صفقة تبادل أسرى.. حقيقة واقعة وتنفيذ مؤجل
ياسر مناع
03-04-2019
كتب: ياسر مناع - مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
شكّلت صّفقة وفاء الاحرار في عام 2011 حدثاً هاماً على الساحة الفلسطينية بشكل عام، وعلى صعيد حركة حماس بذاتها بشكل خاص، حيث تعتبر هذه المرة الاولى التي يخوض فيها فصيل فلسطيني من داخل الاراضي المحتلة مفاوضات تبادل أسرى ناجحة تتضمّن الإفراج عن ما يقارب 1027 أسير عدد منهم أبعد الى غزة والى الخارج، وآخرون عادوا الى بيوتهم في الضفة، مقابل الإفراج عن الجنديّ الأسير "جلعاد شاليط"، على الرغم من كون الحدث مفاجئاً لم يمهد له أيّ إرهاص، إلا ان الظروف التي وقعت منذ اختطاف "شاليط" وحتى مبادلته والتي امتدت على مدار 5 سنوات، كانت غير عادية وطبيعية تخللها عمليات عسكرية ضد القطاع، ومروراً بحصار لايزال مفروضاً حتى يومنا هذا.
وبالتّالي فإنّ السّؤال الذي يطرح نفسه اليوم "هل من الممكن أن نشهد حدثاً يفاجئ الجميع كما صفقة وفاء الاحرار -شاليط -"؟ وهذا يجرّ المتابع إلى سؤال آخر هل الظروف الراهنة مواتية حقاً لإبرام صفقة تبادل جديدة؟
في الحقيقة ان الظروف التي احاطت بإختطاف الجندي "جلعاد شاليط" كانت مختلفة نوعاً ما عن الظروف المحيطة اليوم، سواء على الساحة الدولية واهمها وجود ادارة امريكية منصاعة تماماً للارادة الاسرائيلية، او على مستوى الساحة الداخلية الفلسطينية التي اعياها الانقسام بين شقي الوطن.
في هذا المقال أحاول إلقاء الضّوء على طرفي الصّفقة، مضافاً اليهما ما أحاط بالأسرى من الجنود لدى المقاومة، بعد ان اشتغل الاعلام في الحديث عن صفقة جديدة قد نشهدها في الأيام القليلة المقبلة، وذلك على النّحو التّالي:
حركة حماس
بعد اتمام صفقة تبادل وفاء الاحرار، ارتفعت شعبية الحركة في الشارع الفلسطيني، والتي بدورها اخذت على عاتقها قضية الأسرى، وكسرت القاعدة الاسرائيلية القائلة بعدم الإفراج عن اسرى "أيديهم ملطّخة بالدماء "، وبعد النجاح النوعي الذي حققته في مسألة "شاليط" سواء من الناحية الامنية المتمثلة في المحافظة عليه، أو من ناحية ادارة المفاوضات، أو الثمن الذي حققته من وراء ذلك كله.
مَثّلَ إعادة اختطاف الأسرى المحررين في الصفقة في صيف عام 2014، ثغرة استغلتها "اسرائيل" لم تخطر ببال حماس مطلقاً، لاسيما أن هنالك اطراف دولية راعية للصفقة، مما جعل الأخيرة تضع شرطاً لازالت تتمسك به قبل الحديث في أي مفاوضات على الرغم من المرونة والرّغبة في صفقة تبادل جديدة، والمتمثل في الإفراج عن أولئك الأسرى المعاد اعتقالهم دون اي تهمة، ويقدر عددهم بـ 60 أسيراً، كان قد افرج عن بعضهم بعد انتهاء محومياتهم السابقة.
وبالتالي فإن عدم افراج "اسرائيل" عن الاسرى المعاد اعتقالهم، هذا يعني بأننا لا زلنا على مسافة من إبرام أي صفقة.
أضف الى ذلك ضعف الوسيط الحالي (مصر) - التي تسعى لإنجاز صّفقة من خلال وساطتها، لأنّ ذلك يعزّز من دورها الاقليمي الآخذ بالتراجع أمام الدور التركي والقطري البارز في المنطقة - بين حماس و"اسرائيل"، وعدم قدرتها على ابرام اتفاق تهدئة مؤقت في غزة، لعدم قدرته على ضمان الأخيرة في تنفيذ التفاهمات.
"اسرائيل"
تعيش "اسرائيل" في هذه الأيام حالة من التشظي السياسي، وخصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات المزمع عقدها في 9 من الشهر الجاري، يأتي ذلك في ضوء الهجمة الاعلامية التي يتعرض لها نتيناهو بسبب "السياسة الناعمة" في التعامل مع غزة، كما يصفها الساسة في "اسرائيل".
في ظل الفساد الذي يٌغرق نتنياهو حتى اخمص قدميه بالاضافة الى تلاشي قوة الرّدع الإسرائيليّة أمام غزة، تجعل منه شخصاً غير مستعد لئن يقدم أصواتاً بالمجان، وعلى طبق من ذهب لمنافسيه، وبالتحديد "غانتس"، وبالتالي لن يجرأ في الفترة الحالية على ابرام صفقة تبادل مع حماس، قد يخسر من خلالها الكثير من أصوات الناخبين، ولاسيما من المستوطنين.
أضف الى ذلك ضعف التفاعل والضغط الشعبي في المجتمع الاسرائيلي، وعدم توفر المطالبة الجادة من قِبل الرأي العام في اعادة الجنود، يجعل من الامر غير وراد الآن.
الجنود الأسرى لدى المقاومة
منذ اللحظة الاولى لإختطاف "شاليط" تم الاعلان عن أسره، وبذلك امتلكت "اسرائيل" معلومة أظهرت مصيره، والتي بدورها حددت مجريات المفاوضات فيما بعد، حيث استغرقت قرآبة 5 أعوام، وتدرجت على اكثر من مرحلة.
لكن في هذه القضية نرى بأن مصير الجنود مجهولا، في ظل تمسك الطرفين برأييهما، مما يعني انه لن يكون هنالك تقدم في القضية ما لم يكسر أحدهما جمود موقفهما، مع انه ومن المستبعد ان تقوم حماس بذلك، كي تضمن عدم اعادة "اسرائيل" تحت اي ظرف من الظروف اعتقال من يتم الافراج عنه في الصفقة الجديدة.
ختاماً.. لا يمكننا القول بأن المعطيات والظروف الحالية مهيئة لإتمام أي صفقة تبادل أسرى في الوقت الحالي، لكن لا يمكن التّقليل من أهميّة الحوارات التي تحاول التهيئة للبدء بمفاوضات قد تؤدي الى نتائج حقيقية.
والجدير بالذكر ان السّياسة متغيّرة دائماً ولا توجد احداث ثابتة، فلربما نشهد أحداثاً تقلب التوقعات والتحليلات رأساً على عقب، تسابق الزمن في إبرام صفقة تبادل جديدة.
شكّلت صّفقة وفاء الاحرار في عام 2011 حدثاً هاماً على الساحة الفلسطينية بشكل عام، وعلى صعيد حركة حماس بذاتها بشكل خاص، حيث تعتبر هذه المرة الاولى التي يخوض فيها فصيل فلسطيني من داخل الاراضي المحتلة مفاوضات تبادل أسرى ناجحة تتضمّن الإفراج عن ما يقارب 1027 أسير عدد منهم أبعد الى غزة والى الخارج، وآخرون عادوا الى بيوتهم في الضفة، مقابل الإفراج عن الجنديّ الأسير "جلعاد شاليط"، على الرغم من كون الحدث مفاجئاً لم يمهد له أيّ إرهاص، إلا ان الظروف التي وقعت منذ اختطاف "شاليط" وحتى مبادلته والتي امتدت على مدار 5 سنوات، كانت غير عادية وطبيعية تخللها عمليات عسكرية ضد القطاع، ومروراً بحصار لايزال مفروضاً حتى يومنا هذا.
وبالتّالي فإنّ السّؤال الذي يطرح نفسه اليوم "هل من الممكن أن نشهد حدثاً يفاجئ الجميع كما صفقة وفاء الاحرار -شاليط -"؟ وهذا يجرّ المتابع إلى سؤال آخر هل الظروف الراهنة مواتية حقاً لإبرام صفقة تبادل جديدة؟
في الحقيقة ان الظروف التي احاطت بإختطاف الجندي "جلعاد شاليط" كانت مختلفة نوعاً ما عن الظروف المحيطة اليوم، سواء على الساحة الدولية واهمها وجود ادارة امريكية منصاعة تماماً للارادة الاسرائيلية، او على مستوى الساحة الداخلية الفلسطينية التي اعياها الانقسام بين شقي الوطن.
في هذا المقال أحاول إلقاء الضّوء على طرفي الصّفقة، مضافاً اليهما ما أحاط بالأسرى من الجنود لدى المقاومة، بعد ان اشتغل الاعلام في الحديث عن صفقة جديدة قد نشهدها في الأيام القليلة المقبلة، وذلك على النّحو التّالي:
حركة حماس
بعد اتمام صفقة تبادل وفاء الاحرار، ارتفعت شعبية الحركة في الشارع الفلسطيني، والتي بدورها اخذت على عاتقها قضية الأسرى، وكسرت القاعدة الاسرائيلية القائلة بعدم الإفراج عن اسرى "أيديهم ملطّخة بالدماء "، وبعد النجاح النوعي الذي حققته في مسألة "شاليط" سواء من الناحية الامنية المتمثلة في المحافظة عليه، أو من ناحية ادارة المفاوضات، أو الثمن الذي حققته من وراء ذلك كله.
مَثّلَ إعادة اختطاف الأسرى المحررين في الصفقة في صيف عام 2014، ثغرة استغلتها "اسرائيل" لم تخطر ببال حماس مطلقاً، لاسيما أن هنالك اطراف دولية راعية للصفقة، مما جعل الأخيرة تضع شرطاً لازالت تتمسك به قبل الحديث في أي مفاوضات على الرغم من المرونة والرّغبة في صفقة تبادل جديدة، والمتمثل في الإفراج عن أولئك الأسرى المعاد اعتقالهم دون اي تهمة، ويقدر عددهم بـ 60 أسيراً، كان قد افرج عن بعضهم بعد انتهاء محومياتهم السابقة.
وبالتالي فإن عدم افراج "اسرائيل" عن الاسرى المعاد اعتقالهم، هذا يعني بأننا لا زلنا على مسافة من إبرام أي صفقة.
أضف الى ذلك ضعف الوسيط الحالي (مصر) - التي تسعى لإنجاز صّفقة من خلال وساطتها، لأنّ ذلك يعزّز من دورها الاقليمي الآخذ بالتراجع أمام الدور التركي والقطري البارز في المنطقة - بين حماس و"اسرائيل"، وعدم قدرتها على ابرام اتفاق تهدئة مؤقت في غزة، لعدم قدرته على ضمان الأخيرة في تنفيذ التفاهمات.
"اسرائيل"
تعيش "اسرائيل" في هذه الأيام حالة من التشظي السياسي، وخصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات المزمع عقدها في 9 من الشهر الجاري، يأتي ذلك في ضوء الهجمة الاعلامية التي يتعرض لها نتيناهو بسبب "السياسة الناعمة" في التعامل مع غزة، كما يصفها الساسة في "اسرائيل".
في ظل الفساد الذي يٌغرق نتنياهو حتى اخمص قدميه بالاضافة الى تلاشي قوة الرّدع الإسرائيليّة أمام غزة، تجعل منه شخصاً غير مستعد لئن يقدم أصواتاً بالمجان، وعلى طبق من ذهب لمنافسيه، وبالتحديد "غانتس"، وبالتالي لن يجرأ في الفترة الحالية على ابرام صفقة تبادل مع حماس، قد يخسر من خلالها الكثير من أصوات الناخبين، ولاسيما من المستوطنين.
أضف الى ذلك ضعف التفاعل والضغط الشعبي في المجتمع الاسرائيلي، وعدم توفر المطالبة الجادة من قِبل الرأي العام في اعادة الجنود، يجعل من الامر غير وراد الآن.
الجنود الأسرى لدى المقاومة
منذ اللحظة الاولى لإختطاف "شاليط" تم الاعلان عن أسره، وبذلك امتلكت "اسرائيل" معلومة أظهرت مصيره، والتي بدورها حددت مجريات المفاوضات فيما بعد، حيث استغرقت قرآبة 5 أعوام، وتدرجت على اكثر من مرحلة.
لكن في هذه القضية نرى بأن مصير الجنود مجهولا، في ظل تمسك الطرفين برأييهما، مما يعني انه لن يكون هنالك تقدم في القضية ما لم يكسر أحدهما جمود موقفهما، مع انه ومن المستبعد ان تقوم حماس بذلك، كي تضمن عدم اعادة "اسرائيل" تحت اي ظرف من الظروف اعتقال من يتم الافراج عنه في الصفقة الجديدة.
ختاماً.. لا يمكننا القول بأن المعطيات والظروف الحالية مهيئة لإتمام أي صفقة تبادل أسرى في الوقت الحالي، لكن لا يمكن التّقليل من أهميّة الحوارات التي تحاول التهيئة للبدء بمفاوضات قد تؤدي الى نتائج حقيقية.
والجدير بالذكر ان السّياسة متغيّرة دائماً ولا توجد احداث ثابتة، فلربما نشهد أحداثاً تقلب التوقعات والتحليلات رأساً على عقب، تسابق الزمن في إبرام صفقة تبادل جديدة.