سياسة الانتظار الفلسطينية.. في ميزان الربح والخسارة
جودت صيصان
01-02-2021
سياسة الانتظار الفلسطينية.. في ميزان الربح والخسارة
جودت صيصان
منذ حوالي عقدين من الزمان والقيادة الفلسطينية تعلن بأن القضية الفلسطينية تمر في مرحلة خطيرة وغير مسبوقة، ولكنها في الوقت ذاته تمارس – غالبا - سياسة الانتظار أو اللاقرار أو ملء الفراغ أو التيه السياسي أو قلة الحيلة، سمها كما شئت، لكنها في كل الأحوال سياسة مملة أبعد ما تكون عن لغة الأفعال ومقرونة بالجمود الميداني، فلا مقاومة شعبية أو غيرها على الأرض، ولا حضور فاعل في المحافل الدولية، فهي تنتظر نتائج الانتخابات الأمريكية والإسرائلية، ثم انتظار المبعوثين وجولاتهم وعروضهم، وما بين هذا وذاك يتم ملء الفراغ بحوارات مطولة تحت عنوان المصالحة الفلسطينية والانتخابات.
إن حالة التخبط أو الانتظار التي عشناها، وما زلنا، ليس مردها، غالبا، الحكمة، بل هي أقرب ما تكون إلى العجز خاصة بعد وصول خيارات هذه القيادة إلى طريق مسدود، وإصرارها على عدم الإقرار بفشلها، لا بل ورغبتها في الاستمرار في مسلسل الأوهام المتمثل في الشرعية الدولية والمؤتمر الدولي للسلام، رغم إداراكها وقناعتها الداخلية بأن هامش المناورة قد ضاق كما لم يضق من قبل.
لقد آن الأوان لأن نضع هذه السياسات التي لطالما عانينا ونُعاني منها في ميزان الربح والخسارة، لعل ذلك يساعدنا على تقييم الآثار المترتبة عليها واشتقاق سياساتٍ ناجعة تُساعدنا على تحقيق أهدافنا الوطنية.
ماذا خسرنا من سياسة الانتظار؟
إن خسائرنا فادحة ومؤلمة من هذه السياسات، نذكر منها:
وماذا كسبنا من هذه السياسة؟
حسب وجهة نظر أصحاب هذه السياسة ومؤيديها فهناك العديد من المكاسب والانتصارات التي تم تحقيقها منها:
إن السياسة في عصرنا الحاضر، وعبر التاريخ، لم تؤسس على قوة الحق أو الشرعية الدولية أو على التصريحات النارية من هنا وهناك، وإن كانت مطلوبة، لكنها ليست كافية لوحدها للتأثير في مواقف الدول تجاه قضية ما، فكيف إذا كانت هذه القضية هي فلسطين؟ّ!
وختامًا، فإن سياسة الانتظار التي تسير عليها القيادة الفلسطينية عديمة الجدوى، ويجب الخروج منها بأسرع وقت ممكن، فعامل الزمن لا يعمل لصالحنا أو لخدمتنا، بل العكس تمامًا، فقد ألحقت هذ السياسة وما زالت تلحق بالمشروع الوطني الفلسطيني أفدح الخسائر وتحول دون التوافق على وسائل وأساليب نضالية جديدة وفعّالة ومؤثرة، فلا خيار سوى الوحدة الوطنية والشراكة السياسية والفعل الميداني الصاخب في الميدان، ولتكن الانتخابات فرصة لتحقيق ذلك وإلا فإننا نسير وبخطى متسارعة نحو المجهول.
جودت صيصان
منذ حوالي عقدين من الزمان والقيادة الفلسطينية تعلن بأن القضية الفلسطينية تمر في مرحلة خطيرة وغير مسبوقة، ولكنها في الوقت ذاته تمارس – غالبا - سياسة الانتظار أو اللاقرار أو ملء الفراغ أو التيه السياسي أو قلة الحيلة، سمها كما شئت، لكنها في كل الأحوال سياسة مملة أبعد ما تكون عن لغة الأفعال ومقرونة بالجمود الميداني، فلا مقاومة شعبية أو غيرها على الأرض، ولا حضور فاعل في المحافل الدولية، فهي تنتظر نتائج الانتخابات الأمريكية والإسرائلية، ثم انتظار المبعوثين وجولاتهم وعروضهم، وما بين هذا وذاك يتم ملء الفراغ بحوارات مطولة تحت عنوان المصالحة الفلسطينية والانتخابات.
إن حالة التخبط أو الانتظار التي عشناها، وما زلنا، ليس مردها، غالبا، الحكمة، بل هي أقرب ما تكون إلى العجز خاصة بعد وصول خيارات هذه القيادة إلى طريق مسدود، وإصرارها على عدم الإقرار بفشلها، لا بل ورغبتها في الاستمرار في مسلسل الأوهام المتمثل في الشرعية الدولية والمؤتمر الدولي للسلام، رغم إداراكها وقناعتها الداخلية بأن هامش المناورة قد ضاق كما لم يضق من قبل.
لقد آن الأوان لأن نضع هذه السياسات التي لطالما عانينا ونُعاني منها في ميزان الربح والخسارة، لعل ذلك يساعدنا على تقييم الآثار المترتبة عليها واشتقاق سياساتٍ ناجعة تُساعدنا على تحقيق أهدافنا الوطنية.
ماذا خسرنا من سياسة الانتظار؟
إن خسائرنا فادحة ومؤلمة من هذه السياسات، نذكر منها:
- تغول الاحتلال الصهيوني وتسارع إجرءاته العنصرية والتهويدية لفلسطين الأرض والإنسان، فلقد تضاعف الاستيطان ومصادرة الأراضي، وقتل الإنسان الفلسطيني واعتقاله وهدم بيته وكل طموحاته بالتحرر والعيش الكريم.
- استمرار الانقسام الفلسطيني وتعميقه وزيادة كلفته في مختلف المجالات وبالذات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
- فتح الطريق أمام بعض الدول العربية ولأشباه الكتاب والمثقفين للمجاهرة بإعلان التطبيع مع الاحتلال في محاولة لإنهاء الحالة الوطنية الفلسطينية بشقيها المُفاوض والمُقاوم.
وماذا كسبنا من هذه السياسة؟
حسب وجهة نظر أصحاب هذه السياسة ومؤيديها فهناك العديد من المكاسب والانتصارات التي تم تحقيقها منها:
- بقاء النخبة الساسية الفلسطينية الحاكمة واستمرارها حتى يومنا هذا – بالرغم من محاولات إزاحتها أو عزلها عن المشهد السياسي الفلسطيني – وهذا شعار سبق أن ردده الإعلام العربي بعد النكسة والنكبة في أعقاب الهزائم العربية في عامي 67،48.
- الحصول على قرارات دولية مؤيدة للحق الفلسطيني، لكنها بقيت حبرًا على ورق لأنها غير ملزمة وبالتالي لم تغير شيئًا ملموسًا على الأرض.
- تأمين السلطة لرواتب موظفيها البالغ عددهم 200 ألف موظف رغم انقطاعها وتأخر صرفها مرارًا وتكرارًا، علمًا بأن عدد العمال والموظفين في فلسطين يفوق المليون.
- الأمل بعودة الدعم لبعض المشاريع الدولية في فلسطين نتيجة لهذه السياسة.
إن السياسة في عصرنا الحاضر، وعبر التاريخ، لم تؤسس على قوة الحق أو الشرعية الدولية أو على التصريحات النارية من هنا وهناك، وإن كانت مطلوبة، لكنها ليست كافية لوحدها للتأثير في مواقف الدول تجاه قضية ما، فكيف إذا كانت هذه القضية هي فلسطين؟ّ!
وختامًا، فإن سياسة الانتظار التي تسير عليها القيادة الفلسطينية عديمة الجدوى، ويجب الخروج منها بأسرع وقت ممكن، فعامل الزمن لا يعمل لصالحنا أو لخدمتنا، بل العكس تمامًا، فقد ألحقت هذ السياسة وما زالت تلحق بالمشروع الوطني الفلسطيني أفدح الخسائر وتحول دون التوافق على وسائل وأساليب نضالية جديدة وفعّالة ومؤثرة، فلا خيار سوى الوحدة الوطنية والشراكة السياسية والفعل الميداني الصاخب في الميدان، ولتكن الانتخابات فرصة لتحقيق ذلك وإلا فإننا نسير وبخطى متسارعة نحو المجهول.