جريمة قتل اياد الحلاق وصمة عار وماركة مسجلة لهذا الاحتلال؟!

وليد الهودلي
10-06-2020
الاستاذ وليد الهودلي

هي ذات الجريمة التي تمارسها حكومة الاحتلال مع الشعب الفلسطيني على مدار الساعة منذ نشأة هذا الاحتلال: فعملية قتل انسان من ذوي الاحتياجات الخاصة بدم بارد ومع سبق الإصرار ووفق تعليمات من أعلى مستوى سياسي لا تبتعد كثيرا عن قتل الحياة الفلسطينية محدودة الحركة والإمكانات والاعتداء بكل أشكال الاعتداء على كل مكونات هذه الحياة الفلسطينية، وما فعلوه مع اياد يؤكد عدوانيتهم الساديّة أولا للحياة الفلسطينية فالفلسطيني الجيّد هندهم هو الفلسطيني الميّت وحتى لو كان معاقا معطّل الفعل والامكانات.

والملفت أيضا أن تعليمات الجريمة التي يتمثلّها الجندي أو الشرطي ليست من بنات عقله فتحمل رقبته وحدها وزر الجريمة بفعل فردي( كما يحاولون تصدير جريمتهم حال انفضاح أمرهم) وإنما هي بناء على توجيهات وتعليمات من أعلى مستويات أخذ القرار، لذلك فإن الجريمة هي جريمة هذه الحكومة العنصرية القاتلة.

ولقد أوجز عضو الكنيست "عوفر كسيف" عندما جاء ليقف على منبرهم الأسود ويضع النقاط على حروف الجريمة فقد وصفها الوصف الدقيق بعنصريتها المفرطة، وأنه لو كان يهوديا لاستحال أن يتعرض للقتل ولكن كونه عربيا فإنه يحمل مؤهلات القتل وأن تقع عليه الجريمة بهذه الصورة البشعة، ثم حمّل المسئولية الى الحكومة والحركة الصهيونية وهذا المجتمع العنصري الذي يسكت على ممارسة مثل هذه الجرائم ويصرّ على استمرار تكرارها.

دلالات هذه الجريمة كثيرة أهمها أنها جاءت لتجسّد هذه الروح الشريرة الساديّة العنصرية العاتية، قتل لسبب واحد وهو أنه فلسطينيّ يستحق القتل، وقد حظيت هذه الجريمة بالتصوير بينما في رقابهم الألوف المؤلفة التي لم تلتقطها الكاميرا، تلك المجازر وحالة التوحّش الشرسة في دمائنا منذ النكبة التي منها ما ذاع صيته ومنها ما طوته ذاكرة النسيان ولم يكن التصوير حاضرا كما هذه الأيام.

ومن هذه الدلالات الهامة أن هكذا مجرم يقوم بهذه الجريمة بأن ينخّل جسد فتى من ذوي الاحتياجات الخاصة بمدفعه الرشاش هو نتاج تربية وتنشئة منذ نعومة أظفاره على الحقد واللؤم والكراهية المطلقة للآخر، كتلك السموم التي تخزنها الافعى السامّة فتنفذه في جسم الضحية التي تقع بين يديها دون رحمة أو رعشة ضمير . فذاك الشرطي الأبيض الأمريكي الذي قتل الانسان الأسود بهذه الطريقة البشعة التي صدمت مشاعر كلّ البشر لا تزيد البتّة على ما فعل هذا الصهيوني، ذات التربية وذات العنصرية إلا أن الأكثر بشاعة في هذه هو ان الضحية زيادة على تلك من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وعندما ظهرت داعش بتوحشها الصادم للمشاعر الإنسانية وقف العالم كله على قدم وساق، بينما إذا كانت ذات الممارسات المتوحشة تأتي من هذا الاحتلال المدلّل يختلف الامر، لنستنتج أن هناك عنصرية سوداء أيضا تجتاح أصحاب ردّات الفعل على مثل هذه الجرائم فتصنف من حيث المصدر ومرتكب هذا التوحش. وتميّز في طريقة الإدانة ولغة الإدانة واتخاذ الموقف السياسي الذي يتناسب مع حجم الجريمة.

نؤكد على أن الموضوع إضافة الى أنه انساني كاشف لحقيقة هذه الدولة المارقة كما دولة داعش بفارق وحيد أن هذه مستمرة منذ اثنتان وسبعين سنة على ذات النهج أي بما يزيد عن عشرة اضعاف دولة داعش. وهذه لم يقف لها العالم الا بالإدانة الخجولة بينما داعش وقفوا لها بالحرب والاستئصال وطي صفحتها من جذورها، وقد سخّرت لهذه الحرب الأقلام والأفكار والمال والسلاح وكلّ شيء.

يجب أيضا ان لا نتوقف عند توصيف الجريمة بل علينا أن نقف مع أنفسنا : ماذا علينا أن نفعل لإيصال هذه الجريمة بحجمها الحقيقي الى أن تصبح قضية عالمية تعرّي الجلّاد وتنتصف للضحية، يجب ان تتحول هذه الجرائم الى مواد إعلامية وفنية بمهنية عالية لتخترق كل الدعاية المضادة التي يتقن فيها المجرم صورة الضحية وهو يمارس أعلى درجات الاعلام.