حكاية بطل: اسماعيل النتشه و15 عاماً من الاعتقال
علاء الريماوي
03-07-2018
علاء الريماوي - مركز القدس
حين تعد السنوات في المعتقل، لا تمضِ كتصور رقمي تتابعه على رزنامة مع صور للفصول الأربعه. في المعتقل فصول للسنة خمسة مختلفة بالتسمية عن واقع حياة الناس. فتعرف فيه فصل البق، الهسهس، الفريزر، طنجرة الضغط، الخنقة .... إذ يرتبط كل وصف بمجموعة من الشهور تنعكس على واقع الحياة في المعتقل.
على الرغم من الأسماء الرمزية للفصول والمعبرة عن قسوة الحياة في الأسر، إلا أن من تلقاهم من الأسرى ينسونك الوجع ببسمة وإن ثقل الماضي عليها، وجعا وشوقا وحكايات من تعب لا تحتمله الا النفوس الكبيرة.
وصلنا الى منزل الأسير المحرر اسماعيل النتشه، استقبلتنا صورة كبيرة معلقة على جدار البيت، وأطفال يحتشدون، ونسوة تهنئ وعائلة تجتمع للفرح. صافح طاقمنا الأسير وقدم السلامة بالافراج، وبدأت جلسة التحضير للتصوير، ثم انطلقت ألملم الصور ... أخت تسترق التفاعلات وتعيش معها المشاعر، وأم تلتصق بولدها، وأطفال لا يعرف معظمهم الأسير إلا عبر الصور.
سرق مني الأطفال الحاضرون الحوار ودخلوا معه حديثا مشوقا، عن الفرح في المعتقل، والساعات القاسية، عن الطعام والأصناف، حتى إذا مررنا بالحديث عن الخلان والأحباب نطق الدمع وصمتت الكلمة. تذكر اسماعيل، العيد، والمريض، والإخوة، والإندماج، والسهرة، وحديث الليل، والمواجهة المشتركه، وهمس المتعبين جراء السنوات الممتدة، دون موعد مع النهاية.
تدخلت للسؤال عن الفرح، أصر على الاستمرار، ليحدث عن إخوانه ومن ترك، عن الشوق المحبوس منهم للحياة، وعن النسيان في عالم الهجران لهم.. انطلق بالحديث بسيل لا يتوقف واصفا المحنة والمطلوب، والخيبة التي عليها الأسير من المسؤول والمحمول والمطبول، من المواطن والرئيس، والغفير والوزير.
نظرت إلى أمه وهي تسدل ستار الرضا على ولدها، وتمسح بحنان قلبها على يده، وتشد من أزر مشاعره التي كانت شريكة بها. أخذت الكلمة حين خنقه الدمع وقالت متجملة بالصبر، المتزين ببعض من حشرجة الموقف وقالت" يا ابني للأسرى أمهات، يسبحن الصبر ويصلين الحب، ويسجدن لله رضا على الأبناء، يدق لديهن القلب عند وجع يصيب الابن في المعتقل.... يا ابني كنا نشعر الجوع، ونشعر الوجع، كنا نبكي في ساعات الليل، وحين تسأل السبب أقول لك هي الأم تمضي بحبها وإن بعدت الأجساد كأنه وحي المشاعر والوالدة لها".
ساد المكان صمتا تفاعل معه الحاضرون وخشعت الكميرات معنا كأنها روح منا تسمع وترى. شققت بصعوبة الواقع، وانتقلنا الحديث عن المستقبل، نظر اسماعيل الى الحضور وقال " لم احسم توجهي، لكن الدنيا تغيرت، والصغار كبروا، ومن ولد في زمن اعتقالي صار شابا، سأختلط بالناس وأجمع توجهاتي، لكن سأستبق ذلك بالبحث عن ابنة الحلال، سأسس اسرة حلمت بها طويلا، ثم سأواصل تعليمي في الجامعات الفلسطينية".
لم تنتظر الأم طويلا وقالت "حبيبي الدار جهزتها والعروس موجوده، والشغل مع إخوتك، الله يوفقك... كلشي اعملته الك انت عندي الصغير الي اخذوه وهو نايم عندي، ورح اضل عندي يا ضي العين يا ابني".
هممنا بمغادرة المنزل، وعند الوداع، اجتمع الأطفال يتحولقون مع عمهم القادم اليهم من الأسر يتحسسونه كأنه طفل سبقوه في القدوم على الأرض.
لكل أسير حكاية، وتفاصيل لا تجتمع في قالب جامد، يختزله الرقم أحيانا وتغيبه مباعث الاهمال في توثيق التجربة، الأمر الذي يحتم على من يعنيهم حال الأسرى، توطين سيرهم على منابر الناس كونهم أصحاب الفداء الذي لا يغادر. اسماعيل في حكاية التاريخ قسامي الحكاية، مقاتل عنيد، وتاريخ يمتد الى الفعل مع ثلة من شهداء قضوا نحبهم
حين تعد السنوات في المعتقل، لا تمضِ كتصور رقمي تتابعه على رزنامة مع صور للفصول الأربعه. في المعتقل فصول للسنة خمسة مختلفة بالتسمية عن واقع حياة الناس. فتعرف فيه فصل البق، الهسهس، الفريزر، طنجرة الضغط، الخنقة .... إذ يرتبط كل وصف بمجموعة من الشهور تنعكس على واقع الحياة في المعتقل.
على الرغم من الأسماء الرمزية للفصول والمعبرة عن قسوة الحياة في الأسر، إلا أن من تلقاهم من الأسرى ينسونك الوجع ببسمة وإن ثقل الماضي عليها، وجعا وشوقا وحكايات من تعب لا تحتمله الا النفوس الكبيرة.
وصلنا الى منزل الأسير المحرر اسماعيل النتشه، استقبلتنا صورة كبيرة معلقة على جدار البيت، وأطفال يحتشدون، ونسوة تهنئ وعائلة تجتمع للفرح. صافح طاقمنا الأسير وقدم السلامة بالافراج، وبدأت جلسة التحضير للتصوير، ثم انطلقت ألملم الصور ... أخت تسترق التفاعلات وتعيش معها المشاعر، وأم تلتصق بولدها، وأطفال لا يعرف معظمهم الأسير إلا عبر الصور.
سرق مني الأطفال الحاضرون الحوار ودخلوا معه حديثا مشوقا، عن الفرح في المعتقل، والساعات القاسية، عن الطعام والأصناف، حتى إذا مررنا بالحديث عن الخلان والأحباب نطق الدمع وصمتت الكلمة. تذكر اسماعيل، العيد، والمريض، والإخوة، والإندماج، والسهرة، وحديث الليل، والمواجهة المشتركه، وهمس المتعبين جراء السنوات الممتدة، دون موعد مع النهاية.
تدخلت للسؤال عن الفرح، أصر على الاستمرار، ليحدث عن إخوانه ومن ترك، عن الشوق المحبوس منهم للحياة، وعن النسيان في عالم الهجران لهم.. انطلق بالحديث بسيل لا يتوقف واصفا المحنة والمطلوب، والخيبة التي عليها الأسير من المسؤول والمحمول والمطبول، من المواطن والرئيس، والغفير والوزير.
نظرت إلى أمه وهي تسدل ستار الرضا على ولدها، وتمسح بحنان قلبها على يده، وتشد من أزر مشاعره التي كانت شريكة بها. أخذت الكلمة حين خنقه الدمع وقالت متجملة بالصبر، المتزين ببعض من حشرجة الموقف وقالت" يا ابني للأسرى أمهات، يسبحن الصبر ويصلين الحب، ويسجدن لله رضا على الأبناء، يدق لديهن القلب عند وجع يصيب الابن في المعتقل.... يا ابني كنا نشعر الجوع، ونشعر الوجع، كنا نبكي في ساعات الليل، وحين تسأل السبب أقول لك هي الأم تمضي بحبها وإن بعدت الأجساد كأنه وحي المشاعر والوالدة لها".
ساد المكان صمتا تفاعل معه الحاضرون وخشعت الكميرات معنا كأنها روح منا تسمع وترى. شققت بصعوبة الواقع، وانتقلنا الحديث عن المستقبل، نظر اسماعيل الى الحضور وقال " لم احسم توجهي، لكن الدنيا تغيرت، والصغار كبروا، ومن ولد في زمن اعتقالي صار شابا، سأختلط بالناس وأجمع توجهاتي، لكن سأستبق ذلك بالبحث عن ابنة الحلال، سأسس اسرة حلمت بها طويلا، ثم سأواصل تعليمي في الجامعات الفلسطينية".
لم تنتظر الأم طويلا وقالت "حبيبي الدار جهزتها والعروس موجوده، والشغل مع إخوتك، الله يوفقك... كلشي اعملته الك انت عندي الصغير الي اخذوه وهو نايم عندي، ورح اضل عندي يا ضي العين يا ابني".
هممنا بمغادرة المنزل، وعند الوداع، اجتمع الأطفال يتحولقون مع عمهم القادم اليهم من الأسر يتحسسونه كأنه طفل سبقوه في القدوم على الأرض.
لكل أسير حكاية، وتفاصيل لا تجتمع في قالب جامد، يختزله الرقم أحيانا وتغيبه مباعث الاهمال في توثيق التجربة، الأمر الذي يحتم على من يعنيهم حال الأسرى، توطين سيرهم على منابر الناس كونهم أصحاب الفداء الذي لا يغادر. اسماعيل في حكاية التاريخ قسامي الحكاية، مقاتل عنيد، وتاريخ يمتد الى الفعل مع ثلة من شهداء قضوا نحبهم