حجم الدعم الأمريكي وأثره على الأمن القومي الإسرائيلي : 1967-2019

معتصم سمارة
05-01-2022

دراسات 

 

حجم الدعم الأمريكي وأثره على الأمن القومي الإسرائيلي

1967-2019

  

إعداد

معتصم سمارة

 

 

 

مركز القدس للدراسات

2022

 

 

الفهرس

مقدمة.........................................................................................

سؤال البحث..................................................................................

فرضية البحث................................................................................

منهج البحث..................................................................................

الإطار التحليلي .............................................................................

الفصل الاول: عوامل وأسباب الاهتمام الامريكي بالمنطقة ودعم "إسرائيل".............

  • المصلحة السياسية والاستراتيجية ................................................
  • اللوبي الصهيوني...................................................................
  • البترول .............................................................................
  • أمن "إسرائيل" ودورها الوظيفي .................................................

الفصل الثاني: أنواع وحجم الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني..........................

  • الدعم السياسي.....................................................................
  • الدعم الاقتصادي..................................................................
  • الدعم العسكري....................................................................

الفصل الثالث: عقبات.. لا تفسد للود قضية.........................................

               هل لـ "إسرائيل" أن تستمر طويلاً دون أمريكا ؟.............................

الخاتمة.....................................................................................

قائمة المراجع...............................................................................

 

مقدمة

يقع الدعم والمساعدة من قبل القوى العظمى العالمية في جوهر النظرية الأمنية الصهيونية، وقد بقي هذا الدعم منذ نشأة "إسرائيل"، وحتى في فترات الانتداب البريطاني، عاملاً أساسيًّا وجوهريًّا اعتمد عليه الصهاينة في نظرتهم للأمن القومي لكيانهم، بل ربما يكون هذا الدعم بأشكاله المختلفة هو أحد أهم الأسس والمرتكزات التي بنيت عليها النظرية الأمنية الصهيونية، حيث يجيب البحث في التساؤل الأساسي فيه وهو حجم وأثر الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لـ "إسرائيل" وانعكاساته على الأمن الصهيوني؟

 و يفترض البحث أنه لولا هذا الدعم (بريطانيا، ثم فرنسا وأمريكيا) لما استطاعت "إسرائيل" أن تبقى حتى يومنا هذا بهذه القوة والفعالية، وبهذا الدور والتأثير الذي تلعبه على مستوى الإقليم بأسره.

 وحيث إن الانحياز الأمريكي لصالح "إسرائيل" في شتى المجالات لم يعد محل خلاف لدى المتابعين والباحثين في الصراع العربي الصهيوني، وبات السؤال الأهم هو عن مدى قوة وتماسك هذا التحالف بين أمريكا و"إسرائيل" وأهدافه وأثره على المنطقة، حيث تشهد المنطقة حاليًّا جملة من التفاعلات والتحولات التي أظهرت بصورة لم تدع مجالاً للشك، خاصة في عهد دونالد ترامب، حجم الدعم والتأييد الذي تقدمه الولايات المتحدة لحليفتها "إسرائيل" في شتى المجالات، ضاربة بعرض الحائط بحقوق ومشاعر الملايين من العرب والفلسطينيين.

ويحق للمتابع أن يتساءل، كيف لهذة الدولة صغيرة الحجم والمساحة، قليلة العمق الاستراتيجي، إضافة إلى عدد سكان صغير (إذا ما قورن بأمة عربية تعد مئات الملايين، وتمتلك قدرات بشرية ومالية هائلة وثروات قل نظيرها، إضافة الى بعد حضاري وقومي ضارب في التاريخ) كيف لهذه الدولة الصغيرة أن تنتصر على كل هؤلاء العرب وتواصل عدوانها عليهم كل هذه السنوات، وهنا يبرز سر الدعم الأجنبي الذي رعى "إسرائيل" منذ البداية، وخاصه الدعم الأمريكي لها على كافة المستويات وبسخاء قل نظيره في التاريخ الحديث .

إن هذا الدعم السخي لا يقلل من حجم الجهود الصهيونية المبذولة ولا من التضحيات التي بذلوها في سبيل الوصول إلى غاييتهم، ولكن حجم هذا الدعم وأثره يبين أن المهمة كانت ستكون شبه مستحيلة بدونه، وعلى الأقل ما كانت "إسرائيل" ستصبح بهذه القوة وهذا النفوذ.

 

 

 

 

 

 

 

سؤال البحث:

ما هو حجم وأثر الدعم الأمريكي المقدم لـ "إسرائيل" في المجالات الأساسيه الثلاثة، السياسية والعسكرية والاقتصادية على أمنها القومي؟ ويتفرع عنه أسئلة فرعية:

  • ما هي العوامل الرئيسية التي تدفع الولايات المتحده لدعم "إسرائيل" بهذه القوة والكيفية، لدرجة جعلت فيها أمن "إسرائيل" جزء من الأمن القومي الأمريكي؟
  • ما هي أنواع هذا الدعم وأشكاله وما هو حجمه؟
  • هل يمكن لهذا الدعم أن يتوقف أو يتراجع في حال حصول خلافات في الرؤى أو اختلاف على الأولويات بين الطرفين؟
  • هل يمكن لـ "إسرائيل" أن تستمر طويلاً في سيطرتها وسطوتها دون هذا الدعم الامريكي؟

 

فرضية البحث:

شكّل الدعم الأمريكي على اختلاف أشكاله وأنواعه، رافعة أساسية لدعم الأمن القومي الصهيوني، وعزز من شعور الصهاينه الجماعي بالقوة، ومنحهم الدافعية لمزيد من العدوان وفرض السيطرة في  المنطقه، وذلك بفضل التفوق الذي منحهم إياه هذا الدعم خاصه في المجالين العسكري والسياسي.

 

منهج البحث:

اعتمد البحث المنهج التاريخي في إبراز أهم محطات الدعم والمنهج الوصفي التحليلي في قراءة أثرهذا الدعم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإطار التحليلي

أدرك الصهاينة منذ بداية التخطيط لمشروعهم، حجم الصعوبات والعقبات التي ستواجههم في ظل وجود محيط عربي معادٍ يفوقهم بأضعاف عددًا ومساحةً، وقد أدركوا أن نجاحهم مرتبط بشكل كبير بالدعم الدولي لهم أكثر من أي عوامل أخرى، "إن الإطار البريطاني يلعب دورًا مركزيًّا في نظرية جابوتنسكي السياسية والعسكرية، لقد كان على قناعة تامة باستحالة تحقيق المشروع الصهيوني خارج إطار التحالف مع بريطانيا. فالمشروع الصهيوني مرتبط ارتباطًا مصيريًّا بإنجلترا وبرغبتها في مساندته وتقديم العون والمساعدة له"[1].

وقد أثبتت التجربة التاريخية أن نجاح كيان غريب في الاستمرار والبقاء ضد إرادة وقبول السكان الأصلانيين لا بد له من القوة والمنعة والتفوق، يقول جابوتنسكي :"نحن نقوم باستيطان البلاد خلافًا لإرادة السكان المحليين.. هؤلاء السكان الأصليون يتفوقون علينا الآن عددًا بنحو ثمانية أضعاف، وعليه لا يمكن للاستيطان أن يتطور إلا تحت حراسة قوات مسلحة، تمامًا مثلما تطورت كل أشكال الاستيطان الأخرى عبر التاريخ"[2].

إضافة إلى ذلك فلا بد من وجود مصلحة كبرى ومنافع جمة لدى القوى الداعمة والمؤيدة لهذا الاستيطان، حتى تبذل ما بوسعها في حمايته ودعمه وتأييده، "فالتحالف بين الصهيونية وإنجلترا، من وجهة نظر جابوتنسكي، يستند إلى تماثل المصالح بين الطرفين وهو ضرورة موضوعية مفروضة عليهما نتيجة لوجود عدو خارجي مشترك. فالصهيونية في هذا السياق تعتبر ذراعًا لأوروبا وإنجلترا بشكل خاص، وهي الجهة الوحيدة التي يمكن أن تكون حليفًا مخلصًا ودائمًا لهم في المنطقة"[3].  

ومع حلول الولايات المتحدة محل بريطانيا قوة عظمى أساسية في العالم، تولت دعم ومساندة المشروع الصهيوني، فقد أضيف إلى عامل المصلحة العامل الأيديولوجي والديني الذي يعزز هذا الدعم. يرى يوسف الحسن "أن الاتجاهات الصهيونية شكلت عنصرًا مهمًّا في الحياة الثقافية والسياسية الأمريكية منذ البداية الأولى لاستيطان الأوروبيين العالم الجديد خلال النصف الثاني من القرن الرابع عشر، فالمهاجرون الأوائل حملوا معهم التقاليد والقناعات التوراتية وتفسيرات العهد القديم"[4]، ويضيف الكاتب "لقد كانت مطاردة مهاجري أوروبا للهنود الحمر في العالم الجديد الأمريكي، مشابهة لمطاردة العبرانيين القدماء للكنعانيين في فلسطين. وقد خلق التشابه في هذه التجربة قناعة ووجدانًا مشتركين بين أمريكا وإسرائيل في العصر الحديث"[5]. ثم إن إيمان الصهيونية المسيحية بضرورة عودة اليهود إلى فلسطين شرطًا للعودة الثانية للمسيح عزز من ضرورة دعم "إسرائيل" ومساندتها، حيث "أخذت الصهيونية المسيحية تنظر إلى إسرائيل كحدث وإشارة تؤكد معتقداتها اللاهوتية. وصار المؤمن بهذه المعتقدات يرى في دعم إسرائيل وتثبيتها تعجيلاً ليوم الخلاص بعودة المسيح"[6].

"إن جوهر المشروع الصهيوني يحاكي في بعض مكوناته وأدواته النموذج التاريخي الأمريكي في كونه مشروعًا استعماريًّا إحلاليًّا، حيث لا ترى الولايات المتحدة غضاضة أخلاقية وسياسية فيما يحمله المشروع الصهيوني من هدف يرمي إلى تغييب السكان الأصليين جسديًّا وتاريخيًّا وإقامة كيان مكانهم، وذلك كنموذج يحاكي تغييب السكان الأصليين في المستعمرات الأمريكية وإعطاء أولوية للمستعمرين البيض"[7].

كما أن الصهيونية تلتقي مع المسيحية الأصولية في مبدأ الاعتماد على القوة واستخدامها لتحقيق الأهداف. يشير يوسف الحسن إلى "وجود قاسم مشترك بين الفكر الصهيوني والفكر المسيحي الأصولي من حيث الاعتقاد بالقوة واعتبارها الطريق الصحيح لتحيق الأهداف السياسية. فإسرائيل والقوى المسيحية الأصولية تعتقد بصنع الأسلحة الذرية وبالتسليح الأمريكي لإسرائيل من أجل هزيمة العرب والسوفييت معًا"[8].

لقد رأى بن غوريون، الرجل الرئيسي في الحركة الصهيونية لفترة طويلة، "أن الحرب العالمية الثانية ستهبط ببريطانيا بوصفها دولة عظمى، وستندفع الولايات المتحدة إلى موقع قيادة العالم"[9]، وعليه فقد توجهت أنظار الصهاينة وجهودهم نحو الولايات المتحدة لكسب دعمها ومساعدتها، وقد وجدت الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة حضنًا دافئًا وتعاطفًا كبيرًا منذ اللحظة الأولى، ففي عام 1944 قدم عدد كبير من أعضاء الكونجرس الأمريكي مشروع قرار يدعو إلى هجرة غير محدودة إلى فلسطين وإقامة الدولة اليهودية، "ففي حزيران 1944 أصدر الحزب الجمهوري قرارًا دعى فيه لإيواء اليهود الذي نزل الكرب بساحتهم والذين طردوا من أوطانهم ظلمًا وعدوانًا، داعيًا إلى فتح أبواب فلسطين لهجرتهم غير المقيدة وتملكهم الأراضي فيها، كما اتخذ الحزب الديمقراطي في تموز 1944 قرارًا يحدد فيه إنشاء كومنولث يهودي ديمقراطي في فلسطين"[10].

 

 

 

 

 

 

 

 

عوامل وأسباب الاهتمام الأمريكي بالمنطقة ودعم "إسرائيل"

هناك جملة من العوامل التي حكمت سياسات الدول العظمى تجاه منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا، فقد لعبت عوامل داخلية وأخرى خارجية لهذه الدول دورًا في تحديد هذه السياسات، إضافة الى عوامل استراتيجية سياسية وأخرى اقتصادية، وأمنية وثقافية ودينية وغيرها من العوامل التي سنتطرق إلى أهمها:

  • المصلحة السياسية والاستراتيجية

مع نهاية الحرب العالمية الثانية وبروز الصراع بين القوى العظمى بدى واضحًا أن منطقة الشرق الأوسط ستكون إحدى أهم مناطق الصراع بينهما في العالم، لما لهذه المنطقة من أهمية استراتيجية على مستوى العالم وخاصة المنطقة حول قناة السويس وفلسطين، حيث تشكل هذه المنطقة نقطة التقاء وتواصل بين القارات الثلاث، فضلاً عن كونها تشرف على أهم الممرات المائية في العالم.

كان الاهتمام الأمريكي سابقًا بهذه المنطقة محصورًا في المصالح الاقتصادية والعلاقات التجارية والنشاطات التبشيرية[11]، ولكن مع زوال غبار المعارك في الحرب العالمية الثانية بدى واضحًا للولايات المتحدة الأمريكية أن المنطقة لها أهمية أكبر بكثير من ذلك، وباتت أحد أهم مسارح الصراع الأمريكي مع السوفييتي، حيث تلازم ذلك مع ظهور النفط وأبعاده ودخول شركات النفط الأمريكية إلى الوطن العربي على نطاق واسع، حيث أصبحت سريعًا تتصرف بأكثر من ثلثي النفط العربي المعروض في الأسواق العالمية[12].

يضاف إلى ذلك وجود المشروع الصهيوني في فلسطين كأحد أبرز أسباب التوتر والصراع بين العرب وحلفائهم وبين الغرب الراعي الفعلي للمشروع الصهيوني الذي تمثل حينها ببريطانيا ولاحقًا بالولايات المتحدة، والتي رأت في هذا الكيان ذراعًا لها لتحقيق أهدافها في المنطقة، وقد أعرب رجل الأعمال اليهودي الشهير روتشلد عن ذلك بوضوح في رسالته إلى بالمرستون وزير خارجية بريطانيا بالقول "إن هناك قوة جذب بين العرب وهم يتطلعون إلى استعادة مجدهم القديم، وفلسطين هي الجسر الذي يصل بين عرب آسيا وعرب أفريقيا وهي بوابة مصر إلى الشرق، لذا ينبغي إقامة تركيب بشري يؤمن الفصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه"[13].

إلى جانب تلك الأهمية، تمتلك منطقة الشرق الأوسط أهمية حضارية كبرى حيث إنها تقع في قلب منطقة الحضارات القديمة كما أنها تتوسط الحضارات الحديثة، وتستحوذ المنطقة على كونها مهبط ومهد الديانات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية، مما جعلها قبلة للأمم عبر الأزمان ومحل اهتمام للدول التي تتطلع للقيام بدور فعال، كما أن المتابع لتاريخ المنطقة سيجد أنها تقع في مركز الحروب والأزمات الإقليمية عدا عن كونها تضم دولاً كان لها دور كبير عبر التاريخ مثل تركيا ومصر وإيران وسوريا. ففي عام 1902 قال الأميرال ألفرد ماهان وهو استراتيجي بارز في الولايات المتحدة "إن الشرق الأوسط سواء أكان كمفهوم استراتيجي أم كواقع على الحدود الجنوبية للبحر المتوسط وآسيا فإنه يشكل مسرح مواجهة استراتيجية بالضرورة بين القوى المتصارعة"[14]

في ضوء كل هذه المعطيات، يظهر لنا مدى أهمية المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى للحفاظ على مصالحها في هذه المنطقة المهمة من العالم، خاصة وأنها منطقة غير مستقرة وكثيرة النزاعات والصراعات، حيث شهدت المنطقة حروبًا بين دولها أو نزاعات وانقلابات داخلية في الدول الأعضاء، كما أن وجود حركات ثورية عربية ذات طابع قومي وأخرى إسلامي تشكل في عيون الولايات المتحدة خطرًا إضافيًا يهدد مصالحها.

إن كل ما سبق يجعل من "إسرائيل" ودورها في المنطقة أهمية كبرى لدى الولايات المتحدة الأمريكية، سواء على صعيد حربها المباشرة ضد الدول العربية والفلسطينيين الرافضين للسياسات الأمريكية في المنطقة أو على صعيد دعمها للأقليات في داخل الدول العربية بهدف زعزعة استقرارها وأمنها أو على صعيد إشاعة الفوضى والنعرات الطائفية بين مكونات شعوب المنطقة، بهدف استمرار تخلفها وفقرها، أو من خلال تشجيعها للصراعات الداخلية بهدف تفتيت وتجزيء الوطن العربي لضمان تفوقها وسيطرتها. ومع دخول الولايات المتحدة إلى المنطقة بقوة بعد نهاية الحرب الباردة أصبحت أهمية "إسرائيل" أكبر بالنسبة لها. "تعتبر الولايات المتحدة إسرائيل الحليف الأهم في حملتها ضد الإرهاب، كما أنها تساعد في تذليل الصعوبات أمام جهود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الذي يعج بالدكتاتوريات"[15]

 

  • اللوبي الصهيوني

كان حضور اليهود عمومًا والحركة الصهيونية خصوصًا في الولايات المتحدة بشكل لافت باكرًا وحتى قبل مؤتمر بازل، وقبل أن تمتلك الولايات المتحدة رؤية أو سياسة واضحة تجاه الشرق الأوسط، وقد أسهمت الروايات والقصص الموجودة في الإنجيل في تكوين صورة عن فلسطين لدى الأمريكيين بشكل عام، "ومن خلال قراءة منطلقات الحركة الصهيونية يظهر لنا أنها تستند في مجملها إلى أفكار مستمدة من عقائد التوراه وشرائع التلمود، وتدعو إلى العودة إلى ارض إسرائيل بحدودها التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة لدى اليهود. ويلتقي هذا الفكر مع كثير من الحركات الأخرى ومنها ما يعرف بالمسيحية الصهيونية، والتي أيضًا تنطلق من فكر ديني يعتبر قيام دولة إسرائيل تحقيقًا لنبوءات الكتاب المقدس، وعلامة على قرب عودة المسيح إلى الأرض ثانية، وتنظر إلى فلسطين على وجه الخصوص أنها وطن اليهود القومي، وأن الاستيطان فيها حق رباني لا يجوز التخلي عنه"[16].

وقد سعت الحركة الصهيونية إلى تقوية حضورها وتأثيرها لدى صانع القرار الأمريكي مبكرًا، حيث لاحظ الصهاينة أثناء الحرب العالمية الثانية أن كفة الميزان تتجه لصالح الولايات العربية المتحدة للعب دور القوة العظمى في العالم بدل بريطانيا وبالتالي فإن التأثير في مواطن صنع القرار في هذه الدولة العظمى سيسهم في تحقيق آمال وطموحات الكيان الصهيوني بكسب الدعم والتأييد خاصة إذا ما كانت الولايات المتحدة نفسها لها مصلحة في ذلك.

ولكي نعرف مدى تأثير هذا اللوبي الداعم لـ "إسرائيل" في السياسة الأمريكية، يقول ريتشارد كوهن الذي يعمل لدى واشنطن بوست: "أن 60% من التمويل المجموع لصالح الديمقراطيين، 35% من التبرعات المجموعة لصالح الجمهوريين مصدرهما لجان العمل السياسي اليهودية الموالية لإسرائيل"[17]. إن جذور نفوذ لجان العمل السياسي التابعة للوبي الصهيوني تعود إلى النسبة العالية للعائلات اليهودية التي تعتبر من العائلات الأكثر ثراءً في الولايات المتحدة، ووفقًا لمجلة فوربس، فان "ما بين 25 و 30 في المائة من أصحاب الملايين العدة والمليارات في الولايات المتحدة هم يهود"[18].

وقد شهدت سنوات الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي زيادة في نشاط الحركة الصهيونية في داخل الولايات المتحدة، وساعد في ذلك بروز تيار المسيحية الصهيونية اليميني المتطرف، والذي يؤمن بضرورة عودة اليهود إلى فلسطين وتجمعهم فيها كشرط لقدوم المسيح وبداية عهد الألف عام السعيد. "فقد نجحت الحركة الصهيونية في كسب دعم الإدارة الامريكية في كثير من المواقف التي تطلبت رفض المطالب العربية التي تحد من طموحاتها في فلسطين"[19]. لقد أصبح ما يعرف باللوبي الصهيوني، وهو أحد أشهر وأبرز جماعات الضغط في أمريكيا فاعلاً ومؤثرًا في السياسة الأمريكية خاصة في الصراع العربي الإسرائيلي، "لقد حقق اللوبي وأيديولوجيته هيمنة فكرية من خلال عمليات إكراه وإقناع استهدفت نطاقات من الحياة العامة التي تعتبر رئيسية لجمهوريتنا"[20].

ويتألف هذا اللوبي من مجموعة من الهيئات والجماعات والمؤسسات والشخصيات العاملة في الولايات المتحدة والمؤيدة والداعمة لـ "إسرائيل" "ومن أشهرها اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة (ايباك)، ومؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، والتي نشطت داخل أروقة النظام السياسي الأمريكي من خلال ترشيح أنصارها ليس على مستوى الحكومة الفيدرالية فقط، وانما أيضًا في إدارات ومجالس الولايات والمدن الأمريكية، والضغط على الحكومة لتعيين هؤلاء في المراكز القيادية في الإدارة"[21]، كما أن هذا اللوبي يعمل من خلال سيطرته على وسائل الإعلام، "يعمل على تحريض الرأي العام الأمريكي وتعبئته لتأييد القرارات الصادرة لصالح إسرائيل، إلى جانب التأثير على سلوك أعضاء الكونجرس"[22]، ويستند وجود اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة إلى القانون الأمريكي الصادر عام 1946، "والذي يعطي الحق للجماعات المختلفة تشكيل مجموعة ضغط بهدف ضمان مصالحها، من خلال استراتيجيات وتكتيكات متعددة"[23].

ورغم أن اليهود يشكلون أقلية عددية في الولايات المتحدة، إلا أن هذه الأقلية تتمتع بعدد من الخصائص تجعلها ذات نفوذ وتأثير كبيرين في السياسة الأمريكية. "فهي تتمتع بوضع اقتصادي متميز بالمقارنة بالجماعات الأخرى"[24]، كما أنها تتمتع بحالة من التماسك فيما بينها ومستوى عال من التنسيق وعدم التشتت والمؤسساتية في اتخاذ القرارات، مما يزيد من فعاليتها وقدرتها على التأثير. وقد برز دور هذا اللوبي في الأوقات الحرجه ليدعم "إسرائيل" ويضغط على صانع القرار الأمريكي لدعمها والوقوف إلى جانبها وتقديم مصلحتها في المنطقة "هناك شك كبير في أن إسرائيل واللوبي الصهيوني كان لهما الدور الأكبر في تشكل قرار الحرب على العراق 2003"[25]، بل إن تأثير هذا اللوبي وصل إلى حد رسم كثير من سياسات الولايات المتحدة في المنطقة "لقد كان الهدف الرئيس للوبي من دعم قرار الحرب على العراق، هو إعادة تشكيل المنطقة حسب الرؤية الصهيونية، وقد مثلت هذه الخطة الاستراتيجية الطموحة لاحقًا نقطة تحول في سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، والتي بالفعل توافقت مع الرؤية الإسرائيلية بشكل كبير"[26]، وإذا ما قفزنا في الزمن إلى اللحظة الراهنة والمتمثلة بوجود رئيس أمريكي مثل ترمب، فان اللوبي الصهيوني لا يحتاج إلى بذل كبير جهد للضغط أو التأثير عليه لصالح "إسرائيل"، بل يمكن القول إن الرئيس الأمريكي الحالي تجاوز في بعض قراراته أحلام الصهاينة، وفتح ذراعيه لاحتضان "إسرائيل" ورعايتها ودعمها، حتى إن بعض المؤيدين لـ "إسرائيل" أبدو تخوفًا من هذا الاندفاع والذي وصل أحيانًا حدًّا تجاوز الأعراف السياسية والدبلوماسية، محذرين من الآثار السلبية التي قد تنشأ عن ذلك مستقبلاً.

 

  • البترول

يشكل البترول أحد أهم مصادر الطاقة في العالم، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، وتسعى الدول الكبرى إلى ضمان الحصول عليه باستمرار، وتشكل منطقة الشرق الأوسط أحد أهم وأكبر مصادر هذا البترول، حيث ينتج فيها يوميًّا قرابة 40% من إنتاج العالم إضافة إلى احتوائها على 60% من احتياط العالم، ويعدّ النفط أحد أبرز أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فهي تريد ضمان الحصول عليه بصورة مستمرة، كما أنها تريد أن تضمن عدم سيطرة قوى معادية لها على هذا المصدر الهام من الطاقة، حيث نجد في وثيقة الاستراتيجية الأمنية الأمريكية للشرق الأوسط الصادرة عن وزارة الدفاع قائمة من مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وعلى رأسها ضمان تدفق البترول إليها وبأسعار معقولة[27].

ومع كون الولايات المتحدة الدولة الصناعية الكبرى في العالم واتساع صناعاتها يومًا بعد يوم "فإن اهتمامها بهذا البترول يزداد بازدياد التطورات العالمية، فورقة النفط هي ورقة ضاغطة ذات تأثير على سياسات القوى المنافسة للولايات المتحدة، وخاصة في المجال الاقتصادي، خصوصًا بعد انتهاء الحرب الباردة، وما أفرزته من مستجدات"[28].

ويبدو واضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى البترول كسلعة استراتيجية يمكنها استخدامها كورقة اقتصادية للتأثير على سياسات القوى المنافسة لها، خاصة في ظل الاعتماد التام من قبل دول النفط العربية في أمنها على الولايات المتحدة، "حيث لا يوجد ما يشير في الوقت الحالي إلى إمكانية تهديد المصالح الامريكية باستخدام سلاح البترول مرة أخرى كما حدث عام 73، مع أن حرب أكتوبر تجاوزت الصعيد العسكري إلى الصعيدين السياسي والاقتصادي"[29]، بل إن الموقف العربي الرسمي والفعلي لم يعد راغبًا في استخدام سلاح النفط مرة ثانية بهدف التأثير على قرارات الولايات المتحدة اتجاه القضايا العربية، "وقد تجلى هذا بوضوح في مؤتمر النفط والغاز في السياسة الدولية الذي انعقد بأبو ظبي، حيث أكد المشاركون ضرورة عدم استخدام النفط كسلاح"[30].

  • أمن "إسرائيل" ودورها الوظيفي

بني الموقف الأمريكي من "إسرائيل" خاصة بعد حرب عام 67 على أساس أن لـ "إسرائيل" أهمية كبرى للولايات المتحدة الأمريكية في خلق التوازن المطلوب في الشرق الأوسط، وأن القوات الإسرائيلية لها دور فاعل ورادع في المنطقة، وسرعان ما رأت الإدارات الامريكية المتعاقبة في "إسرائيل"، حليفًا استراتيجيًّا يمكن الاعتماد عليه في مواجهة السوفييت وحلفائهم من القوميين والثوريين العرب، فقد رأت أمريكا في دولة الكيان قوة يمكن لها أن تشكل رادعًا جديًّا يحمي مصالحها ويساهم في إضعاف النفوذ الروسي في المنطقة، وقد بلغت هذه الأهمية لـ "إسرائيل" درجةً كبرى بعد انتصارها على العرب في عام 67، وهزيمة جمال عبد الناصر وما مثله كرمز للقومية العربية، حيث شكل هذا الانتصار الصهيوني لحظة تاريخية ومنعطفًا هامًّا في رؤية أمريكيا لـ "إسرائيل" حليفًا وشريكًا يمكنها الاعتماد عليه، يقول الرئيس الأمريكي رونالد ريجان "إن إسرائيل هي البلد الوحيد في المنطقة القادر على مساعدة أمريكا على الصعيد الاستراتيجي، وإنه لدى إسرائيل العزيمة والتضامن القومي، والمقدرة التكنلوجية والعسكرية للوقوف إلى جوار الولايات المتحدة كصديق وحليف يمكن الوثوق به"[31].

وبعد حرب عام 73 وما رافقها من أزمة النفط، ثم قيام الثورة الإسلامية في إيران وظهور الحركات الإسلامية، زادت أهمية "إسرائيل" في المنظور الأمريكي، يقول ريتشارد هيلمز الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية: "إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إسرائيل بشكل دائم، لأنها بحاجة إلى تغذية اللعبة الدبلوماسية في المنطقة، ولتشكل خطًّا دفاعيًا متقدمًا ضد الشيوعية، وأداة لقمع الحركات الراديكالية من جهة، ووسيلة للسيطرة على المنطقة وحماية الموارد البترولية وتأمينها من جهة أخرى"[32].

وبعد انتهاء الحرب الباردة لم تتغير أولويات أمريكا في المنطقة، بل زادت أهمية الدور الوظيفي لـ "إسرائيل" في لعب دور رئيسي في تغذية الخلاف السني الشيعي، حيث كان هناك تياران في الولايات المتحدة، يرى الأول أن "زوال الحرب الباردة أضعف قوة العرب على معارضة السياسات الأمريكية، ولذلك فإنه لم يعد ثمة داع للجوء إلى عوامل القوة والضغط والإكراه ضدهم وأنه من الأنسب إعادة صياغة الخريطة الجيوسياسية في المنطقة بإدخال "إسرائيل" في مشروع النظام شرق أوسطي وإرساء العلاقات على أساس تعاون اقتصادي-أمني ثقافي في الإطار الإقليمي"[33]، بينما يرى التيار الثاني "أن على الولايات المتحدة بعد ما استتب لها الوضع في الشرق الأوسط، أن تقوم بفرض تصوراتها لمستقبل المنطقة بمختلف وسائل الضغط، وأن عليها أن تراعي في ذلك أولاً وقبل كل شيئ مصالح حليفتها إسرائيل، الحليف الطبيعي والأكثر ثباتًا واستقرارًا"[34].

وقد صرح مارتن اندك مدير عام شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، موضحًا مصالح ورؤية الولايات المتحدة: "إن هناك مصالح حيوية للولايات المتحدة لا تتغير وفي مقدمتها المحافظة على أمن إسرائيل وبقائها ورخائها، وتبادل الصداقات مع الذين ينشدون علاقات جيدة مع الولايات المتحدة"[35].

إن كل ما سبق يبين بوضوح مدى الارتباط العميق بين الدولتين، وهو غير مرتبط بالتطورات السياسية، بل يتعدى ذلك بكثير، وقد وصل مؤخرًا حدودًا لم يحلم بها مؤسسو دولة الكيان أنفسهم .

 

 

أنواع وحجم الدعم الأمريكي لـ "إسرائيل"

  1. الدعم السياسي

تاريخ طويل، مستمر ومتواصل من الدعم السياسي لدولة الكيان الصهيوني، سواءً على صعيد مساندتها في نزاعها مع العرب، مباشرة أو في داخل أروقة المؤسسات الدولية الفاعلة كمجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو غيرها من المؤسسات. وحتى في أوقات الخلاف أو التوتر بين إدارة أمريكية معينة وحكومة "إسرائيل"، فإن الدعم الأمريكي السياسي والدبلوماسي ثابت لا يتزعزع، على قاعدة أن الخلاف لا يفسد للود قضية.

أظهر انتصار الصهاينة في 1967 للأمريكان مدى قدرة "إسرائيل" على لعب دور في الصراع بين القوى العظمى حيث مثلت القضية الفلسطينة صورة واضحة جدًّا عن الانحياز الأمريكي لصالح "إسرائيل"، فقد دفع الشعب الفلسطيني ثمنًا باهظًا نتيجة لأهمية "إسرائيل" في السياسة الخارجية الأمريكية، وثمنًا لقوة اللوبي الصهيوني الضاغط دومًا على الإدارات الأمريكية لصالح "إسرائيل". وقد كانت النتيجة الحتمية لذلك هي التراجع المتواصل في مواقف الولايات المتحدة على صعيد تأييدها للحقوق التاريخية الفلسطينية، لصالح دعم الحقائق الاستيطانية التي يفرضها الاحتلال على أرض الواقع في فلسطين، ولم تكتف الولايات المتحدة بذلك، فخلال أكثر من سبعين عامًا من عمر دولة "إسرائيل"، واصلت الولايات المتحدة تنكرها التام لمعظم قرارات الأمم المتحدة المؤيدة للحقوق الفلسطينية بل وساعدت "إسرائيل" ووفرت لها الغطاء والحماية لأجل التنصل من تنفيذ هذه القرارات أو الالتزام بها، كما وقفت الولايات المتحدة سدًّا منيعًا بوجه كل المحاولات العربية أو الدولية، الهادفة إلى إنصاف الشعب الفلسطيني داخل مجلس الأمن، عبر استخدامها الفيتو عشرات المرات لصالح دولة "إسرائيل"، وقد تطور الأمر مؤخرًا في عهد دونالد ترامب، إلى مستوى فرض العقوبات السياسية والاقتصادية على الدول التي تصوت ضد "إسرائيل"، بل وقامت الولايات المتحدة مؤخرًا بالانسحاب من مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، وأوقفت دفع حصتها في تمويل تلك المؤسسات، فقط لأنها تجرأت على أخذ قرارات ضد "إسرائيل".

وعلى صعيد المفاوضات العربيه الإسرائيلية، أو ما يعرف بعملية السلام، فقد كانت الولايات المتحدة الراعي الفعلي لها، ويمكننا القول على هذا الصعيد إن الولايات المتحدة لم تبذل الجهد اللازم للضغط على "إسرائيل" لصالح قبولها بالحقوق العربية، بل وساندتها في كل جولات المفاوضات، مما نتج عن ذلك اتفاقات سلام مشوهة تقضم الحقوق العربية وتمنح "إسرائيل" مزيدًا من السيطرة والسطو على السكان العرب والفلسطينيين وأراضيهم، وعند وصول الأمر إلى حد المواجهة كما حدث في انتفاضة عام 2000، أو أثناء الاعتداءات الصهيونية المتكررة على غزة ولبنان، أو سوريا، كانت الولايات المتحدة تسارع إلى توفير الغطاء السياسي اللازم والمطلوب لحماية "إسرائيل"، وفي أحسن الحالات كانت تطالب الأطراف بضبط النفس بينما كانت ترد على عمليات المقاومة الفلسطينية بأبشع عبارات الذم والشجب والاستنكار، "حيث وقفت الإدارة الأمريكية إلى جانب حكومة أولمرت خلال هجومها على قطاع غزة في ديسمبر 2008، وهو العدوان الذي استشهد خلاله اكثر من 1400 فلسطيني بينهم أكثر من 437 طفلاً إضافة إلى 110 من النساء، و123 من كبار السن، و14 من الطواقم الطبية و4 صحفيين"[36]، ورغم شراسة العدوان وفظاعته، والعدد الكبير من الضحايا إضافة إلى خسائر كبيرة في البنية التحتية لقطاع غزة، وهدم أو تضرر عدد كبير جدًّا من المنازل، إلا أن الولايات المتحدة ساندت "إسرائيل" سياسيًّا ووقفت إلى جانبها عند أي محاولة لاستصدار قرار من مجلس الأمن يجرم عدوانها.

لم يتردد أي رئيس أمريكي، على الأقل منذ نشأة "إسرائيل"، وفور تسلمه مقاليد حكمه عن التأكيد على التزامه بأمن واستقرار "إسرائيل"، وهو التزام غير مرتبط بالحزب الحاكم، فقد قال جون كيري عام 1960 "إن الصداقة لإسرائيل ليست أمرًا حزبيًا بل هو التزام قومي، وأضاف أن إسرائيل ليست قضية بين الجمهوريين والديمقراطيين إنما قضية ترتبط ارتباطًا وثيقًا باستراتيجية الولايات المتحدة"[37]، وحتى عندما ظهر مصطلح الدولة الفلسطينية في خطابات الإدارة الامريكية فإن هذه الدولة جاءت منزوعة السلاح وشرط أن يتم ضمان أمن "إسرائيل"، وقد واصل الرؤساء الأمريكان الضغط على الفلسطينيين أمام التعنت الإسرائيلي بخصوص طبيعة هذه الدولة ومساحتها ونظامها الأمني، "فقد راهنت إدارة كلينتون على قدرتها الدبلوماسية لتسويق الاقتراحات الإسرائيلية واستخدام أساليب تتراوح بين الترهيب والترغيب، حيث اعتقد كلينتون بأنه إذا استمال الرئيس ياسر عرفات واحتفى به في البيت الأبيض، فإنه يستطيع أن يحصل منه على التنازلات الأساسية المطلوبة، وعند فشل مباحثات كامب ديفد، سارع كلينتون لتقديم الغطاء السياسي اللازم ليهود باراك في حينه، عبر الثناء عليه وانتقاد الطرف الفلسطيني، ثم الضغط على الأخير عبر التهديد بتنفيذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس"[38].

 وفي عهد الرئيس أوباما الذي خلفت إدارته الديمقراطية إدارة بوش الابن الجمهوري، الذي شن الحروب على المنطقة العربية والإسلامية، فأراد أوباما أن يصلح ما أفسده بوش مع العالم العربي والإسلامي، وأن يحسن من صورة الولايات المتحدة في المنطقة، معتقدًا أن بإمكانه أن يفعل ذلك من خلال تحريك ملف عملية السلام لكنه فشل فشلاً ذريعًا، والنتيجة كانت تعنت صهيوني غير مسبوق إضافة إلى تلقي دعم أمريكي أيضًا غير مسبوق، حيث نجحت "إسرائيل" في السنوات الأخيرة أن تغير الأولويات في المنطقة، بحيث يصبح الملف النووي الإيراني ذا أهمية قصوى للولايات المتحدة والدول الكبرى على حساب حل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبالفعل فقد تم لها ما أرادت وأفشلت كل الجهود الهادفة لإطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين وإنهاء احتلاله للضفة الغربية وقطاع غزة، وبالرغم من المعارضة الواضحة وعلى وسائل الإعلام من قبل إدارة أوباما للاستيطان بالضفة الغربية، وزيارات مكوكية لدبلوماسييها إلى المنطقة إلا أنها عجزت عن إقناع الصهاينة بالعدول عن ذلك، وفي نفس الوقت هذا لم يمنع من تلقي "إسرائيل" الدعم اللازم لها من قبل الإدارة الأمريكية على كافة المستويات، حيث "ألقى أوباما باللوم على ما أسماها سياسات داخلية في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية في تقييد دبلوماسية السلام، داعيًا الجانبين إلى تقديم تنازلات لاستئناف مفاوضات السلام، بينما رفض في الوقت ذاته إدانة الممارسات الإسرائيلية بحق الشب الفلسطيني واصفًا إسرائيل بأنها أقوى حلفاء واشنطن"[39].

  1. الدعم الاقتصادي

خلال أكثر من سبعين عامًا من عمر "إسرائيل"، قدمت لها الولايات المتحدة مساعدات مالية واقتصادية بأشكال وصور مختلفة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث، حيث كانت دولة الكيان أكبر متلق للمساعدات الأمريكية على الإطلاق "ويقترب الدعم الأمريكي الذي تلقته إسرائيل منذ نشأتها وحتى عام 2017، من الـ 130 مليار دولار بحسب التقديرات الرسمية، الا أن تقديرات أخرى تقول إنه وصل إلى نحو 270 مليار دولار"[40]، ويتحكم في كم ونوع هذه المساعدات عوامل عديدة، أبرزها ضغوطات اللوبي الصهيوني، وطبيعة الإدارة الأمريكية وسياساتها، إضافة إلى المبدأ الثابت لدى الإدارات الأمريكية المتعاقبة بضرورة تفوق "إسرائيل" المطلق على جيرانها. ولا شك أن هذا الدعم السخي جدًا أسهم في مساعدة "إسرائيل" على أن تصنف بين الدول الصناعية المتقدمة والغنية وذات الدخل المرتفع.

وقد شكلت حرب عام 1973 نقطة انعطاف في حجم الدعم الأمريكي المقدم لـ "إسرائيل"، فقد قفز الدعم إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويًا، تركز في غالبيته على شكل مساعدات عسكرية إضافة إلى مساعدات أخرى. "وتضاعف الدعم الأمريكي لـ "تل أبيب" أكثر من 12 ضعفًا بعد عام 1967، فوصل خلال الفترة ما بين 1968-1977 إلى 8 مليارات و768 مليونًا و300 ألف دولار، واستمر حجم المساعدة الأمريكية فبلغ ما بين الفترة 1978-1987 28 مليارًا و363 مليونًا و300 ألف دولار"[41]، وخلال العقود الثلاث الأخيرة تراوح الدعم الأمريكي حول 30 مليارًا في العقد الواحد حيث بلغ دعم واشنطن لـ "تل أبيب" في الأعوام 2008-2017 29 مليارًا و506 ملايين و230 ألف دولار.

وتقول عدة تقديرات أخرى إن الدعم الأمريكي لم يقتصر على الدعم الرسمي المقدم من الحكومة الأمريكية بل تجاوز ذلك إلى تلقي "إسرائيل" جملة من المساعدات من قبل المؤسسات والجمعيات الأهلية الأمريكية "فبحسب قول المحلل الاقتصادي أحمد مصبح لموقع الخليج أون لاين فإن إجمالي الدعم الحكومي والأهلي الذي قدمه الولايات المتحدة لإسرائيل منذ العام 1950 حتى 2017 بلغ نحو 270 مليار دولار، توزعت على 200 مليار دعم عسكري، و70.7 مليار دعم اقتصادي"[42].

يبدو واضحًا أن الولايات المتحدة حرصت على دعم الاقتصاد الإسرائيلي من خلال هذه المساعدات، ومع الانتعاش الاقتصادي لـ "إسرائيل" بنهاية التسعينيات، لم يتم خفض قيمة المساعدات الإجمالية بل تم تحويل المساعدات الاقتصادية لصالح المعونة العسكرية، حيث عززت الولايات المتحدة من برنامج القروض للكيان، فقد تم تقديم جملة من القروض والمنح طويلة الأمد والتي أسهمت في تطوير البنى التحتية وقطاعات الاقتصاد الإسرائيلي المختلفة، "حيث أسهمت هذه القروض في دعم مشاريع البنى التحتية مثل الطرق والجسور والكهرباء وغيرها، كما أسهمت في المساعدة على بناء المساكن والمستعمرات لليهود الوافدين من الاتحاد السوفييتي السابق، كما قدمت لهم فرص العمل في المجالات المختلقة"[43].

باختصار تظهر الأرقام السابقة من الدعم والمساعدات والقروض الأمريكية لـ "إسرائيل" أن الأخيرة تلقت وخلال عقود متتالية دعمًا ليس له مثيل في التاريخ الحديث، وهذا يدل بكل ببساطة على وجود رغبة وإرادة كبيرة لدى الولايات المتحدة في تفوق "إسرائيل" وسيطرتها في المنطقة.

  1. الدعم العسكري

تشكل المساعدات العسكرية الأمريكية الجزء الأكبر والأهم من مجمل الدعم المقدم من قبل الولايات المتحدة لحليفتها "إسرائيل" إلى جانب تصنيف "إسرائيل" كحليف استراتيجي من قبل الإدارة الامريكية ووزارة الدفاع، ما يمنحها الاستفادة من الخبرات العسكرية الأمريكية في شتى المجالات إضافة إلى مشاركتها في العديد من المناورات والتدريبات المشتركة مع الجيش الأمريكي. ولم تكتف الولايات المتحدة في تقديم السلاح للصهاينة، بل دعمت الصناعات العسكرية الإسرائيلية بصورة غير مسبوقة، لدرجة أصبحت فيها "إسرائيل" منافسًا حقيقيًا لأمريكيا في سوق السلاح العالمي.

وفي قراءة لحجم الدعم سنجد أن ما نسبته 71% من مجمل الدعم كان مساعدات عسكرية، وهو ما يعكس الإصرار الأمريكي في إبقاء الجيش الإسرائيلي قويًا ومتفوقًا على نظرائه في المنطقة، "حيث تظهر الأرقام أن مجموع المساعدات الخاصة بجيش الاحتلال التي قدمتها الولايات المتحدة منذ بداية تقديم الدعم قاربت 100 مليار دولار، ولعل ما يؤكد هذه النظرية طلب الكونجرس الأمريكي، في العام 2008 من السلطة التنفيذية من الولايات المتحدة تقديم تقارير كل عامين حول الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي النوعي على الجيوش المجاورة"[44].

وقد شكلت حرب عام 1973 النقطة الأهم في الدعم العسكري الأمريكي، فقد مدت أمريكا دولة الكيان خلال أيام الحرب وبعدها بشتى أنواع الأسلحة من خلال ما عرف بالجسر الجوي، حيث ساهمت الولايات المتحدة بذلك في إعادة بناء القوى العسكرية الصهيونية التي تضررت بفعل الحرب، كما أنها عززت من الموقف العسكري الميداني للجيش الإسرائيلي في ساحة المعركة.

ورغم انتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وانهيار المعسكر الشيوعي عمليًا، والنتائج التي تمخضت عنها حرب احتلال العراق للكويت، والتي جاءت لصالح "إسرائيل" والولايات المتحدة، وما رافق ذلك عمليًا من زوال للأخطار الحقيقية التي كانت تهدد أمن الكيان، ثم بدء عملية السلام وتوقيع اتفاقات بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية من جهة و"إسرائيل" من جهة أخرى، إلا أن هذا الدعم العسكري الأمريكي استمر بالتدفق للكيان، بل وزاد عمليًا عن ذي قبل، فعلى سبيل المثال أقر بوش الابن رزمة مساعدات عسكرية أمريكية للكيان تقدر ب 30 مليار دولار، خلال الأعوام العشر من 2009 الى 2018 وهو ما أقرته إدارة أوباما، بل وزادت عليها، حيث يتوقع "أن يشكل التمويل العسكري الأجنبي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل في العام المالي 2015 ما يقرب من 55% من التمويل العسكري الأجنبي الكلي للولايات المتحدة في جميع انحاء العالم... وهذه النسب تبين بشكل واضح التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، واعتماد إسرائيل على الدعم الأمريكي"[45].

وقال الباحثان العسكريان بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة "تل أبيب" شموئيل ايفن وساسون حداد "أن المساعدات الأمريكية المقدمة إلى إسرائيل تعتبر مساهمة فاعلة في تقويتها عسكريًا طيلة الأعوام الـ45 الأخيرة، لا سيما بعد حرب أكتوبر 1973، كما أنها باتت تشكل مصدر تمويل أساسي، وجهة تزويد مركزية للوسائل القتالية التي تطلبها إسرائيل لا سيما تلك المتطورة على مستوى العالم"[46].

وفي مجال تطوير الصناعات العسكرية الإسرائيلية، أغدقت الولايات المتحدة الأمريكية على حليفتها بكل سخاء، فساعدتها على تطوير دبابات المركافاه، لتصبح من أفضل الدبابات على مستوى العالم وقدمت الدعم المطلوب لمشروع تطوير الطائرة المقاتلة لافي، وصاروخ أرو، كما ساهمت الولايات المتحدة أيضًا بشكل قوي في تطوير منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية بما في ذلك منظومة الاعتراض المعروفة بالقبة الفولاذية، ووفقًا لصحيفة جلوبس العبرية المتخصصة بالشؤون الإسرائيلية "فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستقدم في العام 2014 مساهمة قيمتها 268.7 مليون دولار مخصصة لتطوير وإنتاج منظومات الاعتراض الصاروخي، ومساعدة منفصلة بقيمة 235.3 مليون دولار لشراء بطاريات إضافيه من منظومة القبة الفولاذية لصالح الجيش الإسرائيلي"[47] .

ولا يقتصر دعم الولايات المتحدة في هذا المجال على ذلك فحسب، فقد "بدأت الولايات المتحدة في عام 2008 بنشر نظام رادار اكس-باند (نطاق الترددات السينية) على الأراضي الإسرائيلية، ولا يكتفي هذا النظام بأنه أكثر قدرة بكثير على اكتشاف الصواريخ القادمة من نظام الرادار الذي تنتجه "إسرائيل" محليًّا، ولكن  الولايات المتحدة ربطت اكس باند إلى شبكتها العالمية من الأقمار الصناعية في نظام دعم الدفاع الأمريكي"[48]

كما ساعدت الولايات المتحدة "إسرائيل" في تطوير نظام الدفاع الصاروخي المسمى مقلاع داوود، إضافه الى تطوير النظام حتس الشهير، وقد بدأت مؤخرًا الولايات المتحدة بتسليم "إسرائيل" طائرات F35 المقاتلة الأقوى في العالم والأكثر تطورًا، إضافة إلى  كل ذلك "تقوم وزارة الدفاع الأمريكية بتخزين الإمدادات العسكرية على القواعد الإسرائيلية استعدادًا للقتال، وإذا لزم الأمر، يمكن للقوات الإسرائيلية استخدام هذه الإمدادات في أوقات الطوارئ، كما حصل في حرب 2006 مع حزب الله".[49] وفي المقابل يرى كثير من الخبراء أن "إسرائيل" لا تشن أيًّا من اعتداءاتها أو حروبها على العرب دون موافقة أمريكية مسبقة، يقول البروفسور صالح عبد الجواد "لا يوجد حرب تخوضها إسرائيل دون ضوء أخضر امريكي"[50]

 

عقبات لا تفسد للود قضية

 

رغم كل ما ذكرناه من دعم أمريكي غير مسبوق لـ "إسرائيل" في شتى المجالات، فإن ذلك لم يمنع حدوث اختلافات في الرؤى والسياسات، أو تضارب في المصالح، أو بروز أزمات حقيقية أحيانًا بين الطرفين، لكن ذلك لم يمنع أبدًا من استمرار الدعم الأمريكي المقدم بسخاء إلى "إسرائيل"، وكان آخر هذه الأزمات  ما شهدته حقبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من توترات مع حكومة بيبي نتنياهو حول عدد من القضايا، فالرئيس أوباما جاء يريد إصلاح العلاقة مع العالم العربي والإسلامي بعد حروب بوش الابن على المنطقة، وسعى إلى ذلك من خلال المضي قدمًا في محاولة تحقيق تقدم في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إضافة إلى محاولته حل معضلة الملف النووي الإيراني، لكن ذلك كان سببًا في توتر العلاقات مع "تل ابيب" التي أصرت حكومتها بزعامة نتنياهو على مواصلة سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية، وشنت حربين على قطاع غزة، ضاربة بعرض الحائط كل المطالب الأمريكية في هذا السياق، بل وحتى رفضت مجرد الدخول في مفاوضات جدية مع الفلسطينيين.

 

أما على صعيد الملف النووي الإيراني فقد عارض الصهاينة الاتفاق مع إيران بكل قوتهم، وحرضوا ضده وتحدثوا عن مخاطرة أمام كل محفل وفي كل فرصة، إلى أن وصل الأمر بنتنياهو إلى الذهاب إلى الكونغرس ومهاجمة الاتفاق، في تجاوز غير مسبوق للأعراف والبروتوكولات، ومطالبًا الأعضاء بعدم التصويت لصالح الاتفاق، في تحدٍّ واضح لإدارة أوباما، حيث قال أرون ميلر، مفاوض سابق في الشرق الأوسط، وأحد العاملين في مركز ويلسون في واشنطن ،"ان خطاب نتنياهو صنع شقاقًا، وأفسح المجال لتوجيه درجة من الانتقادات لإسرائيل لم أرها من قبل خلال العمل في وزارة الخارجية لأكثر من عشرين عامًا"[51].

ولكن هل أعاق هذا الخلاف استمرار تقديم الدعم الأمريكي لـ "إسرائيل؟"، على العكس تمامًا، فقد "استمر الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل رغم الخلاف الكبير بين الحكومتين، وهذا يرجع لأن رؤية الرئيس أوباما لمصالح إسرائيل تختلف تمامًا عن رؤية نتنياهو، فأوباما يهتم كثيرًا بأمن وبقاء إسرائيل".[52]

وبالعودة إلى حرب عام 73 وما تبعها من اتفاقية سلام بين مصر و"إسرائيل"، وتقارب بين مصر والولايات المتحدة وتحسن للعلاقات بينهما، خشيت "إسرائيل" على مكانتها كحليف رئيس للولايات المتحدة، لكن سرعان ما سارعت الولايات المتحدة إلى طمئنة حليفتها بالتوقيع على اتفاقية التحالف الاستراتيجي بينهما، "حيث صرح ريغان عشية الاتفاق أن إسرائيل بمثابة كنز استرتيجي للولايات المتحدة، وفي المقابل أكد بيغن وشارون على أهمية إسرائيل استراتيجيًا للعالم الغربي في صراعه مع الاتحاد السوفياتي. وقد أتت هذه التصريحات رغم اهتزاز العلاقة بين الطرفين نتيجة التعارض في المواقف المعلنة تجاه عدد من القضايا ومن بينها: قصف المفاعل النووي العراقي، وقصف الأحياء السكنية في بيروت، ومشروع الأمير فهد، والأهم من ذلك كله صفقة الأواكس مع السعودية"[53].

وفي العام 1985 تم القبض على الجاسوس اليهودي الأمريكي جوناثان بولارد بتهمة التجسس لصالح "إسرائيل"، حيث شكلت القضية فضيحه مدوية وضربة قوية للعلاقة بين الطرفين، لكن سرعان ما أصبح الأمر طي النسيان، وليفقد أي أثر فعلي على متانة التحالف بين الطرفين، كما شهدت حقبة بوش الابن – شارون توترًا في العلاقة بين الطرفين على خلفية صفقة السلاح الإسرائيلية مع الصين، حيث باعت "إسرائيل" للصين طائرات الاستطلاع هارفي، ما أزعج الأمريكيين كثيرًا، والذين طالبو بإقالة مدير عام وزارة الدفاع عاموس يارون لتورطه في صفقات سلاح مع الصين، "وكانت صحيفة هارتس أفادت أن واشنطن فرضت عقوبات على إسرائيل وضاعفت ضغوطها عليها بسبب بيعها أسلحة للصين وخاصه طائرات هارفي"[54]، لكن ذلك كله لم يؤثر أبدًا في بقاء واستمرار الدعم على كافة المستويات.

 

هل لـ "إسرائيل" أن تستمر طويلاً دون أمريكا ؟

الإجابة على هذا السؤال ليست بالأمر السهل، فـ "إسرائيل" اليوم دولة قوية بكل المقاييس، فعلى المستوى الاقتصادي تعتبر من الدول الصناعية القوية وهي في مرتبة متقدمة تكنلوجيًا على مستوى العالم، كما أن اقتصادها يحظى بتصنيف متقدم، ومستوى الدخل الفردي مرتفع، إضافة إلى درجات نمو مرتفعة ومتزايدة في السنوات الأخيرة، عدا عن بناء علاقات اقتصادية وتجارية مع كثير من دول العالم التي كانت لا تتعامل مع "إسرائيل" سابقًا، بما في ذلك دول عربية.

أما على المستوى العسكري فـ "إسرائيل" باتت أحد أبرز الدول النووية في العالم، وهي حسب كثير من التقارير تمتلك أكثر من 200 رأس نووي، عدا عن امتلاكها لأفضل أنواع الأسلحة في العالم سواءً في البحر أو البر أو الجو، إضافة إلى امتلاكها لنظام دفاع صاروخي متقدم.

لكن وفي نفس الوقت تعيش "إسرائيل" في بيئة معادية لها تمامًا خاصة على مستوى الشعوب، فالشعوب العربية حتى الآن ما زالت ترى في "إسرائيل" عدوًّا أساسيًّا لها، ويزيد من حدة هذا الشعور وتناميه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على العرب سواء في فلسطين أو غيرها من البلدان العربية، ورغم أن علاقة "إسرائيل" بكثير من الحكومات العربية مستقرة وجيدة، إلا أن التغيير قد يحدث في أي لحظة في هذه البلدان العربية وخاصة في تلك الدول المتصالحة مع "إسرائيل" مما يعني إمكانية تسلم الحكم في هذه البلدان من قبل أطراف معادية لـ "إسرائيل"، كما أن احتمالية تبدل أولويات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة أو تراجع دورها قائم في ظل التقلبات السياسية المتسارعة في العالم، وعندها سيبرز السؤال هل ستبقى "إسرائيل" بهذه القوة والمنعة؟

يقول تشارلز فرايليخ "ربما تنجح إسرائيل في المحافظة على وجودها، ولكن لا شك في أن ذلك سيتطلب منها البقاء ضمن بيئة عدائية، أقل أمنًا بكثير وأكثر فقرًا من السابق، وهو وجود غير مريح لا يريد أي شخص في إسرائيل، حتى من أقصى اليمين، العودة إليه. وبعبارات سياسية واقعية، سيكون هذا الأمر مستحيلاً. وإجمالاً، يبقى الدعم الأمريكي لإسرائيل في أعلى مستوياته، إلا أنه من المرجح أن تكون للتغيرات السياسية والديمغرافية، تأثير مدمر على هذه العلاقة في المستقبل"[55]

من المهم الإشارة إلى أنه من غير المرجح أن تفقد إسرائيل هذا الحليف الأمريكي، إذ أن الدعامات السياسية والثقافية لهذه العلاقة متينة بما يكفي لجعل فكرة تخلي واشنطن عن "إسرائيل" غير واردة أصلاً. علاوة على ذلك، "استثمرت الولايات المتحدة بشكل كبير في وجود إسرائيل وأمنها، حيث إن هذه العلاقة الاستراتيجية باتت مقننة داخل المؤسسات، لذلك سيكون من الصعب على الإدارة الأمريكية التخلي عن هذا الحليف. وبالتالي، يمكن لإسرائيل التعويل على الدعم الأمريكي على المدى الطويل لضمان أمنها، إلا أن درجة هذا الدعم يمكن أن تتغير، وحتى في حال حدوث تغيير طفيف، فإن ذلك سيكون له تبعات وخيمة على الأمن القومي الإسرائيلي"[56]

 

 

خاتمة

مثل الدعم الأمريكي المقدم لـ "إسرائيل" منذ الستينيات وحتى اليوم دعامة أساسية لأمنها القومي، حيث تحولت "إسرائيل" بفضل هذا الدعم، إضافة إلى أسباب أخرى، لقوة إقليمية لا يستهان بها في شتى المجالات، كما أنها أصبحت قوة صناعية بارزة على مستوى العالم خاصة في مجال التكنلوجيا العسكرية، وما كان لذلك أن يتم لولا ما وفرته الولايات المتحدة الأمريكية لحليفتها الصغرى من إمكانات وظروف ودعم في شتى المجالات وخاصة في المجال العسكري.

وقد أحسنت "إسرائيل" الاستفادة من هذا الدعم السخي واستغلاله أحسن استغلال فتفوقت على محيطها في شتى المجالات، وقد شكل الدعم السياسي بالذات غطاءً مهمًا لـ "إسرائيل" أمام المجتمع الدولي مكنها من التهرب الدائم من الالتزام بالقانون الدولي والقرارات الصادرة عن الشرعية الدولية إلى أن وصلت الأمور اليوم إلى تطابق تام في المواقف والرؤى السياسية.

وقد أثبتت الأيام أن الخلافات في المواقف بين الطرفين مهما بلغت حدتها فإنها لم تكن يومًا سببًا كافيًا لإعاقة أو تعطيل استمرار هذا الدعم السخي وزيادته، ما يشير إلى أن دعم الولايات المتحدة لـ "إسرائيل" ليس مرتبطًا بمدى رضى الولايات المتحدة عن أداء أو مواقف الحكومة الإسرائيلية، وإنما هناك عوامل أخرى أهم من ذلك.

إن هذه الصورة الواضحة تحتاج من العرب أن يعيدوا النظر في مواقفهم وسياساتهم اتجاه الولايات المتحدة التي بنت كثيرًا من مواقفها في المنطقة، خاصة في العقدين الأخيرين، بناءً على رغبات "إسرائيل"، حيث لا زالت أمريكا إلى اليوم ترى في "إسرائيل" أداة قوية تحقق من خلالها أهدافها ومصالحها في المنطقة.

إن "إسرائيل" ذات المساحة الصغيرة والعمق الضيق والعدد الصغير نسبيًا من السكان مقارنة بمحيطها لا يمكن لها أن تستمر بهذه القوة والمنعة أمام أمة عربية بهذا الحجم، حتى في حالات ضعفها؛ لولا الدعم الأمريكي المستمر لها، لذا فلا بد للعرب أن يتخلوا عن أوهامهم والركض المستمر وراء سراب الولايات المتحدة التي لن تنصف قضاياهم أبدًا أمام الأطماع الصهيونية.

 

 

  • قائمة المراجع
  • الكتب والمجلات
  • أبو لغد، إبراهيم:" سياسة أمريكيا تجاه فلسطين". ضمن كتاب فلسطين والسياسة الأمريكية: من ولسون إلى كلنتون. تحرير ميخائيل سليمان. بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية.
  • أفنيري، شلومو. الفكرة الصهيونية على اختلاف تلاوينها، تل أبيب، عام عوفيد، 1980.
  • بتراس، جيمس. سطوة إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، ترجمة حسان البستاني، بيروت ، الدار العربية للعلوم ناشرون. 2006.
  • البحيري، مروان. من ترومان إلى كسنجر في السياسة الأمريكية والعرب، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية،1990.
  • توما، ايميل. جذور القضية الفلسطينية، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية،1992.
  • جابوتنسكي، زيئيف. مقالات: في الطريق إلى الدولة، تل أبيب، 1957.
  • الجماصي، محمد. العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وتأثيرها على الأمن القومي الإسرائيلي 2009-2013، رسالة ماجستير، جامعة الأقصى، غزة، 2016.
  • حامد، قصي: دور الولايات المتحدة الأمريكية في إحداث تحول ديمقراطي في فلسطين 2001-2006، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، 2009.
  • الحسن، يوسف. البعد الديني في السياسة الأمريكية اتجاه الصراع العربي الصهيوني، بيروت، مركز دراسات الوحدة، 1990.
  • خدوري، وليد. النفط العربي في السياسة الدولية. نيقوسيا، دلمون للنشر، 1986.
  • دوف، بار-نير. المواجهة: بنغوريون والتصحيحيون، تل أبيب، عام عوفيد، 1987.
  • سارة، فايزة. اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وامريكيا. عمان، دار الكرمل للنشر، 1988.
  • سالم، سمير. المشاريع الأمريكية لتسوية القضية الفلسطينية، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية-غزة، 2009.
  • سعودي، هالة. السياسة الأمريكية اتجاه الصراع العربي الإسرائيلي 1967- 1973. بيروت، مركز دراسات الوحدة، 1992.
  • عبد الجواد،صالح: محاضرة في الأمن القومي، جامعة بير زيت، 2019.
  • عبد الدائم، عبد الله. القومية العربية والنظام العالمي الجديد، بيروت: دار الاداب، 1994.
  • عبد العال، حسن." بريطانيا وفكرة الشرق الأوسط"، مجلة الفكر السياسي، ع 11-12، 2001.
  • عبد العزيز، مصطفى. الأقليات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية، بيروت، منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، 1968.
  • عبد الغفار، نبيل محمود. السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1982.
  • قرم، جورج. النفط العربي والقضية الفلسطينية، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1979.
  • كوانت، ويليام. عشر سنوات من القرارات السياسية الأمريكية اتجاه النزاع العربي الإسرائيلي 1967-1976، القاهرة، ترجمة الهيئة العامة للاستعلامات،1984.
  • ماجد كيالي، "النظام الإقليمي في الشرق الأوسط ومفهوم التسوية الامريكية –الإسرائيلية"، الفكر الاستراتيجي العربي، ع41، يوليو1992.
  • مارتن انديك، خطاب امام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، نشرته مجلة الدراسات الفلسطينية،ع15، 1993.
  • محمد السيد سعيد. الصراع العربي الإسرائيلئ: تسوية دائمة أم مؤقتة، السياسة الدولية، ع140، ابريل2016 .
  • المصري، جورج." البعد الديني في السياسة الامريكية"، مراجعة كتاب يوسف الحسن، بيروت، مجلة الدراسات الفلسطينية، 1990، ع4.
  • مصطفى، مهند: "الولايات المتحدة الأمريكية وقرار التقسيم". مجلة قضايا إسرائيلية، مركز مدار، رام الله، 2017، ع 67.
  • المغاري، هشام. المقاومة الفلسطينية وتأثيرها على الامن القومي الإسرائيلي، 1987-2010. رسالة دكتوراه، جامعة الجنان، طرابلس، لبنان، 2013.
  • نعمان، عصام. العرب والنفط والعالم دعوة للتفكير والتغيير، بيروت، دار مصباح للفكر، 1982.

 

  • المواقع الإلكترونية
  • ياسين ،حنين ،" في 7 عقود كم دفعت واشنطن لتعزيز إسرائيل عسكريا واقتصاديا، "14\3\2018، موقع الخليج اونلاين.

https://alkhaleejonline.net

  • أبوعامر ،عدنان ،" معهد يكشف حجم المساعدات الامريكية لإسرائيل،5يوليو 2018، "موقع عربي 21.

https://arabi21.com/story/1106506

  • أندوراس ، زهير "إسرائيل كلفت أمريكا منذ40 عام1600 بليون دولار"،20 يناير 2014،القدس العربي.
  • براند وارد،برنارد "ما هي حجم المساعدات الامريكية لإسرائيل؟تقرير الكونغرس 2014،"موقع راقب .

http://raqeb.co/2015/03/

  • خليل، أمينة ، "العلاقات الاسرائيلية الامريكية في فترة اوباما." المركز الديمقراطي العربي. 16 يوليو 2016.

https://democraticac.de/?p=34109

  • محارب، محمود "التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة واسرائيل ووجهات النظر الاسرائيليه تجاهه":

https://www.alukah.net/home/0/236/

  • توتر في العلاقات الاسرائيلية الامريكية عشية زيارة كوندليزا رايس.

http://www.miftah.org/arabic/Display.cfm?DocId=3209&CategoryId=2

 

 

 

 

[1] بار-نير دوف ، المواجهة: بنغوريون والتصحيحيون، تل أبيب، عام عوفيد، 1987، ص94.

[2] زيئيف جابوتنسكي، مقالات: في الطريق إالى الدولة،  (تل أبيب:عام عوفيد، 1957)، ص186.

[3] شلومو أفنيري ، الفكرة الصهيونية على اختلاف تلاوينها، تل ابيب، عام عوفيد، 1980، ص212.

[4] جورج المصري ، "البعد الديني في السياسة الامريكية"، مراجعة كتاب يوسف الحسن، بيروت، مجلة الدراسات الفلسطينية، ع4

، 1990، ، ص245.

[5] يوسف الحسن، البعد الديني في السياسة الامريكية اتجاه الصراع العربي الصهيوني، بيروت، مركز دراسات الوحدة، 1990، ص41.

[6] المصدر سابق، ص25.

[7] مهند مصطفى، "الولايات المتحدة الامريكية وقرار التقسيم" مجلة قضايا إسرائيلية، مركز مدار، رام الله، 2017، ع 67، ص43. 

[8] يوسف الحسن ، مصدر سابق، ص167.

[9] اميل توما،  جذور القضية الفلسطينية، بيروت، مركز الدراسات الفلسطينية، 1992، ص272.

[10] سميرسالم ،المشاريع الامريكية لتسوية القضية الفلسطينية، رسالة ماجستير، (الجامعة الإسلامية-غزة، 2009، )ص32.

[11] ويليام كوانت ،عشر سنوات من القرارات السياسية الأمريكية اتجاه النزاع العربي الإسرائيلي 1967-1976، القاهرة، ترجمة الهيئة العامة للاستعلامات، 1987،ص30.

[12] مروان البحيري، من ترومان الى كسنجر في السياسة الامريكية والعرب، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية،1990 ، ص49.

[13]عبد الله عبد الدائم، القومية العربية والنظام العالمي الجديد، بيروت: دار الاداب، 1994، ص138.

 

[14] حسن عبد العال، "بريطانيا وفكرة الشرق الأوسط،" مجلة الفكر السياسي، ع 11-12، 2001، ص164.

[15]Mearsheimer, John and Walt, Stephen. "The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy", JFK School of Government, Working Paper RWP06-011 (March 13, 2006). The JFK School of Government reportedly removed its logo from this working paper. P6.

[16]قصي حامد، دور الولايات المتحدة في احداث تحول ديمقراطي في فلسطين (ولاية بوش البن)، رسالة ماجستيرجامعة النجاح الوطنية، 2008، ص16.

[17] جيمس بتراس ، سطوة إسرائيل في الولايات المتحدة الامريكية، ترجمة حسان البستاني، بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون. 2006،  ص15.

[18]  المصدر سابق، ص16.

[19] إبراهيم ابولغد، سياسة أمريكيا تجاه فلسطين في كتاب فلسطين والسياسة الامريكية: من ولسون إلى كلنتون. تحرير ميخائيل سليمان، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1996. ص 328.

[20] جيمس بتراس، مصدر سابق،ص19.

[21] قصي حامد، مصدر سابق، ص17.

[22] نبيل محمود عبد الغفار، السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، القاهرة،  الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1982، ص9.

[23] فايزة سارة، اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وأمريكيا ، عمان ،دار الكرمل للنشر، ، 1988، ص27.

[24]  مصطفى عبد العزيز، الأقليات اليهودية في الولايات المتحدة الامريكية، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت ، مركز الأبحاث، 1968، ص55.

[25] Mearsheimer, John and Walt, Stephen. "The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy", JFK School of Government, Working Paper RWP06-011 (March 13, 2006). The JFK School of Government reportedly removed its logo from this working paper. P30-33.

[26] Mearsheimer, and Walt,p30-33.

[27] منير أبو رحمه، سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي 1993- 2001، رسالة دكتوراه،جامعة وهران ،2013،ص61.

[28] جورج قرم ، النفط العربي والقضية الفلسطينية، بيروت ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1979، ص10.

[29] وليد خدوري، النفط العربي في السياسة الدولية، نيقوسيا، دلمون للنشر، 1986، ص96.

[30] عصام نعمان، العرب والنفط والعالم دعوة للتفكير والتغيير، بيروت، دار مصباح للفكر،1982، ص13.

[31] قصي حامد، مصدر سابق، ص23.

[32] المصدر سابق، ص23.

[33]  سعيد محمد السيد، الصراع العربي الإسرائيلئ :تسوية دائمة أم مؤقتة، السياسة الدولية،ع140،ابريل2016 ، ص80.

[34]ا ماجد كيالي، النظام الإقليمي في الشرق الأوسط ومفهوم التسوية الأمريكية -الإسرائيلية، الفكر الإستراتيجي العربي، ع41، يوليو1992.

[35] مارتن انديك، خطاب أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، نشرته مجلة الدراسات الفلسطينية، ع15، 1993، ص206.

[36] هشام المغاري،  المقاومة الفلسطينية وتأثيرها على الأمن القومي الإسرائيلي، 1987-2010. رسالة دكتوراه، جامعة الجنان، طرابلس، لبنان، 2013، ص167.

[37] هالة سعودي،  السياسة الأمريكية اتجاه الصراع العربي الإسرائيلي 1967- 1973، بيروت ، مركز دراسات الوحدة، 1992، ص152.

[38] محمد الجماصي، العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وتأثيرها على الأمن القومي الإسرائيلي 2009-2013، رسالة ماجستير، جامعة الأقصى، غزة، 2016، ص167.

[39] ، محمد الجماصي ، مرجع سابق، ص157.

[40]حنين ياسين، "في 7 عقود كم دفعت واشنطن لتعزيز إسرائيل عسكريا واقتصاديا،" 14\3\2018، موقع الخليج اونلاين.

https://alkhaleejonline.net

[41] المرجع سابق.

[42] حنين ياسين،  مرجع سابق.

[43] محمد الجماصي، مرجع سابق، ص139.

[44] حنين ياسين: مرجع سابق.

[45] محمد الجماصي،  مرجع سابق، ص284.

[46] عدنان أبو عامر، "معهد يكشف حجم المساعدات الامريكية لإسرائيل، 5 يوليو 2018، " موقع عربي 21.

https://arabi21.com/story/1106506

[47] زهير اندراوس، "إسرائيل كلفت أمريكا منذ40 عام1600 بليون دولار "،20 يناير 2014، القدس العربي.

[48] براند وارد، "ما هي حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل؟ تقرير الكونغرس 2014 "،موقع راقب.

http://raqeb.co/2015/03/

[49] براند وارد ،:مرجع سابق.

صالح عبد الجواد، محاضرة في الأمن القومي الصهيوني، جامعة بير زيت،15-4-2019[50]

[51] أمينة خليل ،"العلاقات الإسرائيلية الأمريكية في فترة أوباما ،" المركز الديمقراطي العربي. 16 يوليو 2016.

https://democraticac.de/?p=34109

[52] أمينه خليل،  مصدر سابق.

[53] محمود محارب، "التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل ووجهات النظر الاسرائيليه تجاهه ":

https://www.alukah.net/home/0/236/

[54]  "توتر في العلاقات الاسرائيلية الامريكية عشية زيارة كوندليزا رايس":

http://www.miftah.org/arabic/Display.cfm?DocId=3209&CategoryId=2

[55]تشارلز تشاك فرايليخ، موقع صحيفة نيورك تايمز.

https://www.noonpost.com/content/18881

 

المصدر السابق .[56]