تصاعد المقاومة في القدس والضفّة الغربية.. نظرة عامة، وسيناريوهات محتملة
تقارير
تصاعد المقاومة في القدس والضفّة الغربية.. نظرة عامة، وسيناريوهات محتملة
فضل عرابي
المقدمة
تتواصل اعتداءات قوات الاحتلال وميليشيات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية ومدينة القدس، وفي المقابل تتصاعد المقاومة الشعبية والمسلحة.
هذا التغول الإسرائيلي، وما يقابله من مقاومة، يدفع للتساؤل حول سيناريوهات الأحداث الجارية، ومجمل الموقف في الصراع مع الاحتلال، بما في ذلك موقف المقاومة في غزة، ومستقبل السلطة الفلسطينية وسياساتها.
يلقي هذا التقرير نظرة على الأحداث الجارية، ويحاول استشراف مساراتها، بالاستعانة بآراء الخبراء.
حي الشيخ جراح يعود للواجهة بشقه الغربي هذه المرة
تحول الشق الغربي من حي الشيخ جراح منذ أيام إلى سجن محكم الإغلاق، ومحيطه مربع عسكري مغلق لا يسمح إلا للمتطرفين الصهاينة بالوصول إليه والتجول فيه، في ظل محاصرة شرطة الاحتلال لمنازل عدة عائلات مقدسية تمهيدًا لتهجيرها في أي لحظة.
كما أدى عشرات الفلسطينيين صلاة الجمعة الماضية أمام البيوت المهددة بالإخلاء في الحي، وسط توتر شديد على خلفية إقامة عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير مكتبًا له في الحي، والتهديد بإجلاء عائلة سالم.
وشارك أكثر من 200 فلسطيني في صلاة الجمعة التي أقيمت في شارع قريب من منزل عائلة سالم المهددة بالتهجير، كما أدى المشاركون صلاة الغائب على أرواح الشهداء الفلسطينيين عقب انتهاء الصلاة. [1]
ثمّ انضم إليهم متظاهرون نزلوا إلى الشارع للتضامن مع العائلات المهددة بالتهجير من هذا الحي الذي أصبح رمزًا لمقاومة الاستيطان في القدس، قبل أن تعتدي عليهم شرطة الاحتلال بالضرب وإطلاق قنابل الصوت، في مشهد يكرس اعتداءات الاحتلال المتواصلة في الحي، إذ أقدمت قوات الاحتلال في الأيام الماضية على قمع السكان والمتضامنين، والاعتداء على الصحافيين، ومنع طواقم الإسعاف من القيام بعملها. [2]
زيارة مسؤولين دوليين للعائلات
وكان مسؤولون كبار في وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الإنساني، يرافقهم دبلوماسيون، قد زاروا يوم الجمعة الماضي منزل عائلة سالم.
وقالت مؤسسات الأمم المتحدة في تصريح مكتوب: إن خطر التشريد يهدد أسرة سالم المكونة من 12 شخصًا، بما في ذلك 6 أطفال والأم المسنة فاطمة سالم (70 عامًا)، وجميعهم من اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف البيان أن عائلة سالم هي واحدة من 218 عائلة فلسطينية، قوامها 970 فردًا، بينهم 424 طفلًا، تعيش في شرقي القدس، وبشكل رئيس في حيي الشيخ جراح وسلوان، وتواجه حاليًا خطر الإجلاء القسري من قبل السلطات الاحتلال.
ودعت مديرة عمليات وكالة الأونروا في الضفة الغربية غوين لويس سلطات الاحتلال إلى وقف عملية إجلاء عائلة سالم من حي الشيخ جراح. [3]
تهويد وتهجير
في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الباحث المختص في شؤون القدس، فخري أبو دياب: ما يجري في حي الشيخ جراح هو جزء من مخططات الاحتلال لتهويد مدينة القدس وتهجير سكانها بهدف تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي للمدينة المقدسة.
وأضاف: يتمتع حي الشيخ جراح بأهمية استراتيجية تتمثل بأنه "ملاصق للجزء الغربي من مدينة القدس، وهو المدخل له، فحي الشيخ جراح ينقسم إلى جزأين، حيث يسعى الاحتلال للسيطرة على الجزء الغربي من الحي، وتحديدًا أرض ومنزل عائلة سالم، وأرض النقاع، ومن ثم السيطرة على كرم الجاعوني (الجزء الشرقي من الحي) والتي لازال الاحتلال يعمل جاهدًا على تهجير سكانه، لكنه لم يستطع فعل ذلك حتى من خلال المحاكم، لينتقل بعد ذلك إلى أراضي الصالحية التي استولى عليها سابقًا وكرم المفتي وصولًا إلى مستوطنة التلة الفرنسية والجامعة العبرية، بهدف إيجاد حزام من المستوطنات في محيط البلدة القديمة القدس، وهو يريد أن يفصل جنوبي القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى عن شمالي المدينة، لمحاصرة التجمعات السكنية".
وتابع أبو دياب: الاحتلال يريد الانتهاء من موضوع حي الشيخ جراح لأن قضيته أصبحت قضية رأي عام عالمي، ولكونه يشكل بداية مشرع "الحوض المقدس" التهويدي، والذي يبدأ من حي الشيخ جراح شمالي البلدة القديمة، وصولًا إلى سلوان جنوب المسجد الأقصى، بما في ذلك البلدة القديمة والأقصى، كما أن الكثافة السكانية فيه أقل من المناطق الأخرى في القدس، ويعتقد الاحتلال أنه يمكنه أن يسيطر عليه بسهولة إذا ما انفرد به، ولذلك فهو يعمل على منع المتضامنين مع سكان الحيّ، ويقوم بإغلاق الطرق المؤدية إليه.
وبين أن ادعاءات الاحتلال حول ملكية المستوطنين للحيّ، وأن إقامة الفلسطينيين فيه غير شرعية، هي مجرد حجج واهية، الهدف منها تصوير المشهد على أنه نزاع قضائي، وليس صراعًا سياسيًا أيدولوجيًا. [4]
مواجهات في مناطق متفرقة من الضفة يوم الجمعة 18 شباط/ فبراير
أصيب 4 مواطنين بالرصاص الحي بينهم متطوع إسعاف، و46 مواطنًا بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط بينهم صحفيان، وآخران بقنابل الغاز، و75 بالاختناق بالغاز المسيل للدموع.
كما أصيب 6 مواطنين نتيجة السقوط خلال مواجهات مع جيش الاحتلال، شهدها جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية. [5]
وتشهد بلدة بيتا منذ عدة شهور احتجاجات شبه يومية، رفضًا لإقامة بؤرة استيطانية على أراض فلسطينية خاصة تقع في جبل صبيح.
وأصيب مواطنان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و20 بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، الذي أطلقه جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال مواجهات اندلعت في قرية بيت دجن شرق نابلس.[6]
وتشهد قرية بيت دجن أسبوعيًا فعاليات شعبية رافضة لقرار سلب مساحة واسعة من الأراضي الفلسطينية لغايات استيطانية.
وفي بلدة كفر قدوم شرق قلقيلية، أصيب طفل يبلغ من العمر 12 عامًا بالرصاص الحي في الفخذ، وأصيب العشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال قمع جيش الاحتلال الإسرائيلي للمسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان ولإغلاق المدخل الرئيسي للقرية.
وأصيب شاب بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال اندلعت على المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم. [7]
وفي مدينة الخليل قال شاهد عيان إن 4 شبان أصيبوا بالرصاص المطاطي في مواجهات اندلعت في منطقتي باب الزاوية وشارع الشلالة وسط المدينة.
وأوضح الشاهد أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي والمطاطي نحو شبان خرجوا بعد صلاة الجمعة في مسيرة رافضة للاستيطان باتجاه نقاط يوجد فيها جيش الاحتلال. [8]
ويتوزع نحو 666 ألف مستوطن إسرائيلي على 145 مستوطنة كبيرة، و140 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس. [9]
اقتحامات واعتقالات
واقتحمت قوات الاحتلال فجر السبت 19 شباط/ فبراير، بلدة يعبد جنوب غرب جنين، وداهمت عددًا من منازل المواطنين، وذكرت مصادر أمنية أن قوة كبيرة من جيش الاحتلال، اقتحمت البلدة وداهمت عددًا من المنازل وفتشتها وعبثت بمحتوياتها واستجوبت ساكنيها.
وعلى إثر ذلك، اندلعت مواجهات بين المواطنين وجيش الاحتلال الذي أطلق الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت.
واعتقلت قوات الاحتلال ليلة السبت، شابين مقدسيين عقب اعتداء مستوطنين عليهما في طريق الواد بالبلدة القديمة، من مدينة القدس المحتلة.
واعتدت قوات الاحتلال على الأهالي والشبّان في منطقة باب الواد بالبلدة القديمة بالعصي والدفع والضرب، واعتقلت شابين عقب الاعتداء عليهما بالضرب المُبرح في طريق الواد، كما اعتدت على الصحفيين بالعصي أثناء تغطيتهم تلك الأحداث، مما أدى لإصابة أحدهم بجروح في رأسه.[10]
كما لا يفوتنا التذكير باغتيال 3 مقاومين في مدينة نابلس في 8 شباط/ فبراير، هم: أدهم مبروك الشيشاني ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط، في جريمة نفذتها وحدات اليمام التابعة لجيش الاحتلال.[11]
وهدمت قوات الاحتلال منزل الأسير محمد جرادات في بلدة السيلة الحارثية بالقرب من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، فجر الاثنين 14 شباط/ فبراير الجاري، بعد ساعات طويلة من الاشتباكات مع مقاومين فلسطينيين في محيط المنزل.
واستشهد الشاب محمد أكرم علي طاهر أبو صلاح (١٧ عامًا) خلال تصدي المقاومين لآليات الاحتلال التي حاولت الدخول للقرية، بالإضافة إلى إصابة عدد من الجنود بعد استهدافهم بكمين نصبه المقاومون لهم واستهدف مركبتهم العسكرية. [12]
تقديرات إسرائيلية باشتعال التصعيد في الضفة في نيسان/ إبريل
قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن جيش الاحتلال يرجح أن تصعيدًا سيشتعل في جميع أنحاء الضفة الغربية، بوقت ما من نيسان/ أبريل، أي "في المدة ما بين بداية رمضان، وعيد الفصح العبري".
وأضافت الصحيفة أن الجيش اتكأ في ترجيحه تصاعد الأحداث، على "التوترات التي وقعت في حي الشيخ جراح، والزيادة في عدد القتلى (الشهداء) الفلسطينيين برصاص الجيش في جميع أنحاء الضفة الغربية، خلال الأسبوعين الماضيين".
وأوضحت أن هذا التصعيد المفترَضِ سيكون الثاني في أقل من عام، بعد عملية حارس الجدار (العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في أيار/ مايو من العام الماضي)، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال سيجري ستة تدريبات في الضفة الغربية، تحاكي تصعيدًا "قد يحدث جراء حماسة دينية في القدس، مع بداية شهر رمضان"، وفق تعبيرها.
وبيّنت "هآرتس" أن "الفلسطينيين بالضفة يواجهون منذ مدة حملات الاعتقال باشتباكات مسلحة، كما تضاعفت عمليات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على سيارات المستوطنين خلال الأشهر الأخيرة، والذين صعدوا بدورهم اعتداءاتهم على الفلسطينيين وأملاكهم في جميع أنحاء الضفة الغربية".
وذكرت أن "الجيش يرى أن تراكم هذه الأحداث كبرميل بارود، ينتظر شرارة كي ينفجر". [13]
الوضع متفجر
في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" هاني المصري: أن الوضع متفجر سياسيًا واقتصاديًا، و"إسرائيل تعتقد أن لديها فرصة لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه حتى الآن، وبشكل أسرع من السابق، وهو ما يؤدي لردود أفعال فلسطينية متعددة ولكن في ظل وجود الانقسام الفلسطيني، وعدم انحياز القيادة لخيار المقاومة، بما فيها المقاومة الشعبية، لن تتحول هذه المواجهات إلى انتفاضة شاملة".
وأضاف المصري: من الناحية الموضوعية الأمور ناضجة، ولكن العامل الذاتي غير ناضج، لذلك تأخذ المقاومة شكل الهبات، والانفجارات في هذا الموقع أو ذاك، "وهذا تقييمي للوضع منذ سنوات".
واستبعد المصري أن تتحول هذه المواجهات والهبات إلى انتفاضة شاملة، عازيًا ذلك إلى أنه "لا يمكن أن تحدث انتفاضة في ظل هذا الانقسام الفظيع، فالانتفاضة بحاجة جبهة وطنية موحدة، ولهدف محدد، ولإمكانيات، وهذه الأمور كلها غير متوفرة الآن، لكن هناك أشكال من الهبات والموجات الانتفاضية موجودة ولا تتوقف".
وعن التقديرات الإسرائيلية بحدوث تصعيد في شهر نيسان/ أبريل القادم بالتزامن مع شهر رمضان المبارك وعيد الفصح العبري، قال المصري: في كل رمضان نشهد تصاعد للمواجهة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، نتيجة الممارسات الاحتلالية في القدس.
وأضاف: من المتوقع حدوث ذلك فعليًا لأنه وقبل قدوم شهر رمضان الأمور متفجرة، فكيف إذا أتى شهر رمضان وتزامن مع عيد الفصح، وفي ظل انعدام الأفق السياسي، ووسط كل هذه المظالم التي نعيشها، من القتل البارد، وهدم المنازل، والمواجهات المستمرة في حي الشيخ جراح وبرقة وبيتا، وحصار غزة الخانق، كل هذه الأمور من المتوقع أن تؤدي إلى شكل من أشكال المواجهة الأوسع مع الاحتلال.
وشدد المصري على أن هذه المواجهات المتوقع حدوثها لن ترقى لتكون انتفاضة شاملة، لأن الانتفاضة بحاجة للوحدة، ولهدف محدد وقيادة وجبهة موحدة وإمكانيات، بل إنها تحتاج في بعض الأحيان لظرف إقليمي ودولي، فإذا دققنا النظر في الانتفاضتين الأولى والثانية سنجد أنه كان الشعور السائد في الانتفاضة الأولى أن قيام الدولة الفلسطينية بات قريبًا، وفي الانتفاضة الثانية كان هناك شعور بإمكانية تغيير شروط كامب ديفيد، وكان هناك أمل متبق في العملية السياسية "صحيح أنه وهم، ولكن هذا هو الشعور الذي كان موجودًا في وقتها".
وعن توقع أن تدخل المقاومة المسلحة في قطاع غزة على الخط في حال حدث تصاعد كبير في المواجهة مع الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، قال المصري: إذا حدثت أشياء كبيرة في القدس، لا تستطيع المقاومة العودة للوراء، خاصة أنها لم تتمكن من حل أزمة غزة، فلم يحدث إعادة إعمار كما يجب، ولم يتم رفع الحصار، كما لم تنجح صفقة تبادل الأسرى، كل هذه الأمور ستدفع المقاومة لتدخل في حال حدث تصعيد كبير في القدس. [14]
انفجار شعبي كبير بطريقة غير مألوفة
من جانبه، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش: إن سلطات الاحتلال تضغط على الفلسطينيين بشكل متزايد، وهو ما سيؤدي إلى انفجار كبير، هذا الانفجار لا يعرف أحد كيف ومتى سيحدث، لكن من الواضح أن الأمور التي حصلت في العام الماضي تتكرر مرة أخرى، فها نحن نشاهد إمعان الاحتلال في محاولاته من أجل تهويد القدس، والإجراءات التي يتخذها ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، ودعمه المتزايد للاستيطان، وهو ما لا يمكن إلا أن يقابل برفض شعبي، ومواجهة مع الاحتلال، لذلك فنحن مقبلون على انفجار شعبي كبير، ربما يكون بطريقة غير مألوفة، بمعنى لن يكون كما عهدناه في الانتفاضة الأولى والثانية، وإنما سيكون هذه المرة أشد، وأكثر عنفًا.
كما رأى الأقطش التقديرات الإسرائيلية بحدوث تصعيد في شهر رمضان المبارك الذي سيتزامن مع عيد الفصح العبري بأنها "قريبة من الواقع " والمؤشرات على حدوث التصعيد واضحة، لكنه يعتقد أن هذا التصعيد سيحصل في وقت أقرب، لأن الحالة الاقتصادية والوضع السياسي والإحباط الشعبي والوضع الإقليمي والعالمي كلها عوامل تدفع الأمور نحو الانفجار، مشددًا أنه ربما يكون القادم شيء غير مألوف وكبير جدًا هده المرة. [15]
استغلال عدم اهتمام الإدارة الأمريكية بالقضية الفلسطينية
بدوره، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، سعد نمر: من الواضح أن هناك انفلاتًا للمستوطنين وحكومة نفتالي بنيت، التي تريد استغلال عدم اهتمام الإدارة الأمريكية بالقضية الفلسطينية في الوقت الحالي، وانشغالها بقضايا أخرى مثل روسيا والصين وإيران، وهي قضايا أهم بالنسبة لها، وقد أوضحت الإدارة الأمريكية أنها غير معنية الآن في التعاطي مع ملف الشرق الأوسط، وهو ما أشعر حكومة بنت والمستوطنين بأنهم أمام فرصة ممتازة لاستكمال ما بدؤوه في فترة إدارة دونالد ترامب، من تكثيف للاستيطان، والسيطرة أكثر على الأراضي الفلسطينية، في ظل انعدام أي رد فعل عالمي على هذه الانتهاكات وخاصة عدم وجود رد فعل أميركي.
ويعتقد نمر أنه وفي ظل الوضع الراهن من تواصل اعتداءات سلطات الاحتلال والمستوطنين على الفلسطينيين في مختلف أماكنهم في الضفة الغربية والقدس، ومع انعدام أي أفق سياسي أو اقتصادي، فإنه لابد من من وجود رد فعل فلسطيني، وأقل ما يمكن فعله هو هبة شعبية جديدة لمقاومة الاحتلال والاستيطان على كافة الأصعدة، وبكافة الأشكال بما فيها الكفاح المسلح، لكنه بين أنه لا يمكن لأحد توقع متى سيحدث الانفجار، وكيف سيكون شكله، ولكن إذا حصل هذا الانفجار، فسيكون رد فعل من كافة أبناء الشعب الفلسطيني الذي وصل لمرحلة متقدمة من اليأس، في ظل انعدام أي أفاق لمستقبل جيد. [16]
انفجار واسع وحرب شاملة
أما المحلل السياسي طلال عوكل وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" فيرى أن منطقة الشرق الأوسط لم تعد ضمن أولويات الإدارة الأمريكية بما في ذلك الملف الفلسطيني، الذي تركته لـ"إسرائيل" التي باتت تشعر أنها في وضع جيد، وتستطيع أن تتقدم أكثر في تنفيذ مخططاتها التوسعية والإحلالية في الضفة الغربية والقدس.
وأضاف: ما نشاهده هو حرب شاملة ومتواصلة يشنها الاحتلال، ليس فقط على الأرض وإنما على حقوق الناس وبيوتهم وحياتهم، معتبرًا أن الضفة تتجه نحو انفجار واسع، لاسيما في ظل فشل السلام الاقتصادي، إلى جانب أن عملية السلام السياسية فاشلة من الأساس.
ويأتي تصاعد المقاومة والمواجهات في الضفة الغربية، بعد فترة كثر فيها الحديث عن خطة للسلام الاقتصادي التي تنتهجها السلطة الفلسطينية والاحتلال، وهي وفق عوكل "سياسة فاشلة"، متسائلا: "أي سلام اقتصادي بينما السياسة الإسرائيلية توسعية وقمعية في الضفة المحتلة، وتستهدف مصالح الفلسطينيين. السلام الاقتصادي هو بعض الإجراءات محدودة الأثر في محاولة لتخفيف التصعيد فقط، لكنه فشل".
ويوضح عوكل أن هناك بؤرًا متفجرة مثل حي الشيخ جراح وسلوان في القدس، ومناطق متفرقة من الضفة، وهناك استنفار ومواجهة فلسطينية واسعة، وهو ما تدل عليه كثرة استخدام السلاح في الاشتباك مع الاحتلال في الأيام الأخيرة، وهذا مؤشر مهم على أن المواجهة القادمة ستكون مواجهة واسعة ومختلفة عن سابقاتها. [17]
الخاتمة
شهدت الضفة الغربية والقدس تصعيدًا ملحوظًا في المواجهة مع قوات الاحتلال والمستوطنين خلال الفترة الماضية، إذ عاد حي الشيخ جراح للوجهة من جديد، وهذه المرة بشقه الغربي، إذ تحاول سلطات الاحتلال تعويض فشلها في تهجير سكان الجزء الشرقي من الحي بالسيطرة على الجزء الغربي وتشديد الخناق عليهم لدفعهم للرحيل وترك منازلهم.
ويتزامن هذا الاعتداء المتواصل على حي الشيخ جراح مع مجموعة من القرارات لإنشاء عدد من المستوطنات في مناطق متفرقة من القدس، وإصدار أوامر إخلاء لعديد المحلات في المنطقة الصناعية في وادي الجوز من أجل تنفيذ مشاريع استيطانية تحمل اسم مشروع "مركز مدينة القدس الشرقية" والـ"هايتك"، بالإضافة للاستهداف المتواصل لوادي الربابة لسلب أراضي المقدسيين وهدم منازلهم بهدف تهجيرهم، ضمن مخططات الاحتلال لتنفيذ مشروعه الاستيطاني المسمى بالـ"حوض المقدس".
كما شهدت قريتا بيتا وبيت دجن في مدينة نابلس، مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال والمستوطنين، دفاعًا عن الأراضي التي يسعى الاحتلال لسلبها من أجل إقامة المستوطنات عليها، وكذلك تشهد الضفة تصاعدًا في وتيرة عمليات إطلاق النار صوب قوات الاحتلال، في ظل استنفار الأسرى في سجون الاحتلال، واستمرار الاحتلال في حملة هدم بيوت الفلسطينيين، واغتيالهم والتضييق عليهم.
ومن هذه الممارسات اغتيال ثلاثة مقاومين في مدينة نابلس، وارتقاء الشهيد محمد أبو صلاح خلال مقاومة هدم بيت الأسير محمد جرادات في بلدة السيلة الحارثية، قضاء مدينة جنين.
ويرى المراقبون على أن الوضع في القدس والضفة الغربية بات مهيئًا لحدوث انفجار كبير ومواجهة واسعة مع الاحتلال، لكنهم اختلفوا فيما بينهم في شكل وقوة هذه المواجهة وما إذا كانت ستتحول لانتفاضة شعبية شاملة، أو ستكون هبة كسابقاتها من الهبات.
[1] - https://cutt.us/Yqg3K
[2] - https://cutt.us/KvYEQ
[3] - https://cutt.us/93Qjc
[4] - أجرى الباحث المقابلة في 19-2-2022
[5] - https://cutt.us/5AmEo
[6] - https://cutt.us/3Ezxj
[7] - https://cutt.us/3Ezxj
[8] - https://cutt.us/PU2xg
[9] - https://cutt.us/PU2xg
[10] - https://cutt.us/X2U8H
[11] - https://cutt.us/zkKwb
[12] - https://cutt.us/WqvPW
[13] - https://cutt.us/WKqL4
[14] - أجرى الباحث المقابلة في 20-2-2022
[15] - أجرى الباحث المقابلة في 19-2-2022