عسكر "إسرائيل".. نقاط القوة والضعف
عماد أبو عواد
20-12-2018
عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
تعتمد قوّة الجيوش على أمرين هامين، التجهيزات من ناحية ونوعية الجندي المقاتل من الناحية الأخرى. ويتميز الجيش الإسرائيلي، بامتلاكه تكنولوجيا متفوّقة فاقت نظراءه من الدول العربية، هذه التكنولوجيا مكنته من حسم الحروب بشكل أسرع وبنجاعة كبيرة، حيث تفوق الجيش الإسرائيلي بالتسليح، وامتلاكه تكنولوجيا خاصة متطورة جعلته في مصاف الجيوش الأولى عالمياً من حيث القوّة.
حيث وفق التصنيف العالمي، يحتل الجيش الإسرائيلي الموقع الخامس عشر عالمياً (ماكو، 2017)، وجاء بعد قوّتين اقليميتين وهما مصر وتركيا، ووفق المُعطيات فإنّه يخدم في الجيش الإسرائيلي 160 ألف جندي، 650 ألف احتياطي، ويمتلك 2600 دبابة، و650 مروحية وطائرة عسكرية (ماكو، 2017)، جعلته من ضمن أقوى جيوش العالم.
لكنّ المقارنة العالمية تأخذ الإجمالي العام، لكنّ تميّز الجيش الإسرائيلي، لا يكمن في عدد الجيش، وما يمتلكه من معدات، بل جاء بسبب التكنولوجيا المتطورة الكبيرة التي يمتلكها هذا الجيش، والتي خصصت لها "إسرائيل" جيشاً كاملاً للدعم والتطوير، مكّنها من الوصول إلى مراحل متقدمة من الصناعات العسكرية والتي باتت تُباع في الكثير من دول العالم.
ووفق معطياته فإنّ الجيش الإسرائيلي، يمتلك تكنولوجيا جوّية متطورة، وسلاح مدرعات محصن بوسائل حماية منقطعة النظير (ماكو، 2013)، إلى جانب وحدة سايبر مميزة، وضعته في مصاف الدول الأولى، والتي وفق رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، فإنّ الدمج بين التكنولوجيا المتطورة والجندي الإسرائيلي، هي سرّ القوّة التي تتمتع بها المنظومة العسكرية الإسرائيلية (بنبورت، 2018).
حيث تمتلك "إسرائيل" تجهيزات عسكرية تكنولوجية متطورة، طائرات اف 35 أمريكية الصنع، طائرات اف 16 متطورة، وأقمار صناعية للتجسس، إلى جانب منظومة اعتراض صواريخ متطورة، وصواريخ بالستية موجه، بوارج حربية، وغواصات متطورة جدّاً، تستطيع اطلاق مئات الصواريخ لمسافات طويلة (موقع الجيش، 2018).
الأهم من ذلك، فإنّ "إسرائيل" تمتلك قوّة أخرى استطاعت من خلالها وضع نفسها في مقدمة الدول الإقليمية، حيث استطاعت الوصول إلى سلاحٍ نووي، لكنّها بقيت على سياسة الغموض النووي، فلا أعلنت ولا أنكرت (هكيت، 2016). من خلال هذه السياسة "إسرائيل" استطاعت تحقيق أمرين الأول، أنّها لم تضع نفسها في دائرة استهداف الوكالة الدولية للطاقة من حيث الرقابة والتفتيش، والأمر الآخر حافظت على قوّة ردعٍ كبيرة تحديداً أمام القوى الإقليمية.
ووفق المعطيات فإنّ "إسرائيل" تمتلك أكثر من 100 رأس نووي، حيث قدّرها ديفيد اولبرايت، رئيس المعهد الأمريكي للمعلومات والأمن بحوالي 115 رأس نووي، وهي في المرتبة العاشرة عالمياً في هذا السياق (واي نت، 2015)، الأمر الذي يمنحها نقطة ارتكاز قوّية في حال وجدت مخاطر تُهدد وجود الدولة، تحديداً إذا كان التهديد على مستوى دولة وليس تنظيم مقاومة.
وإن كانت "إسرائيل" تفوّقت وامتلكت تكنولوجيا متطورة وسلاحاً نووياً، لكنّ على الجانب الآخر فإنّها تُعاني من نقاط ضعف قللت في كثير من الأحيان من هذا التفوّق، وتحديداً عند مواجهة تنظيمات أقل من دولة، كما كان الحال في مواجهاتها مع المقاومة في لبنان، والمقاومة الفلسطينية في غزة، حيث ليس بالإمكان في مثل هذه الحالات وبسبب التلاصق الجغرافي أن يتم استخدام السلاح النووي، أو حتى راجمات الصواريخ بعيدة المدى، وذات الرؤوس التدميرية الكبيرة، رغم أنّ "إسرائيل" استخدمت مئات آلاف الاطنان في حربها ضد جنوب لبنان وغزة، لكنّها لم تحسم الحرب، وهذا يعود لأسباب مرتبطة بنقاط الضعف التي تنخر في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
حيث من الناحية الأولى، فإنّ الدولة العبرية لا تمتلك رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع المقاومة تحديداً في غزة، وهذا ما أكد عليه ضابط كبير في الاحتياط الإسرائيلي، عندما أشار أنّ كل فترات التصعيد الأخيرة في قطاع غزة، بما في ذلك الحرب الأخيرة في العام 2014، كانت دون رؤية استراتيجية واضحة (ليدور، 2018)، والأبعد من ذلك الإقرار الإسرائيلي بعدم امتلاك خطة حربية واضحة للتعامل مع تنظيمات المقاومة (توب، 2018)، الأمر الذي يترك الجيش رهينة مخاوف الساسة، ومخاوف الفشل في ظل عدم القدرة على حسم المواجهة.
من الناحية الثانية، فإنّ "إسرائيل" باتت تجد نفسها أمام معضلة حقيقية فيما يتعلق بالحرب البرية، حيث أظهرت مُعطيات "إسرائيلية"، أنّ الحرب البرية غير مرغوبة للعديد من الأسباب، أولاها الخوف من وجود عدد كبير من القتلى، وثانيها تفضيل الجنود عدم خوض الحرب البرية، حيث أظهرت المُعطيات قلقاً كبيراً لدى المؤسسة العسكرية، حيث ارتفعت نسبة الرافضين للمشاركة في الوحدات القتالية الى 33%، صيف العام 2014 (يهوشع، 2017)، هذا في ظل اتهامات للجيش، بأنّه لم يكشف الارقام الحقيقية.
ومن خلال تفصيل أكبر للأرقام، ولجنوح الشباب عن قبول العمل في الوحدات القتالية، كجفعاتي وجولاني، وهما من أهم الوحدات القتالية في الجيش، فقد تم الكشف مؤخراً، عن أرقام أكثر خطورة بالنسبة للجيش، حيث تنافس على كل موقع فارغ في وحدة جولاني، فقط 3.8 من الشباب، فيما كانت النسبة قبل ذلك بسنوات، 6 متنافسين على كل شاغر (ليمور، 2017)، فيما سجل التنافس للدخول في وحدات السلاح الجوي ارتفاعاً، 8 اشخاص لكل شاغر (ليمور، 2017).
والأرقام أكثر خطراً، عند التطرق لسلاح المدرعات، والتي سُجن بسبب الرفض في دخولها العشرات من الجنود، وتُشير الأرقام إلى أنّ النقص في هذه الوحدات يتم ملئها من قبل غير المسجلين للخدمة بها، حيث نسبة الراغبين في ملئ الشواغر كانت أقل من الشواغر نفسها (ليمور، 2017)، حتى أنّ الاستطلاع كشف، تفضيل الأهالي خدمة ابناءهم في الوحدة 8200 (يهوشع، 2017)، وهي وحدة السايبر الاسرائيلية.
وحول أسباب تراجع قبول التجنيد البروفيسور اودي ليبال، الباحث في علاقات الجيش والمجتمع، أشار إلى أنّ تراجع الحافزية مرتبط، بتراجع التضامن العام في المجتمع الإسرائيلي، حيث باتت أسئلة من يتجند؟، في أي ظروف؟، ولماذا؟، تُشير بوضوح إلى تفضيل الفرد نفسه على المصلحة العامة (ليبال، 2017)، أي أنّ الفرديّة، والتي هي موجة عالمية رافقت العولمة، باتت مركب أساس في مجتمع، يتعرض لمخاطر أمنية، من المفروض أن تُلزمه التضامن والوحدة.
الأبعد من ذلك، هناك من ربط التراجع في الحافزية، إلى فقدان الروح، تراجع الإيمان في صدق الطريق، حيث باتت محبة الأرض، مصطلح سياسي أكثر منه قيمي (سيجال، 2017)، كما باتت تُفتقد الروح حتى في جوانب الأسطورة، وكبار وعظماء الشعب، اللذين بتنا نفتقد وجودهم وفق ايتامار، في المنظومة القيمية والتعليمية (سيجال، 2017)، الأمر الذي حوّل الجيش، لمنظومة تفتقد اسطورة وتاريخ، وبالتالي تفتقد إلى الروح.
وهذا بدوره سينعكس على قوّة الجيش الإسرائيلي، من حيث نزول نوعية الجندي المقاتل، والذي خدم في الوحدات البريّة، أو سلاح المدرعات، حيث وفق المُعطيات فإنّ الشباب الإسرائيلي المتعلّم، يفضل الذهاب للوحدات التكنولوجية (يهوشع، 2017)، الأمر الذي سيجعل الوحدات القتالية، ساحة الفئة غير المتعلمة والمثقفة في الجيش، وبالتالي الأقل جودة، وقدرة على تشريب المجتمع أهمية الجيش والقتال فيه.
المحلل العسكري عاموس هرائيل، أشار إلى أنّ الجيش الإسرائيلي تلقى صفعة كبيرة جدّا، ووفق هرائيل فإنّ تلك الصفعة تكمن في تراجع جودة الجندي المقاتل (هرائيل، 2017)، متسائلاً من أين سيتخرج رئيس هيئة الأركان المستقبلي؟ (هرائيل، 2017)، في ظل رفض غالبية المنتمين للوحدات التكنولوجية الانتقال للوحدات القتالية.
نستنتج من هذه المعطيات، أنّ "إسرائيل" وجدت نفسها أمام قوّة غير متوازنة، بمعنى أنّ التفوق التكنولوجي الكبير، اصطدم بحقيقة أنّ روح التضحية، والرغبة في القتال، تراجعت بشكل كبير في الأوساط الإسرائيلية، وتحديداً الجيل الشاب، وهذا بدوره انعكس على قدرة الجيش على تقديم خطط حربية تلاءم طبيعة التطورات والتحديات التي باتت تواجه الدولة، التي وجدت نفسها أمام حقيقة أنّ الاعتماد على استراتيجية الحروب الخاطفة والسريعة قد أصبح شيئاً من الماضي، وبالتالي فإنّ خوض الحرب الطويلة، يحتاج إلى الاعتماد على الجيش البري، الذي أوضحت المُعطيات غير جهوزيته، وهذا ما يُفسر التخوّف الإسرائيلي، من المواجهات الطولية، التي قد تُسبب وجود كمّ كبير من القتلى في صفوف الجنود، وهذا الأمر غير محتمل حتى من ناحية مجتمعية.
تعتمد قوّة الجيوش على أمرين هامين، التجهيزات من ناحية ونوعية الجندي المقاتل من الناحية الأخرى. ويتميز الجيش الإسرائيلي، بامتلاكه تكنولوجيا متفوّقة فاقت نظراءه من الدول العربية، هذه التكنولوجيا مكنته من حسم الحروب بشكل أسرع وبنجاعة كبيرة، حيث تفوق الجيش الإسرائيلي بالتسليح، وامتلاكه تكنولوجيا خاصة متطورة جعلته في مصاف الجيوش الأولى عالمياً من حيث القوّة.
حيث وفق التصنيف العالمي، يحتل الجيش الإسرائيلي الموقع الخامس عشر عالمياً (ماكو، 2017)، وجاء بعد قوّتين اقليميتين وهما مصر وتركيا، ووفق المُعطيات فإنّه يخدم في الجيش الإسرائيلي 160 ألف جندي، 650 ألف احتياطي، ويمتلك 2600 دبابة، و650 مروحية وطائرة عسكرية (ماكو، 2017)، جعلته من ضمن أقوى جيوش العالم.
لكنّ المقارنة العالمية تأخذ الإجمالي العام، لكنّ تميّز الجيش الإسرائيلي، لا يكمن في عدد الجيش، وما يمتلكه من معدات، بل جاء بسبب التكنولوجيا المتطورة الكبيرة التي يمتلكها هذا الجيش، والتي خصصت لها "إسرائيل" جيشاً كاملاً للدعم والتطوير، مكّنها من الوصول إلى مراحل متقدمة من الصناعات العسكرية والتي باتت تُباع في الكثير من دول العالم.
ووفق معطياته فإنّ الجيش الإسرائيلي، يمتلك تكنولوجيا جوّية متطورة، وسلاح مدرعات محصن بوسائل حماية منقطعة النظير (ماكو، 2013)، إلى جانب وحدة سايبر مميزة، وضعته في مصاف الدول الأولى، والتي وفق رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، فإنّ الدمج بين التكنولوجيا المتطورة والجندي الإسرائيلي، هي سرّ القوّة التي تتمتع بها المنظومة العسكرية الإسرائيلية (بنبورت، 2018).
حيث تمتلك "إسرائيل" تجهيزات عسكرية تكنولوجية متطورة، طائرات اف 35 أمريكية الصنع، طائرات اف 16 متطورة، وأقمار صناعية للتجسس، إلى جانب منظومة اعتراض صواريخ متطورة، وصواريخ بالستية موجه، بوارج حربية، وغواصات متطورة جدّاً، تستطيع اطلاق مئات الصواريخ لمسافات طويلة (موقع الجيش، 2018).
الأهم من ذلك، فإنّ "إسرائيل" تمتلك قوّة أخرى استطاعت من خلالها وضع نفسها في مقدمة الدول الإقليمية، حيث استطاعت الوصول إلى سلاحٍ نووي، لكنّها بقيت على سياسة الغموض النووي، فلا أعلنت ولا أنكرت (هكيت، 2016). من خلال هذه السياسة "إسرائيل" استطاعت تحقيق أمرين الأول، أنّها لم تضع نفسها في دائرة استهداف الوكالة الدولية للطاقة من حيث الرقابة والتفتيش، والأمر الآخر حافظت على قوّة ردعٍ كبيرة تحديداً أمام القوى الإقليمية.
ووفق المعطيات فإنّ "إسرائيل" تمتلك أكثر من 100 رأس نووي، حيث قدّرها ديفيد اولبرايت، رئيس المعهد الأمريكي للمعلومات والأمن بحوالي 115 رأس نووي، وهي في المرتبة العاشرة عالمياً في هذا السياق (واي نت، 2015)، الأمر الذي يمنحها نقطة ارتكاز قوّية في حال وجدت مخاطر تُهدد وجود الدولة، تحديداً إذا كان التهديد على مستوى دولة وليس تنظيم مقاومة.
وإن كانت "إسرائيل" تفوّقت وامتلكت تكنولوجيا متطورة وسلاحاً نووياً، لكنّ على الجانب الآخر فإنّها تُعاني من نقاط ضعف قللت في كثير من الأحيان من هذا التفوّق، وتحديداً عند مواجهة تنظيمات أقل من دولة، كما كان الحال في مواجهاتها مع المقاومة في لبنان، والمقاومة الفلسطينية في غزة، حيث ليس بالإمكان في مثل هذه الحالات وبسبب التلاصق الجغرافي أن يتم استخدام السلاح النووي، أو حتى راجمات الصواريخ بعيدة المدى، وذات الرؤوس التدميرية الكبيرة، رغم أنّ "إسرائيل" استخدمت مئات آلاف الاطنان في حربها ضد جنوب لبنان وغزة، لكنّها لم تحسم الحرب، وهذا يعود لأسباب مرتبطة بنقاط الضعف التي تنخر في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
حيث من الناحية الأولى، فإنّ الدولة العبرية لا تمتلك رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع المقاومة تحديداً في غزة، وهذا ما أكد عليه ضابط كبير في الاحتياط الإسرائيلي، عندما أشار أنّ كل فترات التصعيد الأخيرة في قطاع غزة، بما في ذلك الحرب الأخيرة في العام 2014، كانت دون رؤية استراتيجية واضحة (ليدور، 2018)، والأبعد من ذلك الإقرار الإسرائيلي بعدم امتلاك خطة حربية واضحة للتعامل مع تنظيمات المقاومة (توب، 2018)، الأمر الذي يترك الجيش رهينة مخاوف الساسة، ومخاوف الفشل في ظل عدم القدرة على حسم المواجهة.
من الناحية الثانية، فإنّ "إسرائيل" باتت تجد نفسها أمام معضلة حقيقية فيما يتعلق بالحرب البرية، حيث أظهرت مُعطيات "إسرائيلية"، أنّ الحرب البرية غير مرغوبة للعديد من الأسباب، أولاها الخوف من وجود عدد كبير من القتلى، وثانيها تفضيل الجنود عدم خوض الحرب البرية، حيث أظهرت المُعطيات قلقاً كبيراً لدى المؤسسة العسكرية، حيث ارتفعت نسبة الرافضين للمشاركة في الوحدات القتالية الى 33%، صيف العام 2014 (يهوشع، 2017)، هذا في ظل اتهامات للجيش، بأنّه لم يكشف الارقام الحقيقية.
ومن خلال تفصيل أكبر للأرقام، ولجنوح الشباب عن قبول العمل في الوحدات القتالية، كجفعاتي وجولاني، وهما من أهم الوحدات القتالية في الجيش، فقد تم الكشف مؤخراً، عن أرقام أكثر خطورة بالنسبة للجيش، حيث تنافس على كل موقع فارغ في وحدة جولاني، فقط 3.8 من الشباب، فيما كانت النسبة قبل ذلك بسنوات، 6 متنافسين على كل شاغر (ليمور، 2017)، فيما سجل التنافس للدخول في وحدات السلاح الجوي ارتفاعاً، 8 اشخاص لكل شاغر (ليمور، 2017).
والأرقام أكثر خطراً، عند التطرق لسلاح المدرعات، والتي سُجن بسبب الرفض في دخولها العشرات من الجنود، وتُشير الأرقام إلى أنّ النقص في هذه الوحدات يتم ملئها من قبل غير المسجلين للخدمة بها، حيث نسبة الراغبين في ملئ الشواغر كانت أقل من الشواغر نفسها (ليمور، 2017)، حتى أنّ الاستطلاع كشف، تفضيل الأهالي خدمة ابناءهم في الوحدة 8200 (يهوشع، 2017)، وهي وحدة السايبر الاسرائيلية.
وحول أسباب تراجع قبول التجنيد البروفيسور اودي ليبال، الباحث في علاقات الجيش والمجتمع، أشار إلى أنّ تراجع الحافزية مرتبط، بتراجع التضامن العام في المجتمع الإسرائيلي، حيث باتت أسئلة من يتجند؟، في أي ظروف؟، ولماذا؟، تُشير بوضوح إلى تفضيل الفرد نفسه على المصلحة العامة (ليبال، 2017)، أي أنّ الفرديّة، والتي هي موجة عالمية رافقت العولمة، باتت مركب أساس في مجتمع، يتعرض لمخاطر أمنية، من المفروض أن تُلزمه التضامن والوحدة.
الأبعد من ذلك، هناك من ربط التراجع في الحافزية، إلى فقدان الروح، تراجع الإيمان في صدق الطريق، حيث باتت محبة الأرض، مصطلح سياسي أكثر منه قيمي (سيجال، 2017)، كما باتت تُفتقد الروح حتى في جوانب الأسطورة، وكبار وعظماء الشعب، اللذين بتنا نفتقد وجودهم وفق ايتامار، في المنظومة القيمية والتعليمية (سيجال، 2017)، الأمر الذي حوّل الجيش، لمنظومة تفتقد اسطورة وتاريخ، وبالتالي تفتقد إلى الروح.
وهذا بدوره سينعكس على قوّة الجيش الإسرائيلي، من حيث نزول نوعية الجندي المقاتل، والذي خدم في الوحدات البريّة، أو سلاح المدرعات، حيث وفق المُعطيات فإنّ الشباب الإسرائيلي المتعلّم، يفضل الذهاب للوحدات التكنولوجية (يهوشع، 2017)، الأمر الذي سيجعل الوحدات القتالية، ساحة الفئة غير المتعلمة والمثقفة في الجيش، وبالتالي الأقل جودة، وقدرة على تشريب المجتمع أهمية الجيش والقتال فيه.
المحلل العسكري عاموس هرائيل، أشار إلى أنّ الجيش الإسرائيلي تلقى صفعة كبيرة جدّا، ووفق هرائيل فإنّ تلك الصفعة تكمن في تراجع جودة الجندي المقاتل (هرائيل، 2017)، متسائلاً من أين سيتخرج رئيس هيئة الأركان المستقبلي؟ (هرائيل، 2017)، في ظل رفض غالبية المنتمين للوحدات التكنولوجية الانتقال للوحدات القتالية.
نستنتج من هذه المعطيات، أنّ "إسرائيل" وجدت نفسها أمام قوّة غير متوازنة، بمعنى أنّ التفوق التكنولوجي الكبير، اصطدم بحقيقة أنّ روح التضحية، والرغبة في القتال، تراجعت بشكل كبير في الأوساط الإسرائيلية، وتحديداً الجيل الشاب، وهذا بدوره انعكس على قدرة الجيش على تقديم خطط حربية تلاءم طبيعة التطورات والتحديات التي باتت تواجه الدولة، التي وجدت نفسها أمام حقيقة أنّ الاعتماد على استراتيجية الحروب الخاطفة والسريعة قد أصبح شيئاً من الماضي، وبالتالي فإنّ خوض الحرب الطويلة، يحتاج إلى الاعتماد على الجيش البري، الذي أوضحت المُعطيات غير جهوزيته، وهذا ما يُفسر التخوّف الإسرائيلي، من المواجهات الطولية، التي قد تُسبب وجود كمّ كبير من القتلى في صفوف الجنود، وهذا الأمر غير محتمل حتى من ناحية مجتمعية.