صفقة القرن.. كتبناها وأخرجناها وطبقناها
عماد أبو عواد
23-12-2018
عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
تُرسم السياسة بناءً على مجريات الأحداث، بمعنى أنّ المحددات لمتخذ القرار تبدأ من واقع الحال على الأرض، وعند الحديث عن صفقة القرن إن وُجدت، فإنّنا كفلسطينيين نطبق ما هو أخطر منها، لا بل نحن من ألهمنا القائمين على السياسات الأخيرة بحق القضية الفلسطينية ما يتخذونه من قرارات، ولربما بسياساتنا سنكون وحياً لهم يرشدهم إلى طريق تشتيت ما تبقى منّا.
عند قراءة الأرشيف الإسرائيلي، والذي كشفت عنه "إسرائيل" في العام 2017، بمناسبة مرور خمسين عاماً على حرب حزيران 1967، فقد انتقلت "إسرائيل" من مرحلة الخرف، إلى السيطرة من أجل تحقيق السلام، بمعنى أنّ بداية احتلال الضفة ومناطق عربية أخرى، كان بهدف أن تستخدمها "إسرائيل" للمساومة من أجل نيلها الاعتراف العربي، وبعدها تقوم بالانسحاب منها، وهذا ما يُفسر تأخرها في البناء الاستيطاني فيها.
جاءت الأحداث المتسارعة، وانتفض الشعب الفلسطيني، فتم الالتفاف على ثورته باتفاقيات كان من الواضح أنّها لن تُطبق على الأرض، فقد تضاعف الاستيطان مع توقيعها، وتمددت المساحات الاستيطانية، بعد أن قضم الفلسطيني مخالبه بنفسه، وكبّل يديه بأغلال أتقن صناعتها، فمنح المحتل فرصة تطبيق سياساتٍ، لم يكن يخطط لها، ولم يكن يحلم بها.
وما مجريات السنوات الأخيرة بمعزل عن السياسة العامة تجاه القضية الفلسطينية، فقد أضعف الفلسطيني نفسه بالانقسام، وقبل ذلك بولوج حركة المقاومة الأهم الساحة السياسية بالمشاركة في الانتخابات، فوضعنا أمام المتربصين بالقضية الفلسطينية، فرصة اللعب على وتر التناقض الداخلي بشكل أكثر تنظيماً، ليُعتبر الانقسام الفلسطيني، الشريان الأهم الذي غذّى المشروع الاحتلالي خلال العقد الأخير.
وبعدها نأتي لنتحدث عن صفقة قرنٍ وتوابعها، وأنا هُنا أتساءل ماذا ستُضيف صفقة القرن؟، وهل كانت قضيتنا بخر فجاءت لتعكيرها؟، وهل كنّا كفلسطينيين نمتلك أسساً ورؤى واضحة فعكّر صفوها علينا ترامب؟.
حين قبل جزءٌ منا التنازل عن غالبية أرضنا، وحين اعترفنا بالاحتلال كقوّة شرعية، منحناه فرصة المزيد من التوغل، نحن الثورة الوحيدة في العالم التي اعترفت بشرعية احتلالها، نحن الفريدون من نوعنا اللذين خففنا عن الاحتلال كلفة احتلاله، لقد احتلت البرتغال أنجولا لعقود، لكنّها ما كسبت شرعيةً وخرجت صاغرة.
إنّ إعادة القضية الفلسطينية لجوهرها، ومنحها بريقها الخاص، وإعادتها للقضية الأكثر عدلاً في العالم يبدأ منّا كفلسطينيين أولاً. من خلال اتخاذ خطوات حقيقة على الأرض ليس أقلّها سحب الاعتراف ب"إسرائيل"، والمطالبة بكامل الحق الفلسطيني، قد يقول قائل، إنّ ذلك سيُساهم بإقدام "إسرائيل" على خطوات جنونية، فليكن ذلك، لكنّه بالتأكيد سيعيد للقضية ألمعيتها، فليس من المعقول في الوقت الذي تُعاني فيه "إسرائيل" لكسب شرعية عالمية على مستولى شعوب العالم، تجد أرجلها في الماء حين يتعلق الأمر بأصحاب الحق.
فلم يعود العالم يحترم قضيتنا، ولن يُعاود العرب ولو خجلاً الوقوف بجانبنا، ولن تتحرك المياه الجارية لصالحنا إلّا إذا عرفنا قيمة أنفسنا، ورفعنا سقفنا عالياً، فلا استجداءَ هنا سيفيد، ولا رجاءَ هناك سيقدم، وقد صدق أجدادنا حينما قالوا "ما حك جلدك مثل ظفرك"، ولن ننال ولو جزءً يسيراً ممّا نطمح إليه بسياستنا الحالية.
سيكتب التاريخ إن بقينا كما نحن، أنّنا كنّا خير من يخطط لطمس معالم ذاته، ووأد أسود بلاده، لن يلوم التاريخ المحتل وترامب، وستكشف الأيام أنّ ما يُسمى من صفقات إنّما هي سفينة تحركها رياح خيباتنا المتلاحقة. يبقى الأمل منوط بأولئك اللذين لا زالوا يحملون الهمّ كاملاً غير مجزئ، مؤمنين بالطريق رغم ظاهر صعوبته، لا يرفعون تجاه قومهم، سوى أنّ كبير القوم لا يحمل الحقدا.
تُرسم السياسة بناءً على مجريات الأحداث، بمعنى أنّ المحددات لمتخذ القرار تبدأ من واقع الحال على الأرض، وعند الحديث عن صفقة القرن إن وُجدت، فإنّنا كفلسطينيين نطبق ما هو أخطر منها، لا بل نحن من ألهمنا القائمين على السياسات الأخيرة بحق القضية الفلسطينية ما يتخذونه من قرارات، ولربما بسياساتنا سنكون وحياً لهم يرشدهم إلى طريق تشتيت ما تبقى منّا.
عند قراءة الأرشيف الإسرائيلي، والذي كشفت عنه "إسرائيل" في العام 2017، بمناسبة مرور خمسين عاماً على حرب حزيران 1967، فقد انتقلت "إسرائيل" من مرحلة الخرف، إلى السيطرة من أجل تحقيق السلام، بمعنى أنّ بداية احتلال الضفة ومناطق عربية أخرى، كان بهدف أن تستخدمها "إسرائيل" للمساومة من أجل نيلها الاعتراف العربي، وبعدها تقوم بالانسحاب منها، وهذا ما يُفسر تأخرها في البناء الاستيطاني فيها.
جاءت الأحداث المتسارعة، وانتفض الشعب الفلسطيني، فتم الالتفاف على ثورته باتفاقيات كان من الواضح أنّها لن تُطبق على الأرض، فقد تضاعف الاستيطان مع توقيعها، وتمددت المساحات الاستيطانية، بعد أن قضم الفلسطيني مخالبه بنفسه، وكبّل يديه بأغلال أتقن صناعتها، فمنح المحتل فرصة تطبيق سياساتٍ، لم يكن يخطط لها، ولم يكن يحلم بها.
وما مجريات السنوات الأخيرة بمعزل عن السياسة العامة تجاه القضية الفلسطينية، فقد أضعف الفلسطيني نفسه بالانقسام، وقبل ذلك بولوج حركة المقاومة الأهم الساحة السياسية بالمشاركة في الانتخابات، فوضعنا أمام المتربصين بالقضية الفلسطينية، فرصة اللعب على وتر التناقض الداخلي بشكل أكثر تنظيماً، ليُعتبر الانقسام الفلسطيني، الشريان الأهم الذي غذّى المشروع الاحتلالي خلال العقد الأخير.
وبعدها نأتي لنتحدث عن صفقة قرنٍ وتوابعها، وأنا هُنا أتساءل ماذا ستُضيف صفقة القرن؟، وهل كانت قضيتنا بخر فجاءت لتعكيرها؟، وهل كنّا كفلسطينيين نمتلك أسساً ورؤى واضحة فعكّر صفوها علينا ترامب؟.
حين قبل جزءٌ منا التنازل عن غالبية أرضنا، وحين اعترفنا بالاحتلال كقوّة شرعية، منحناه فرصة المزيد من التوغل، نحن الثورة الوحيدة في العالم التي اعترفت بشرعية احتلالها، نحن الفريدون من نوعنا اللذين خففنا عن الاحتلال كلفة احتلاله، لقد احتلت البرتغال أنجولا لعقود، لكنّها ما كسبت شرعيةً وخرجت صاغرة.
إنّ إعادة القضية الفلسطينية لجوهرها، ومنحها بريقها الخاص، وإعادتها للقضية الأكثر عدلاً في العالم يبدأ منّا كفلسطينيين أولاً. من خلال اتخاذ خطوات حقيقة على الأرض ليس أقلّها سحب الاعتراف ب"إسرائيل"، والمطالبة بكامل الحق الفلسطيني، قد يقول قائل، إنّ ذلك سيُساهم بإقدام "إسرائيل" على خطوات جنونية، فليكن ذلك، لكنّه بالتأكيد سيعيد للقضية ألمعيتها، فليس من المعقول في الوقت الذي تُعاني فيه "إسرائيل" لكسب شرعية عالمية على مستولى شعوب العالم، تجد أرجلها في الماء حين يتعلق الأمر بأصحاب الحق.
فلم يعود العالم يحترم قضيتنا، ولن يُعاود العرب ولو خجلاً الوقوف بجانبنا، ولن تتحرك المياه الجارية لصالحنا إلّا إذا عرفنا قيمة أنفسنا، ورفعنا سقفنا عالياً، فلا استجداءَ هنا سيفيد، ولا رجاءَ هناك سيقدم، وقد صدق أجدادنا حينما قالوا "ما حك جلدك مثل ظفرك"، ولن ننال ولو جزءً يسيراً ممّا نطمح إليه بسياستنا الحالية.
سيكتب التاريخ إن بقينا كما نحن، أنّنا كنّا خير من يخطط لطمس معالم ذاته، ووأد أسود بلاده، لن يلوم التاريخ المحتل وترامب، وستكشف الأيام أنّ ما يُسمى من صفقات إنّما هي سفينة تحركها رياح خيباتنا المتلاحقة. يبقى الأمل منوط بأولئك اللذين لا زالوا يحملون الهمّ كاملاً غير مجزئ، مؤمنين بالطريق رغم ظاهر صعوبته، لا يرفعون تجاه قومهم، سوى أنّ كبير القوم لا يحمل الحقدا.