خطيئة الامارات، نيل من القضية الفلسطينية ونذير شؤمٍ عليها!

بلال عرمان
02-09-2020









بلال عرمان\ مركز القدس

بينما أغلب الرحلات حول العالم متوقفة، تتزين طائرة [إل عال] الإسرائيلية بعبارات السلام منطلقة من مطار بن غوريون، الجاثم على أراضٍ ارتوت بدماء الشهداء الجنود العرب، وتحت عبارات السلام اسم مستوطنة كريات جات التي جرت فيها معارك بين الصهاينة والجيوش العربية، والتي ارتقى من بواسلها العديد من الشهداء للدفاع عن أرض فلسطين، ستقلع طائرة الآلام لتحوم في أجواء الخليج العربي محلقة فوق المملكة العربية السعودية، وصولا إلى الإمارات العربية المتحدة لتحط رحال التطبيع في مطار خليجي علنا لأول مرة، في خطوة لم يسبق لها أبدا في تاريخ الوجود الصهيوني في الشرق الأوسط والإقليم العربي ككل.

تتمثل خطورة الاتفاق الذي تم وسيتم توقيعه قريبا، وفي ظل تتويجه بزيارة الوفد الإسرائيلي الأمريكي هذه الأيام للإمارات، بالاستدارة لحقوق الشعب الفلسطيني في حل قضيته على نحو عادل حسب اتفاقية السلام العربية، فإن التطبيع مع الاحتلال من قبل دولة عربية لا تشاركه الحدود ولا المصالح الاقتصاديةـ بما يشكل فرقا مصلحياً للإمارات، فإنه يعطي الاحتلال ذريعة ورسالة يوجهها للدول الأوربية والأجنبية بشكل عام للتعامل مع إسرائيل وعدم مقاطعتها، وهذا كافٍ لتغيير الرأي العالمي وحركات المقاطعة الاجنبية في عدم التعامل مع الاحتلال بصفته احتلالا بعد الان.

دولة مثل الامارات العربية بثقلها وتأثيرها في الساحة العربية والعالمية، كونها دولة اقتصادية قوّية، بما تمتلكه من ثروات نفطية، بإقدامها على التطبيع مع الاحتلال علنا يفتح مزراب للدول التي ترغب بالتوحل في مستنقع التطبيع، ولا سيما تلك الدول التي كانت تخرج متسللة في خفاء الليل لممارسة رذيلة التطبيع مع عشيقها القاتل "إسرائيل".

وربما السجادة الحمراء وحفاوة استقبال الوفد الإسرائيلي الأمريكي في الإمارات تعكس وتدل على مدى التعاون الذي سيتم بين دولة الاحتلال والإمارات في قادم الأيام، خصوصا في مجال تكنولوجيا السايبر الأمنية التي سيبيعها الاحتلال للإمارات، حجم التعاون الأمني والاقتصادي الذي يتم الحديث عنه يجعل الامارات أكثر قُرباً للاحتلال من القضية الفلسطينية.

وتدخل الامارات وأي دولة عربية مطبعة في أي مفاوضات قريبة حول القضية الفلسطينية فإن موقفها لن يكون كسابقه قبل اتفاق السلام، مما ينعكس أثره على المطالب الفلسطينية وإضعاف موقفها على طاولات التفاوض –رغم فشل المفاوضات وسوء إدارة الملف، وعدم تحقيق أي جزء من المطالب الفلسطينية- ، واتفاق السلام يعني خسارة فلسطين من طرفها دولة عربية لها تأثيرها الكبير في العالمين العربي والغربي وكان من الممكن أن تصنع الفارق المشرف للقضية الفلسطينية في تحقيق مطالبها العادلة والمشروعة، بالحد الأدنى كما جاءت وفق الاتفاقات الدولية، والتي بالأصل لا تُقنع الغالبية الفلسطينية.

ووجود الاحتلال الان في المنظومة الأمنية الإماراتية علنا يجعل من تحقيق أهدافه وأطماعه في الدول العربية أكثر سهولة خصوصا أن تقنيات التجسس والحماية التي ستمتلكها الامارات ستكون أقرب إلى ما يكون اشتراك شهري مصدره الاحتلال.




ولعل التاريخ لا يهم من نسي بالأساس من قتل وشرد وسرق إخوته ليقيم علاقات سلام معهم، إلا أن الدول العربية التي دخلها الاحتلال سواء كان بالقوة أو بالسلام المزعوم فقد أحدثت خراب ودمار لها، امتد ليومنا هذا، حيث أنّ الدول التي أجرت سلامها مع الاحتلال تعاني أكثر من تلك الدول التي دخلها الاحتلال عنوة وأكبر مثال مصر التي تعاني من تفكك سياسي وحكام قتلة ودمار اقتصادي وانقسامات فكرية وإيديولوجية وطائفية، ونظرة عربية مغايرة لها منذ معاهدة كامب ديفيد، كل المؤشرات التاريخية لأي دولة عربية دخلت مع الاحتلال في سلام وسمحت له الدخول في بنيته الأمنية والاقتصادية أصبحت متهالكة وشغلها الشاغل توقيف والتنكيل بأفراد المجتمع الذين يطالبون بالتغيير نحو مستقبل أفضل أو العودة لسابق أيام القوة والازدهار ما قبل الفساد الذي يزرعه الاحتلال داخل المنظومات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وستثبت الأيام ما سيجري في الامارات كتبعات على سلامها مع الاحتلال الذي لا يرجو خيرا لأي دولة عربية وهمه الوحيد إضعافها.