حكاية من بلدي..."الشيخ"
الشيخ هو المجاهد الفلسطيني طه ماضي أبو كرز من بلدة سلفيت قرب نابلس، أطلق عليه هذا اللقب لشدة تدينه، لدرجة أنه كان يمشي من بيته في قرية سلفيت إلى القدس قاطعاً 62 كم من أجل أن يُصلي الجمعة في الأقصى ثم يعود إلى قريته سلفيت.
عندما انطلقت الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م ضد الاستعمار البريطاني والمستوطنين الصهاينة حدثته نفسه أكثر من مرة للانضمام إلى فصائل المقاومة الفلسطينية، لكن وقوع بعض الثوار الفلسطينين في بعض الممارسات الخاطئة والمنافية للدين والأخلاق والعادات الفلسطينية كالقتل بالاشتباه أو فرض الأتاوات وأخذ الأموال من الناس بحجة دعم المقاومين أعاقت التحاق الشيخ أبو كرز بالثورة حتى عام 1938م، حيث قرر حينها ان يعمل منفردا.
صارح الشيخ أهله بأنه يرغب بشراء بندقية من أجل القيام بواجبه لمقاومة الانجليز والمستوطنين الصهاينة، فقام أهله بمساعدته بشراء بارودة ألمانية وصار يتدرب عليها كل يوم بعد صلاة الصبح في الجبال، وفي يوم من الأيام بعد ما أنهى تدريبه على التصويب شاهد طائرة انجليزية تطير فوق رأسه وبعد أن تجاوزته استدارت مرة أخرى باتجاهه، فأدرك الشيخ بأن الطيار سيهاجمه فتحصن بين الصخور والأشجار، ولما عادت الطائرة حاول الطيار البحث عن الشيخ الذي رآه لكن دون جدوى، فحاول أن يقترب بطائرة أكثر من الأرض عله يشاهده، وعندما خاب ظنه ألقى قنابله وحاول الارتفاع بطارته إلا أن رصاص الشيخ أبو كرز كانت له بالمرصاد، حيث تمكن من إصابة رصاص بندقيته خزان وقود الطائرة والتي سرعان ما سقطت بالقرب من قرية مردا، بعدها انسحب الشيخ من المكان وعاد إلى بيته سالماً غانما.
بعد نجاح عمليته السابقة بفترة زمنية قصيرة قرر الشيخ أبو كرز تصنيع عبوة ناسفة وانتظر حتى غياب الشمس ومن ثم حمل بندقيته واللغم وزرعه على الطريق العام القريب من عقبة زعترة ووضع قبل اللغم بعض الأحجار الكبيرة في الطريق وكمن في المنطقة حتى وصلت دورية فيها جنود بريطانين، وعندما شاهدوا الصخور الملقاة على الشارع نزلوا من سيارتهم وعندما اقتربوا من اللغم قام الشيخ بتفجيره مما أدى لمقتل وجرح العديد من الجنود، كما استغل الشيخ حالة الخوف والارباك والصراخ الهستيري الذي أصاب الجنود فهجم عليهم مكبراً وهو يطلق النار مما أدى لمقتل وجرح العديد منهم ثم انسحب وعاد إلى بيته بسلام.
أما العملية الفدائية المميزة التي نفذها الشيخ أبو كرز فكانت بعد تكرار قيام أحد المستوطنين في اللد بالعربدة في شوارع البلدة ومهاجمة العرب الفلسطينين والاعتداء عليهم، فتوجه إلى مدينة اللد وكمن هناك لعدة أيام حتى خرج هذا المستوطن وبدأ يعتدي على العرب فاطلق الشيخ أبو كرز رصاص بندقيته باتجاهه فأرداه قتيلا.
فرحم الله الشيخ طه أبو كرز وكل من سار على دربه حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.