عقبات في طريق حكومة نتنياهو

ياسر مناع
27-05-2019



ياسر منّاع\ مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

في كل خطوة يخطوها نتنياهو نحو بلورة ائتلافه الجديد يعلم علم اليقين بان العقبات امامه كبيرة، وبان الصعوبات على المستويين الداخلي والخارجي آخذة بالازديات ايضاً كما ازدياد عدد الوزراء في الحكومة، لكن تحصين نفسه من شبح الفساد الذي يلاحقه عبر سنه قانون "الحصانة" هو همه الأول والقضية التي تتربع على رأس سلم أولوياته في المرحلة المقبلة.

يمكننا القول بان اجماعاً قد وقع بين اوساط السياسيين والمتابعين على ان حكومة نتنياهو القادمة ستواجه عدة عقبات جسيمة اذا ما قارنها بالسابق، بل أن بعضها بقايا ما لم تستطع الحكومة السالفة ايجاد حل له.

في هذا المقال احاول ان اقدم للقارئ بعضاً من اهم العقبات التي من الممكن ان تواجه الحكومة الاسرائيلية القادمة:




ملف قطاع غزة

لا ينكر بأن هنالك خلافاً داخل أروقة المؤسسة السياسية في "اسرائيل" حول طبيعة التعامل مع قطاع غزة، كما ان ذلك يندرج في اطار المزايدات بين ارباب المؤسسة السياسية بشكل عام، ليبرمان الذي قدم استقالته بعد سقوط 400 صاروخ من قطاع غزة على الكيان، يجدد موقفه بضرورة الحاجة إلى توافق بين رئيس الحكومة ووزير الجيش في كل ما يتعلق بأمن إسرائيل والتحديات والأهداف المرجوة بما في ذلك توافق جذري على انتهاء اللعبة في قطاع غزة.

وبالتالي على ما يبدو فإن غزة وطريقة التعامل معها شكلت معضلة وعقبة في سير الحكومة الاسرائيلية السابقة، وستبقى كذلك أمام عجلة الحكومة القادمة، والتي على ما يبدو انها أكثر هشاشة من سابقتها.




قانون التجنيد وتطبيقه

تصدر أفيغدور ليبرمان واجهة الخلاف مع بعض الاحزاب في الكنيست، ولاسيما الحريدية منها مثل حزبي "شاس و يهودت هتوراة" ، لكن هذه المرة فيما يتعلق بقانون تجنيد المتدينين "الحريديم" الذين يشكلون في الحقيقة عبئاً كبيراً على الحكومة، لذلك يطالب ليبرمان بتمرير القانون واقراره دون اي تعديلات، وتبقى نقطة الخلاف العالقة: من الذي سيحدد عدد الحريديين المجنّدين، الحزب أم الكنيست؟




وبالرجوع للحكومة السابقة نرى بان الأحزاب الحريدية حققت أكبر المكاسب خلالها، عن طريق إلغاء قوانين وسن أخرى وتخصيص ميزانيات للوسط الحريدي على مختلف المستويات، حيث بلغت ميزانية التعليم الديني في المدارس الحريدية أعلى مستوى، بقيمة 1.2 مليار شيكل، مقابل 673 مليون شيكل عام 2014، وهذه الميزانية الأعلى التي يحصل عليها الحريديّون منذ قيام "إسرائيل".

اذاً سيبقى قانون التنجيد وان لم يتم التوصل الى حل وسط بين الاحزاب، عقبة كبرى ويهدد مستقبل اي ائتلاف حكومة حال اقامته.




قانون خصم عائدات الضرائب

تزداد الانذارات التي توجهها المؤسسة الامنية الى المستوى السياسي في "اسرائيل" حول مستقبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وخطورة الوضع الاقتصادي وارتفاع مستوى الاحتمالية بانفجار الاوضاع الامنية فيها، في اعقاب استمرار "اسرائيل" بتجميد اموال عائدات الضراب "المقاصة" منذ عدة اشهر.

هذا القرار الذي اتخذه نتياهو في خضم دعايته الانتخابية قد لا يستمر، ويشكل نقطة خلاف داخل ائتلاف حكومي جديد يخوض اعضائه رحى حرب سياسية فيما بينهم قبل الاعلان عن تشكيله، وبالتالي فمن الممكن ان يشكل قرار اعادة الاموال للسلطة الفلسطينة نقطة خلاف حادة بين اعضاء الحكومة المختلفين.




قانون الحصانة

تظاهر العشرات من انصار المعارضة الاسرائيلية ليلة امس وسط "تل ابيب" رفضاً لما يسعى المكلف بتشكيل الحكومة الجديد نتياهو اقراره حماية لنفسه من قضايا الفساد التي تلاحقه، والذي عرف باسم قانون "الحصانة" والذي يمنح عضو الكنيست حصانة تلقائية تحول دون محاكمته، ياتي ذلك ايضاً بعد ارجاء النائب العام الإسرائيلي تاريخ الاستماع إلى رئيس الوزراء للرد على اتهامات الفساد التي تثقل كاهله، إلى أوائل شهر تشرين الأول القادم.

بل ومن المتوقع ان يخوض اعضاء الكنيست ولاسيما "ازرق – ابيض"  نضالا كبيرا ضد سن القانون، بكل الوسائل والادوات المسموحة حتى لا يستطيع نتنياهو ان يحمي نفسه من المساءلة القانونية.




الميزانيات الطائلة للحكومة القادمة

ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الشركاء في الائتلاف قدموا مطالب مالية بمليارات الشواقل، وبحجم غير مسبوق، وهذه مبالغ ومطالب لا يمكن قياسها أبدا، وان الحديث يدور عن مبالغ طائلة لم يشهد مثيلا لها من قبل، وبالتالي فإن نتنياهو يواجه مأزقا الآن، بسبب عدم استطاعته تقدير حجم هذه المبالغ ومصادر تمويلها من دون معرفة هوية وزير المالية القادم، ومن الممكن ايضاً ان يتصادم مع ويزر المالية في حال رفضه اقرار الميزانيات المطلوبة.




ختاماً، يواجه نتنياهو اليوم صعوبات جمة اثناء خوضه وحزبه "الليكود" المفاوضات مع الاحزاب الأخرى والتي تحاول تحقيق اعلى مستوى من المكاسب لتشكيل ائتلاف حكومي جديد، يأتي هذا في ظل احتمالية اعادة الانتخابات في حال انتهت المدة القانونية الممنوحة له للاعلان عن نجاحه في تشكيل ائتلافه الهش الجديد، وهذا يعني بان هذا الاعلان عن انطلاق عمل الحكومة في هذا الحالة الراهنة يعني بانها ولامفر ستواجه مصاعب اكثر من تلك التي كانت، مما يجعلها عرضة للحل والانهيار مع هبوب رياح الخلافات السياسية بين الأحزاب.