سؤال وجواب.. متى سيُكسر جليد صفقة التبادل؟
عماد أبو عواد
08-04-2020
عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الفلسطيني و"الإسرائيلي"
بعد تصريح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، عن استعداد حركته لتقديم مبادرة فيما يتعلق بالجنود الأسرى لدى حركته، ظهر كذلك رئيس وزراء دولة الاحتلال، مُبدياً جاهزية من قبله من أجل الوصول إلى تفاهمات تقود لصفقة تبادل.
أمام هذه المعادلة، والتي جاءت بعد ست سنوات على أسر الجنود في القطاع، وبالتأكيد بعد الحديث عدّة مرات عن وجود جهود حثيثة من أجل إتمام صفقة تبادل، بفوارق زمنية معينة طيلة المدة الماضية، وهذا يقودنا إلى العديد من التساؤلات، التي لربما ظهرت سابقاً، وأُعيد لها البريق مع التصريحات الأخيرة.
- هل "إسرائيل" معنية بالصفقة؟
بالتأكيد "إسرائيل" في النهاية معنية بإغلاق هذا الملف، والتاريخ يشهد بأنّها لم تتجاهل أي ملف لأسراها اللذين بادلتهم مع تنظيمات مختلفة، ويُمكن القول أنّ الحكومات التي أجرت صفقات تبادل حتى وإن كانت قد دفعت ثمناً كبيراً، لم يُرى ذلك في الكيان إلّا علامة نجاح لها، فالجمهور الصهيوني بشكل عام متفهم أنّ مبادلة الجنود الأسرى هو واجب.
- هل "إسرائيل" مضغوطة باتجاه عقد صفقة؟
إلى الآن لا، حيث أنّ عامل الزمن يكون ضاغط في حال كانت القناعة الصهيونية أنّ ما لدى المقاومة هم أحياء، لكن استطاعت "إسرائيل" اقناع جمهورها أنّ ما لدى المقاومة جثث –هدار وشاؤول-، وأقامت جنازة رمزية لأحدهم، وأحضرت فريقاً طبياً أكد موت الآخر.
وهذا بدوره وضع الكرة في ملعب حماس من أجل أن تُثبت أنّ ما لديها ليس جثث، إنّما جنود على قيد الحياة، وكلّما مرّ الزمن، ازدادت القناعة الصهيونية أنّ ما لدى المقاومة جثث، حيث أنّ التحليل لديهم، لو كان هدار وشاؤول على قيد الحياة، لكشفت حماس عن ذلك لتضغط الحكومة الصهيونية.
- ماذا عن مانجستو والسيد؟
لدى المقاومة أيضاً جنديان آخران، الأول مانجستو من أصل اثيوبي، وهاشم السيد، لماذا "إسرائيل" لم تتحرك من أجلهما على الأقل؟، ببساطة لأنّ وجود هؤلاء الاثنان بمعزل عن هدار وشاؤول ليس لهما قيمة، الأمر الذي لا يُعتبر ضاغط على الحكومة الصهيونية، لأصول الاثنان، وكذلك لظروف اسرهما.
لكن، في حال ثبت أنّ هدار وشاؤول أو أحدهما على قيد الحياة، فإنّ ثمن مانجستو والسيد سيرتفع هو الأخر، لأنّ الحديث سيكون عن صفقة شاملة، يتم تحديد ثمن للإفراج عن كل جندي.
- هل الصفقة ستؤثر سلباً على نتنياهو؟
بالتأكيد لا، انقسام المجتمع الصهيوني الكبير حول نتنياهو، أعطاه المزيد من البريق، هذا في ظل عدم وجود شخصية تستطيع منافسته، ويُضاف إلى ذلك، بأنّ ثلاث لوائح اتهام، لم تُخرج من بين اليمين من يجرؤ على مطالبة نتنياهو بالاستقالة.
من هُنا، رغم فشل نتنياهو في الكثير من الملفات، منها التعامل مع غزة، وقدرة غزة على إدارة معركة الاستنزاف، بأكثر من 12 تصعيد خلال الثلاث سنوات الأخيرة، لكن يخرج على أنّه الأفضل في القيادة من بين الموجودين، ولك أن تتخيل أنّه فاز في مستوطنات غلاف غزة، في الانتخابات الأخيرة.
كما أنّ نتنياهو هو الأقدر على اتخاذ قرار بعقد صفقة التبادل، فداخل اليمين لن يجد معارضة، فيما الوسط سيرحب بذلك، والصفقة بالمجمل إن تمت في عهده، سترفع من أسهمه، رغم أنّها ستؤكد فشله في الحرب عام 2014. لكن للجمهور الصهيوني، لا بديل.
- هل كشف المقاومة عن مصير الجنود دونما ثمن، يُعتبر تراجع؟
بالتأكيد لا، حيث أنّ المُقاومة تؤكد أنّ ما لديها على قيد الحياة، وفي حال تم الكشف عن ذلك، فبإمكانها أن تقول لا تحريك للملف إلّا بالشروط التالية، هذا عوضاً على أنّ اثبات أنّ الجنود على قيد الحياة، سيؤدي إلى تحقيقها ثمن كبير، ليس فقط على مستوى تبادل الأسرى، بل ربما أبعد من ذلك.
كما أنّ تغيير التكتيك للوصل إلى الهدف الاستراتيجي، هو سمة حركات التحرر في تحقيق أهدافها عبر التاريخ، وأحياناً الجمود والتمسك بتكتيك مُعين، هو مقتلة ودفن للكثير من الطموحات.
- هل من المُمكن أن تكون هناك صفقة تبادل قريبة؟
بالتأكيد نعم، وكما أشرنا فهذا مرتبط بالترتيب الذي من خلاله سيتم الكشف عن مصير ما لدى المقاومة، حيث أنّ سرعة الكشف عن مصيرهم، سيُسرع من عجلة إتمام الصفقة. لكن صفقة قريبة، على الأقل ستحتاج إلى عام منذ بدء المفاوضات، التي لم تبدأ بعد.
- كيف يُقيّم أداء المقاومة تجاه الأسرى؟
بالمجمل وجود أسرى فلسطينيين أمضوا قرابة 40 عام في سجون الاحتلال، هو ما من شك نقطة سوداء في التاريخ الفلسطيني.
لكن الالتزام الكبير، والتضحية العظيمة التي أبدتها المُقاومة في سبيل تحرير اسراها، من حيث خوضها عشرات محاولات الأسر في سبيل تحريرهم، وعقد صفقة تبادل مشرفة قبل نحو عقد من الزمن، وتحمّلها الحصار والضغط، الذي يأتي في جزءٍ منه في إطار الضغط عليها للإفراج دون مقابل عن الجنود، يُعطيك مؤشر مُهم، أنّ المُقاومة ترى بهذا الملف الأولوية الأولى.