تغيير المناهج التعليمية... خطوة خطيرة لدول التحالف العربي التطبيعي

جودت صيصان
19-01-2021
كتب: جودت صيصان 

يبدو أن الكثير منا كان يظن أن دول التحالف العربي التطبيعي قد أُجبرت على التطبيع مع العدو الصهيوني؛ ونتيجة لذلك الاعتقاد سيقتصر عملها على الجانب السياسي، لكن تزاحم هذه الدول على الاصطفاف في طابور التطبيع انتظارًا واستعدادًا لتلقي إشارة البدء من الراعي الأمريكي – على حد وصف ترمب – والابتهاج والمُجاهرة بالإعلانات المتتالية عن شراكاتٍ اقتصاديوة ثقافية وإعلاميٍة وفنية وأمنية وصولاَ إلى إعلان هذه الدول عن شروعها بتغيير مناهجها الدراسية إرضاءَ لهذا الكيان الصهيوني المحتل.. قد أصاب العديد منا بالصدمة والذهول.

في هذه المقالة سأحاول تسليط الضوء على مخاطر تعديل المناهج التعليمية من بعض دول التحالف العربي التطبيعي، فقد بدأت هذه الدول بالتنافس والتسابق فيما بينها للقيام بخطواتٍ متسارعة، جرى بعضها في السر وبعضها الآخر في العلن، لتغيير المناهج التعليمية على مقاس الكيان الصهيوني، وبالذات مواد الدين والتاريخ والجغرافيا واللغة العربية للتأثير على وعي وهوية الجيل القادم بطريقةٍ قد تُسهم مستقبلاَ في إنتاج أجيال عربية برؤية وأجندة صهيونية، تُريك العدو صديقًا والصديق عدوًا، وفي أقل الأحوال ليست مهمومة بالقضايا العربية والإسلامية لتكون خير عون لتحقيق الأهداف الصهيونية التي عجز عن تحقيقها الاحتلال بكل ما يملك من قوة ليجد ضالته بمال ووجه ولسان عربي قذر .

تحاول هذه الدول أن تُبرر كل ماسبق بالترويج والادعاء بأن مناهجها الجديدة تُركز على التعاون والتسامح والسلام والإنسانية باعتبارها قيمًا إسلاميةَ أساسية،  وكأن هذه القيم السامية لا يمكن رؤيتها وتجسيدها إلا من خلال التطبيع مع الأعداء والمحتلين ومعاداة إخوانهم العرب والمسلمين المظلومين، وقد لاقت هذه الخطوة إشادة كبيرة من المسؤولين الصهاينة.

وفي المقابل نجد المناهج الدراسيّة الصهيونية مليئة بالمواد العنصرية والتي تحضُّ على العنف والقتل وشيطنة العرب وتجريدهم من إنسانيتهم، غير أننا لم نسمع أحدًا من مسؤولي تلك الدول التطبيعية يُطالب الكيان الصهيوني بتغيير مناهجه لتتماشى مع عمليات التطبيع، إذ يُقدّم الكيان في مناهجه موادًا تعليمية تحريضية وعدائية تجاه الفلسطينيين خاصةً والعرب بشكل عام، ويعتبر الكيان في مناهجه أن العرب محتلون لأرض اليهود، وخونة وعدوانيين ومتخلفين ومجرمين وخاطفين وقذرين ، وأنّ الفتح العربي والإسلامي ما هو إلا غزو تاريخي لأرض اليهود التاريخيّة، وأنّ العرب بدوٌ رُحّل غزوا فلسطين وهدموا حضارة اليهود وعمرانهم!

وختامًا.. ما أشبه اليوم بالبارحة عندما أضاع ملوك الطوائف (بالاقتتال فيما بينهم وبانبطاحهم وتخاذلهم وعمالاتهم مع الأعداء والممالك المناوئة لهم) ملك آبائهم وأجدادهم وتضحياتهم وإنجازاتهم ومكتسابتهم وشرف الأمة بأسرها، وعليه يقع على عاتق هذه الشعوب العربية أن تدافع عن المنظومة القيمية والأخلاقية للأمة وأن ترفض وتقاوم التطبيع وملحقاته بكل ما أوتيت من قوة وأن تستلهم الدروس والعبر من التاريخ، وألا ترضخ لسياسات هذه الدول التطبيعية والتي من شأنها أن توصلنا إلى مآلات ملوك الطوائف.

يقيني أن هذا التحالف التطبيعي العربي يعيش هذه الأيام وهمًا كبيرًا بأن باستطاعته بما لديه من خزينة متخمة بتريليونات الدولارات النجاح في مساعيه الخبيثة والضالّة، وبأن أمريكا والكيان الصهيوني ومن لف لفهم ستحمي عروشهم وتضمن لهم ولأحفادهم نهب خيرات البلاد واستعباد العباد وخدمة الأسياد، ولكن هذا وهمٌ سيتبدد وسرابٌ سينتهي بصدمة قريبة على يد الأحرار والشرفاء والأطهار وبتوفيق من الله العلي القدير.