تقدير موقف: الجولة الأخيرة.. "أقل من حرب وأكثر من مواجهة"
ياسر مناع
26-03-2019
اعداد/ ياسر مناع - مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي والفلسطيني
مقدمة
أثارت جولة "الساعات الخمسة" التي دار رحاها في قطاع غزة، في اعقاب سقوط صاروخ اطلق من قطاع على منزل في منطقة "هشارون" شمال تل الربيع المحتلة، موجة جديدة من الأسئلة حول نهاية هي الحالة من المد والجزر بين فصائل المقاومة من جهة والاحتلال من جهة أخرى، ذلك كله في ظل دارية الأولى بطبيعة القيادة والمجتمع في "اسرائيل"، والتي على اساسها ترسم خطواتها التالية.
حيثيات الجولة الأخيرة
جاءت هذه الجولة في ظروف أكثر تعقيداً من سابقاتها، فالحالة الغيرمسبوقة في السجون، واشتداد مصلحة السجون حربها ضد الاسرى، والتي ترى بهم الدعاية الأسهل في الانتخابات القادمة، بالتزامن مع تفاقم الأزمة الانسانية في القطاع وما يتلوها من آثار انسانية تلقي بظلالها على المواطن الغزي، ذلك في ظل فجوة الانقسام الداخلي الآخذة بالازدياد، وحالة التراشق الاعلامي في اعقاب الحراك الذي شهده قطاع غزة.
جاءت هذه الجولة وسط جهود مصرية تسعى لإرساء تهدئة هشة، ولاسيما بعد التسريبات التي نشرتها صحيفة "اسرائيل اليوم" العبرية حول المقترح المصري الذي يرمي الى رفع الحصار تدريجاً وعلى ثلاثة مراحل مقابل أن تقوم المقاومة بتسلم السلاح الثقيل الذي بحوزتها.
أضف الى ذلك كله، اقتراب الانتخابات الاسرائيلية، والتي بدورها تلعب عاملاً هاماً في منع نشوب أي مواجهة عسكرية، قد تؤثر على رئيس حكومة الاحتلال سلباً، وتفقده الكثير من الأصوات في صناديق الاقتراع.
تغيير قوانين اللعبة
من الواضح ان اخيار "هشارون" لم يكن عبثاً، فلوتتبعنا خارطة فلسطين المحتلة، لوجدنا أن "هشارن" تلي "غوش دان" المنطقة التي سقطت بها الصواريخ قبل اقل من اسبوع، وبالتالي فإن الرسائل في هذه الاحداث واضح لاتحتاج الى تاويل او تفسير، أضف الى ان هذه الجولات سحبت من يد "اسرائيل" التحكم في مجريات الأحداث و بداياتها ونهاياتها.
الحرب النفسية من اداوت الجولة
لجأ الاحتلال منذ بداية الحادثة، الى استخدام سياسة التهويل الاعلامي، وذلك عبر الوكالات الاخبارية العبرية والمحلليين السياسين، مع العلم ان ذلك يخضع لرقابة عسكرية مدروسة وموجهه، لسكان غزة على وجه الخصوص، مضافاً الى ذلك البعد الزماني بين حادثة قصف "هشارون" و بداية شن الغارات على القطاع، وتمثل ذلك في:
افلاس بنك الاهداف لدى جيش الاحتلال
قرابة 12 ساعة كانت المدة الزمنية بين قصف "هشارون" و الاعلان عن بداية الهجوم الجوي على القطاع، وذلك يدلل على افلاس بنك الاهداف التي تتمتلكه المؤسسة العسكرية، والناظر في سير القصف يرى بان الاستهداف لم يتجاوز المألوف عدا استهداف مكتب رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية، والذي لم يبتغي فيه نتنياهو سوى الانجازالاعلامي الذي يسوقه للناخب المقبل بعد اسبوعين على الاقتراع.
التصريحات المقتضبة
لوحظ خلال هذه الجولة بأن تصريحات الفصائل الفلسطينية كانت مقتضبة جداً، بل وحتى كانت عبر غرفة العمليات المشتركة فقط، مما أضفى صعوبة على المتابع والمحلل للأحداث في التنبؤ بمستقبلها، مما شكل صعوبة ايضاً على "اسرائيل" في رسم مجريات الأحداث القادمة، وبات عنصرالمفاجأة هوالأبرز، كما في الحدث الأبرز قصف "هشارون".
التهدئة الهشة
منذ بداية الوساطات المصرية والأممية، كانت التوقعات تشير الى نجاحها، ولاسيما في ظل عدم الرغبة الواضحة لجميع الأطراف في خوض اي مواجهة جديدة، لكن الملفت للنظر كان الصمت الاسرائيلي حول الاتفاق الذي جاء بعد ساعات من بداية القصف، بالاضافة الى حالة التخبط التي برزت في الاعلام العبري، لكن تصريحات بعض الساسة في "اسرائيل" اشارت الى وجود اتفاق مخجل بالنسبه لهم، مما دفع نتنياهو الى الغاء فكرة تقصير زيارته الى واشنطن كما اعلن في وقت سابق، أما فيما يتعلق بالفصائل فكانت على موقف واضح وموحد والتي عبرت عن التزامها بالتهدئة مادام التزمت "اسرئيل" بها.
الخلاصة
يمكن لنا أن نصف ما جرى بأنه أقل من حرب وأكثرمن مواجهة عادية، قد نرى اثارها مستقبلاً، وان التحرك العسكري ضد قطاع غزة مرتبط بعملية انهاك حماس داخلياً، وذلك على الارجح بعد طرح صفقة القرن التي لا مكان لحماس فيها.
وأن ما يجري هو ترجمة عملية لما صرح به يعلون في ايلول من عام 2000 بان "اسرائيل" تسير في الجزء المكمل لحرب الاستقلال التي لم تنتهي.
من خلال المؤشرات الراهنة، فإن "اسرائيل" لن تصبر طويلاً على حالة الاستنزاف مع القطاع، لكنها تنتظر انقضاء الانتخابات وتشكيل الحكومة، وبذلك تكون مستعدة نوعاً ما لخوض غمار مواجهة غير مسبوقة باهظة الثمن مع غزة.
اعتتقد بأن المفاوضات حول غزة ما زالت جارية على قدم وساق، والاحتلال يسعى جاهداً لربطها بيوم 30/3 يوم الارض ومرور عام على مسيرات العودة، كي يضمن الهدوء النسبي على الحدود، الامر الذي ترفضه حماس.
احتمالية التصعيد ما زالت قائمة، ومظاهره لا زالت موجودة عودة نتنياهو من زيارته للولايات المتحدة، تعطيل الدارسة في الجنوب، اغلاق شاطئ عسقلان
مقدمة
أثارت جولة "الساعات الخمسة" التي دار رحاها في قطاع غزة، في اعقاب سقوط صاروخ اطلق من قطاع على منزل في منطقة "هشارون" شمال تل الربيع المحتلة، موجة جديدة من الأسئلة حول نهاية هي الحالة من المد والجزر بين فصائل المقاومة من جهة والاحتلال من جهة أخرى، ذلك كله في ظل دارية الأولى بطبيعة القيادة والمجتمع في "اسرائيل"، والتي على اساسها ترسم خطواتها التالية.
حيثيات الجولة الأخيرة
جاءت هذه الجولة في ظروف أكثر تعقيداً من سابقاتها، فالحالة الغيرمسبوقة في السجون، واشتداد مصلحة السجون حربها ضد الاسرى، والتي ترى بهم الدعاية الأسهل في الانتخابات القادمة، بالتزامن مع تفاقم الأزمة الانسانية في القطاع وما يتلوها من آثار انسانية تلقي بظلالها على المواطن الغزي، ذلك في ظل فجوة الانقسام الداخلي الآخذة بالازدياد، وحالة التراشق الاعلامي في اعقاب الحراك الذي شهده قطاع غزة.
جاءت هذه الجولة وسط جهود مصرية تسعى لإرساء تهدئة هشة، ولاسيما بعد التسريبات التي نشرتها صحيفة "اسرائيل اليوم" العبرية حول المقترح المصري الذي يرمي الى رفع الحصار تدريجاً وعلى ثلاثة مراحل مقابل أن تقوم المقاومة بتسلم السلاح الثقيل الذي بحوزتها.
أضف الى ذلك كله، اقتراب الانتخابات الاسرائيلية، والتي بدورها تلعب عاملاً هاماً في منع نشوب أي مواجهة عسكرية، قد تؤثر على رئيس حكومة الاحتلال سلباً، وتفقده الكثير من الأصوات في صناديق الاقتراع.
تغيير قوانين اللعبة
من الواضح ان اخيار "هشارون" لم يكن عبثاً، فلوتتبعنا خارطة فلسطين المحتلة، لوجدنا أن "هشارن" تلي "غوش دان" المنطقة التي سقطت بها الصواريخ قبل اقل من اسبوع، وبالتالي فإن الرسائل في هذه الاحداث واضح لاتحتاج الى تاويل او تفسير، أضف الى ان هذه الجولات سحبت من يد "اسرائيل" التحكم في مجريات الأحداث و بداياتها ونهاياتها.
الحرب النفسية من اداوت الجولة
لجأ الاحتلال منذ بداية الحادثة، الى استخدام سياسة التهويل الاعلامي، وذلك عبر الوكالات الاخبارية العبرية والمحلليين السياسين، مع العلم ان ذلك يخضع لرقابة عسكرية مدروسة وموجهه، لسكان غزة على وجه الخصوص، مضافاً الى ذلك البعد الزماني بين حادثة قصف "هشارون" و بداية شن الغارات على القطاع، وتمثل ذلك في:
- التروج لامكانية شن عملية عسكرية في قطاع غزة.
- نشر اخبار حول تعزيز الجيش لوحداته العاملة في غزة، واستدعاء عدد محدود من جيش الاحتياط.
- إظهار صور معينة ومحدد حول قيام الجيش باغلاقات والانتشار في غلاف غزة.
افلاس بنك الاهداف لدى جيش الاحتلال
قرابة 12 ساعة كانت المدة الزمنية بين قصف "هشارون" و الاعلان عن بداية الهجوم الجوي على القطاع، وذلك يدلل على افلاس بنك الاهداف التي تتمتلكه المؤسسة العسكرية، والناظر في سير القصف يرى بان الاستهداف لم يتجاوز المألوف عدا استهداف مكتب رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية، والذي لم يبتغي فيه نتنياهو سوى الانجازالاعلامي الذي يسوقه للناخب المقبل بعد اسبوعين على الاقتراع.
التصريحات المقتضبة
لوحظ خلال هذه الجولة بأن تصريحات الفصائل الفلسطينية كانت مقتضبة جداً، بل وحتى كانت عبر غرفة العمليات المشتركة فقط، مما أضفى صعوبة على المتابع والمحلل للأحداث في التنبؤ بمستقبلها، مما شكل صعوبة ايضاً على "اسرائيل" في رسم مجريات الأحداث القادمة، وبات عنصرالمفاجأة هوالأبرز، كما في الحدث الأبرز قصف "هشارون".
التهدئة الهشة
منذ بداية الوساطات المصرية والأممية، كانت التوقعات تشير الى نجاحها، ولاسيما في ظل عدم الرغبة الواضحة لجميع الأطراف في خوض اي مواجهة جديدة، لكن الملفت للنظر كان الصمت الاسرائيلي حول الاتفاق الذي جاء بعد ساعات من بداية القصف، بالاضافة الى حالة التخبط التي برزت في الاعلام العبري، لكن تصريحات بعض الساسة في "اسرائيل" اشارت الى وجود اتفاق مخجل بالنسبه لهم، مما دفع نتنياهو الى الغاء فكرة تقصير زيارته الى واشنطن كما اعلن في وقت سابق، أما فيما يتعلق بالفصائل فكانت على موقف واضح وموحد والتي عبرت عن التزامها بالتهدئة مادام التزمت "اسرئيل" بها.
الخلاصة
يمكن لنا أن نصف ما جرى بأنه أقل من حرب وأكثرمن مواجهة عادية، قد نرى اثارها مستقبلاً، وان التحرك العسكري ضد قطاع غزة مرتبط بعملية انهاك حماس داخلياً، وذلك على الارجح بعد طرح صفقة القرن التي لا مكان لحماس فيها.
وأن ما يجري هو ترجمة عملية لما صرح به يعلون في ايلول من عام 2000 بان "اسرائيل" تسير في الجزء المكمل لحرب الاستقلال التي لم تنتهي.
من خلال المؤشرات الراهنة، فإن "اسرائيل" لن تصبر طويلاً على حالة الاستنزاف مع القطاع، لكنها تنتظر انقضاء الانتخابات وتشكيل الحكومة، وبذلك تكون مستعدة نوعاً ما لخوض غمار مواجهة غير مسبوقة باهظة الثمن مع غزة.
اعتتقد بأن المفاوضات حول غزة ما زالت جارية على قدم وساق، والاحتلال يسعى جاهداً لربطها بيوم 30/3 يوم الارض ومرور عام على مسيرات العودة، كي يضمن الهدوء النسبي على الحدود، الامر الذي ترفضه حماس.
احتمالية التصعيد ما زالت قائمة، ومظاهره لا زالت موجودة عودة نتنياهو من زيارته للولايات المتحدة، تعطيل الدارسة في الجنوب، اغلاق شاطئ عسقلان