حل الكنيست لعبة اسرائيلية أم مأزق سياسي ؟
ياسر مناع
01-06-2019
كتب: ياسر مناع- مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
كثيرة هي التحليلات التي تواردت عبر وسائل الاعلام بشتى اشكالها، وخطتها أقلام المحللين السياسيين والمختصين في الشأن الاسرائيلي فيما يتعلق بالاسباب والدوافع وراء الحدث السياسي الذي لم يُشهد من ذي قبل في تاريخ "اسرائيل"، فهذه أول دورة للكنيست لا يتم فيها تشكل ائتلاف حكومي، مما نجم عن تلك الحادثة النادرة مأزق سياسي، فمن الممكن ان يكون هذا المأزق مصطنعاً او يمكن ان يكون غير ذلك، اذ رأى الساسة ان الخروج من تلك الدوامة تمكن في تلك الخطوة غير المسبوقة وتتمثل في حل الكنيست واللجوء للدخول في معترك انتخابي مبكر يرهق من الميزانية ويشظي المزيد من الاحزاب السياسية الاسرائيلية، في الواقع كل تلك التحليلات كانت أقرب الى تقليدية نوعاً ما.
ان الناظر في تلك التحليلات ايضاً يجد بأن هنالك شبه أجماع على ان ليبرمان فعل ما لم يكن متوقعاً على الرغم من تقديم احزاب الحريديم تنازلات في مواقفهم بهدف عدم الاقدام على حل الكنيست، من الوارد ان يكون ليبرمان قد سعي للانتقام الشخصي من نتنياهو عبر مناورة خاضها بنفسه من أجل تكليف "جدعون ساعر" وهو من داخل حزب الليكود لرئاسة حكومة يمينية جديدة، على ما يبدو بأن نتنياهو كان يعلم ما يدور في ذهن ليبرمان لذلك قدم هذه الخطوة الاستباقية.
جاءت هذه الأحداث بعد إبداء ليبرمان سراً وعلاينة رغبته في تولي وزارة الجيش ومنحه صلاحيات واسعة، ولاسيما فيما يتعلق بالتعامل مع قطاع غزة ــــ كيف لا وهو الذي اسقطه عن كرسي الوزارة من قبل ــــ، نتنياهو الذي لم يرَ في الفترة الحالية سوى قانون الحصانة غاية وافق على تلك المطالب مشترطاً بضرورة اخضاع اي قرار للنقاش والمشاورة داخل اروقة المؤسسة الامنية والسياسية صاحبة الشأن.
تقول التحليلات بأن ليبرمان حينها شعر بفخ نتيناهو لذلك اتخذ من قانون التجنيد ملجأ ومهربا، وتمسك بموقفه حتى النهاية فكان قرار حل الكنيست وخوض انتخابات مبكرة، في الواقع نقش على الوجه الاخر لذلك القرار صورة مركبة تظهر عمق الخلافات السياسية الاسرائيلية وحالة التشظي في المجتمع السياسي، مضافاً الى ذلك غياب واضح للشخصيات الجامعة الوازنة في "اسرائيل".
في هذا المقال دعوة للخروج عن المألوف في التحليل، فإذا نظرنا الى الظروف الدائرة بالوطن العربي، والحالة التي وصلت اليها القضية الفلسطينية، والمعطيات الميدانية على الأرض، نرى بأن عواصم عربية واسلامية قد فُتحت ابوابها لـ "اسرائيل" وبات التطبيع كاملاً شيئاً عادي وليس مدعاة للخجل، بل باتت غير مخيرة في طريقة التعامل مع الفلسطينيين، أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فقد تم تقزيمها وتجزئتها حتى اضحت قضايا انسانية ومساعدات مالية، اضف الى ذلك كله انعدام الافاق لأي حلٍ سياسي على الاطلاق، حلم "اسرائيل" في القدس أصبح حقيقة، ونيل الاعتراف الامريكي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان قد وقع، أما بالنسبة للضفة الغربية فالمشروع الاستيطاني آخذ بابتلاعها دون حد أو توقف ومشارع شق الطرق الخاصة بالمستوطنين والتي تعمل في ذات الوقت على تقطيع اواصر الضفة تطبق ليل نهار، اذاً فماذا تبقى لـ "اسرائيل" ان تفعل، غير نكبة ثانية وتهجير جماعي جديد؟
وهنا السؤال الذي يمثل جوهر المقال، لماذا لا نعتبر قرار حل الكنيست لعبة اسرائيلية نُسجت بحنكة وحكمة تم تمريرها على الجميع بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية؟
فقد يكون هنالك - هذا من ضروب التحليل - توافق بين النخب السياسية الاسرائيلية فيما بينها على التوجه نحو هذا القرار، بهذه المسرحية كلٌ حسب دوره المحدد له، ذلك كله بهدف التخلص من اي التزام دولي يقيدها ويكبلها ويحد من حريتها، بمعنى آخر كان هذا القرار لإنهاء ما يسمى "صفقة القرن" والانعتاق من التزاماتها بعد ان حققت جل ما تريد عبر ادارة ترامب، كما انه اجهاض لورشة البحرين الاقتصادية قبل ولادتها، وبالتالي فهي لا تريد ان تعيد تجربة اتفاقية اوسلو والتي عمل اريئيل شارون على التخلص من جزء كبير منها في عملية اجتياح المدن الفلسطينية " السور الواقي"عام 2002.
خلاصة، لا احد ينكر مقدار المرونة والمساعدة التي منحتها الادارة الامريكية لنتنياهو، من خلال تأجيل الاعلان عن رؤية ترامب لحل القضية الفلسطينة بسبب الانتخابات الاسرائيلية في شهر نيسان الماضي، اذا وبما انه لا توجد حكومة اسرائيلية لن يستطيع احد اعلان اي اتفاق او رؤية وحتى تستقر الحالة السياسية الاسرائيلية تكن الانتخابات الامريكية قد طرقت الابواب، وانشغل ترامب في البحث عن ولاية ثانية، بالمحصلة فان "صفقة القرن" قد ذهبت ادراج الرياح بقرار حل الكنيست.
كثيرة هي التحليلات التي تواردت عبر وسائل الاعلام بشتى اشكالها، وخطتها أقلام المحللين السياسيين والمختصين في الشأن الاسرائيلي فيما يتعلق بالاسباب والدوافع وراء الحدث السياسي الذي لم يُشهد من ذي قبل في تاريخ "اسرائيل"، فهذه أول دورة للكنيست لا يتم فيها تشكل ائتلاف حكومي، مما نجم عن تلك الحادثة النادرة مأزق سياسي، فمن الممكن ان يكون هذا المأزق مصطنعاً او يمكن ان يكون غير ذلك، اذ رأى الساسة ان الخروج من تلك الدوامة تمكن في تلك الخطوة غير المسبوقة وتتمثل في حل الكنيست واللجوء للدخول في معترك انتخابي مبكر يرهق من الميزانية ويشظي المزيد من الاحزاب السياسية الاسرائيلية، في الواقع كل تلك التحليلات كانت أقرب الى تقليدية نوعاً ما.
ان الناظر في تلك التحليلات ايضاً يجد بأن هنالك شبه أجماع على ان ليبرمان فعل ما لم يكن متوقعاً على الرغم من تقديم احزاب الحريديم تنازلات في مواقفهم بهدف عدم الاقدام على حل الكنيست، من الوارد ان يكون ليبرمان قد سعي للانتقام الشخصي من نتنياهو عبر مناورة خاضها بنفسه من أجل تكليف "جدعون ساعر" وهو من داخل حزب الليكود لرئاسة حكومة يمينية جديدة، على ما يبدو بأن نتنياهو كان يعلم ما يدور في ذهن ليبرمان لذلك قدم هذه الخطوة الاستباقية.
جاءت هذه الأحداث بعد إبداء ليبرمان سراً وعلاينة رغبته في تولي وزارة الجيش ومنحه صلاحيات واسعة، ولاسيما فيما يتعلق بالتعامل مع قطاع غزة ــــ كيف لا وهو الذي اسقطه عن كرسي الوزارة من قبل ــــ، نتنياهو الذي لم يرَ في الفترة الحالية سوى قانون الحصانة غاية وافق على تلك المطالب مشترطاً بضرورة اخضاع اي قرار للنقاش والمشاورة داخل اروقة المؤسسة الامنية والسياسية صاحبة الشأن.
تقول التحليلات بأن ليبرمان حينها شعر بفخ نتيناهو لذلك اتخذ من قانون التجنيد ملجأ ومهربا، وتمسك بموقفه حتى النهاية فكان قرار حل الكنيست وخوض انتخابات مبكرة، في الواقع نقش على الوجه الاخر لذلك القرار صورة مركبة تظهر عمق الخلافات السياسية الاسرائيلية وحالة التشظي في المجتمع السياسي، مضافاً الى ذلك غياب واضح للشخصيات الجامعة الوازنة في "اسرائيل".
في هذا المقال دعوة للخروج عن المألوف في التحليل، فإذا نظرنا الى الظروف الدائرة بالوطن العربي، والحالة التي وصلت اليها القضية الفلسطينية، والمعطيات الميدانية على الأرض، نرى بأن عواصم عربية واسلامية قد فُتحت ابوابها لـ "اسرائيل" وبات التطبيع كاملاً شيئاً عادي وليس مدعاة للخجل، بل باتت غير مخيرة في طريقة التعامل مع الفلسطينيين، أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فقد تم تقزيمها وتجزئتها حتى اضحت قضايا انسانية ومساعدات مالية، اضف الى ذلك كله انعدام الافاق لأي حلٍ سياسي على الاطلاق، حلم "اسرائيل" في القدس أصبح حقيقة، ونيل الاعتراف الامريكي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان قد وقع، أما بالنسبة للضفة الغربية فالمشروع الاستيطاني آخذ بابتلاعها دون حد أو توقف ومشارع شق الطرق الخاصة بالمستوطنين والتي تعمل في ذات الوقت على تقطيع اواصر الضفة تطبق ليل نهار، اذاً فماذا تبقى لـ "اسرائيل" ان تفعل، غير نكبة ثانية وتهجير جماعي جديد؟
وهنا السؤال الذي يمثل جوهر المقال، لماذا لا نعتبر قرار حل الكنيست لعبة اسرائيلية نُسجت بحنكة وحكمة تم تمريرها على الجميع بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية؟
فقد يكون هنالك - هذا من ضروب التحليل - توافق بين النخب السياسية الاسرائيلية فيما بينها على التوجه نحو هذا القرار، بهذه المسرحية كلٌ حسب دوره المحدد له، ذلك كله بهدف التخلص من اي التزام دولي يقيدها ويكبلها ويحد من حريتها، بمعنى آخر كان هذا القرار لإنهاء ما يسمى "صفقة القرن" والانعتاق من التزاماتها بعد ان حققت جل ما تريد عبر ادارة ترامب، كما انه اجهاض لورشة البحرين الاقتصادية قبل ولادتها، وبالتالي فهي لا تريد ان تعيد تجربة اتفاقية اوسلو والتي عمل اريئيل شارون على التخلص من جزء كبير منها في عملية اجتياح المدن الفلسطينية " السور الواقي"عام 2002.
خلاصة، لا احد ينكر مقدار المرونة والمساعدة التي منحتها الادارة الامريكية لنتنياهو، من خلال تأجيل الاعلان عن رؤية ترامب لحل القضية الفلسطينة بسبب الانتخابات الاسرائيلية في شهر نيسان الماضي، اذا وبما انه لا توجد حكومة اسرائيلية لن يستطيع احد اعلان اي اتفاق او رؤية وحتى تستقر الحالة السياسية الاسرائيلية تكن الانتخابات الامريكية قد طرقت الابواب، وانشغل ترامب في البحث عن ولاية ثانية، بالمحصلة فان "صفقة القرن" قد ذهبت ادراج الرياح بقرار حل الكنيست.