على شفا حرب فانهارت بهم
ياسر مناع
18-11-2018
كتب ياسر منّاع - مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي والفلسطيني
كيف لا يمكن للمشاهد والمتابع للأحداث الجارية في قطاع غزة وما حوله أن لا يتوقع اعلاناً للتهدئة، بعد أن بات الميدان على شفا حرب، وإن بالغنا في التوقعات فإنه يمكن لنا القول بأن هذه الأحداث قد تؤسس لتفاهمات ترى الحياة لأعوام قليلة قادمة؛ لأن قراءة المشهد الإسرائيلي بصورة بانورامية صحيحة لا تدلل إلا على ذلك فقط، فما عكست إدارة المقاومة للميدان والتي تميزت بدقة التنفيذ وضبط التوقيت، إضافة الى امتلاك الوعي والبراغماتية، انتقالاً الى الطريقة التى أدار بها نتنياهو ايضاً ردات الفعل الاسرائيلية والأحداث ليس ابتداءً بفشل وحدة خاصة من جيش الاحتلال بتنفيذ مهمة خاصة داخل القطاع، مروراً بـ " جلسة الإنقاذ " ومكوث وزراء الكابينيت حول الطاولة المستديرة ساعاتٍ طوال – كما في رياض الأطفال حسب وصف موشيه يعلون جلسات الكابينيت خلال السنوات الأخيرة - في جلسة تخطت الحد المألوف، والتي أظهرت مدى الأزمة التي تعصف بالمؤسسة الإسرائيلية بأسرها، انتظاراً لوسيطٍ يستر فشلاً وافلاساً، ومُخرجهم من تيه أثقل كاهلم دام أكثر من أربعين عاماً يسمى غزة، وليس انتهاءً بإقتناص افيغدور ليبرمان الفرصة المناسبة كي يقدم استقالته من منصبٍ ما كان به إلا صفراً على قارعة اليسار، في فلك ذلك كله كان خيار التهدئة دون نقاش هو الخيار الأصوب بالنسبة لـ "إسرائيل"، لكن ذلك لا يشير الى أن الأخيرة لا تريد حرباً قطعاً، بل إنما تخشى حرباً قد يطول أمدها تكن أشبه بحرب استنزاف لا طاقة لها بها، لذلك لجـأت في كثير من الأحيان ولا زالت في محاولات احداث توازن في عدم الاستقرار عبر استخدامها فيروسات سياسية على الأرض.
في الواقع حاولت "إسرائيل" عَبر عملية نُخبة جيشها الفاشلة - في خان يونس – والتي حملت معالم وابعاد إستخباراتية بحتة بعيداً - عن ترويجات الاعتقال والاغتيال - تبني إنجاز أمام جمهورها المتصاعد غضبه منذ أيام سخطاً على سياسة الحكومة، وافلاسها في التعامل مع قطاع غزة، انعاشاً لما تبقى من قوة الردع الميتة سريرياً اصلاً، بالإضافة الى الصعوبة البالغة في الظهور بمظهر القوي المسيطر المتحكم على الأرض كما في كتبها وأسفارها، ظهر ذلك كله عياناً في أعقاب ادخال الاموال الى قطاع غزة، وما آلت اليه الأوضاع الأمنية في الجبهة الجنوبية من سوء، واعترافها بعدم استطاعتها إيقاف مسيرات العودة وما تبعها سواءً بالقوة العسكرية أو حتى في ضوء تفاهمات في ظل رعاية مصرية، مما يعني أن جملة التطورات هذه خلقت ازمة على الصعيدين السياسي والعسكري الاسرائيلي واصبح المطلوب من نتينياهو ضرورة اقناع الشارع وتبرير فشله في غزة وانعكاساته.
انعطافاً الى الحدث الأبرز في صورة الأحداث الأخيرة والتي تمثلت في استقالة وزير الجيش " أفيغدور ليبرمان " ، حيث عزا البعض أسباب الاستقالة الى فشله المتصاعد في غزة والتي اتخذ الجولة الأخيرة ذريعة مناسبة للإستقالة، طمعاً في الحصول على مكاسب سياسية في المستقبل القريب في ضوء اقتراب موعد الانتخابات، على الرغم من أهمية ذلك السبب وتقدمه في الأسباب، إلا أن هنالك جملة منها دفعت ليبرمان الى الإستقالة والتنازل عن المنصب الذي بات محط أنظار الكثيرين على رأسهم " نتنياهو وبينت"، والتي كان من بينها وصوله الى درجة اليقين بأنه غير مناسبٍ لذاك الكرسي قبل اتهامه بإنعدام الرؤية المستقبلية، وخصوصاً فيما يتعلق بمعالجة معضلة غزة، كيف لا وهو من آتى من خارج أروقة المؤسسة العسكرية خلافاً لسابقي عهده " أرئيل شارون وإيهود بارك و موشيه يعلون"، هذا يعني بأن ليبرمان لم يكن سوى حاملاً للقب وزيراً لا أكثر ولا أقل من ذلك؛ وبأن الوزير الحقيقي هما رئيس هيئة الأركان و منسق أعمال الحكومة الاسرائيلية في المناطق، أضف الى ذلك عدم إداركه جدلية اتخاذ القرار في "إسرائيل" والعلاقة المعقدة في ذلك بين المؤسستين السياسية والعسكرية، فمن المعلوم بأن أي خطوة عسكرية لا تتم إلا حسب ما يراه الجيش مناسباً، في المقابل لايمكن لأي خطوة سياسية أن تطبق على أرض الواقع إلا بموافقة المستوى السياسي وحتى إن كانت هنالك توصيات وملاحظات لبعضهما البعض.
ختاماً، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة على الطاولة اليوم، ما الذي الذي جعل " إسرائيل " تسعى الى استجداء التهدئة وان كان ذلك بصورة خفية؟ فمن الممكن ان الاجابة تكمنُ في الاعتقاد الذي بات يتبناه الجيش وجهاز الشاباك ومعهم بالطبع رئيس الوزراء ومن دار في فلكه، بإنه لا يمكن ادارة الصراع مع حماس إلا وفق استراتيجية (القضم التدريجي) وأن تلك السياسة تؤتي أكلها ضعفين من سياسية العجلة والذهاب الى حرب قد تخسر فيها الكثير، وأنه في حال قررت اسرائيل تغيير الوضع الاستراتيجي في قطاع غزه عبر الحرب من غير بناء وتصميم بديل مدني يأخذ على عاتقه ادارة حياة السكان في غزة، في أن تتولى السيطرة الامنية على نحو ما يحصل في الضفه الغربيه بصورة زائدة او ناقصة، هذا يعني بأن أزمة جديدة أُرفقت في ملف غزة قد وضعت على طاولة الكبينيت.
كيف لا يمكن للمشاهد والمتابع للأحداث الجارية في قطاع غزة وما حوله أن لا يتوقع اعلاناً للتهدئة، بعد أن بات الميدان على شفا حرب، وإن بالغنا في التوقعات فإنه يمكن لنا القول بأن هذه الأحداث قد تؤسس لتفاهمات ترى الحياة لأعوام قليلة قادمة؛ لأن قراءة المشهد الإسرائيلي بصورة بانورامية صحيحة لا تدلل إلا على ذلك فقط، فما عكست إدارة المقاومة للميدان والتي تميزت بدقة التنفيذ وضبط التوقيت، إضافة الى امتلاك الوعي والبراغماتية، انتقالاً الى الطريقة التى أدار بها نتنياهو ايضاً ردات الفعل الاسرائيلية والأحداث ليس ابتداءً بفشل وحدة خاصة من جيش الاحتلال بتنفيذ مهمة خاصة داخل القطاع، مروراً بـ " جلسة الإنقاذ " ومكوث وزراء الكابينيت حول الطاولة المستديرة ساعاتٍ طوال – كما في رياض الأطفال حسب وصف موشيه يعلون جلسات الكابينيت خلال السنوات الأخيرة - في جلسة تخطت الحد المألوف، والتي أظهرت مدى الأزمة التي تعصف بالمؤسسة الإسرائيلية بأسرها، انتظاراً لوسيطٍ يستر فشلاً وافلاساً، ومُخرجهم من تيه أثقل كاهلم دام أكثر من أربعين عاماً يسمى غزة، وليس انتهاءً بإقتناص افيغدور ليبرمان الفرصة المناسبة كي يقدم استقالته من منصبٍ ما كان به إلا صفراً على قارعة اليسار، في فلك ذلك كله كان خيار التهدئة دون نقاش هو الخيار الأصوب بالنسبة لـ "إسرائيل"، لكن ذلك لا يشير الى أن الأخيرة لا تريد حرباً قطعاً، بل إنما تخشى حرباً قد يطول أمدها تكن أشبه بحرب استنزاف لا طاقة لها بها، لذلك لجـأت في كثير من الأحيان ولا زالت في محاولات احداث توازن في عدم الاستقرار عبر استخدامها فيروسات سياسية على الأرض.
في الواقع حاولت "إسرائيل" عَبر عملية نُخبة جيشها الفاشلة - في خان يونس – والتي حملت معالم وابعاد إستخباراتية بحتة بعيداً - عن ترويجات الاعتقال والاغتيال - تبني إنجاز أمام جمهورها المتصاعد غضبه منذ أيام سخطاً على سياسة الحكومة، وافلاسها في التعامل مع قطاع غزة، انعاشاً لما تبقى من قوة الردع الميتة سريرياً اصلاً، بالإضافة الى الصعوبة البالغة في الظهور بمظهر القوي المسيطر المتحكم على الأرض كما في كتبها وأسفارها، ظهر ذلك كله عياناً في أعقاب ادخال الاموال الى قطاع غزة، وما آلت اليه الأوضاع الأمنية في الجبهة الجنوبية من سوء، واعترافها بعدم استطاعتها إيقاف مسيرات العودة وما تبعها سواءً بالقوة العسكرية أو حتى في ضوء تفاهمات في ظل رعاية مصرية، مما يعني أن جملة التطورات هذه خلقت ازمة على الصعيدين السياسي والعسكري الاسرائيلي واصبح المطلوب من نتينياهو ضرورة اقناع الشارع وتبرير فشله في غزة وانعكاساته.
انعطافاً الى الحدث الأبرز في صورة الأحداث الأخيرة والتي تمثلت في استقالة وزير الجيش " أفيغدور ليبرمان " ، حيث عزا البعض أسباب الاستقالة الى فشله المتصاعد في غزة والتي اتخذ الجولة الأخيرة ذريعة مناسبة للإستقالة، طمعاً في الحصول على مكاسب سياسية في المستقبل القريب في ضوء اقتراب موعد الانتخابات، على الرغم من أهمية ذلك السبب وتقدمه في الأسباب، إلا أن هنالك جملة منها دفعت ليبرمان الى الإستقالة والتنازل عن المنصب الذي بات محط أنظار الكثيرين على رأسهم " نتنياهو وبينت"، والتي كان من بينها وصوله الى درجة اليقين بأنه غير مناسبٍ لذاك الكرسي قبل اتهامه بإنعدام الرؤية المستقبلية، وخصوصاً فيما يتعلق بمعالجة معضلة غزة، كيف لا وهو من آتى من خارج أروقة المؤسسة العسكرية خلافاً لسابقي عهده " أرئيل شارون وإيهود بارك و موشيه يعلون"، هذا يعني بأن ليبرمان لم يكن سوى حاملاً للقب وزيراً لا أكثر ولا أقل من ذلك؛ وبأن الوزير الحقيقي هما رئيس هيئة الأركان و منسق أعمال الحكومة الاسرائيلية في المناطق، أضف الى ذلك عدم إداركه جدلية اتخاذ القرار في "إسرائيل" والعلاقة المعقدة في ذلك بين المؤسستين السياسية والعسكرية، فمن المعلوم بأن أي خطوة عسكرية لا تتم إلا حسب ما يراه الجيش مناسباً، في المقابل لايمكن لأي خطوة سياسية أن تطبق على أرض الواقع إلا بموافقة المستوى السياسي وحتى إن كانت هنالك توصيات وملاحظات لبعضهما البعض.
ختاماً، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة على الطاولة اليوم، ما الذي الذي جعل " إسرائيل " تسعى الى استجداء التهدئة وان كان ذلك بصورة خفية؟ فمن الممكن ان الاجابة تكمنُ في الاعتقاد الذي بات يتبناه الجيش وجهاز الشاباك ومعهم بالطبع رئيس الوزراء ومن دار في فلكه، بإنه لا يمكن ادارة الصراع مع حماس إلا وفق استراتيجية (القضم التدريجي) وأن تلك السياسة تؤتي أكلها ضعفين من سياسية العجلة والذهاب الى حرب قد تخسر فيها الكثير، وأنه في حال قررت اسرائيل تغيير الوضع الاستراتيجي في قطاع غزه عبر الحرب من غير بناء وتصميم بديل مدني يأخذ على عاتقه ادارة حياة السكان في غزة، في أن تتولى السيطرة الامنية على نحو ما يحصل في الضفه الغربيه بصورة زائدة او ناقصة، هذا يعني بأن أزمة جديدة أُرفقت في ملف غزة قد وضعت على طاولة الكبينيت.