عرض كتاب

توأما الجهاد والشهادة السيرة الجهادية للقائدين محمد أبو شمالة ورائد العطار

عوني فارس

اسم الكتاب: توأما الجهاد والشهادة السيرة الجهادية للقائدين محمد أبو شمالة ورائد العطار

الناشر: الإعلام العسكري لكتائب القسام، قسم التاريخ العسكري.

تاريخ النشر: 2022.

مكان النشر: غزة

عدد الصفحات: 232 صفحة.

مقدمة

يروي هذا الكتاب سيرة القائدين المقاومين محمد أبو شمالة ورائد العطار، ويتتبع مشوارهما الجهادي منذ اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987 حتى ارتقائهما شهيدين في الحادي والعشرين من آب عام 2014، والكتاب جزء من تقليد كتابي قديم يُركِّز على توثيق مسيرة كتائب القسام وجهاد قادتها ضد العدو الصهيوني منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين، وقد نتج عن ذلك عدد من الكتب المهمة، وكانت مجلة فلسطين المسلمة من أوائل المؤسسات التي عُنيت بهذا النوع من الكتابة، رافقها جهود فردية، وأخرى مؤسساتية، وبعضها حكومي كما في إصدارات وزارة الثقافة في غزة خلال السنوات القليلة الماضية، لكنَّ اللافت في هذا المضمار تكوين قسمٍ متخصصٍ في التاريخ العسكري تابع للإعلام العسكري لكتائب القسام، حيث شرع في رفد المكتبة الفلسطينية بإصدارات جديدة في نفس السياق، وهذا الكتاب واحد منها.

والكتاب مهم، ليس فقط لأنَّه يتحدث عن علمين من أعلام المقاومة المسلحة في الأرض المحتلة، ويسرد تفاصيل كفاحهما من أجل فلسطين، ولكن أيضًا لكونه يرصد من خلالهما المراحل التي مرَّت بها مقاومة الأرض المحتلة، تحديدًا في قطاع غزة منذ اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987 حتى عام 2014، وما واكب ذلك من مراكمة كتائب القسام للتجارب والخبرات وتطويرها للأداء وتوسيعها للاهتمامات، والكتاب مادة غنية جدًّا تفيد الباحثين والمهتمين ممن يتطلعون لدراسة أعمق لظاهرة المقاومة في فلسطين، ويحرصون على سماع رواية المقاومين عن مقاومتهم.

محتوى الكتاب       

افتُتح الكتاب بتقديمٍ للأستاذ إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ثمَّ بمقدمة للناشر. تضمن الكتاب أربعة فصول رئيسة، ركَّزت على حياة القائدين الاجتماعية ودورهما في المقاومة، واحتوت  على 106 صورة فوتوغرافية تُظهر محطاتٍ من حياتهما منذ طفولتهما حتى وداع جثمانهما الطاهرين في المسجد، منها 27 صورة لرائد العطار، و13 صورة لمحمد أبو شمالة، و18 صورة لهما مع بعضهما أو مع آخرين، و29 صورة لقادة في القسام منهم: صلاح شحادة، ومحمود مطلق عيسى، وزاهر نصار، ويحيى عياش، ووائل نصار، وعدنان الغول، ومحمود المبحوح، ومحمد برهوم، ونافذ منصور، وضمت هوامش الكتاب تعريفات ثرية لواحد وثلاثين قائدًا وكادرًا وشهيدًا من رجالات المقاومة الفلسطينية، وشرح ٍعن أربع قرى فلسطينية وخمسة مواقع عسكرية ومستوطنات صهيونية، وتعريفات لأحد عشر مصطلحًا يخص المقاومة، وفي الكتاب ثلاثة جداول لأبرز عمليات القسام التي نُفِّذت بإشراف أبو شمالة والعطار، وشملت الملاحق على ثلاثة بيانات لكتائب القسام، وخُتم الكتاب بقائمة مصادر ومراجع وفهرس.

تناول الفصل الأول الحياة الاجتماعية للقائدين، وحوى تفاصيل عن ميلادهما، وطفولتهما، وكنيتهما، وتعليمهما، وسيرة كل واحد منهما مع والديه وزوجته وأولاده، وخدمته للمجتمع، وهواياته، وجهده في الاستزادة من الطاعات تقرُّبًا إلى الله، ومعاناته من الاحتلال في صغره وفي شبابه، وأورد الفصل شهادات مهمة حول القائدين أدلى بها بعض الأقارب من الدرجة الأولى، واختص الفصل الثاني بسرد سيرتهما الجهادية بين عامي (1987-2000)، ابتداءً من التحاقهما بالحركة الإسلامية، والتزامهما بجلسات تربوية في مسجد الهدى في مخيم يبنا للاجئين في مدينة رفح عام 1987، وما تبعه من مشاركتهما في الانتفاضة الأولى، والتحاقهما بجهاز الأحداث، أحد الأجسام الميدانية التابعة لحركة حماس والمسؤولة عن الفعاليات الميدانية ضد الاحتلال، ثمَّ انضمامهما لجهاز الصاعقة المسؤول عن ملاحقة العملاء ومروجي المخدرات والبضائع الفاسدة عام 1992، وتنفيذهما عددًا من المهمات، وتدربهما على السلاح، وامتلاكهما لمسدس، وانضمامهما لكتائب القسام عام 1993، وقدَّم الفصل تفاصيل عن باكورة أعمالهما الجهادية انطلاقًا من مدينة خانيونس، وتخطيطهما وتنفيذهما لعدد من العمليات ضد الاحتلال ومستوطنيه عام 1994، منها عملية موقع محفوظة العسكري "موقع أروحان"، وعملية خزاعة، وعملية مغتصبة موراج، وعملية السُّلَّم في منطقة رفح، وعملية تل زعرب، وعملية كيسوفيم العسكرية، وأشرافهما على عملية غوش قطيف الاستشهادية عام 1998، بصحبة أحمد الجعبري وبأمر من أبو خالد الضيف.

أمَّا الفصل الثالث فبيَّن دورهما في المقاومة في الفترة ما بين عامي (2000-2008)، وقدَّم شرحا حول إعادة بناء الجناح العسكري للقسام في قطاع غزة بعيد انطلاق الانتفاضة الثانية، فقد أصبح القائد صلاح شحادة على رأسه ونائبه الضيف منذ عام 2002، وقُسِّم القطاع إلى ثلاث مناطق، وعُيِّن أبو شمالة قائدًا للمنطقة الجنوبية، وتحدث الفصل عن مشاركة أبو شمالة للعطار في تطوير التصنيع الحربي في الكتائب، وتحويله بيته إلى ورشة لتصنيع الهاون، وكيف عملا معًا على صناعة قنابل يدوية، استخدمت في عملية عتصمونا عام 2002، ومساهمتهما في تطوير عبوات قسامية مثل "ثاقب" و"شواظ1" و "شواظ2" و" شواظ3"، ومشاركتهما في تصنيع قاذف صاروخي، وصاروخ البتَّار، وقاذف الياسين عام 2004، وصاروخ القسام، وإنجاحهما لصفقات السلاح من الخارج، بالإضافة إلى أمدادهما الفصائل الفلسطينية المقاتلة بالسلاح.

وسرد الفصل تفاصيل ثرية عن أبرز العمليات التي أشرف عليها القائدان أثناء الانتفاضة الثانية، والتي نفَّذتها وحدة مكافحة الإرهاب القسامية المتخصصة في حفر الأنفاق، فقد كانت تحفر الأنفاق أسفل المواقع الصهيونية المستهدفة وتزرع المتفجرات فيها، ثم تقتحم الموقع بعد تفجيرها، وقد أدخلت في هذه العمليات تقنية التصوير لتوثيق الأحداث وتأكيد صدق رواية المقاومة، ومن هذه العمليات عملية بوابة صلاح الدين "موقع ترميد العسكري" 2001، وعملية موقع كرم أبو سالم عام 2002، وعملية برج حردون عام 2003، وعملية تدمير موقع محفوظة العسكري أورحان عام 2004، وعملية براكين الغضب عام 2004، وحرص الفصل على تقديم شرح مفصل عن دورهما المركزي في عملية الوهم المتبدد التي أُسر فيها الجندي شاليط، والتي استمر التخطيط لها سنة كاملة، ابتداءً من وضع الخطة ثم الشروع في حفر النفق في حزيران عام 2005، بطول 550م، وإعداد المنفذين السبعة (اثنان لتفجير الآلية، وآخران لتفجير المدرعة، وآخران لتفجير البرج الأحمر، والسابع للتغطية على المقاتلين)، وتجهيز العتاد اللازم، وتجهيز وحدة الظل التي ستحتفظ بالجندي بعد أسره، ثم التنفيذ في شهر حزيران/ يونيو من العام التالي، وتناول الفصل دور البطلين في عدم إراقة الدماء في رفح أثناء أحداث الحسم العسكري في غزة عام 2007.   

واستعرض الفصل الرابع سيرتهما بين عامي (2008-2014)، وافتتح بالحديث عن عملية نذير الانفجار التي استهدفت موقع كرم أبو سالم، بتفجيره بسيارتين متفجرتين وآلية مدرَّعة تحمل داخلها 3 أطنان TNT وجيب مفخخ، ثم قدَّم تفاصيل قيادة العطار وأبو شمالة للعمليات في جنوب القطاع أثناء حرب الفرقان طوال 23 يومًا، حيث قُتل من الصهاينة وفق رواية القسام تسعة وأربعين جنديًا وجُرح المئات.

 وكشف الفصل عن دور محمد أبو شمالة في التفاوض على صفقة لتبادل الأسرى، وإتمام صفقة الحرائر عام 2009 والتي نصت على نشر القسام لفيديو يظهر شاليط حياً مقابل إطلاق سراح 19 أسيرة فلسطينية، ودور العطار وأبو شمالة في صفقة شاليط عام 2011، وتسليم الجندي الصهيوني، واستقبال الأسرى المحررين، ثم سرد الفصل دور القائدين في معركة حجارة السجيل عام 2012، وإشرافهما على إطلاق الصواريخ على المغتصبات الصهيونية، وقصف المواقع العسكرية الصهيونية المحيطة بالقطاع، وتولي أبو شمالة ملف الاعلام بعد استشهاد الجعبري رحمه الله، إضافة لمسؤوليته لملف الإمداد والتحصينات الميدانية داخل ألوية القسام، وتعيين العطار نائبًا له في قيادة الإمداد، وقائدًا للواء مدينة رفح، ومسؤولاً عن ملف الاتصالات، وقيادة مشروع إنتاج الطائرات المسيرة، وسرد الفصل مشاركة القائدين في حرب العصف المأكول عام 2014، وإدارة العطار للواء رفح، ووضع جدول بثلاثين عملية أشرفا عليها أثناء الحرب، ثم قدَّم شرحًا مفصلاً عن كل عملية، بما فيها قيادة العطار لعملية أسر الملازم أول هدار غولدن.

متابع وشدائد في سبيل القضية

شرح الكتاب جوانب مما تعرض له القائدان أثناء مسيرتهما الكفاحية، والثمن الغالي الذي دفعاه في سبيل تحقيق هدفهما، وكشف عن تفاصيل كثيرة حول اعتقالهما، وأصابتهما بجراح، وتعرضهما لمحاولات اغتيال متعددة، وأبان عن طبيعة حياتهما أثناء المطاردة والتخفي، وكيف صَمدا فيها طوال سنوات.

وكشف الكتاب أنَّ الاحتلال اعتقل أبو شمالة لمدة 11 شهرًا عام 1989، بينما أصيب العطار بطلقة بلاستيكية في ركبته عام 1990، عطلته لمدة تسعين يومًا، واعتقل عام 1991 وحكم عليه بـ15 شهرًا، ثمَّ اعتقل وأبو شمالة مرة أخرى عام 1992، وأصيب الأخير أربع مرات بالرصاص أثناء الانتفاضة الأولى، وأصبح الإثنان مطاردين منذ عام 1992، ثمَّ تتضاعف المعاناة مع إنشاء السلطة، حيث أصبحا مطاردين لها أيضًا، وقد أصيب أبو شمالة إصابة بالغة أثناء مطاردته من عناصر الوقائي عام 1994، وأصيب صاحبه العطار، واعتقلا لمدة سبعة أشهر عام 1995، بعد اتهامهما بقتل الرائد في المخابرات يسري الهمص، واعتقلا مجدّدًا عام 1996 إثر اغتيال يحيى عياش، وتعرض أبو شمالة لتسمم عام 1997، واعتقل مع العطار مرة أخرى عام 1999 لدى جهاز الوقائي، بعد اتهامهما بقتل الضابط رفعت جودة، وخضعا لمحكمة أمن الدولة وحكم على العطار بالإعدام وعلى أبو شمالة بالمؤبد، وذكر الكتاب أن اعتراض أهل رفح على حكم الإعدام، عبر التظاهر ساهم بشكل كبير في التراجع عن الحكم، وقد بقيا في سجون السلطة حتى اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.

واستمر تعرضهما للشدائد والمحن، فقد استأنف الاحتلال محاولاته اغتيالهما، فتعرضا لأربع محاولات اغتيال بالطائرات الصهيونية عام 2002، ومحاولة اغتيال خامسة عام 2003، ومحاولة اختطاف العطار عام 2008، ومحاولة اغتياله أربع مرات خلال عدوان عام 2008، ومحاولة اغتيالهما مرة أخرى عام 2012، إلى أن ارتقيا شهيدين في قصف صهيوني لمكان وجودهما في بيت أبو حسين كلاب في حي تل السلطان في مدينة رفح بـ 12 صاروخًا في ليلة اليوم الرابع والأربعين للعدوان على غزة عام 2014، وقد ارتقى معهم القائد محمد برهوم وخمسة من الشهداء، وأصيب خمسة وعشرين شخصًا.

وكانت القسام نعتهما، وخلَّدت ذكراهما في العالمين عبر إنتاج صاروخ العطار A120   عام 2015، والذي استخدم في قصف مدينة القدس في الحادي عشر من أيار/ مايو عام 2021، كما قُصفت به "تل أبيب"، وإنتاج صاروخ أبو شمالة SH85 عام 2015، الذي استخدم في ضرب "تل أبيب" ومطار "بن غوريون" في الثاني عشر من أيار/ مايو عام 2021، وبني باسمهما مسجدين في رفح عام 2017.

خاتمة

عرض النص أعلاه سيرة بطلين من أبطال فلسطين، وهي سيرة ساحرة، تجذب اهتمام القارئ، وتشعره أنَّ قراءة الكتاب مكسب كبير، وإن قدَّم العرض أعلاه تلخيصًا لفكرة الكتاب ومحتواه، وشرح بإسهاب ما ورد فيه من نقاط مركزية وتفاصيل مهمة، فإن ذلك لا يغني عن قراءة الكتاب مرة أو مرات، ولحسن حظ القرَّاء أنه موجود على الموقع الالكتروني لناشريه على صيغة "PDF- بي دي أف"، وما عليهم إلا الدخول على الموقع وتنزيل الكتاب والشروع بالقراءة.