فتحات ومسارب الاحتلال الشيطانية ؟!

وليد الهودلي
29-08-2020



وليد الهودلي

شهد أهل الضفة الغربية هذه الأيام فتحات مقصودة في جدار الفصل العنصري الاحتلالي، فكما كان يُكتب في دول البيض عنصرية التعامل مع ذوي البشرة السوداء :" ممنوع دخول السود والكلاب" يمنع هنا في هذه البلاد دخول الفلسطيني الا من أهّلوه لخدمتهم بتصريح عمل او من امتلك بطاقة ال:vib حيث يكون من الذين قد رضي الاحتلال عنهم رضاء تامّا لا لبس فيه. واليوم قاموا بالسماح من خلال فتحات مقصودة ومسارب تمكّن ابن الضفة من التسلل إلى فلسطين الداخل، والغريب العجيب ان يعتبر البعض في تسلل الفلسطيني الى أرضه وبحره إنجازا كبيرا وفرصة ذهبية للاستجمام.

طبعا انهال الناس من كلّ صوب وحدب وملئوا شواطئ البحر الفلسطيني وان دلّ هذا فإنما يدلّ على هذا الشوق والحنين لفلسطينهم التي نزعت منهم عنوة وقهرا، وكذلك حالة الكبت والضغط النفسي من الأوضاع البائسة إضافة الى معاناة الوباء الفيروسي والحجر والحشر الذي عاشه الناس الأشهر الأخيرة.

فما هو هدف الاحتلال وماذا يريد في هذا الظرف بالذات: أن يتيح للفلسطيين هذا المتنفّس على الرغم من خطورة الكورونا التي ما زالت قائمة؟ وكذلك هذا التوقيت السياسي المريب؟ أعتقد أنه يفكّر بهذه الطريقة:

  • أنتم أيها الفلسطينيون مجرّد أقليّة يحقّ لها أن تخدمنا وترفدنا بالأيدي العاملة، نسمح لها بذلك ونغدق عليها بالأجرة وتوفير متطلبات الاكل والشرب والمعيشة الحسنة، ولكن دون أن يكون لكم هوية وطنية مستقلة أو قضية تنتسبون اليها وتسعون لتحقيق الحريّة والاستقلال والعدالة والسيادة، أنتم مجرد قطيع لا راعي له ولا رؤية ولا وجهة وطنية أو سياسية ولا يجوز له أن يفكر أو أن يحلم بوطن أو تحرير وطن سليب أو أن يعمل في حقل غير حقل الخدمة الامينة لربّ عمله في "دولة إسرائيل"!

  • لكم أن تعجبوا وتنبهروا عندما تعبرون من واقع متخلف بئيس لا تكاد تعبر مطبّا الا وداهمك مطب آخر، الى واقع آخر متطور بنظمه وبنيانه وطرقه وقوّة سلطانه الظاهرة على الارض، انت تنتقل من العالم الثالث الى العالم الاوّل بقطعك لهذا الجدار، أنت تدرك بذلك أننا أحقّ بهذه البلاد منكم، نحن الذين نستحق أن نعمر هذه البلاد لا أنتم.

  • ليس لكم أيها القطيع حتى تنالوا خيراتنا ونسمح لكم بخدمتنا إلا أن تسيروا وفق سياستنا للبلاد وأن تنبذوا الإرهاب فلا تشاغبوا ولا تؤيدوا كلّ من يحاول تعكير صفو هذه الأجواء، ليس لكم الا ان تتعايشوا معنا لتنالوا فضلنا وان تحذروا كل الحذر من دعوات مقاومة الاحتلال فلم يعد لهذه الدعوات في هذه البلاد أيّ مكان ولم يعد لها أيّ فرصة نجاح. ما لكم الا أن تذعنوا لنا وأن لا تفكّروا الا بأرزاقكم التي نوفرها لكم ولأولادكم ودعوكم من تلك الشعارات التي أصبحت لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تسدّ رمق طفل رضيع يصرخ في وجه أمه وأبيه، عش مسالما وارض بما كتبه الاحتلال لك.

  • أنتم عندما تأتون للعمل عندنا وتقدمون خبراتكم ومهاراتكم وسواعدكم معنا فإنكم تعودون بأجور عالية بينما ماذا قدّمت سلطتكم لكم؟ موظفوها بالكاد حتى يصلوا الى نصف راتب والراتب أصلا هو أقلّ من نصف راتب معقول، قارنوا واعقلوا واختاروا من يوفّر لكم المعيشة الكريمة ولا تسحركم الشعارات الوطنية الزائفة بإقامة دولة او وطن أو هوية وطنية أو قضية فلسطينية.


لا شك أن هذا المراد من هذه الفتحات والمسارات وبالتحديد قتل الروح الوطنية والانتباه الى تحسين الظروف المعيشية تماما وكأن القضية هي إغاثة وتشغيل فقط لا غير.

الموضوع جدّ خطير ولا بدّ من موقف وطني حرّ يؤكد للناس هويتنا الوطنية ويرفض رفضا مطلقا اية قابلية للتعايش مع الاستعمار وكشف نواياه السلبية القاتلة للروح الفلسطينية.