة بانتخابات سنة 2006، ثم الانقسام الفلسطيني في 2007.

منذ ذلك التاريخ يمكن القول إنّ السلطة الفلسطينية، من الناحية الفعلية والواقعية، كفّت عن التبشير بالتحوّل إلى دولة أرقى، بالرغم من الدَّفعات التي عاد وأخذها مسار التسوية، مستنداً إلى الانقسام الفلسطيني الذي وقع في حزيران/ يونيو 2006، وحاجة السلطة الفلسطينية لتعزيز قوتها بالعامل الخارجي، الدولي والإسرائيلي. فعقد مؤتمر أنابوليس Annapolis Conference في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش George W. Bush، وتبعته مفاوضات عباس – أولمرت في 2008، لتدخل مسيرة التسوية في جمود مطبق، منذ وصول نتنياهو لرئاسة حكومة الاحتلال في 2009، وإعلان الرئيس عباس أنه لا مفاوضات مع استمرار الاستيطان.[11]

ومن ثم فإنه يمكن القول، إنّه ومنذ استقالة أولمرت، في أيلول/ سبتمبر 2008، أي منذ 13 عاماً، ومسيرة التسوية متوقفة، الأمر الذي يعني بالضرورة، تحوّل السلطة الفلسطينية إلى هدف بحدّ ذاته، لا يفعل شيئاً على صعيد الممارسة الكفاحية، لالتزامه المطلق بالشرط الأمني المؤسس والضامن للاستمرار (بخلاف سياسة عرفات في هبّة النفق 1996، والانتفاضة الثانية 2000)، وقد رأى العديد من المراقبين، ضعف الموقف النضالي للسلطة الفلسطينية في أحداث أيار/ مايو 2021 المتدحرجة من اقتحام المسجد الأقصى، ومحاولات تهجير سكان حيّ الشيخ جراح، وصولاً للعدوان على غزة، فيما عُرف فلسطينياً بمعركة “سيف القدس”.

تجلّى الإعلان الرسمي عن انتهاء المقولة السياسية مع انعدام الفاعلية للسلطة إزاء ذلك، في جملة أحداث وقرارات إسرائيلية وأمريكية، كاعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب Donald Trump بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” في كانون الأول/ ديسمبر 2017، وإعلانه عن خطته لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي التي عرفت بـ”صفقة القرن” في كانون الثاني/ يناير 2020، وإعلان نتنياهو منذ نيسان/ أبريل 2020 عن مشروع لضمّ مناطق من الضفة الغربية لـ”إسرائيل”، ثم تصاعد الموجة التطبيعية الجديدة في 2020، المنبثقة عن رؤية ترامب. ولم يكن من فعل للسلطة الفلسطينية سوى إعلان الرئيس عباس تحلل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير من جميع الاتفاقيات الموقّعة مع الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، ووقفاً فورياً للتنسيق مع “إسرائيل”؛[12] لتعود السلطة الفلسطينية تالياً، وتعلن بعد ستة شهور فقط، عن استئناف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي،[13] ثم لتشترط على حركة حماس أخيراً، الاعتراف بما يُسمى قرارات الشرعية الدولية، للدخول في حوار معها،[14] وذلك بعد أداء السلطة الباهت في معركة “سيف القدس”.

منذ سنة 2015، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تقرّر فيها مؤسسات منظمة التحرير، وحتى حركة فتح، وقف التنسيق الأمني، والتحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال.[15] بيد أنّ شيئاً من هذه القرارات لم يطبق، بالرغم من استمرار قيادات السلطة في محطات كثيرة بالإعلان أن السياسات الإسرائيلية تقضي على ما تبقى من الآمال في حلّ الدولتين.[16] وهو ما يعني أن السلطة من جهة فقدت الوعد السياسي الذي بشّرت به ومثّل المرتكز الوطني الأول لشرعيتها، وفقدت الفاعلية الكفاحية التي كان من شأنها أن تتحول إلى مرتكز آخر للشرعية.

وبالنظر إلى هذه المسيرة الطويلة، من فشل العملية السلمية دون أن تتمكن من نقل السلطة إلى أفق سياسيّ أرقى، فإن حكومة نفتالي بينيت Naftali Bennett اليميني المنحدر من التوجهات الأيديولوجية لنتنياهو ذاتها، وهي حكومة عاجزة بحكم تركيبها الائتلافي عن اتخاذ مواقف جوهرية في الصراع، لا يتوقع منها أن تقدّم شيئاً ذا بال في سياق مشروع التسوية. فبينيت نفسه، أخيراً، بعد استلامه منصبه رئيساً لحكومة الاحتلال، كرّر رفضه إقامة دولة فلسطينية، واستبعد لقاءه بالرئيس عباس.[17] بل إنه ذهب إلى أكثر من ذلك، بتأكيده على أنه لا عملية سياسية مع الفلسطينيين، وأنّ الأمر لن يتجاوز التسهيلات الاقتصادية،[18] في استمرار لنهج بنيامين نتنياهو المسمّى بـ”السلام الاقتصادي”. وبالرغم من أن بني جانتس Benny Gantz، وزير الحرب الإسرائيلي، قد التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أخيراً، فقد عبّر عن مواقف رافضة لتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية، ومؤكدة على أن الكيان الفلسطيني، لن يكون على حدود حزيران/ يونيو 1967،[19] وهو أمر ينسف فعلياً أيّ أفق لدولة فلسطينية ذات معنى مستقبلاً.

2. الوظيفة الاجتماعية:

يفترض بالمقولة السياسية، أن تكون التبرير الأهم لوجود السلطة الفلسطينية واستمرارها، وسقوط هذه المقولة، يفترض به، في حال بقيت السلطة على حالها، أن يدفع بقيادة السلطة نحو تعزيز الوظيفة الاجتماعية، الرامية إلى تعزيز صمود الفلسطينيين بأرضهم. وهذا من حيث الأصل، حين النظر إلى السلطة، بوصفها مشروعاً انبثق عن حركة تحرّر فلسطيني، بيد أنه وبالإضافة إلى الأصل، فإنّ العواقب المفيدة[20] التي تَعِدُ بها السلطة اجتماعياً، واقتصادياً، وأمنياً، هي من المبررات الشرعية لوجودها.

حين تقسيم الوظيفة الاجتماعية للسلطة الفلسطينية، إلى مستويين، أمني واقتصادي، فإنّه يلاحظ الترابط الكامل بين المستويين من جهة، وبينهما وبين العامل الإسرائيلي من جهة أخرى، الأمر الذي يحول دون انفكاكهما عن بعضهما، وبالضرورة دون القدرة على الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي. وهو ما كشف عنه، ربط السلطة الفلسطينية ما بين استلامها الأموال الضريبية من “إسرائيل”، التي هي أموال فلسطينية خالصة، وبين التنسيق الأمني، حينما رفضت استلام أموال المقاصة، في سياق تحلّلها من الاتفاقيات اعتراضاً على مشروع الضمّ،[21] ثم عادت لاستلامها مستأنفة التنسيق الأمني في الوقت نفسه. كما أنّ “إسرائيل” تقتطع من أموال المقاصة، ما يساوي قيمة ما تدفعه السلطة الفلسطينية للأسرى وعوائل الشهداء، بواقع 51 مليون شيكل شهرياً (نحو 15.5 مليون دولار)، منذ سنة 2019، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية،[22] وهو ما يعني ربط الاقتصاد الفلسطيني ومداخيله بتجريم النضال الفلسطيني.

لا تملك السلطة الفلسطينية موانئ، ولا مطارات، ولا معابر مباشرة إلى الخارج، مما يجعل عملية الاستيراد والتصدير، مرهونة بالكامل للاحتلال الإسرائيلي، كما أنّ مفاصل الحركة والمواصلات داخل الضفة الغربية، يتحكّم بها الاحتلال الإسرائيلي، وعلى النحو الذي يمكنه من استخدامها عقابياً متى شاء، فالحواجز الكبرى والصغرى، والطرق الالتفافية، والجدار العازل، وسوى ذلك، من أدوات الضبط والسيطرة والهيمنة، التي كثفها منذ انتفاضة الأقصى، ما تزال أداة جاهزة، وماثلة، للعقاب الجماعي، بعد أي عمل مقاوم في ساحة الضفة الغربية، كما أن البناء في مناطق ج، وهي المناطق المؤهلة للتمدد العمراني، والصناعي، والزراعي، غير متاح، فالسلطة الأمنية والإدارية عليها محصورة في الاحتلال الإسرائيلي وفق اتفاقية أوسلو، وهي المناطق المعدّة فضاءً للتمدد الاستيطاني، ولتكريس سياسات الضبط والسيطرة والفصل بين تجمعات الفلسطينيين.

وبحسب إحصاءات وتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) – الأراضي الفلسطينية المحتلة United Nations Office for the Coordination of Huminitarian Affairs-occupied Palestinian territories (OCHA-oPt)، فإنّ عدد المباني المهدومة ومعظمها في المنطقة ج وعدد الأشخاص المهجرين منها منذ سنة 2009 وحتى مطلع حزيران/ يونيو 2021، بلغ 7,637 مبنى، و11,485 مهجراً،[23] مما يجعل عملية البناء، والتمدد الاقتصادي في مناطق ج أمراً بالغ المخاطرة. وبالرغم من دعوة السلطة الفلسطينية للفلسطينيين للتمدد في هذه المنطقة، ولا سيّما في فترة حكومة سلام فياض،[24] إلا أنّها غير قادرة اقتصادياً على دعم مشاريع التنمية في مناطق ج، أو على تعويض الفلسطينيين في حال هدم الاحتلال لممتلكاتهم في تلك المناطق.

ظهر عجز السلطة الفلسطينية عن الاعتماد على نفسها في أزماتها المالية المتتابعة، كعجزها عن دفع رواتب موظفيها كاملة في أكثر من مرحلة، وبالارتباط إما بأزمات سياسية، كأزمة المقاصة، أو أزمات عامة، كجائحة كورونا 19-COVID، وهو ما يضطرها للاقتراض من البنوك المحلية، فقد هبطت مداخيل السلطة الضريبية منذ شباط/ فبراير وحتى أيلول/ سبتمبر 2020 بنسبة 70‎%‎، كما هبطت في الفترة نفسها المساعدات الخارجية بنسبة 50‎%‎، ما أدى لارتفاع حجم الدَّين لصالح المصارف المحلية بـ 7 مليارات شيكل (نحو مليارَي دولار) حتى ذلك التاريخ، و4.5 مليار شيكل (نحو 1.3 مليار دولار) هي قروض خارجية على السلطة، بالإضافة إلى 13 مليار شيكل (نحو 3.8 مليار دولار) متأخرات للقطاع الخاص ولصندوق التقاعد، ومن ثم فهناك نحو 24.5 مليار شيكل (نحو 7.1 مليار دولار) مديونية على السلطة حتى ذلك التاريخ.[25]

إنّ الأزمة المالية الطاحنة للسلطة، تضطرها آنياً، لتكثيف مساعيها لزيادة الجباية الداخلية، مما يحولها إلى عبء على الفلسطينيين، بدلاً من أن تعزّز صمودهم، وذلك في حين، تعجز السلطة الفلسطينية عن استيعاب الأعداد الهائلة للخريجين الجدد، ففي حين يتخرج سنوياً 40 ألف طالب فلسطيني، فإنّ فرص التوظيف لا تتجاوز الـ 8 آلاف فرصة، مما يجعل فلسطين الأعلى في نسبة البطالة على مستوى قارة آسيا ودول الوطن العربي،[26] ويحوّلها إلى بيئة طاردة للفلسطينيين بدلاً من تعزيز صمودهم في أرضهم.

وفي السياق نفسه، باتت السلطة الفلسطينية، تقترض من “إسرائيل”، لمعالجة أزمتها المالية الخطيرة، كما في اتفاق عباس – جانتس في 29/8/2021، إذ وافقت “إسرائيل” على إقراض السلطة الفلسطينية 155 مليون دولار، سيجري سدادها من أموال المقاصة اعتباراً من حزيران/ يونيو 2022،[27] وهو الأمر الذي لا يعني اقتصادياً سوى مراكمة للديون وترحيلاً للأزمة،[28] كما يعني سياسياً تكريس ارتباط السلطة وجوداً ووظيفة بالعامل الإسرائيلي، الذي أضاف إلى مساعداته للسلطة منح 15 ألف تصريح عمل للفلسطينيين في الضفة الغربية، للعمل في الداخل المحتل سنة 1948.[29]

إنّ سياسة “السلام الاقتصادي”، ترهن الدورة الاقتصادية برمّتها، للعامل الإسرائيلي، فمداخيل السلطة الذاتية مرتبطة بالعامل الإسرائيلي، جابي المقاصة، ومداخيلها من المساعدات خاضعة للابتزاز السياسي، وللتقلبات السياسية والاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى العمالة الفلسطينية داخل كيان الاحتلال، ومستوطناته، والتي بلغت 170 ألف عامل، حتى نهاية سنة 2020،[30] وهذه العمالة التي تصبّ في الدورة الاقتصادية في الضفة الغربية، مشروطة بالكامل للهدوء المطلوب إسرائيلياً، بالإضافة إلى عدم قدرة السلطة على التحكم بهذه العمالة وبحركتها، وتعامل العمال مباشرة مع ما يسمى إسرائيلياً “وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق”، وهو التعبير الإسرائيلي عما عرف سابقاً بالإدارة المدنية، التي باتت تتمدد على حساب السلطة الفلسطينية.[31]

يُضاف إلى هذه المعضلة البنيوية، مشكلتا الفساد، والمحسوبية،[32] واللتان ترتبطان جوهرياً بانعدام السلطة التشريعية، والتي عطّلت مع الانقسام الفلسطيني، ثمّ حلت تالياً في كانون الأول/ ديسمبر 2018، مع هيمنة السلطة التنفيذية، بتشكيلها محكمة دستورية ظلّت محل تشكيك في قانونيتها من المؤسسات الحقوقية،[33] وهي المؤسسات ذاتها التي طعنت في شرعية حلّ المجلس التشريعي،[34] وذلك بالإضافة إلى إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى، والهيمنة على القضاء الإداري برمته، مما يجعل يد السلطة التنفيذية مطلقة، وعلى النحو الذي يُشعر الفلسطينيين بأن السلطة لم تعد سلطتهم.

هذه السياسات بالضرورة، تمسّ المنظومة العدلية، مما يُلجئ الفلسطينيين إلى البنى الأهلية القبلية الأولية، كالعشائر، وهو ما ينطوي على جانب من جوانب تفسير تصاعد المشكلات العائلية في السنوات الأخيرة في الضفة الغربية، وما تفضي إليه من حوادث قتل، فقد ارتفع معدل جريمة القتل في فلسطين بنسبة 69‎%‎، فيما ارتفعت الجريمة ومظاهر العنف بنسبة 40‎%‎ منذ بداية سنة 2021 حتى حزيران/ يونيو مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2020.[35]

وفي الوقت الذي تتراجع فيه الفاعلية الوطنية، بسبب الوظيفة القاصرة والأمنية للسلطة، مما يحد من انشغال الجماهير بالشأن العام، ويغرقهم في السياسات الاقتصادية الاستهلاكية؛ كما تتراجع قدرة السلطة على القيام بوظيفتها الاجتماعية، وتنحصر أطرها في التوظيف والاستيعاب الاقتصادي على شبكتها الاجتماعية المرتبطة بحزبها الحاكم، وطبقتها الحاكمة، بالإضافة إلى تراجع ثقة الناس بالمنظومة العدلية، مما يؤدّي إلى استناد المواطنين إلى بناهم الأولية؛ فإنّ السلطة بدورها (بناء على ما سبق) تهتم بتعزيز البنى الأهلية العشائرية، إذ “يحظى رجال الإصلاح العشائري بدعم السلطة التنفيذية، ويجري الاستناد إلى قراراتهم وحلولهم من الجهات القضائية الرسمية”.[36]

يتصل المجال السياسي العام، بالقدرات الأمنية للسلطة، حين النظر إلى عجز السلطة الفلسطينية، عن مدّ نفوذها الأمني إلى المناطق ج،[37] والتي تمثل أكثر أراضي الضفة الغربية، إذ تحتاج القوات الأمنية الفلسطينية إلى تنسيق خاص مع قوات الاحتلال، لدخول تلك المناطق. وهو في جانب منه، يملك قدرة تفسيرية تشرح قدرة السلطة الفلسطينية على اعتقال أي معارض سياسي من أي منطقة، بينما تبدو هذه القدرة أكثر ضآلة في معالجة المشكلات العائلية، وتجارة السلاح المستخدم في تلك المناطق، والمخدرات، وما شابه.

3. الشرعية الشعبية (أو الانتخابية):

لم تستند السلطة الوطنية في أصل تأسيسها إلى استفتاء وطني عام، وإنما إلى انبثاقها عن حركة تحرر وطني، وإلى المقولة السياسية، بالإضافة إلى وعودها الاقتصادية، لكن يمكن القول، إنّ معارضتها في حينه، كانت ظاهرة، بتأسيس تحالف الفصائل العشر، الذي كان من أبرز قواه حماس والجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديموقراطية، وقد أثمر التحالف بين حماس واليسار الفلسطيني، عن فوزهم بعدد من مجالس الجامعات الوطنية في الضفة الغربية، ابتداء من انتخابات جامعة بيرزيت سنة 1993 تحت عنوان رفض اتفاق أوسلو، وفي جامعة النجاح سنة 1994، وفي جامعة القدس سنة 1995.[38]

لم تترك قيادة منظمة التحرير السلطة بلا غطاء شعبيّ، ليس فقط لأنّ الفلسفة السياسية السائدة تعتقد أن الديموقراطية ضرورية للشرعية السياسية،[39] ولا لأنّ السلطة الجديدة مهتمة بإظهار وجه ديموقراطي أمام القوى الراعية والمُؤسِّسة والمُموِّلة، وفي صورة تظهر شكلاً موازياً للديموقراطية الإسرائيلية فحسب؛ ولكن لأنّها مدركة لأهمية التغطي بالشرعية الشعبية، وهذا بالإضافة إلى كون الاتفاقيات بين منظمة التحرير و”إسرائيل” تضمنت بروتوكولات تنصّ على إجراء الانتخابات وكيفيات تنظيمها،[40] فأجريت الانتخابات العامة، للمجلس التشريعي وللرئاسة في سنة 1996، وبمقاطعة قوى سياسية أبرزها حركة حماس، واستمرّ تسيير السلطة، بلا تجديد للانتخابات، حتى انتهاء انتفاضة الأقصى ووفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فأجريت الانتخابات الرئاسية في 2005، وفاز بها محمود عباس، والتشريعية في 2006 وفازت بها حركة حماس.

أفضت الانتخابات التي جدّدت شرعية السلطة، إلى الانقسام الفلسطيني في 2007، الأمر الذي عطّل المؤسسة التشريعية، ووفّر للرئاسة “ذرائعية” الاستفراد بالمشهد الفلسطيني، وتغطية ذلك بسلسلة مراسيم رئاسية. وكان يفترض أن تنتهي المدد القانونية للمؤسستين الرئاسية فالتشريعية في 2009 و2010، وهو ما حاولت قيادة السلطة معالجته، باستدعاء المجلس المركزي لمنظمة التحرير سنة 2009، لتمديد ولاية كلّ من الرئيس والمجلس التشريعي،[41] بعد انتهاء الدورة الأولى للرئيس عباس، وذلك بدعوى أن منظمة التحرير هي المنشئة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يتضمن إقراراً بانتهاء ولاية الرئيس عباس، ويثير العديد من الشكوك على استخدام المحكمة الدستورية لحلّ المجلس التشريعي، دون مناقشة منصب الرئاسة.

لقد ظلّت الدعوة لإجراء الانتخابات ملازمة للمشهد السياسي الفلسطيني منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية سنة 2006، في صورة انتخابات مبكرة أولاً تتضمن رفضاً ضمنياً لفوز حماس، ثمّ مدخلاً للمصالحة مع حماس، وأدرجت بنداً ثابتاً في كلّ تفاهمات المصالحة بين حركتي حماس وفتح، ونصّ قرار المحكمة الدستورية الذي حلّ المجلس التشريعي على إجراء الانتخابات بعد ستة شهور على القرار.[42] وبقي الأمر على ذلك إلى حين تفاهم حركتي حماس وفتح على إجراء انتخابات متدرجة، تشريعية فرئاسية، فأخرى للمجلس الوطني لمنظمة التحرير. وقد أصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً رئاسياً يحدّد مواعيد هذه الانتخابات ابتداء من 22/5/2021 للمجلس التشريعي،[43] بيد أنه ما لبث وأن ألغى هذه الانتخابات بذريعة عدم القدرة على إجرائها في القدس.[44]

أثار تفاهم الحركتين الكثير من الجدل، كما تعرّضت نوايا السلطة لإجراء الانتخابات للكثير من التشكيك، وجوهر ذلك الجدل والتشكيك يرجع إلى خضوع مجال السلطة الجغرافي بالكامل للسيطرة الإسرائيلية، مما يجعل الانتخابات مدخلاً لابتزاز حركة حماس سياسياً، أو لانقسام جديد بعد تجديد شرعية السلطة كما في سنة 2006، إلا أن إلغاء الانتخابات بالفعل حكم بصوابية الآراء التي شككت في جدية إجرائها، أو في النوايا الدافعة نحو عقدها، لا سيّما بعد فشل فتح في تشكيل ائتلاف وطني، وفشل مقترح القائمة المشتركة مع حماس، وظهور كتل منشقة عن فتح تخصم من خزانها الانتخابي الأمر الذي يعني استحالة تحقيقها أغلبية مريحة في المجلس التشريعي.[45]

عانت السلطة من عدة حوادث بعد إلغائها الانتخابات، كان من أبرزها، أحداث أيار/ مايو في القدس وما تبعها من معركة “سيف القدس” وتصدر حماس لها، في مقابل أداء السلطة الذي اتسم بالصمت، أو بالفتور، وصفقة اللقاحات منتهية الصلاحية التي اشترت السلطة بموجبها من “إسرائيل” لقاحات فايزر Pfizer توشك على انتهاء الصلاحية،[46] مما يفتح ملفاً جديداً حول أروقة الفساد الغامضة داخل السلطة، ومقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات على يد قوة أمنية في أثناء اعتقاله،[47] وما تبعه من مظاهرات منددة، تعقبتها السلطة بالقمع والملاحقة،[48] وهو ما كشف عن تصاعد الهيمنة الأمنية، وتعاظم نفوذ النخبة الحاكمة، دون أن تظهر السلطة قدرة على معالجة هذه الأخطاء بسرعة مقنعة، وبآليات شفافة، فظلت المسؤولية عن صفقة اللقاحات غامضة،[49] كما أدانت السلطة 17 عسكرياً، في قضية نزار بنات، بالضرب المفضي إلى الموت وإساءة استعمال السلطة ومخالفة التعليمات العسكرية، دون محاسبة أي رتبة أعلى،[50] كما أنّها لم تقم بإقالة حكومة اشتية، ولا استطاعت الإعلان عن تعديل وزاري.[51]

4. العامل الخارجي:

إنّ تآكل الشرعيات، وتضاؤل القدرة على القيام بالوظائف المانحة للشرعية، سيؤدي بالضرورة إلى الاستناد على الأمن في مواجهة المخاطر الشعبية المحتملة، والتركيز على العامل الخارجي في تثبيت الذات. وهو أمر، تمليه بالدرجة الأولى، مآلات وقوع السلطة تحت الاحتلال، في ظرف يجعلها مفتقرة باستمرار للدعم الخارجي، كما توقع ذلك مفكرون مبكراً جداً، منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي.[52]

إزاء هذا الواقع السياسي، لم يكن أمام السلطة الفلسطينية، إلا تعزيز شرعيتها، بإثبات أهميتها من حيث الوظيفة المُؤسِّسة لها، والاستناد للدعم الإقليمي والدولي، لا سيّما وأنه في واقع الأمر، وفي النظام الدولي الراهن، ليست المجتمعات الوطنية أو المحلية المصدر الحصري والوحيد للشرعية السياسية، طالما أن شرعية بعض السلطات السياسية تُسند إلى الاتفاقيات الدولية،[53] فكيف إذا كانت السلطة السياسية أسست بتسوية محدودة بين منظمة التحرير و”إسرائيل” برعاية دولية، على أساس اتفاقية، تضمنت شروطاً، في حالة تتسم باختلال فادح في ميزان القوى بين طرفي الاتفاقية، ثمّ ظلت الحالة مستمرة بهذا الاختلال؟

كان يفترض بعد معركة “سيف القدس”، أن تثبت السلطة أهميتها للراعي الدولي، بإظهار أهميتها للطرف الآخر للاتفاقية، المهيمن بالمطلق على المجال الحيوي للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية (أي الكيان الإسرائيلي)، وهو ما نجم عنه، زيارة مدير المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) Central Intelligence Agency ويليام بيرنز William Burns لمقر رئاسة السلطة في رام الله في آب/ أغسطس 2021، وبحثه سبل تقوية السلطة، بما في ذلك دعمها اقتصادياً وسياسياً، وقطع الطريق على حركة حماس،[54] وترتيب مرحلة ما بعد الرئيس عباس.[55] وقد سبق ذلك زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي والمسؤول عن الملف الفلسطيني الإسرائيلي هادي عمرو لرام الله في تموز/ يوليو 2021، ومناقشته ملف المنحة القطرية لغزة،[56] والتي تغيرت آليتها بالفعل، ولم تعد تدخل لحركة حماس مباشرة، وإنما عبر الأمم المتحدة، دون دفع رواتب موظفي حكومة غزة، لعدم موافقة السلطة الفلسطينية على ذلك.[57] كما زار السلطة الفلسطينية في رام الله مدير الاستخبارات البريطانية الخارجية Secret Intelligence Service (MI6) ريتشارد مور Richard Peter Moore، في سياق الدعم الغربي للسلطة الفلسطينية. وقد ذكرت المصادر نفسها أنّ نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، هادي عمرو، قد شدد خلال لقاء جمعه مع مسؤولين سياسيين وأمنيين إسرائيليين، على أن “الأزمة الاقتصادية في السلطة الفلسطينية، والأزمة السياسية الداخلية، وغياب الشرعية العامة للسلطة الفلسطينية، يخلق وضعاً خطيراً وغير مستقر”، وأنه “إذا لم يكن لدى السلطة المال اللازم لدفع الرواتب، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التدهور في نهاية المطاف”. كما “طرح عمرو سلسلة إجراءات اقتصادية يُمكن لإسرائيل اتخاذها، لتحسين الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية بشكل سريع نسبياً”.[58]

يتصل بذلك لقاء الرئيس عباس، بوزير الحرب الإسرائيلي جانتس، الذي قال بدوره في تفسيره للقائه بالرئيس عباس إنه “كلما كانت السلطة الفلسطينية أقوى، كانت حماس أضعف، وكلما زاد تماسك حكم السلطة، سيكون هناك مزيد من الأمن وسيتعين علينا أن نعمل بشكل أقل”.[59] وقد أفضى هذا الحراك إلى جملة قرارات ووعود، منها إقراض السلطة الفلسطينية 155 مليون دولار، وزيادة عدد تصاريح العمل داخل كيان الاحتلال، وتسوية المكانة القانونية لثلاثة آلاف فلسطيني لا يحملون الهوية الفلسطينية،[60] والسماح ببناء ألف وحدة سكنية في المناطق ج،[61] والسماح للسلطة بتشغيل تقنيات الجيل الرابع للشبكات الخليوية.[62]

ليس بعيداً عن ذلك زيارة مدير المخابرات المصرية عباس كامل لرام الله في آب/ أغسطس 2021،[63] واللقاء الثلاثي الذي جمع في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والفلسطيني محمود عباس، والملك الأردني عبد الله الثاني،[64] الأمر الذي يعني أن السلطة الفلسطينية ستجد نفسها المستفيد السياسي من معركة “سيف القدس” وعلى نحو غير متوقع للمراقبين، ومن ثم فإن اشتراطها على حماس الاعتراف بما يسمى قرارات الشرعية الدولية، لن يكون مستغرباً في هذا السياق.

خلاصات:

إنّ أخطر مآلات السلطة الفلسطينية، على السياق الوطني العام، أنها فقدت الأفق السياسي، وباتت هدفاً قائماً في ذاته، مما يُحوِّلها إلى مصلحة لنخبة متنفذة، وفي أحسن الأحوال إلى مصلحة لشبكة مرتبطة بالحزب الحاكم ونخبته المتنفذة، مما سيفضي بها الأمر إلى الاعتماد الكامل على الوظيفة الشارطة لوجودها، وما يتصل بها من عامل خارجي، يقع الاحتلال الإسرائيلي في قلبه. وهذا أمر متوقع بحكم طبيعة الأشياء، ومحدودية صلاحيات السلطة أصلاً، بحكم الاتفاقية، وبحكم الواقع الذي تعمل فيه. وسوف ينعكس ذلك كله بالتأكيد على وظيفتها الاجتماعية، وعلى حرصها على التغطي بالشرعية الشعبية.

وبالرغم من الانقسام الفلسطيني، الذي مَثَّل واحداً من أهم عوامل تحولات نخبة السلطة، وتعاظم ارتكازها على العامل الخارجي، إلا أنها حرصت في أوقات مختلفة، على تغذية شرعيتها بأدوات متعددة، كاستدعاء مؤسسات منظمة التحرير، أو مدّ يد المصالحة آنياً لحركة حماس، وضمها مع قوى أخرى، كحركة الجهاد الإسلامي، في اجتماعات ما يسمى القيادة الفلسطينية بمقر السلطة برام الله، أو تصعيد الخطاب السياسي ضدّ الاحتلال والولايات المتحدة، وأخذ دعم حماس لهذه الدعاية الخطابية، أو إشغال الشارع الفلسطيني بالحديث عن الانتخابات، أو وقف التنسيق الأمني، أو التحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال، أو استدعاء الدعم الفصائلي قبل خطاب الرئيس عباس في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة General Assembly of the United Nations في أيلول/ سبتمبر من كل عام. إلا أنّ هذه السياسة، وبعد إلغاء الانتخابات، غابت تماماً، لصالح الاستناد الكامل للعامل الخارجي، وهو ما يفسر شروط الرئيس عباس للحوار مع حماس، وعدم حرصه على أخذ دعمها، كالعادة، لخطابه المتوقع في اجتماع الجمعية العامة في أيلول/ سبتمبر 2021.

إنّ فهم تحولات مرتكزات الشرعية لدى السلطة الفلسطينية، وما ينبثق عنه من تحولات في بنيتها ونخبتها، والدور الحاسم للعامل الخارجي في أدائها الداخلي ومسارها السياسي، ضروري، لإدارة علاقة وطنية صحيحة، بين القوى الوطنية الفاعلة وبينها، وحتى لا تستمر تلك القوى الوطنية، في تكرار التجارب غير المثمرة في محاولة الاندماج مجدداً في السلطة، أو إصلاحها من الداخل، أو السعي لشراكة في سياقات غير مواتية، ومحكومة لعوامل خارجية حاسمة، وهو ما يقتضي السعي لشقّ طريق من خارج السلطة، وبناء اصطفافات وطنية، تنحاز للمنطلقات الأصيلة لمشروع التحرير، وتسعى لتعزيز صمود الناس في أرضهم، وتكبح عوامل الطرد التي تعاني منها أراضي السلطة سواء في الضفة أم في غزة.

خاتمة:

عانت السلطة الفلسطينية في ساحة الضفة الغربية من جملة من الحوادث المتلاحقة في وقت وجيز ومكثف، من قبيل إلغاء الانتخابات، وصفقة اللقاحات منتهية الصلاحية، ومعركة سيف القدس، ومقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات، الأمر الذي أدّى إلى انكشاف شرعيتها الشعبية إلى حدّ بعيد، بعدما كفّت عن أن تقدم وعوداً سياسية مقنعة، وضَعُفت عن القيام بوظيفتها الاجتماعية على نحو كاف.

ناقشت هذه الورقة، أبرز مرتكزات شرعية السلطة الفلسطينية، منذ التأسيس وحتى اللحظة الراهنة، مع التركيز على الشرعية السياسية، الممثلة في المقولة (الجدلية) السياسية وما يتعلق بها من وعد سياسي. فتآكل هذه المقولة، وخضوعها عملياً لهيمنة الاحتلال في المجال الحيوي لعمل السلطة الفلسطينية، هو جذر تآكل بقية الشرعيات، من الوظيفة الاجتماعية إلى الشرعية الشعبية (أو الانتخابية)، لتجد السلطة نفسها، مضطرة، بعد جملة من التحولات الجوهرية منذ الانقسام الفلسطيني، إلى الركون إلى دورها الوظيفي والعامل الخارجي، حتى باتت غير معنية بالتغطي بمحاولات المصالحة، وصريحة في عودتها للاشتراطات السياسية على حركة حماس، والهادفة إلى حمل حماس، على تقديم تنازلات سياسية من برنامجها السياسي، وهي سياسة ثابتة لدى حركة فتح، على الأقل منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية سنة 2006.

لا يعني ذلك أن السلطة ستكف بالمطلق عن محاولات تجديد شرعيتها بأدوات محدودة ونسبية، كإثارة موضوع الانتخابات مجدداً، أو الاستعانة بدعم مؤقت من الفصائل، أو رفع سقف الخطاب السياسي، كما فعلت كثيراً في مرات ماضية، لا سيّما وأن خبرتها مع خصومها السياسيين تستبطن إمكانيات متجددة كهذه، وهو ما يستدعي بدوره، سياسة مختلفة من هؤلاء الخصوم، وفي طليعتهم حماس.

ولا تتحمل حركة فتح المسؤولية وحدها حول هذه المآلات، فالحركة الوطنية برمتها، عاجزة عن تجاوز حالة السلطة في ظلّ الاحتلال، كما أنّ الأوضاع القاسية في قطاع غزة تحوّلها بدورها إلى بيئة طاردة كذلك، وهذا بالإضافة إلى الأسئلة الوطنية الكبرى المتعلقة بدور اللاجئين الفلسطينيين خارج الأرض المحتلة، وموقع فلسطينيي الداخل المحتل سنة 1948 من الصراع، وهي أسئلة تزداد إلحاحاً بالنظر إلى المخاطر الجسيمة الناجمة عن مآلات تحولات مرتكزات الشرعية لدى السلطة الفلسطينية.

الهوامش:
[1] كاتب وباحث في الدراسات الفلسطينية، وقضايا الفكر الإسلامي. حاصل على ماجستير في الدراسات ‏العربية المعاصرة من جامعة بيرزيت، فلسطين.‏
[2] كريغ كالهون (محرر)، معجم العلوم الاجتماعية، ترجمة معين رومية (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2001)، ص 376.
[3] المرجع نفسه، ص 378.
[4] ميشيل فوكو، إرادة المعرفة، ترجمة مطاع صفدي وجورج أبي صالح (بيروت: مركز الإنماء القومي، 1990)، ص 102.
[5] فابيان بيتر، “الشرعية السياسية،” موسوعة ستانفورد للفلسفة، ترجمة علي الرواحي، موقع مجلة حكمة، 9/8/2020، انظر: https://bit.ly/3jWtjDL
[6] منير شفيق، “لماذا يرفض الفلسطينيون مشروع الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة،” مجلة شؤون فلسطينية، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، رام الله، عدد 7، آذار/ مارس 1972، ص 65–73.
[7] يزيد صايغ، الكفاح المسلح والبحث عن دولة: الحركة الوطنية الفلسطينية 1949–1993، ترجمة باسم سرحان (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2002)، ص 449.
[8] نزيه أبو نضال، مذكرات نزيه أبو نضال: من أوراق ثورة مغدورة، حاوره زياد منى (بيروت-دمشق: قدمس للنشر والتوزيع، 2011)، ص 143-144. (نسخة إلكترونية)
[9] معين الطاهر، تبغ وزيتون: حكايات وصور من زمن مقاوم (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017)، ص 50–51.
[10] الدورة الثانية عشر، عقدت في مدينة القاهرة بتاريخ 1-8 حزيران 1974م، البرنامج السياسي المرحلي (برنامج النقاط العشر)، موقع مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، انظر: https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=3789
[11] عباس يجدد رهن التفاوض بالاستيطان، موقع الجزيرة.نت، 3/11/2009، انظر: https://www.aljazeera.net
[12] عباس يعلن التحلل من جميع الاتفاقيات مع إسرائيل والولايات المتحدة، موقع صحيفة القدس العربي، لندن، 19/5/2020، انظر: https://bit.ly/3nDjih9
[13] بعد 6 أشهر من توقيفها.. السلطة الفلسطينية تعلن استئناف الاتصالات مع إسرائيل والتنسيق الأمني، الجزيرة.نت، 17/11/2020، انظر: https://bit.ly/3hEPDjL
[14] تصريح الحركة جاء ردا على تعليق عباس في وثيقة مسربة، حماس لـ”عربي21″: عباس يتبنى شروطاً إسرائيلية على الحركة، موقع عربي 21، 28/8/2021، انظر: https://bit.ly/3kd6U5d
[15] كم مرة قررت السلطة وقف التنسيق مع الاحتلال؟، موقع شبكة قدس الإخبارية، 17/11/2020، انظر: https://bit.ly/3CfUkIB
[16] عباس: الاستيطان “سيقضي” على الآمال بحل الدولتين، موقع صحيفة الغد، عمّان، 22/9/2016، انظر: https://bit.ly/39gmjeI
[17] بينيت لا يرى فائدة من لقاء الرئيس الفلسطيني، موقع قناة الحرة الأمريكية، 14/9/2021، انظر: https://www.alhurra.com
[18] بينيت للفلسطينيين: “تسهيلات” اقتصادية نعم.. اتفاقيات سياسية لا، موقع عرب 48، 2/9/2021، انظر: https://bit.ly/3lo4fVG
[19] غانتس: عباس يحلم بدولة على حدود 67 وهذا لن يحدث، شبكة قدس الإخبارية، 16/9/2021، انظر: https://bit.ly/399bueA
[20] فابيان بيتر، “الشرعية السياسية،” ترجمة علي الرواحي، موقع مجلة حكمة، 9/8/2020.
[21] السلطة الفلسطينية ترفض تسلم عائدات المقاصة من إسرائيل، موقع وكالة الأناضول، 3/6/2020، انظر: https://bit.ly/3lxK1ca
[22] بعد خصم مخصصات الأسرى والشهداء.. ما الأموال الأخرى التي تقتطعها إسرائيل من الفلسطينيين؟، الجزيرة.نت، 12/7/2021، انظر: https://bit.ly/3lxDONs
[23] البناء والهدم في المناطق c، وكالة وفا، انظر: https://bit.ly/3nyTP8C
[24] فياض يدعو الجاليات الفلسطينية للمساهمة في بناء الدولة، وكالة وفا، 24/9/2010، انظر: https://bit.ly/39c8OwP
[25] محللون: السلطة في مأزق مالي بعد وصول الاقتراض سقفه الأعلى، موقع بوابة اقتصاد فلسطين، 30/9/2020، انظر: https://bit.ly/3tLLJua
[26] في فلسطين.. أعلى نسبة بطالة على مستوى قارة آسيا ودول الوطن العربي، موقع صحيفة الحدث، رام الله، 7/8/2019، انظر: https://bit.ly/399aFm9
[27] من أموال المقاصة.. السلطة الفلسطينية تقترض 155 مليون دولار من إسرائيل، موقع التلفزيون العربي، 30/8/2021، انظر: https://bit.ly/3kgeZGw
[28] السلطة تقترض من (إسرائيل).. تراكم للديون وترحيل للأزمة، موقع الرسالة نت الإخباري، 4/9/2021، انظر: https://bit.ly/3C9Ym5s
[29] من أموال المقاصة.. السلطة الفلسطينية تقترض 155 مليون دولار من إسرائيل، التلفزيون العربي، 30/8/2021.
[30] مع نهاية 2020.. ارتفاع اعداد العمال الفلسطينيين في إسرائيل، موقع الاقتصادي، 17/2/2021، انظر: https://bit.ly/3tNeerB
[31] “توسعة “الإدارة المدنية” الإسرائيلية… استهداف السلطة الفلسطينية في إطار اقتصادي،” موقع مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، انظر: https://bit.ly/3EoqweJ
[32] MEMO: محسوبية بالضفة.. وظائف جاهزة لأقارب مسؤولي السلطة، عربي 21، 24/6/2021، انظر: https://bit.ly/3tLeXcI
[33] مجلس المنظمات يطالب بسحب قرار تشكيل المحكمة الدستورية واحترام حرية الرأي والتعبير، موقع مؤسسة الحق، 26/1/2017، انظر: https://bit.ly/3lxghMx
[34] ورقة موقف صادرة عن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بشأن قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي والدعوة لانتخابات تشريعية، مؤسسة الحق، 27/12/2018، انظر: https://bit.ly/2Xjofk6
[35] منذ مطلع 2021: ارتفاع نسبة الجريمة بـ40% والقتل 69% في الضفة، عرب48 ، 14/7/2021، انظر: https://bit.ly/2XANDSN
[36] عمار ياسر جاموس، “الإصلاح العشائري من منظور حقوقي وقيمي ودستوري،” موقع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، رام الله، 2019، ص 7.
[37] المرجع نفسه.
[38] ساري عرابي، التيار الإسلامي والحركة الطالبية، ملحق فلسطين، صحيفة السفير، بيروت، حزيران/ يونيو 2013، انظر: https://bit.ly/2Xo5oV0
[39] فابيان بيتر، “الشرعية السياسية،” ترجمة علي الرواحي، موقع مجلة حكمة، 9/8/2020.
[40] الاتفاقية الإسرائيلية الفلسطينية المرحلية حول الضفة الغربية وقطاع غزة: البرتوكول الخاص بالانتخابات، وكالة وفا، انظر: https://bit.ly/3kcfnFT
[41] المركزي يمدد ولاية الرئيس والتشريعي – حماس: انقلاب على القانون والدستور، موقع وكالة معاً الإخبارية، 16/12/2009، انظر: https://bit.ly/3EptEHf
[42] وفا تنشر نص قرار المحكمة الدستورية بشأن حل التشريعي وإجراء الانتخابات، وكالة وفا، 24/12/2018، انظر: https://bit.ly/3hDe2Gq
[43] الرئيس يصدر مرسوما رئاسيا بتحديد موعد إجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، وكالة وفا، 15/1/2021، انظر: https://bit.ly/3CiGkxR
[44] الرئيس يصدر مرسوما بتأجيل الانتخابات العامة، وكالة وفا، 30/4/2021، انظر: https://bit.ly/399VOI6
[45] اسباب تأجيل الانتخابات المحلية الفلسطينية، نشرة صدى الإلكترونية، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 21/7/2010، انظر: https://bit.ly/2Xm0A2r
[46] هيئات فلسطينية تطالب بتحقيق حول صفقة اللقاحات منتهية الصلاحية مع إسرائيل، موقع صحيفة العربي الجديد، لندن، 19/6/2021، انظر: https://bit.ly/3hFpm4Z
[47] نزار بنات: أبرز الأصوات الجريئة المناهضة للسلطة الفلسطينية، موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)،24 /6/2021، انظر: https://bbc.in/2YW1hAe
[48] مظاهرات بالضفة ضد عباس.. وقمع في رام الله (شاهد)، عربي 21،26 /6/2021، انظر: https://bit.ly/3hFWGsm
[49] الجدل حول “صفقة اللقاحات” يتضاعف والسلطة الفلسطينية تعيدها للجهات الإسرائيلية بتوثيق مرئي، القدس العربي، 20/6/2021، انظر: https://bit.ly/3hGnKYx
[50] انتهاء التحقيق بوفاة المعارض الفلسطيني نزار بنات.. توجيه الاتهام لجميع عناصر القوة الأمنية، الجزيرة.نت، 5/9/2021، انظر: https://bit.ly/39hl0MR
[51] ما هي أسباب تأجيل التعديل الوزاري في حكومة اشتية؟، شبكة قدس الإخبارية، 25/8/2021، انظر: https://bit.ly/3ziFsHB
[52] منير شفيق، “لماذا يرفض الفلسطينيون مشروع الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة،” ص 65–73.
[53] فابيان بيتر، “الشرعية السياسية،” ترجمة علي الرواحي، موقع مجلة حكمة، 9/8/2020.
[54] مدير CIA في رام الله لبحث تقوية السلطة، شبكة قدس الإخبارية، 11/8/2021، انظر: https://bit.ly/3lzWrQS
[55] ما هي أسباب تأجيل التعديل الوزاري في حكومة اشتية؟، شبكة قدس الإخبارية، 25/8/2021.
[56] مسؤول في الخارجية الأمريكية يبدأ زيارة لرام الله وتل أبيب وملف غزة والمسار السياسي أبرز قضايا البحث، القدس العربي، 11/7/2021، انظر: https://bit.ly/39eFwO0
[57] بدء صرف المنحة القطرية لفقراء غزة عبر الأمم المتحدة غداً، العربي الجديد، 12/9/2021، انظر: https://bit.ly/3kiqTzD
[58] بيرنز يلتقي بينيت وغانتس.. وحراك أميركي – بريطاني في رام الله، عرب48 ، 11/8/2021، انظر: https://bit.ly/3CptpKJ
[59] الكشف عن تفاهمات جديدة ضمن اجتماع “عباس- غانتس”، القدس العربي، 31/8/2021، انظر: https://bit.ly/3Ck99Kh
[60] تسهيلات إسرائيلية مرتقبة.. ثمار اجتماع عباس وجانتس، موقع العين الإخبارية، 30/8/2021، انظر: https://bit.ly/39eZ7xG
[61] اسرائيل توافق على بناء الف وحدة سكنية للفلسطينيين في مناطق ج، وكالة معاً، 11/8/2021، انظر: https://bit.ly/3lBCZDt
[62] إسرائيل تسمح للسلطة الفلسطينية باستخدام الجيل الرابع للشبكات الخلوية، موقع صحيفة إندبندنت عربية الإلكترونية، الرياض، 3/9/2021، انظر: https://bit.ly/3zkNmjP
[63] عباس يستقبل وفد المخابرات المصرية في رام الله، عرب 48، 18/8/2021، انظر: https://bit.ly/3Akg5Xo
[64] السيسي يستقبل الملك عبدالله ومحمود عباس.. وقمة ثلاثية في القاهرة، موقع شبكة سي إن إن بالعربية، 2/9/2021، انظر: https://cnn.it/3hCbAA0