عاموس يدلين: هناك حاجة لاستعادة الردع في غزة

فريق المركز
25-07-2018
ترجمة : ياسر مناع / مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

تحت عنوان " الردع، المعادلات، التسوية والإستراتيجية " كتب عاموس يدلين([1])  دراسة تحليلية حول الرؤية الإسرائيلية المتعلقة بالحرب على قطاع غزة، حيث قام معهد أبحاث الأمن القومي (INSS) بنشرها على موقعه الإلكتروني وجاء فيها:

بعد المواجهة التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي، إدعت كلٌ من "إسرائيل" وحماس، بأن كل واحد منهما قد أرسى معادلات جديدة كانا قد عملا على رسمها سابقاً، لكن – كما يقول الكاتب – بأن كلامهما غير مقنع، لأن الوقائع على الأرض تشير عكس ذلك، فإن حماس – على زعم الكاتب – دفعت ثمناً باهظاً من خلال استهداف الجيش لجملة من المواقع دون أن تقوم حماس بالرد، أمّا بالنسبة لـ " إسرائيل " فمن السابق لأوانه الحديث بأنها قد إستطاعت الحد من موجة النار، أو أنها استطاعت إستعادة قوة الردع أمام حماس.

نستطيع أن نقول بأن تقديرات حماس تشير الى أنها نجحت في ردع " إسرائيل " على نطاق واسع، مما يشجع الحركة في الإستمرار بمحاولاتها الرامية لإلحاق الضرر بـ " إسرائيل" على الرغم من وضح مستوى ضبط النفس للقيادة الإسرائيلية، لذلك يجب على " إسرائيل " بلورة إستراتيجية إستباقية من شأنها العمل على تغير واقع المواجهة المستمرة مع حماس، على أن تحتوي إجراءات سياسية وعسكرية متكاملة فيما بينها، وفي التوقيت الذي يفشل فيه خيار " التسوية " بالتزامن مع إستمرار حماس في التمسك بموقفها الذي يشكل تحدٍ لـ " إسرائيل" فإنه يجب على الأخيرة خوض عملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع؛  بهدف توجيه ضربه قاسمة لحركة حماس وخصوصاً ذراعها العكسري " كتائب القسام "، والعمل على ترسيخ قوة الردع و فرض هدنة طويلة الأمد " محددة " تحقق إستقراراً في المنطقة.

في بداية الأمر يجب الإبتعاد عن المواجهة الدائرة حالياً، والإهتمام بدراسة إستراتيجيات كلاً من الطرفين، من أجل تحقيق أهداف قومية إسرائيلية رئيسية، ويعد هذا بمثابة إختبار للأمن القومي، في الحقيقة إن "إسرائيل" أقوى من أي وقت مضى، حيث أنها تمتلك منظومة عسكرية إستراتيجية، مجمع إستخباراتي عالي المستوى، منظومة دفاعية وتكنولوجية متطورة، بالإضافة الى العلاقة والتقارب في المصالح مع العالم العربي سواء من فوق أو تحت الطاولة، والدعم الغير مسبوق من البيت الأبيض، والعلاقة مع روسيا.

أمّا بالنسبة لـحماس – كما يصف الكاتب – فإنها تنتقل من أزمة الى أخرى على أكثر من صعيد، حيث تعاني غزة من أزمة إنسانية صعبة للغاية، أما العالم العربي فيرى في حماس إمتداد الإخوان المسلمين وإيران في المنطقة، و بالنسبة للوضع العكسري فإنه يزداد صعوبة في ظل الجهود الإسرائيلية والمصرية في محاربة الأنفاق، و فيما يتعلق بوضعها الداخلي وخصوصاً مع حركة فتح فإن المصالحة بعيدة عن الواقع رغم المحاولات الرامية لتحقيق المصالحة بين الحركتين.

على الرغم من عدم تكافئ القوى بين الطرفين، إلا أن حماس قد نجحت في تحدي " إسرائيل "و وفرض " تعادل إستراتيجي"، حيث عملت على تحطيم قوة الردع الإسرائيلية، وخصوصاً خرق حالة الهدوء التي سادت في جنوب فلسطين المحتلة في إعقاب الحرب الأخير على القطاع عام 2014، من أجل ارساء معادلات جديدة على الأرض، على الرغم من أن حماس لم تخطط لـ " مسيرات العودة " الطائرات والبالونات الحارقة، إلا أنها شكلا تحديان رئيسيان لـ " إسرائيل ".

بات من الواضح بأن كلا الجانبين لا يريدان حرب، حيث اكتفت " إسرائيل " بمسألة " الهدوء مقابل الهدوء "، بالإضافة الى سعيها في إعادة قوة الردع، أمّا حماس فهي تريد كسر الحصار وتحسين الحياة الإقتصادية في القطاع، وتسعى لإثبات أن نهج المقاومة التي تسير عليه هو الخيار الأمثل للشعب الفلسطيني ضد " إسرائيل".

بعد أن أرست حماس معادلاتها الجديدة " القصف بالقصف " وذلك من خلال إطلاق قذائف الهاون والصواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة بعد إستهداف الجيش للمتظاهرين على السياج الحدودي، مما شجعها لتثبيت قاعدة جديدة " الدم بالدم " حيث شهدنا قتل جندي برصاص قناص يوم الجمعة الماضي، على الرغم من وجود رئيس المكتب السياسي لـحماس إسماعيل هنية في المسيرات، تسعى "إسرائيل" أيضاً لإيجاد معادلات في أعقاب موجات الحرائق والقصف حتى وإن لم يتضرر المستوطنين، وذلك من خلال إيقاف إدخال البضائع التجارية والوقود ومواد البناء للقطاع، بالإضافة تدفيع حماس الثمن الباهظ من خلال إستهداف الممتلكات لا الأرواح، من السابق لأوانه الحديث ما إذا كانت "إسرائيل" قد حققت وقف إطلاق النار وأعادت قوة الردع أمام حماس.

رفضت حماس الصيغة التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية بعد الحرب الأخيرة عام 2014، القاضية بإعادة تأهيل القطاع مقابل نزع السلاح، وتعتبر المعايير التي إشترطتها حماس لإبرام إتفاق هدنة طويلة الأمد أكثر خطورة على "إسرائيل" من الشروط التي أفشلت المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.

وفي مقال نشر الأسبوع الماضي في صحيفة "واشنطن بوست"، حاول فريق الرئيس الأمريكي دراسة جدوى "صفقة  القرن الصغيرة " الخاصة بقطاع غزة، معرباً عن إدراكه أنه من المستحيل إعادة تأهيل غزة بسبب رفض حماس التخلي عن هويتها "كمنظمة إرهابية ونزع سلاحها" وفق ما نقلته الصحيفة.

من الممكن أن تكون هنالك تفاهمات أكثر إعتدالاً مثل: هدنة محدودة ، تتضمن سلسلة من المعايير التي يمكن لكل من إسرائيل وحماس العيش معها، في أن يكون الشرط الأساسي لمثل هذا الترتيب هو وقف شامل للنشاطات من غزة وإعادة الجنود الأسرى لدى حماس في غزة، عقب ذلك مباشرة، سيتم البدء في برنامج لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة لإنشاء مشاريع البنية التحتية في مجالات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والنقل.

والاتفاق على فتح معابر القطاع وفقاً لمعايير أمنية صارمة، ولن يُطلب من حماس تفكيك جناحها العسكري لكنها ستلتزم بتجميده وعدم تطويره، والجدير بالذكر بأن "إسرائيل"  قد حدت من القدرة العسكرية الرئيسية لحماس المتمثلة بالصواريخ والأنفاق.

وتريد الحكومة الإسرائيلية تجديد العملية السياسية، وتعمل على تعزز عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، لكن وفقاً لشروط أبو مازن "سلطة واحدة هي سلاح واحد"، وتفشل ما تسعى إليه حماس "نموذج حزب الله ".

وختم الكاتب دراسته بقوله "أنه في حال لم تنجح هذه الترتيبات، وتتمسك حماس بموقفها وتواصل تحدي "إسرائيل" عسكرياً، فلن يكون هناك خيار سوى التحضير لعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، تعمل على توجيه ضربة قاسية لـحماس، وضرب مؤسساتها في القطاع بالإضافة الى إضعافها على الساحة الفلسطينية، والعمل على فرض هدنة محدودة تحقق الهدوء على الحدود وتعمل على التخفيف من الوضع الإنساني المتفاقم في القطاع".







[1] . رئيس معهد دراسات الأمن القومي ورئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية ( آمان).