حماس والحاجة للمشي بين الأشواك

فريق المركز
17-01-2020
قراءة أسبوعية (3)

مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

مشاركة وفد حماس للتعزية بقاسم سليماني، هي الأخرى لم تسلم من مساحة من النقد، الترحاب، والهجوم من شرائح مختلفة، فلسطينية وعربية، وكذلك إسلامية، في ساحة المنتقدين فإنّ جزءا كبيراً من أولئك، لم يستسغ أنّ للحركة التي تُمثل الأمل الأكبر بالنسبة له، والحركة السنية الأهم وفق تصنيفهم، أن تُقدم على تعزية من يصفونه بالشرك الأهم في مجازر سوريا، خلال السنوات الأخيرة.

فيما لم تسلم الزيارة من هجوم صريحٍ من تيار يتربص بحماس، على كلّ خطوةٍ تخطوها، فالساحة الفلسطينية وكذلك العربية، بمنظوماتها الحاكمة المختلفة، هي أنظمة اقصاء وليست أنظمة شراكة، هذا التيار لن يؤثر هجومه على مسيرة الحركة لربما، فهي قد اعتادت أن تُهاجم على اتخاذ أي قرار أو سلوك، حتى لو كان عكس الخطوة السابقة، والتي كانت قد هوجمت عليها!.

السياسة التي توصف على أنّها فنّ الممكن، ولربما تعريف ممارستها على الأرض، هو تحقيق الفائدة الأكبر للمبادئ التي يُقاتل صاحبها من أجلها، تدفعنا للتعمق أكثر بخطوة حركة المقاومة، وتفصيل الحدث على المقاس الفلسطيني والعربي، على قاعدة الهدف المُشترك، ليس لها فحسب، بل لكل من يراها على أنّها تُمثل وجدانه في مقارعة الاحتلال.

بنظرة موضوعية، وفد الحركة المُعزي بسليماني، كان يتوجب عليه فعل ذلك، فالحركة التي أًدير لها الظهر من القريب والأخ والشقيق، وتُحاصر وتُخنق لحملها لواء مقارعة الاحتلال، لم تجد من يسد رمقها بالماء سوى إيران، -وهنا لسنا بصدد الحديث عن الموقف من إيران وسلوكها الإقليمي- الأمر الذي دفعها ويدفعها وسيدفعها في المستقبل، للعمل الدؤوب لجلب كلّ دعم من خلاله يدعم صمودها في مواجهة الاحتلال، والحفاظ على مشروعها المُقاوم.

وهُنا يُسأل السؤال الأهم، والذي يوجه إلى من انتقد الحركة من محبيها ومؤيديها، هل كان بالأولى على الحركة ألا تتعامل مع إيران، وتُقاطعها، علّماً أنّ ذلك سيكون على حساب قدرة صمودها وامتلاكها أدوات مهمّة في مقارعة الاحتلال، أو لربما السؤال بطريقة أخرى، هل على غزة التي تُمثل أمل الشعب الفلسطيني ألا تُمارس سياسة فنّ الممكن، وبالتالي تسقط تلك القلعة المعقود عليها أمل كبير.

تقاطع حماس مع إيران كان واضحاً وفقط في الشق المُتعلق بالقضية الفلسطينية، فلم نسمع لقيادات الحركة ما يدعم أو يؤيد سلوك الدول المختلفة في المنطقة بما فيها إيران، بل انحازت دائماً لقضايا الشعوب وتطلعاتهم، فلم تكن في جيب أحد، بل تضطر احياناً لبلع العلقم في سبيل توفير ما يدعم صمودها للدفاع عن قضية العصر، واستمرار تأكيد حق الشعب الفلسطيني، والعربي والإسلامي في أرض فلسطين.

كان من الواجب نقد الحركة لو تخلت عن مبادئها بترك نصرة المظلوم، والانحياز للظالم، بل من البداية وفق قياداتها، رفعت شعار التصاقها بقضايا شعوب المنطقة، وهي لا زالت إلى اليوم ترفع شعارا هاماً، نشكر كل من يدعم القضية الفلسطينية، ويدنا ممدودة لكل من يريد دعم المشروع المقاوم، دون قيد أو شرط، نائية بنفسها عن الصراع الإقليمي، في ظل تلطخ يد كلّ اللاعبين تقريباً في بحر الدماء الهائج.

وما يؤكد ذلك، هو مسارعة الحركة للتعزية بقابوس عُمان، على قاعدة الانفتاح على الجميع، ووضع نفسها على مسافة واحدة من الكلّ العربي والإسلامي، وإتاحة الفرصة لهم، للمشاركة في المشروع الذي من المفترض أنّه مشروع أمّة وليس مشروعاً خاصاً بالشعب الفلسطيني.

ختاماً، حماس تسير في حقل من الأشواك، وجب عليها خوضه، فالحمل ثقيل والحركة مطالبة بالاستمرار في قرع كلّ الأبواب لمزيد من الدعم، وللحفاظ على المشروع المُقاوم في غزة، والنأي بنفسها عن الصراعات الإقليمية، في ظل أنّ الأنظمة كلّها متهمة بسيل الدماء النازف، مع استمرار تأكيدها بحق شعوب المنطقة بنيل حريتهم.