غزة والمسير على الشوك
عماد أبو عواد
31-03-2019
عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
حرب العام 2008، كانت تهدف إلى القضاء على المقاومة والخلاص منها، والتمهيد لمرحلة جديدة في غزة، يُراد منها "غزة دون مخالب"، وهذه الكرة حاولت "إسرائيل" معاودتها في العام 2012، وبلغت ذروتها صيف العام 2014، والذي شهد بالفعل محاولة "إسرائيلية" جدّية، باءت بفشل ذريع، ووضع معادلة مهمّة، أنّه كلّما زاد الضغط الإسرائيلي، انكشف حجم فشل المنظومة الإسرائيلية، هذا إلى جانب تحقيق المقاومة تقدم صريح خلال الحرب الأخيرة.
في العامين الأخيرين تحديداً، بدى أنّ "إسرائيل" لم تفقد الأمل بالقضاء على مقاومة غزة، ففي الوقت الذي أشار موشيه يعلون وزير الجيش الأسبق، أنّه لا يُمكن احتلال غزة، إلّا بخسائر لا يحتملها الكيان، أودت غزة كذلك بوزير الجيش السابق ليبرمان إلى خارج أسوار الوزارة، مدركاً أنّ التنظير أسهل من العمل على حلّ المعضلة الغزية.
مؤخراً وصلت غزة إلى حافة الانفجار، حيث بالفعل باتت ضمن تعريف "اللاحياة واللاموت"، فقد تم حصارها إلى الحد الذي أوصلها لعدم قدرتها على تلبية الحاجات الأساسية لسكانها، إلى جانب أنّ البُنى التحتية من كهرباء وماء، تصل للغزي بالحد الأدنى، الأمر الذي بات يزيد من حفيظة الغزيين وتذمرهم، وفي الوقت الذي تُحاول أطراف استغلال ذلك لزعزعة الأمن والنظام، فإنّ شريحة كبيرة من الغزيين، باتوا تحت حد سيف المعاناة الشديد، سواءً عبروا عن ذلك أم لا.
هذا الواقع الغزي المُعاش، والمُدرك من الأطراف المختلفة، يجعل من متخذ القرار في "إسرائيل" والإقليم من جانب، وصاحب القرار في غزة، أمام معادلة غاية في التعقيد، ففي الوقت الذي لا يريد الطرفان الحرب، فإنّ المقاومة في غزة، باتت تبحث عن تحسين الواقع المُعاش في القطاع، الأمر الذي انعكس على سرعة الوصول إلى تفاهمات أو حتى حرب، وهذا ما تُدركه "إسرائيل" التي تنتهج سياسة القطارة في التسهيلات، لأمور بالأصل يجب أن تكون موجودة وفي متناول اليد.
حقل الأشواك الذي تحاول المقاومة تخطيه، لن يكون بالتأكيد دون خدوش وآلام، ودون ألسنة حداد تنهشها، فغالبية من يريدون خوضها حرباً ضروساً مع الاحتلال، وإن كانت الحرب ليست في وقتها، هم أولئك اللذين يتربصون بها، وينتظرون ساعة سقوطها، والذي بالتأكيد تُدرك "إسرائيل" نفسها أنّه صعب المنال.
لكن من جانب مهم، فإنّ رضى المقاومة باستمرار ذات النهج الإسرائيلي من التقطير، سيدفع الكثيرين، خاصة الشرائح الأكثر ضعفاً، إلى الاستمرار في التشكيك في جدوى ذلك، في ظل النفس الطويل ل"إسرائيل" وخبث الوسيط بين الطرفين، وفي الوقت الذي ترى فيه المقاومة وجمهورها أنّ تأجيل الحرب قدر الإمكان هو الأجدى، فإنّ كلا الطرفين عليهم خوضها، إن استمرت السياسية الحالية للاحتلال.
ليس من نافلة القول اذاً، أنّ الألم كبير، لكنّه بلا شك يأتي في ظل سياق مهم، ألا وهو تعاظم قوّة المقاومة، واستمرار استعدادها لمعركة، تُدرك هي كما عدوها، أنّ يوم اللقاء لا مفر منه، وأنّ حرباً قادمة، ستجعل من سابقاتها نزهة بالنسبة لها، قادمة لا محالة، لكنّ كليهما يرى في تأجيلها حالياً، أمرٌ لا مناص منه.
وإن كانت الساحة الغزية، تألم في ظل الحصار المطبق، فإنّ الطرف الآخر بلا شك، وهو الاحتلال الإسرائيلي، يعيش هو الآخر ظروفاً استثنائية، فغزة لم ترضخ، وتتعاظم قوّتها أمام عيني الاحتلال، الذي بات لا يمتلك استراتيجية حقيقة، للقضاء على المقاومة، الأمر الذي انعكس عليه، في اتجاه اتخاذ سياسة مختلفة، هي بالتأكيد ستنعكس على وحدة الفلسطينيين، بأنّ دولة غزة ستكون البديل عن الوحدة السياسية الفلسطينية، لكن كما يُقال في المثل العامي، "لا يُلزمك المرّ، إلّا أكثر مرارة منه".
غزة تُعد العدّة للقضاء على الاحتلال، وهذا شعار مقاومتها، التي ما فتئت تؤكد أنّ عينها على القدس، وتعد جيلا للنصر والتمكين، وفي الوقت الذي تُلاقي ما تُلاقي، من القريب قبل البعيد، فإنّ المسير على الشوك قد يكون أهون بكثير من علاج قضايا مختلفة، يحتاج فيها القائد في غزة، إلى أن يكون في هذه المرحلة، أقرب ما يكون من شعبه، وعليه أن يكون أكثرهم جوعاً، وآخرهم شبعاً، لمواجهة الحصار الغاشم، والاستعداد ليوم الملحمة، الذي بات يتراءى للعين، قريباً غير بعيد.
حرب العام 2008، كانت تهدف إلى القضاء على المقاومة والخلاص منها، والتمهيد لمرحلة جديدة في غزة، يُراد منها "غزة دون مخالب"، وهذه الكرة حاولت "إسرائيل" معاودتها في العام 2012، وبلغت ذروتها صيف العام 2014، والذي شهد بالفعل محاولة "إسرائيلية" جدّية، باءت بفشل ذريع، ووضع معادلة مهمّة، أنّه كلّما زاد الضغط الإسرائيلي، انكشف حجم فشل المنظومة الإسرائيلية، هذا إلى جانب تحقيق المقاومة تقدم صريح خلال الحرب الأخيرة.
في العامين الأخيرين تحديداً، بدى أنّ "إسرائيل" لم تفقد الأمل بالقضاء على مقاومة غزة، ففي الوقت الذي أشار موشيه يعلون وزير الجيش الأسبق، أنّه لا يُمكن احتلال غزة، إلّا بخسائر لا يحتملها الكيان، أودت غزة كذلك بوزير الجيش السابق ليبرمان إلى خارج أسوار الوزارة، مدركاً أنّ التنظير أسهل من العمل على حلّ المعضلة الغزية.
مؤخراً وصلت غزة إلى حافة الانفجار، حيث بالفعل باتت ضمن تعريف "اللاحياة واللاموت"، فقد تم حصارها إلى الحد الذي أوصلها لعدم قدرتها على تلبية الحاجات الأساسية لسكانها، إلى جانب أنّ البُنى التحتية من كهرباء وماء، تصل للغزي بالحد الأدنى، الأمر الذي بات يزيد من حفيظة الغزيين وتذمرهم، وفي الوقت الذي تُحاول أطراف استغلال ذلك لزعزعة الأمن والنظام، فإنّ شريحة كبيرة من الغزيين، باتوا تحت حد سيف المعاناة الشديد، سواءً عبروا عن ذلك أم لا.
هذا الواقع الغزي المُعاش، والمُدرك من الأطراف المختلفة، يجعل من متخذ القرار في "إسرائيل" والإقليم من جانب، وصاحب القرار في غزة، أمام معادلة غاية في التعقيد، ففي الوقت الذي لا يريد الطرفان الحرب، فإنّ المقاومة في غزة، باتت تبحث عن تحسين الواقع المُعاش في القطاع، الأمر الذي انعكس على سرعة الوصول إلى تفاهمات أو حتى حرب، وهذا ما تُدركه "إسرائيل" التي تنتهج سياسة القطارة في التسهيلات، لأمور بالأصل يجب أن تكون موجودة وفي متناول اليد.
حقل الأشواك الذي تحاول المقاومة تخطيه، لن يكون بالتأكيد دون خدوش وآلام، ودون ألسنة حداد تنهشها، فغالبية من يريدون خوضها حرباً ضروساً مع الاحتلال، وإن كانت الحرب ليست في وقتها، هم أولئك اللذين يتربصون بها، وينتظرون ساعة سقوطها، والذي بالتأكيد تُدرك "إسرائيل" نفسها أنّه صعب المنال.
لكن من جانب مهم، فإنّ رضى المقاومة باستمرار ذات النهج الإسرائيلي من التقطير، سيدفع الكثيرين، خاصة الشرائح الأكثر ضعفاً، إلى الاستمرار في التشكيك في جدوى ذلك، في ظل النفس الطويل ل"إسرائيل" وخبث الوسيط بين الطرفين، وفي الوقت الذي ترى فيه المقاومة وجمهورها أنّ تأجيل الحرب قدر الإمكان هو الأجدى، فإنّ كلا الطرفين عليهم خوضها، إن استمرت السياسية الحالية للاحتلال.
ليس من نافلة القول اذاً، أنّ الألم كبير، لكنّه بلا شك يأتي في ظل سياق مهم، ألا وهو تعاظم قوّة المقاومة، واستمرار استعدادها لمعركة، تُدرك هي كما عدوها، أنّ يوم اللقاء لا مفر منه، وأنّ حرباً قادمة، ستجعل من سابقاتها نزهة بالنسبة لها، قادمة لا محالة، لكنّ كليهما يرى في تأجيلها حالياً، أمرٌ لا مناص منه.
وإن كانت الساحة الغزية، تألم في ظل الحصار المطبق، فإنّ الطرف الآخر بلا شك، وهو الاحتلال الإسرائيلي، يعيش هو الآخر ظروفاً استثنائية، فغزة لم ترضخ، وتتعاظم قوّتها أمام عيني الاحتلال، الذي بات لا يمتلك استراتيجية حقيقة، للقضاء على المقاومة، الأمر الذي انعكس عليه، في اتجاه اتخاذ سياسة مختلفة، هي بالتأكيد ستنعكس على وحدة الفلسطينيين، بأنّ دولة غزة ستكون البديل عن الوحدة السياسية الفلسطينية، لكن كما يُقال في المثل العامي، "لا يُلزمك المرّ، إلّا أكثر مرارة منه".
غزة تُعد العدّة للقضاء على الاحتلال، وهذا شعار مقاومتها، التي ما فتئت تؤكد أنّ عينها على القدس، وتعد جيلا للنصر والتمكين، وفي الوقت الذي تُلاقي ما تُلاقي، من القريب قبل البعيد، فإنّ المسير على الشوك قد يكون أهون بكثير من علاج قضايا مختلفة، يحتاج فيها القائد في غزة، إلى أن يكون في هذه المرحلة، أقرب ما يكون من شعبه، وعليه أن يكون أكثرهم جوعاً، وآخرهم شبعاً، لمواجهة الحصار الغاشم، والاستعداد ليوم الملحمة، الذي بات يتراءى للعين، قريباً غير بعيد.