غانتس و اليمين الخَرِب
ياسر مناع
29-12-2018
كتب: ياسر مناع - مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
لا يكاد يوم يمر دون أن نسمع في الاخبار ووسائل الاعلام المختلفة مصطلح "اليمين الاسرائيلي"، هذا الأسم الذي ارتبط في العقلية الفلسطينية بكل معاني العنصرية، التطرف، الهدم، القتل، التهجير، بالاضافة الى أنه اسم يتربع على سدة الحكم في " اسرائيل " قد انهكته الأزمات الداخلية والصراعات الحزبية اليمينية الغير متجانسة، على الرغم من ذلك كله يبقى هو الأقوى حالياً على الساحة السياسية بعد أن بات اليسار في "اسرائيل" كما في معظم انحاء العالم لا مكان له في رأس الهرم السياسي.
كان لزاماً - لطبيعة للاحداث المتوالية على الساحية السياسية الاسرائيلية - أن تطرح تفاقم الأزمات المتصاعدة في اروقة المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة عدة تساؤلات تدور جلها في فلك اليمين الحاكم حول ماهية ملامح مستقبله الذي بات رهين بنيامين نتنياهو، الذي يرى في نفسه اليوم الرجل الأقوى سياسياً على الساحة الاسرائيلية بعد موت اريئيل شارون، مضافاً أنه يمتلك ما لا يمتلكه مراهقي السياسية ممن حوله كنفتالي بينت، افيغدورليبرمان وجلعاد اردان.
وبالتالي ما بات وجود نتنياهو على رأس الهرم السياسي من المفارقات العجيبة في السياسة الاسرائيلية، على الرغم من خوضه عدة جولات من التحقيق متعلقة بقضايا فساد وتجاوزات تطارده جنباً الى جنب مع زوجته سارة، فهل هدأت عاصفة ملفات الفساد التي زالت تثير جدلاً واضحاً حتى يرى بالعض في السجن قبر مستقبله السياسي، إلا أن نبرتة الفوقية في خطاباته الداخلية التي لا زالت بارزة لا توحي بذلك بالاضافة الى تصريحات المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلي " افخاي مندلبليت " التي اشارات الى تأجل النظر في تلك القضايا أو الحديث عنها خلال فترة الانتخابات المزمع عقدها في بداية ابريل من المقبل، يأتي ذلك بالتزامن مع استمراره في سياسة في اسكات أي صوت معارض بطرق شتى، وادناء كل مؤيد منه بل وتوزيعهم على كل موقع ومؤسسة حكومية، والتقرب زلفى من دولة المستوطنين.
الهوة و الشرخ عميقين في اليمين الاسرائيلي الحاكم، حيث يُرى ذلك من خلال الاصوات التي تعالت في الأونة الاخيرة المعارضة لسياسة نتنياهو، وبالتالي ازدادت حدة الانتقادات الموجهة لنتنياهو كلما أصبح موعد الانتخابات أكثر قرباً، فبعدما اعلن أكثر من مسؤول بارز في اليمين الإسرائيلي بأنهم لن يصوتوا لقرار نتنياهو حول تأجيل إخلاء الخان الأحمر، أكتفى الصحفي الاسرائيلي " أريئل سيغال" المعروف بأنه الأكثر قربا من نتنياهو بقوله " يا للعار "، جل الانتقادات موجهة بشكل أساسي ضد سياسيته في تعامله مع حماس في غزة، حيث يرى الكثيرون بأن نتنياهو اخطأ عندما خاض مفاوضات غير مباشرة للتسوية مع حماس، أو في طريقه تعامله مع مسيرات العودة، واخرها السماح بإدخال الأموال القطرية للقطاع في اطار اتفاق مع قطر مما رآه البعض خنوعاً صريحاً وانهزاماً لحماس.
في ضوء ذلك لم يكن اعلان الجنرال "بني غانتس" الرئيس السابق لهيئة الأركان - الحاصل على درجة درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة حيفا ، بالاضافة الى درجة ماجستير أخرى من جامعة الأمن القومي الأمريكية (NDU) في الإدارة والموارد الوطنية – مفاجئً عن تشكليه لحزب سياسي جديد يخوض به غمار الانتخابات القادمة، بعدما استطاع ان يجمع 130 توقيعاً لشخصيات سياسية مختلفة، حزبٌ ولد في ظل ظاهرة ضعف الجيش ومعضلة الامن - سيل الوعود باصلاح هاتين المعضلتين السبيل الى الهرم السياسي - يرى فيه الكثير ملجأ للكثيرمن النخب السياسية المهمشة على يد نتنياهو، إلا اذا حدث به كما حدث بأسلافه من كحزب البيت اليهودي.
على ما يبدو فان بني جنتس يدرك تلك المعادلة تماماً، لكنه فضل ان يخوض معركة الانتخابات بطريقة اخرى، حيث التزم الصمت الطويل وانطلق يهندس التواصل مع الجمهور من خلال التسريبات التي يجب ان تكون مع توالي الايام صحيحة 100%، لكن جنتس الذي لم يعد الجمهور الاسرائيلي بشيء حتى اللحظة سوف يعمل على مشاركة أو جمع الكفاءات من العسكريين القدماء امثال يعلون وغال هيرش، حتى يصل الجمهور الاسرائيلي - عدا انصار الليكود - الى قناعة بان الحزب الجديد " حوسن ليسرئيل " حصانة اسرائيل هو صاحب العصا السحرية التي تمتلك حل المعضلات والمشاكل.
من الواضح في هذا المقام بأن غانتس يعيد ذات التجربة التي خاضها "يتسحاك مردخاي وأمنون شاحك" حينما شكلا حزب "المركز" الذي خاض انتخابات الكنيست الخامسة عشرة، في عام 1996 وكان قد حصل على 6 مقاعد فقط، حيث دخل حزب آن ذاك في الائتلاف الحكومي الذي شكله باراك وتولى شاحاك حقيبة السياحة، بالعودة الى غانتس فمن المستبعد أن يضفي على حزبه صفة اليمين أو اليسيار بل سوف يحاول ان يصبغه بصبغة المركز، والجدير بالذكر ان معظم استطلاعات الرأي اشارات الى امكانية حصول حزب جنتس ما بين 11-16 مقعداً في اي انتخابات قادمة.
ختاماً، يمكن لنا القول بأنه ومن الممكن أن ينجح غانتس بحزبه الجديد في أن يحدث أختراق واضحاً في جمهور بعض الأحزاب أمثال المعسكر الصهيوني، يوجد مستقبل، كولانو، جامعاً منها مقاعده التي سيحصل عليها في الكنيست، أما فيما يتعلق بأحزاب اليمين، وحزب الليكود على وجه الخصوص فإنه لن ينجح في أن يحدث غانتس أي اختراق يذكر في جمهور الليكود لكن من الممكن أن يأخذ مقعداً أو مقعدين من حصته في الكنيست أو ربما لا يقدر على ان يحصل على أي شيء، لكن تبقى هي الصناديق جلابة المفاجأت.
لا يكاد يوم يمر دون أن نسمع في الاخبار ووسائل الاعلام المختلفة مصطلح "اليمين الاسرائيلي"، هذا الأسم الذي ارتبط في العقلية الفلسطينية بكل معاني العنصرية، التطرف، الهدم، القتل، التهجير، بالاضافة الى أنه اسم يتربع على سدة الحكم في " اسرائيل " قد انهكته الأزمات الداخلية والصراعات الحزبية اليمينية الغير متجانسة، على الرغم من ذلك كله يبقى هو الأقوى حالياً على الساحة السياسية بعد أن بات اليسار في "اسرائيل" كما في معظم انحاء العالم لا مكان له في رأس الهرم السياسي.
كان لزاماً - لطبيعة للاحداث المتوالية على الساحية السياسية الاسرائيلية - أن تطرح تفاقم الأزمات المتصاعدة في اروقة المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة عدة تساؤلات تدور جلها في فلك اليمين الحاكم حول ماهية ملامح مستقبله الذي بات رهين بنيامين نتنياهو، الذي يرى في نفسه اليوم الرجل الأقوى سياسياً على الساحة الاسرائيلية بعد موت اريئيل شارون، مضافاً أنه يمتلك ما لا يمتلكه مراهقي السياسية ممن حوله كنفتالي بينت، افيغدورليبرمان وجلعاد اردان.
وبالتالي ما بات وجود نتنياهو على رأس الهرم السياسي من المفارقات العجيبة في السياسة الاسرائيلية، على الرغم من خوضه عدة جولات من التحقيق متعلقة بقضايا فساد وتجاوزات تطارده جنباً الى جنب مع زوجته سارة، فهل هدأت عاصفة ملفات الفساد التي زالت تثير جدلاً واضحاً حتى يرى بالعض في السجن قبر مستقبله السياسي، إلا أن نبرتة الفوقية في خطاباته الداخلية التي لا زالت بارزة لا توحي بذلك بالاضافة الى تصريحات المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلي " افخاي مندلبليت " التي اشارات الى تأجل النظر في تلك القضايا أو الحديث عنها خلال فترة الانتخابات المزمع عقدها في بداية ابريل من المقبل، يأتي ذلك بالتزامن مع استمراره في سياسة في اسكات أي صوت معارض بطرق شتى، وادناء كل مؤيد منه بل وتوزيعهم على كل موقع ومؤسسة حكومية، والتقرب زلفى من دولة المستوطنين.
الهوة و الشرخ عميقين في اليمين الاسرائيلي الحاكم، حيث يُرى ذلك من خلال الاصوات التي تعالت في الأونة الاخيرة المعارضة لسياسة نتنياهو، وبالتالي ازدادت حدة الانتقادات الموجهة لنتنياهو كلما أصبح موعد الانتخابات أكثر قرباً، فبعدما اعلن أكثر من مسؤول بارز في اليمين الإسرائيلي بأنهم لن يصوتوا لقرار نتنياهو حول تأجيل إخلاء الخان الأحمر، أكتفى الصحفي الاسرائيلي " أريئل سيغال" المعروف بأنه الأكثر قربا من نتنياهو بقوله " يا للعار "، جل الانتقادات موجهة بشكل أساسي ضد سياسيته في تعامله مع حماس في غزة، حيث يرى الكثيرون بأن نتنياهو اخطأ عندما خاض مفاوضات غير مباشرة للتسوية مع حماس، أو في طريقه تعامله مع مسيرات العودة، واخرها السماح بإدخال الأموال القطرية للقطاع في اطار اتفاق مع قطر مما رآه البعض خنوعاً صريحاً وانهزاماً لحماس.
في ضوء ذلك لم يكن اعلان الجنرال "بني غانتس" الرئيس السابق لهيئة الأركان - الحاصل على درجة درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة حيفا ، بالاضافة الى درجة ماجستير أخرى من جامعة الأمن القومي الأمريكية (NDU) في الإدارة والموارد الوطنية – مفاجئً عن تشكليه لحزب سياسي جديد يخوض به غمار الانتخابات القادمة، بعدما استطاع ان يجمع 130 توقيعاً لشخصيات سياسية مختلفة، حزبٌ ولد في ظل ظاهرة ضعف الجيش ومعضلة الامن - سيل الوعود باصلاح هاتين المعضلتين السبيل الى الهرم السياسي - يرى فيه الكثير ملجأ للكثيرمن النخب السياسية المهمشة على يد نتنياهو، إلا اذا حدث به كما حدث بأسلافه من كحزب البيت اليهودي.
على ما يبدو فان بني جنتس يدرك تلك المعادلة تماماً، لكنه فضل ان يخوض معركة الانتخابات بطريقة اخرى، حيث التزم الصمت الطويل وانطلق يهندس التواصل مع الجمهور من خلال التسريبات التي يجب ان تكون مع توالي الايام صحيحة 100%، لكن جنتس الذي لم يعد الجمهور الاسرائيلي بشيء حتى اللحظة سوف يعمل على مشاركة أو جمع الكفاءات من العسكريين القدماء امثال يعلون وغال هيرش، حتى يصل الجمهور الاسرائيلي - عدا انصار الليكود - الى قناعة بان الحزب الجديد " حوسن ليسرئيل " حصانة اسرائيل هو صاحب العصا السحرية التي تمتلك حل المعضلات والمشاكل.
من الواضح في هذا المقام بأن غانتس يعيد ذات التجربة التي خاضها "يتسحاك مردخاي وأمنون شاحك" حينما شكلا حزب "المركز" الذي خاض انتخابات الكنيست الخامسة عشرة، في عام 1996 وكان قد حصل على 6 مقاعد فقط، حيث دخل حزب آن ذاك في الائتلاف الحكومي الذي شكله باراك وتولى شاحاك حقيبة السياحة، بالعودة الى غانتس فمن المستبعد أن يضفي على حزبه صفة اليمين أو اليسيار بل سوف يحاول ان يصبغه بصبغة المركز، والجدير بالذكر ان معظم استطلاعات الرأي اشارات الى امكانية حصول حزب جنتس ما بين 11-16 مقعداً في اي انتخابات قادمة.
ختاماً، يمكن لنا القول بأنه ومن الممكن أن ينجح غانتس بحزبه الجديد في أن يحدث أختراق واضحاً في جمهور بعض الأحزاب أمثال المعسكر الصهيوني، يوجد مستقبل، كولانو، جامعاً منها مقاعده التي سيحصل عليها في الكنيست، أما فيما يتعلق بأحزاب اليمين، وحزب الليكود على وجه الخصوص فإنه لن ينجح في أن يحدث غانتس أي اختراق يذكر في جمهور الليكود لكن من الممكن أن يأخذ مقعداً أو مقعدين من حصته في الكنيست أو ربما لا يقدر على ان يحصل على أي شيء، لكن تبقى هي الصناديق جلابة المفاجأت.